تعد اضطرابات الصحة النفسية اضطرابات ذات معدل انتشار مرتفع في العالم، ويعتبر بعضًا منها أمراض قابلة للانتقال بشكل وراثي، كما يعتبر بعضها الآخر نتيجة للتفاعلات بين العوامل الوراثية والبيئية، ومن أبرز هذه الاضطرابات هو اضطراب الوسواس القهري الذي يتميز بالعديد من الأعراض المرافقة، ولكن يمكنك اتباع بعض استراتيجيات علاج الوسواس القهري في البيت للحد والتخفيف منه.

ما هو اضطراب الوسواس القهري؟

هو حالة صحية نفسية مزمنة تتميز بالوساوس التي تؤدي إلى سلوكيات قهرية لا إرادية، ويتميز اضطراب الوسواس القهري (OCD) بنمط من الأفكار والمخاوف غير المرغوب فيها التي تقودك إلى القيام بسلوكيات متكررة، فتتداخل هذه الوساوس والأفعال القهرية مع الأنشطة اليومية وتشعر بأنك مجبر على أداء سلوكيات معينة بشكل متكرر، حتى لو لم ترغب في ذلك، فقد تحاول تجاهل أو إيقاف الهواجس، لكن هذا يزيد من شعورك بالضيق والقلق.

 بينت a study أن أعراض الوسواس القهري يمكن أن تعود في حال عدم الالتزام بخطط العلاج أو استراتيجيات التعافي من الاضطراب؛ لذا فقد أكدت الدراسة على ضرورة الالتزام بخطة العلاج سواء كانت علاجًا نفسيًا أو علاجًا بالأدوية.

ما ضرورة البدء بعلاج اضطراب الوسواس القهري؟

غالبًا ما يتمحور الوسواس القهري حول مواضيع معينة، على سبيل المثال: الخوف المفرط من العدوى بالجراثيم، لذا يقوم المصاب باضطراب الوسواس القهري بغسل يديه مرارًا وتكرارًا حتى يتسبب بجروح وشقوق في يديه وذلك لتخفيف مخاوفه من التلوث، كما أن الأشخاص المصابين بالوسواس القهري يعرفون أن أفكارهم وسلوكياتهم ليست منطقية، إلا أنهم غالبًا لا يكونون قادرين على إيقافها، لذا لا بد من أخذ الأعراض على محمل الجد، وطلب المساعدة الفورية.

ومع ذلك، فإن نسبة عالية من المصابين لا يطلبون ولا يتلقون العلاج لأعراضهم، أو يتأخرون في البحث عن العلاج، ففي a study أشارت أن هناك العديد من العوائق التي تحول دون علاج الوسواس القهري كالخجل من الأعراض أو طلب العلاج، أو عدم معرفة مكان المساعدة، وفي هذه الحالة كثير من الأشخاص المصابين بالوسواس القهري لا يتلقون العلاج الذي يحتاجونه، وقد أكدّت نتائج الدراسة أنه كلما أسرعت في الحصول على علاج لأعراض الوسواس القهري، كلما شعرت بتحسن مبكر.

ما هي النصائح المتبعة لعلاج الوسواس القهري؟

يمكن لأعراض الوسواس القهري أن تبدو لك بأنها تزداد سوءًا عند بدء العلاج لأول مرة، وهذا أمر طبيعي نتيجة لمواجهة العديد من الأفكار أو السلوكيات المخيفة التي كنت تتجنبها سابقًا، فقد بينت a study شملت 202 بالغ يعانون من الوسواس القهري والذين أرادوا الحصول على العلاج المعرفي السلوكي (CBT) كخطوة أولى لبدء العلاج، أفادت النتائج أن نسبة كبيرة من هؤلاء المشاركين لم يبدأوا العلاج المعرفي السلوكي على الرغم من تلقي توصية العلاج الفوري، إذ كانت الحواجز والمخاوف البيئية المتصورة فيما يتعلق بالمشاركة في العلاج هي الأسباب الأكثر شيوعًا لعدم المشاركة أو التسرب من خطة العلاج.

ولكن يؤكد المختصون أنه بمجرد البدء بخطة العلاج والاستمرار عليها ستلحظ تغييرات إيجابية واضحة، وفيما يلي بعض النصائح المتبعة خلال رحلة التعافي من الوسواس القهري:

اتباع العلاج النفسي

العلاجات النفسية هي علاجات فعّالة للغاية لتقليل تكرار وشدة أعراض الوسواس القهري، إذ يركز العلاج النفسي الفعّال على إحداث تغيرات في السلوك وطريقة التفكير، ومن أبرز طرق العلاج النفسي هي العلاج السلوكي المعرفي، والذي يعد النوع الرئيسي من العلاج المستخدم لعلاج أعراض الوسواس القهري، إذ يعمل من خلال مساعدة الأشخاص على تحديد وتغيير الأفكار والسلوكيات السلبية، وقد أكدت a study أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يعتبر من علاجات الخط الأول الموصى بها، وهو أحد العلاجات النفسية التي أثبتت فعاليتها مقارنةً بطرق العلاج الأخرى كالأدوية.

