الحديث مع النفس

سؤال يدور في أذهان الكثير من دارسي علم النفس والقارئين لكتبه الخاصة بتشخيص المتلازمات والأمراض النفسية والعصبية، هل يمكن أن يتحول الحديث مع النفس إلى مرض نفسي أو اضطراب يؤثر سلبًا على الحالة النفسية للفرد. وماهو التشخيص العلمي لهذا الاضطراب النفسي.

فمتى يصبح الحديث مع النفس مرض؟ وما هو المرض النفسي الذي يجعل الشخص يتحدث مع نفسه؟

الحديث مع النفس من الناحية العلمية

في ظل التحديات اليومية التي يواجهها الفرد مع محيطه الاجتماعي أو التحديات التي يسعى ليحققها في حياته العملية والاجتماعية. فإنه يواجهه دائمًا أسئلة يحاول التفكير فيها و يناقشها مع نفسه لمحاولة الإجابة عليها. ولم يدرك أن هذه الحالة قد تدفعه أحيانًا إلى خطر الإصابة بمرض نفسي. 

قد تظن أن حديثك المفرط مع نفسك أمر طبيعي ولا يمثل ضرر عليك. لكن يجب الانتباه إلى هذا الشعور والتمييز متى يصبح هذا الشعور اضطراب نفسي وقد يتحول إلى متلازمة.

أنماط الحديث مع النفس

1- الحديث الذاتي الإيجابي:

قد يواجهه الفرد مشكلات يحاول حلها مع نفسه، حيث يلجأ إلى الحديث مع نفسه بصوت عالي أو منخفض للتفكير فيها ومحاولة الوصول إلى حلول تساعده. فهذا قد يزيد من ثقته بنفسه وقدرته على اتخاذ القرار المناسب، ويعمل على تحسين صحته النفسية لأنه يفكر فقط بشكل إيجابي لحل مشكلته مع نفسه.

2- اضطرابات الحديث مع النفس:

قد يتحول الحديث مع النفس إلى اضطراب أو متلازمة تعرف علميًا بمتلازمة صراع العقل الغريب فهي تؤدي لغلق الشخص على نفسه في حياته وحديثه ومشاكله وضغوطاته وهو ما يجعله يحادث نفسه ويختلق عالم افتراضي داخل العقل الباطن الخاص به وهو ما يؤثر على سلوكه وعمله وكتلك علاقته بكافة من حوله من أسرته وأصدقائه، فمن هذه المسميات:

متلازمة جوسكا ” متلازمة الحديث مع النفس “

عندما يتطور الحديث الذاتي للفرد بشكل سلبي ويستمر فترة طويلة من حياته مما يجعله يبتعد عن الآخرين عمدًا ويختلق أحاديث افتراضية في عقله فإن ذلك يمثل خطر الإصابة بمتلازمة جوسكا.

حيث يواجه الفرد الضغوطات المختلفة التي تؤدي بشكل أساسي إلى مشكلات نفسية وتترك أثار عصبية عليه، مما يجعله دائم التفكير لإيجاد الحلول لذلك تحولت إلى شكل سلبي وتطورت عاده الحديث الذاتي إلى اضطراب متلازمة التحدث مع الذات.

الذي لا يعرفه الكثير من الناس؛ لأنه عدّ اضطراب نادر، الذي يُمثل أحد الأمراض النفسية ا تستدعي تدخل طبيب نفسي أو اختصاصي عصبي ونفسي من أجل العلاج لأنها تؤثر سلبًا على صحة النفسية للفرد. 

أعراض متلازمة الحديث مع النفس

وتتمثل أعراض متلازمة التحدث مع الذات في السلوك والتصرفات التي تظهر على الفرد إذا ما تخطى الحد الطبيعي والعادي في التحدث مع نفسه وهي كالتالي: – 

1- الحديث الداخلي

 فهو جزء أساسي وطبيعي لكل إنسان أن يتحدث داخليًا مع نفسه في المواقف التي يمر بها والقرارات. وكذلك نقد النفس بشكل ذاتي وإدارة الحواس والتقييم والتحفيز وحل المشكلات. لكن المشكلة حينما يكون الحديث مع الذات شيئًا متكررًا يدعو للقلق ويمكن أن يكون أحد أعراض المرض العقلي إذ كان لا يماه السيطرة عليه في كل الأحوال.

2- الخيال الملازم 

نجد أن الأشخاص دائمي الحديث مع الذات لهم خيال واسع وكبير وبشكل مفرط أكثر من اللازم. وهو ما يجعلهم يقضون أطول وقت ممكن من اليوم وحيدين داخل العالم الافتراضي الذي يبنى بسبب بعدهم عن المجتمع والناس من حولهم فيتمتعون بالخيال. وبجانب ذلك يكون لهم في هذا العالم تجارِب حسية ومكثفة وذو قدرة قوية على إعطاء معنى للصور والمشاعر التي يروها ويعشوها داخل هذا العالم. مما يجعلهم في الطبيعة مشتتي الانتباه وغير واقعيين في الحديث والسلوك.

