يعتبر القلق الاجتماعي أحد الضغوط النفسية التي قد يعاني العديد من الأشخاص بسببها، والذي من الممكن أن يتطور إلى رهاب اجتماعي شديد، فيكون التواجد في المواقف الاجتماعية ومواجهة الآخرين أمرًا مرهقًا ومرعبًا للبعض، لكن هناك خطوات يمكن اتخاذها لتخفيف حدة القلق الاجتماعي والتحكم فيه.

في هذا المقال، سنلقي نظرة على بعض الاستراتيجيات المهمة التي يمكن اتباعها للتغلب على القلق الاجتماعي، إذ أنه من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات يمكن للأشخاص تحسين جودة حياتهم الاجتماعية والتغلب على القلق الاجتماعي الذي يعيقهم.

ما هو القلق الاجتماعي؟ وما الفرق بينه وبين الرّهاب الاجتماعي؟

اضطراب القلق الاجتماعي هو من أبرز اضطرابات القلق التي يتم تشخيصها، حيث يصيب ما يقارب 15 مليون من البالغين بحسب جمعية القلق والاكتئاب الأمريكية، وهو حالة طبية تسبب الخوف والقلق عند التواجد حول مجموعة من الأشخاص أي عند التعرض للمواقف الاجتماعية، مثل: اللقاءات والمناسبات الاجتماعية أو الظهور العام أمام الناس، إذ يخشى الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي من حكم الآخرين عليهم، أو يخشون من توجيه الملاحظات على تصرفاتهم أو أقوالهم.

لا بد من التمييز بين القلق الاجتماعي والرهاب الاجتماعي، إذ يعتبر الرهاب الاجتماعي نوعًا متقدمًا من القلق الاجتماعي، إذ يصف مستوى شديد من الخوف والتوتر في المواقف الاجتماعية، ويصاحبه خوف مستمر وشديد من التعرض للمواقف الاجتماعية والتقييم السلبي من قبل الآخرين، ويمكن أن يؤثر على الحياة اليومية بشكل كبير، حيث يمكن أن يتجنب المصابون به الفعاليات الاجتماعية ويعانون من صعوبة في التواصل الاجتماعي وبناء العلاقات الشخصية.

ما هي أسباب القلق الاجتماعي؟

إن السبب الدقيق للقلق الاجتماعي غير معروف، إذ يمكن أن يكون ناتج عن مزيج من العوامل الوراثية والبيئية، على سبيل المثال: يمكن أن يبدأ اضطراب القلق الاجتماعي عادةً في سنوات المراهقة أو في مرحلة الطفولة، حيث بينت a study أن صدمات الطفولة المبكرة تساهم في تطور القلق الاجتماعي، إذ شملت الدراسة 102 مشارك يعانون من القلق الاجتماعي، و 30 مشاركًا يعانون من الاكتئاب وضعف احترام الذات، وأفادت النتائج أن الأشخاص المصابين بالقلق الاجتماعي كانوا يعانون من زيادة في الإهمال والإساءة في مرحلة الطفولة، وأكدت الدّراسة أن هذا العامل مرتبط ارتباطًا وثيقًا بحدة القلق الاجتماعي.

كما تم ربط النشاط المفرط لمنطقة محددة في الدماغ بالقلق الاجتماعي، إذ بينت a study شملت 15 شخصًا مصابًا بالقلق الاجتماعي تمت مراقبتهم قبل وبعد 8 أسابيع من العلاج النفسي، للمقارنة مع 19 مشاركًا لا يعاني من أي مشكلات، وركزت الدراسة على الجزء المسؤول عن معالجة وتنظيم العواطف والردود العاطفية، وأشارت النتائج أن النشاط المفرط لتلك المنطقة كان مرتبطًا بظهور أعراض القلق الاجتماعي، إذ يكون الأشخاص عرضة للاستجابة لخوف مبالغ فيه، وبالتالي زيادة القلق الاجتماعي.

كيف تخفف من حدة القلق الاجتماعي؟

يمكن أن تساعد العديد من الاستراتيجيات في التخفيف من أعراض القلق الاجتماعي، واكتساب الثقة، وفيما يلي مجموعة من الاستراتيجيات المتاحة:

1- الرعاية الذاتية

يمكن أن تلعب المساعدة الذاتية لاضطراب القلق الاجتماعي دورًا أساسيًا في تخفيف أعراض القلق الاجتماعي، إذ بينت a study شملت 235 مشارك يعانون من القلق الاجتماعي، وأشارت نتائج هذه الدراسة أن المساعدة الذاتية يمكن أن تؤدي إلى تحسن ملحوظ للأشخاص المصابين بالقلق الاجتماعي.