اتباع العلاج بالأدوية

في بعض الحالات، يمكن أن يوصي الطبيب بأن تُستخدم مثبطات امتصاص السيروتونين (SRIs)، والتي تشمل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) للمساعدة في تقليل أعراض الوسواس القهري، وقد بينت بعض الأبحاث أيضًا أن بعض المرضى قد يستجيبون جيدًا للأدوية المضادة للذهان إذا لم تتحسن الأعراض مع أدوية مثبطات امتصاص السيروتونين، ولكن كل ذلك يجب أن يكون تحت إشراف طبي مختص.

إجراء تغييرات في أسلوب الحياة

إن إجراء تغييرات في أسلوب الحياة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على إدارة وتخفيف أعراض اضطراب الوسواس القهري، فيما يلي بعض النصائح لتغيير أسلوب الحياة:

1. تعزيز التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الأصدقاء والعائلة.
2. الحصول على قسط كاف من النوم.
3. تنظيم وتخطيط الوقت بشكل فعال، فقد تساعدك استراتيجيات إدارة الوقت مثل: تحديد الأولويات واستخدام جداول للتحكم في الضغط والتوتر.
4. ممارسة تمارين التنفس مثل: أخذ أنفاس بطيئة وعميقة لمدة عشر دقائق ثلاث مرات في اليوم.
5. ممارسة الرياضة بانتظام، فقد وجدت a study أجريت عام 2019 على 55 مريضًا يعانون من الوسواس القهري أن التمارين الهوائية كالركض والمشي أدت إلى تحسن أكبر في الحالة المزاجية الإيجابية وتقليل القلق والإكراه مقارنة بجلسات التثقيف الصحي الأسبوعية.
6. ممارسة الاسترخاء والهوايات، كممارسة نشاط يساعد على الاسترخاء والتخلص من التوتر كالاستماع إلى الموسيقى أو الرسم والقراءة.

يمكن أن يكون الوسواس القهري حالة مزمنة طويلة الأمد، وقد تتفاقم بمرور الوقت، لذلك من المهم الحصول على علاج متخصص؛ لذا إذا كنتَ تعاني من اضطراب الوسواس القهري يمكنك تحميل تطبيق لبيه والتواصل مع المختص، والذي سيساعدك على تطوير استراتيجيات المساعدة الذاتية التي يمكنك استخدامها للمساعدة في التحكم بالأعراض والتمتع بصحة نفسية سليمة.

كما يمكنك الانضمام للبرنامج العلاجي (التعايش مع الوسواس القهري) وهو برنامج مكون من 9 مراحل تتضمن 10 جلسات، وتتم بمتابعة من مختص مؤهل هدفه مساعدتك على التعايش والتعامل مع وسواسك القهري بالاعتماد على تمارين وطرق عملية.

المراجع

1- Strayhorn J. Editorial: Cognitive-behavioral therapy versus serotonin reuptake inhibitors for pediatric obsessive-compulsive disorder. J Am Acad Child Adolesc Psychiatry. 2020;59(2):219-221. doi:10.1016/j.jaac.2019.03.015.

2- García-Soriano G, Rufer M, Delsignore A, Weidt S. Factors associated with non-treatment or delayed treatment seeking in OCD sufferers: a review of the literature. Psychiatry Res. 2014;220(1-2):1-10. doi:10.1016/j.psychres.2014.07.009.

3- Mancebo MC, Eisen JL, Sibrava NJ, Dyck IR, Rasmussen SA. Patient utilization of cognitive-behavioral therapy for OCD. Behav Ther. 2011;42(3):399–412. doi:10.1016/j.beth.2010.10.002.

4- Lars-Göran Öst , Audun Havnen, Bjarne Hansen, Gerd Kvale, Cognitive behavioral treatments of obsessive–compulsive disorder. A systematic review and meta-analysis of studies published 1993–2014, Clinical Psychology Review August 2015, doi.org/10.1016/j.cpr.2015.06.003.

5- Abrantes AM, Farris SG, Brown RA, et al. Acute effects of aerobic exercise on negative affect and obsessions and compulsions in individuals with obsessive-compulsive disorder. J Affect Disord. 2019;245:991-997. doi:10.1016/j.jad.2018.11.074.