3- الانعزال الاجتماعي

 عدّ عرض طبيعي لما يتعرض له الشخص دائم والمستمر في الحديث مع ذاته. وذلك لأن العزلة هي نقص موضوعي في العلاقات بسبب قلة التواصل الاجتماعي للشخص مع من حوله وهي شعور شخصي بالعزلة. ومع ذلك فإن العزلة والوحدة مرتبطان بشكل كبير ووثيق. وقد سلطت الدراسات في أسباب الوحدة وتأثيرها وقد أدت الأعراض ضرر نفسي كبير.

4- تكرار الأحداث 

وكنتيجة طبيعية للتحدث الدائم من النفس. فإن الوصول لأشكال وصور عنيفة لدرجة قيام الشخص بأفعال مؤذية. قد يسبب الضرر لنفسه أو لغيره أو للأفراد الذين يعيشون معه في المرحلة التالية. بجانب أن إضافة نَظْرَة سوداوية للتفكير السلبي تجاه الجميع في مواقف الحياة وإهمال الفرد لكافة المسؤوليات وانشغاله بالتحدث مع نفسه والتخيلات يمكنها أن تجعله غير قادر على أداء مهام عمله أو غيرها من المهام اليومية المطلوبة منه.

أسباب متلازمة التحدث مع النفس

تعود الأسباب المؤدية إلى إصابة الشخص بمتلازمة جوسكا كما يسميها الأطباء والمختصين النفسيين علميًا إلى التفكير الزائد والخارج عن الحد الطبيعي للمواقف العادية وتحليلها لفترات طويلة من الزمن وهو ما يجعل الشخص يجد صعوبة في جعل عقله يركز شيئ آخر غير ذلك الموقف. وهو ما يجعله مستهلك للشيء الوحيد الذي يفكر فيه.

1- التفكير الزائد

فتشير الأبحاث إلى أن الإفراط في التفكير مرتبط بمشاعر الاكتئاب وكذلك الاضطراب والقلق والتوتر. مما يؤثر سلبًا على صحة الفرد لأن النظر إلى موقف أو مشكلة ما بشكل سلبي وتوقع الأحداث المستقبلية يزيد من الضغوطات النفسية.

2- تجنب الحياة الواقعية

يلجأ الشخص محب الحديث لذاته كثيرًا إلى الوحدة والانعزال. وكذلك الانفراد وعدم وجود أصدقاء حقيقيين بجواره ليستمعوا إلى مشاكله ويهتمون لأمره. بجانب دفع الشخص اتخاذ نفسه صديقًا يشاركه في فكره وحواره وأفكاره وحل مواقفه مع نفسه ويقتصر في التفكير مع نفسه فقط.

3- الضغوطات النفسية

يتعرض الفرد يوميًا إلى ضغوطات في حياته تجعله يتطرق إلى الحديث الذاتي لمحاولة التنفيس عن نفسه. مما يزيد من الشعور المستمر بالضيق والاكتئاب بسبب ما يحدث له من تحديات. فهذا يسبب اضطرابات أخري أحيانا مثل مرض انفصام الشخصية. وكذلك يكون مستعد بشكل أكبر للتعرض لتلك المتلازمة بسبب بعض الأمراض والمشكلات العقلية الوراثية التي قد تكون هي السبب الأساسي.

ما المرض النفسي الذي يجعل الشخص يتحدث مع نفسه؟

Schizophrenia

من أشكال تطور الحديث مع النفس أيضا قد يصل إلى مرض الفصام. فهو اضطراب عقلي شديد الخطورة يؤثر على طريقة تفكير الشخص وتغير سلوكه. بجانب أنه قد يتخيل الفرد شخصيات غير موجودة فعلًا والحديث معهم. وقد يتطور إلى مرض نفسي أخر يطلق عليه الأطباء مرض الذهان.

لذلك يجب الانتباه جيدًا لمنع انجراف الشخص إلى الإصابة بهذه الأمراض النفسية والاضطرابات. التي قد تنشأ غالبًا بسبب الحديث المفرط مع الذات بشكل سلبي وعدم مشاركة الآخرين في حل مشكلاته أو التفكير معهم بشكل إيجابي.

فالمتلازمات النفسية تخلق للفرد حوار في داخله يجعله يحاول الوصول إلى حلول لمشكلاته ويتعامل مع تحدياته النفسية وصدماته التي قد يواجهها بشكل خاطئ، بجانب أن الحوار يغلب بشكل أساسي على السلوك المتكرر الذي يؤثر سلبًا على الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية، فقد تكون هناك حاجة للبحث عن العلاج النفسي والدعم من أجل علاج تلك الاضطرابات أو الوقاية من هذا المرض قبل أن يصاب الفرد بهذه الاضطرابات. لذلك سوف تجد يد العون مع مجموعة من أفضل المختصين والاستشاريين النفسيين من منصة لبيه.

المصادر: 1 2 3