وإليكَ بعض استراتيجيات المساعدة الذاتية:

التعرف على الأفكار السلبية

يمكن ذلك من خلال مراقبة الأفكار وتحليلها لتحديد الأفكار السلبية منها والمرتبطة بالقلق الاجتماعي، ثم تحويلها إلى أفكار إيجابية ومواجهتها بشكل مباشر.

• أخذ وقت كافٍ للاسترخاء

قبل الخوض في حدث اجتماعي، يمكن القيام بشيء مريح أو ممتع، مثل: الاستماع إلى الموسيقى أو القراءة أو تشغيل لعبة فيديو أو التأمل، مما قد يخفف من التوتر ويساهم في الشعور بتحسن حيال مشاعر القلق.

• زيادة الانخراط في المواقف الاجتماعية تدريجيًا

غالبًا ما يتجنب الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي المواقف الاجتماعية التي قد تؤدي فيها إلى مشاعر القلق، على الرغم من أن هذا يقلل من القلق على المدى القصير، إلا أن التجنب يمكن أن يجعل القلق أسوأ بكثير على المدى الطويل، لذا يمكن للشخص زيادة تعرضه تدريجياً للحالات التي يخشى منها، فهذا يخلق مساحة لديه لتجربة إيجابية مع الموقف.

• تغيير نمط الحياة

قد يكون للتغيرات في نمط الحياة تأثير إيجابي على التخفيف من القلق بشكل عام، على سبيل المثال: ممارسة نشاط بدني منتظم هو أحد التغييرات التي يمكن القيام بها، حيث يزيد التمرين المنتظم من إنتاج هرمون الإندورفين، وهي هرمونات مسؤولة عن الشعور بالرّضا والتي تنظم الحالة المزاجية.

2- العلاج السلوكي المعرفي

يساعد العلاج السلوكي المعرفي في علاج القلق الاجتماعي بشكل كبير، وذلك من خلال فهم التجارب والتعرف على الأفكار أو المعتقدات السلبية؛ من أجل تطوير طرق فعالة للتكيّف، وقد بينت a study شملت 59 مصابًا بالقلق الاجتماعي ما إذا كان العلاج السلوكي المعرفي (CBT) له دور في تخفيف حدة القلق الاجتماعي، وأشارت النتائج أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، ساهم بشكل ملحوظ في تعلم طرق صحية للتفكير والتصرف الإيجابي، والاستجابة بهدوء للمواقف، كما أدى إلى تغييرات إيجابية في مناطق معينة من الدماغ والمرتبطة بمعالجة وتنظيم المشاعر، وبالتالي التخفيف من حدة التوتر في المواقف الاجتماعية.

يعد القلق الاجتماعي مشكلة شائعة يبدأ عادةً خلال سنوات الطفولة، ويمكن أن يكون له تأثير كبير على مجرى الحياة، ولا يمكن أن تختفي أعراض الاضطراب بمفردها دون علاج، لذا إذا كنت تعاني من الأعراض من المهم الحصول على المساعدة اللازمة على الفور، وذلك من خلال التواصل مع المختص عن طريق تحميل تطبيق لبيه والذي سيساعدك بتنمية أساليب فعالة للتخلص من أعراض القلق الاجتماعي لديك.

المراجع 

1- Kuo JR, Goldin PR, Werner K, Heimberg RG, Gross JJ. Childhood trauma and current psychological functioning in adults with social anxiety disorder. J Anxiety Disord. 2011;25(4):467-73.

2- Yuan, M., Zhu, H., Qiu, C. et al. Group cognitive behavioral therapy modulates the resting-state functional connectivity of amygdala-related network in patients with generalized social anxiety disorder. BMC Psychiatry. 2016;(16):198. doi:10.1186/s12888-016-0904-8.

3- Furmark T, Carlbring P, Hedman E, et al. Guided and unguided self-help for social anxiety disorder: randomised controlled trial. Br J Psychiatry. 2009;195(5):440-7. doi:10.1192/bjp.bp.108.060996

4- Goldin PR, Ziv M, Jazaieri H, Weeks J, Heimberg RG, Gross JJ. Impact of cognitive-behavioral therapy for social anxiety disorder on the neural bases of emotional reactivity to and regulation of social evaluation. Behav Res Ther. 2014;62:97-106. https://doi: 10.1016/j.brat.2014.08.005.x.