اكتئاب أزمة منتصف العمر لدى السيدات
يمثل الوصول إلى منتصف العمر مرحلة مهمة في الحياة، يقطع فيها الشخص الكثير من التجارب، ويراكم الكثير من الذكريات والمشاعر. تختبر بعض النساء عند الوصول إلى منتصف العمر تغيرات جسدية وعاطفية وفكرية تسبب لهن الأرق والتعب والضياع، تسمى هذه الحالة أزمة منتصف العمر. نتحدث في هذا المقال عن الأعراض التي قد تحدث في أزمة منتصف العمر، وأسبابها المحتملة، وأهم السلوكيات المساعدة في تجاوزها بنجاح وقوة.
علامات أزمة منتصف العمر عند السيدات
تشمل علامات أزمة منتصف العمر عند السيدات مجموعة من التغيرات الجسدية التي تلاحظها السيدة وحتى تبدلات عاطفية وفكرية تشعر بها، وتتضمن هذه العلامات:
الشعور بالاكتئاب:
يترافق وصول السيدة إلى منتصف العمر مع إحساسها بمشاعر الاكتئاب والإحباط واليأس، تعود هذه المشاعر في جزء منها إلى التغيرات الجسدية التي تمر بها في فترة ما قبل سن اليأس، وفي جزء آخر إلى التغيرات الاجتماعية والشخصية الخاصة. تكون هذه المشاعر شديدة عند بعض السيدات، وقد تترافق مع ظهور أفكار انتحارية لديها. تمر الكثير من النساء بأزمة منتصف العمر، ومن المهم طلب المساعدة الخبيرة عند اختبارك هذه المشاعر أو الأفكار، وعدم الاستسلام والبقاء وحيدة.
الانشغال بأسئلة عميقة تخص الحياة:
يمثل الوصول إلى منتصف العمر مرحلة مهمة ومميزة في الحياة. تبدأ فيها العديد من السيدات بالنظر إلى خياراتها الحياتية، والمهنية، والشخصية السابقة. قد ينتابها الندم تجاه بعض الخيارات، ويعتريها الفضول حول النتائج المختلفة التي قد كانت لتصل إليها لو اتخذت خيارات مختلفة. هذا أمر طبيعي، ويحدث في جميع الأعمار، لكنه قد يزداد شدة في منتصف العمر.
اضطرابات النوم:
تعد اضطرابات النوم، مثل صعوبة الخلود إلى Sleep والأرق، والاستيقاظ باكرًا أو في منتصف الليل، من العلامات الباكرة التي تنبئ السيدة بموعد دخولها منتصف العمر وجميع التغيرات المرافقة له.
الإحساس بالملل أو اللامبالاة:
قد تصيب مشاعر الملل والكلل وفقدان الاهتمام بنشاطات الحياة المختلفة الاجتماعية والمهنية السيدة بدلًا من مشاعر الاكتئاب والإحباط واليأس، هذه المشاعر طبيعية، وليست خطيرة وقد تزول بعد فترة.
استذكار أحداث الماضي والشباب:
من الطبيعي امتلاك مشاعر الشوق إلى أحداث الماضي والصغر في أي عمر كان، لكن يزداد الأمر حدة عند الوصول إلى منتصف العمر، لما يحمله هذا العمر من معنى عميق لدى السيدة بالمسافة الطويلة التي قطعتها حتى هذه اللحظة، والذكريات العديدة التي راكمتها، والتي تتمنى في جانب منها اختبارها مرة أخرى.
الرغبة في تغيير المظهر الخارجي:
مثلما تترافق أزمة منتصف العمر مع استذكار أحداث الماضي والشوق إلى بعض الذكريات، تميل بعض السيدات إلى إجراء تغييرات في مظهرهن الخارجي يعطيهن عمرًا أصغر وأكثر شبابًا، مثل شراء ثياب جديدة، أو التفكير في إجراء العمليات التجميلية.
اختبار تقلب في المشاعر:
تترافق أزمة منتصف العمر مع تقلب العواطف بين الغضب والحزن والهدوء والسكون، وازديادها شدة، وسهولة الاستجابة والتفاعل معها.
حدوث تغيرات في الدورة الشهرية:
يسبق الوصول إلى سن الإياس مجموعة من التغيرات الجسدية الفسيولوجية التي تعكس التبدلات والتقلبات الهرمونية الحاصلة في الجسد، يطلق على هذه التقلبات تغيرات ما قبل سن الإياس، ومن الممكن أن تظهر ابتداء من العقد الثالث من العمر، وتشير إلى بدء وصول السيدة منتصف العمر.
