لا شك أنَّ الوالدين يفعلان كل ما بوسعهما لرعاية الأطفال ومنحهم الدعم اللازم وتحقيق جميع احتياجاتهم، ولكن قد يغفل بعض الآباء عن أشياء ضارة بالأطفال والتي تنعكس سلبًا على صحة الأطفال الجسدية والنفسية، لذا يمكنك تجنب بعض الأخطاء الأبوية الشائعة، من خلال التعرف على كيفية التغلب على هذه الأخطاء، وتحديد السلوكيات غير الصحية التي قد تقف في طريق طفلك.
ما هي أنماط التربية؟
تعتبر رعاية الأطفال مسؤولية كبيرة، حيث يبذل الآباء والأمهات كل جهدهم لرعاية أطفالهم والاهتمام بصحتهم واحتياجاتهم ومنحهم الرعاية الأمثل، وتختلف أنماط التربية بناءً على العديد من العوامل، فقد يميل بعض الآباء والأمهات إلى المبالغة في القلق والاهتمام بالطفل والحرص الشديد عليه، وهذا ما يسمى بالرعاية المفرطة، وفي بعض الأحيان قد يغفل الآباء عن بعض الأمور التي يمكن أن تسبب أضرارًا للطفل، وقد أشارت a study (Williams,2020) إلى أربعة أنماط رئيسية من أساليب التربية وهي:
- الإفراط في الرعاية.
- الاستبداد وممارسة الحزم.
- التساهل.
- اللامبالاة.
أشارت الدراسة إلى خصائص كل نمط وارتباطه بنمو الأطفال، فعلى سبيل المثال: الأطفال الذين ترعرعوا مع آباء متساهلين أظهروا تحصيلًا منخفضًا في العديد من المجالات، كانخفاض التحصيل الدراسي، فهؤلاء الأطفال ليس لديهم ما يسعون لتحقيقه، لذا يمكن القول إن الطريقة التي تتفاعل بها مع طفلك والمبادئ التوجيهية التي تفرضها عليه تلعب دورًا رئيسيًا في بناء سلوك سليم للطفل.
ما هي الأشياء الضارة التي تؤثر على أطفالك؟
نظرًا لانشغال الوالدين بالعمل لساعات طويلة ونتيجة ضغوط الحياة فقد يغفل الآباء والأمهات عن بعض السلوكيات التي قد تسبب أضرارًا على المستوى الجسدي أو النفسي لأطفالهم، لذا إليكَ بعض الأخطاء الأبوية الشائعة:
عدم قضاء الوقت مع الأطفال
إن قضاء الوقت كعائلة لا يقوي الروابط الأسرية فحسب، بل يمنح الأطفال شعورًا بالأمان والتواصل الفعال مع والديهم، ويمكن ذلك من خلال مشاركة الطفل اللعب، إذ أظهرت a study (Whitebread,2017) أن انخراط الوالدين في اللعب يمكن أن يفيد الأطفال بعدة طرق، إذ يمكن أن تزداد مستويات سعادة الطفل بشكل ملحوظ وتقل مخاطر إصابته بالاكتئاب والتوتر، وبالتالي الحفاظ على صحة نفسية متوازنة.
عدم الاكتراث بتربية الأطفال
يعاني بعض الآباء من مشاكل في فرض بعض القواعد والالتزامات التي تساهم في ضبط سلوك الطفل كعدم تحديد موعد محدد للنوم والاستيقاظ، أو عدم تحديد مدة معينة لمشاهدة التلفاز، وعلى الرغم من أن الأمر قد يتطلب عملًا شاقًا، وصبرًا غير محدود، إلا أن معظم المشكلات التي تواجهك يمكن حلها وتغييرها من خلال ممارسة الحزم باعتدال، إذ أنَّ ذلك سينعكس على نمط حياة طفلك على المدى البعيد وسيساعدك على بناء أسلوب حياة صحي لطفلك.
بناء تصورات غير واقعية
إذا كانت لديك تصورات غير واقعية لما يجب أن يفعله أطفالك فقد يخلق هذا العديد من المشاكل عند كل من الآباء والأطفال. على سبيل المثال: قد يشعر الآباء بالإحباط والقلق من طفلٍ لا يزال غير قادر على استخدام الحمام، ومن جهة أخرى قد يعاني الطفل من انخفاض في مستوى احترام الذات ويشعر بالخيبة والعار لأنه غير قادر على الارتقاء إلى مستوى تلك التوقعات؛ مما يؤدي إلى شعوره بالقلق أيضًا.
