تأثير التواصل الاجتماعي.. أثر العلاقات الاجتماعية على الصحة النفسية
تشكل العلاقات الاجتماعية إحدى الأبعاد الأساسية في حياة الإنسان، حيث تعتبر ركيزة صلبة للتواصل والتفاعل في المجتمع. كما تمتلك هذه العلاقات تأثيرًا كبيرًا على مختلف جوانب حياة الفرد، ومن بين تلك الجوانب يبرز أثرها العميق على الصحة النفسية، إذ يعتبر البعد الاجتماعي عنصرًا حيويًا يشكل أساسًا لتكوين الهوية الشخصية وتحديد مستوى السعادة والرفاه النفسي لكل فرد.
يعيش الإنسان في عالم مترابط اجتماعيًا، ويعتبر التواصل الاجتماعي الحبل الذي يربطنا بالآخرين، وبالتالي يلعب التواصل الاجتماعي دورًا حاسمًا في الصحة النفسية، ويمكن أن يؤثر بشكل كبير على رفاهيتنا العاطفية والنفسية.
في هذا المقال، سنبين لك أثر العلاقات الاجتماعية على الصحة النفسية، وسنبين أهمية بناء علاقات اجتماعية صحية ومؤثرة، للمساهمة في الحفاظ على صحتك النفسية.
لماذا يعد التواصل الاجتماعي مهمًا جدًا؟
يولد البشر في مجموعات اجتماعية ويعيشون حياتهم بأكملها كجزء من المجتمع، لذلك لا يمكن بسهولة إزالة العنصر الاجتماعي من تطور الشخص، فنحن نحلم ونتعلم وننمو ونعمل كجزء من المجتمع، وغالبًا ما يتحدث علماء النفس وغيرهم من المتخصصين في الصحة النفسية عن أهمية وجود شبكة دعم اجتماعي قوية وذلك لعدة أسباب، ومنها ما يلي:
- القبول والانتماء
لا شك أن الانتماء هو عامل أساسي يدفع الأشخاص إلى السعي للتواصل الاجتماعي، حيث يشعر البشر بالحاجة العميقة للانتماء إلى مجموعات، سواء كانت أسرية، أو مهنية، أو اجتماعية، وبالتالي يعزز التواصل الاجتماعي الشعور بالانتماء والقبول، حيث يمكننا التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا وتلقي تفاعلات إيجابية من الآخرين.
- تعزيز التطور والنمو
يساهم التواصل الاجتماعي في بناء العلاقات القوية والمتينة، ويسهم في تعزيز التطور والنمو، فعندما تكون على اتصال مع الآخرين ستتمكن من تبادل الأفكار والمعلومات، وبالتالي يمكن أن تفتح لنفسك أبوابًا جديدة للفرص المهنية وتوسيع دائرة معارفك.
- تعزيز الصحة الجسدية
إن التواصل الاجتماعي الصحي يمكن أن يلعب دورًا في تعزيز الصحة الجسدية للأشخاص، والحد من العديد من الأمراض الجسدية حيث بينت a study أن الأشخاص الذين لديهم تواصل اجتماعي صحي وقادرين عن بناء علاقات اجتماعية متنوعة يعيشون لفترة أطول، ويكون لديهم تدهور إدراكي أقل مع الشيخوخة، ومقاومة أكبر للأمراض المعدية، ومواجهة أفضل للأمراض المزمنة التي تهدد الحياة.
ما أثر التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية؟
إن التواصل الاجتماعي الصحيح والمتوازن له تأثير إيجابي على الصحة النفسية، إذ يمكن من خلال التواصل الاجتماعي مع الآخرين بناء علاقات صحية ومثمرة تساهم في تحقيق الرفاه النفسي، وفيما يلي بعض الآثار الإيجابية التي يمكن أن يحققها التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية:
1- التقليل من التوتر والضغوط النفسية
تعد ضغوط الحياة الناتجة عن العمل أو الدراسة أو العائلة سببًا شائعًا للعزلة الاجتماعية. والتي تؤدي غالبًا إلى فقدان الروابط الاجتماعية والانسحاب من التجمعات، لذا يعد التواصل الاجتماعي الصحي وسيلة لتقليل مستويات التوتر والضغوط النفسية، وذلك من خلال مشاركة التجارب والمشاعر مع الآخرين، والذي بدوره يمكن أن يخفف من حدة الضغط النفسي ويعزز الاسترخاء والتوازن النفسي.
أشارت a study إلى أن التوتر يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية لمختلف الأشخاص، ومع ذلك، يشير الباحثون إلى أن التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون عاملاً مهمًا في التخفيف من تأثير التوتر، وتشير الدراسة إلى أن الدعم الاجتماعي يمكن أن يعمل على تقليل مستويات التوتر عن طريق عدة آليات، بما في ذلك توفير المشورة والتعاون في حل المشكلات.
2- الحد من الاكتئاب والقلق
التواصل الاجتماعي يمكن أن يساهم في تحسين المزاج وزيادة مستويات السعادة، فعندما يكون لديك علاقات اجتماعية إيجابية وتستمتع بوقتك مع الآخرين، فإنه يحسن حالتك المزاجية ويخفف من الاكتئاب والقلق.
بينت a study أجريت على 40659 رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 20 و89 عامًا على مدى سبع سنوات، وتوصلت النتائج إلى أن هناك ارتباطاً بين ضعف التواصل الاجتماعي والاكتئاب، وأن الأفراد الذين يحظون بدعم اجتماعي أقل يعانون من مستويات أعلى من الاكتئاب.
3- الحد من الشعور بالوحدة والعزلة
التواصل الاجتماعي يمكن أن يقلل من الشعور بالوحدة والعزلة، والتي يمكن أن تتطور وتسبب العديد من الاضطرابات النفسية مثل: الاكتئاب والقلق الاجتماعي، إذ يوفر التواصل مع الآخرين فرصًا للتفاعل والمشاركة، ويعزز من شعور الانتماء.
بينت نتائج دراسة ارتباط العلاقات الاجتماعية بنسب الوفاة، والتي ارتبطت بعوامل نفسية عديدة وأبرزها الوحدة والعزلة، وأكدت الدراسة أن تقليل مشاعر الوحدة والعزلة عن طريق بناء علاقات اجتماعية له دور كبير في تحقيق الرفاه النفسي.
4- تعزيز الرضا عن النفس
يعد التواصل الاجتماعي الإيجابي جزءًا أساسيًا للحفاظ على الصحة النفسية الجيدة وله تأثير قوي في تعزيز الثقة بالنفس والرضا عن الذات، فعندما يكون التواصل الاجتماعي داعمًا ومحفزًا، يمكن له أن يؤثر بشكل إيجابي على نظرة الأشخاص لأنفسهم، وبمجرد حدوث تفاعل إيجابي مبني على الاحترام والتقدير، سيشعرون بالتقدير والقبول، وهذا بدوره يعزز ثقتهم بأنفسهم ويساهم في تعزيز الرضا عن الذات.
يعتبر التواصل الاجتماعي عنصرًا أساسيًا في حياة الإنسان، فالتفاعل مع الآخرين والتواصل الاجتماعي النشط يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية، إذ إن الشعور بالانتماء والدعم الاجتماعي والتفاعل الإيجابي مع الآخرين أمورًا هامة لتحقيق السعادة والرضا النفسي.
إذا كنت تعاني من مشاكل في قدرتك على بناء علاقات اجتماعية صحية يمكنك من خلال تحميل تطبيق لبيه التواصل مع المعالج النفسي الذي سيقدم لك استراتيجيات وتقنيات مناسبة لحالتك.