أسباب أزمة منتصف العمر
تساهم مجموعة متنوعة من العوامل الجسدية الفسيولوجية، والأسباب الشخصية الخاصة، والتغيرات الاجتماعية المتعلقة بالعمل، أو الرعاية الأمومية، أو العلاقات الأسرية في تطور أزمة منتصف العمر لدى السيدات، وتتضمن أهم العوامل المحرضة:
- تضاعف الضغوط والمهام الملقاة على عاتق السيدة من مختلف مجالات الحياة المهنية، والأسرية، والشخصية.
- التغيرات الهرمونية المتعلقة بفترة ما قبل الإياس وسن الإياس.
- الشعور بالوحدة والإهمال في علاقة الزواج، أو الشعور بالضغط والتوتر الناجم عن مشاكل الزواج، مثل الطلاق.
- تغير المبادئ والهوية الشخصية والنظرة إلى الذات.
- فقدان الخصوبة، أو التفكير في المرحلة التي ستتراجع فيها الخصوبة.
- الشعور بالندم لعدم الحصول على أطفال وغياب شعور الأمومة.
- الوحدة التي يتركها وفاة أحد أفراد الأسرة، أو الضغط والتعب الناجم عن الاعتناء بالوالدين الكبار، أو الأطفال الصغار.
- الشعور بالحزن لانتقال الأولاد خارج المنزل، أو السفر بعيدًا.
طرق التعامل مع أزمة منتصف العمر
تمثل أزمة منتصف العمر رغم الصعوبات والتقلبات التي قد تختبرينها فرصة جيدة لاستكشاف الذات، وإعادة النظر في بعض الأمور، وبناء النفس نحو شخصية أكثر نضجًا في المستقبل. فيما يلي بعض السلوكيات التي قد تساعدك في تجاوز أزمة منتصف العمر بسلاسة والخروج مشرقة من الطرف المقابل:
مشاركة تجربتك مع نساء أخريات:
تختبر الكثير من النساء أزمة منتصف العمر، وينتابهنّ جميعًا شعور الوحدة والاكتئاب. يساعدك الاجتماع مع نساء أخريات يعشن نفس الحالة التي تمرين بها في مجتمعات خاصة بكنّ على فهم تجارب أخرى مشابهة لتجربتك، وفهم تجربتك الخاصة بصورة أفضل، وتطبيق حلول ساعدت نساء أخريات في نفس وضعك.
كتابة تجربتك في دفتر ذكريات:
من الصعب في كثير من الأحيان أن نجد أشخاصًا يستمعون إلينا بكل إصغاء وتفهّم. يمكنك في مثل هذه الأوضاع، كتابة تجربتك الخاصة في دفتر شخصي، تعبّرين فيه عن كل ما تشعرين به، وتفرغي كامل المشاعر المختلطة التي تنتابك. يعطيكي هذا الأمر من جهة شعورًا بالراحة والخفة من إزالة ثقل المشاعر عن كاهلك، ومن جهة أخرى فرصة للتفكر واستذكار ما كنت تمرين به بعد فترة من الزمن عند قراءة هذا الدفتر.
ممارسة التمارين الرياضة:
لا يمكن نهائيًا التقليل من فوائد التمارين الرياضية والحركة والنشاط على الجسد والنفس. مارسي التمارين الرياضية بانتظام كل يوم مدة نصف ساعة على الأقل.
غيري نظرتك لأزمة منتصف العمر:
ليس من الحتمي أن تكون المرحلة التي تختبرينها في منتصف عمرك سيئة وكئيبة مثلمًا يحمل اسمها من معنى، بل يمكن لها حقًا أن تكون فترة نضج، وإشراق نحو مرحلة أكثر قوة وحبًا للذات وقناعةً.
شاركي زوجك ما تختبرينه:
يريد زوجك الاهتمام والاعتناء بك، لكنه قد لا يعرف حقيقة ما تختبرينه، ولا يريد الضغط عليك وإرهاقك. بالإضافة إلى أن بعض الرجال قد يختبرون أزمة منتصف العمر، لكن بشكل خاص بهم. يساعد إخباركِ شريك حياتك ما تمرين به على تقوية العلاقة بينكما، وتعزيز الثقة في علاقتكما، وإزالة شعور الوحدة والعزلة التي قد تختبرينها.
في النهاية، قد تمثل أزمة منتصف العمر تجربة صعبة ومرهقة، تشعرين فيها بالضياع والتوتر. لكنها على جانب آخر، قد تمثل تجربة فريدة لاستكشاف الذات، والتصالح معها، وبناء علاقة إيجابية مع شريك الحياة، والأصدقاء، أو حتى بناء صداقات جديدة. لا تترددي في مشاركة تجربتك مع الآخرين، والتصارح معهم، وطلب المساعدة. فالوحدة هي عدوك الأول. يمكنك الاطلاع على المزيد من مقالات الصحة النفسية والبرامج العلاجية على موقع وتطبيق لبيه.