بينت a study (Azham,2021) شملت 92 مشاركًا منهم 23 والدًا، و69 والدة، كان الغرض من هذه الدراسة هو التحقق من تأثير القلق في تطوير سلوك مثبط عند الأطفال، وأشارت النتائج إلى وجود علاقة ارتباط قوية بين قلق الوالدين وعدم قدرة الطفل على التعامل مع المواقف والأحداث بفعالية وكفاءة في المستقبل.
عدم الالتزام بالقواعد أو المبادئ
لتحقيق نتائج في جميع مجالات الحياة لا بد من الالتزام ببعض القواعد والأنماط الصحية، وهذا ينطبق أيضًا على تربية طفلك، إذ إن الالتزام بالمبادئ والقواعد التوجيهية هو أحد أهم الاستراتيجيات للحفاظ على نمط حياة صحي للأطفال، وذلك من خلال اختيار الطريقة التي ستتعامل بها مع طفلك. على سبيل المثال: إذا كنت في بعض الأحيان صارمًا للغاية، وأحيانًا أخرى متساهلًا فسيواجه أطفالك صعوبة بالغة في معرفة ما هو متوقع منهم وكيفية التصرف الصحيح.
وقد أشارت a study (Frankling,2012) كان الهدف منها هو فحص تأثير أنماط التربية المختلفة على سلوك الطفل، وشملت الدراسة 373 طفل أسترالي تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات وكان لديهم مشاكل سلوكية عديدة، وقد أظهرت النتائج أن عدم قدرة الوالدين على التنظيم والانضباط والاتساق يرتبط ارتباطًا مباشرًا باضطرابات السلوك عند الطفل، بالإضافة إلى عدم قدرته على التحكم بعواطفه.
عدم الاستماع للأطفال
إن أحد الاحتياجات الأساسية للأطفال هو الشعور بالأمان، وإن إحدى الطرق لتعزيز مشاعر الأمان والثقة هي ممارسة الاستماع الفعّال مع أطفالك، وخلق بيئة في منزلك بحيث يكون من الآمن لأطفالك مناقشة مشاعرهم ومشاكلهم، إذ يساعد ذلك على تنمية ثقة الطفل بنفسه ويعزز احترامه لذاته، ويساعد على بناء علاقة متينة بينكما، كما أن الاستماع بانتباه لطفلك يساهم في تطوير قدرته على الاستماع إلى الآخرين.
أشارت a study (Itzchakov,2021) إلى أن الاستماع الفعال هو من أكثر الأنماط الصحية التي تساعد على تعزيز التفاعلات السليمة بين الوالدين والأبناء، وقد شملت الدراسة 1001 مشارك تتراوح أعمارهم بين 13 و16 عامًا، وأشارت النتائج أن استماع الآباء الجيد لأبنائهم ساعد في بناء مستوى عال من احترام الذات والقدرة على التعبير عن المشاعر، وأدى إلى بناء روابط أسرية متينة.
عندما يتعلق الأمر بصحة طفلك، فمن المهم أن تكون جزءًا ثابتًا من حياته، وذلك من خلال إظهار الدعم اللازم بجميع الأوقات حتى تتمكن من وضع أساس قوي لصحة طفلك النفسية والجسدية، وإذا كنت تواجه صعوبة في تحديد أنماط التربية، يمكنك التواصل مع المختص من خلال تحميل تطبيق لبيه الذي سيساعدك بتنمية أساليب فعالة للتعامل مع طفلك.
المراجع
1- Dalimonte-Merckling D, Williams JM. Parenting styles and their effects. In: Encyclopedia of Infant and Early Childhood Development. Elsevier; 2020:470-480. doi:10.1016/B978-0-12-809324-5.23611-0.
2- Whitebread D. Free play and children’s mental health. Lancet Child Adolescent Health. 2017;1(3):167-169. doi:10.1016/S2352-4642(17)30092-5
3- Azham, Adlina Aisya; Janon, Nazariah Sharie,(2021). The relationship between parental anxiety, child’s behavioral inhibition and child anxiety, Southeast Asia Early Childhood, v10 n1 p50-61 2021, doi.org/10.37134/saecj.vol10.1.5.2021.
4- Duncombe ME, Havighurst SS, Holland KA, Frankling EJ. The contribution of parenting practices and parent emotion factors in children at risk for disruptive behavior disorders. Child Psychiatry Hum Dev. 2012;43(5):715–733. doi:10.1007/s10578-012-0290-5.5- Weinstein N, Huo A, Itzchakov G. Parental listening when adolescents self-disclose: a preregistered experimental study. J Exp Child Psychol. 2021;209:105178. doi:10.1016/j.jecp.2021.105178.