يشكل أطفالنا محور الكون بالنسبة لنا، ونسعى دائمًا لأن يكونوا بصحة جيدة ونقدم الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على نموهم الجسدي والعقلي وحمايتهم من كل المخاطر والمخاوف، ومن أهم هذه المخاطر إمكانية تعرض الطفل للتحرش، خصوصًا وأن نسبة كبيرة من ضحايا التحرش الجسدي هم من الأطفال.
يشكل التحدث مع الطفل عن التحرش وخطورته تحديًا صعبًا للأهل ومقدمي الرعاية، سنتعرف معًا في هذا المقال على الخطوات الصحيحة للحديث مع الطفل عن التحرش، بالإضافة إلى بعض النصائح التي ينبغي عليك إخبار طفلك بها لحمايته من خطر التحرش.
كيف يحدث التحرش بالأطفال؟
التحرش بالأطفال هو استغلال الأطفال عبر إرغامهم على سلوكيات لفظية أو جسدية أو بصرية غير مرغوبة، وهو انتهاك لكرامة الأطفال وبراءتهم، ومن الممكن أن يحدث التحرش لمرة واحدة أو يتكرر لعدة مرات، وتعتبر قضية حماية الأطفال من التحرش من أهم القضايا وأكثرها حساسية، فمعظم المؤسسات والمنظمات التي تهتم بالطفل تخصص جزءًا مهمًا من أنشطتها للتوعية حول هذه المشكلة، وقد أظهرت a study (Verena.2011) في سويسرا بأن 40% من الفتيات و11% من الفتيان قد تعرضوا للتحرش لمرة واحدة على الأقل.
وفقًا للإحصائيات فإن العديد من ضحايا التحرش يكونون من الأطفال (ما يقارب 15% من الضحايا هم دون سن ال 12 عام و29% بين 12-17 عام)، وأوضحت الدراسة أن المتحرش يكون معروفًا بالنسبة للطفل في معظم الحالات، ويكون من أفراد العائلة في 34% من الحالات، وذلك بشكل مناقض للفكرة التي تعمل على تصوير الغرباء على أنهم متحرشون، فالأدلة التي تشير إلى أن نسبة عالية من المتحرشين هم من أقارب الضحية.2
كيف تحمي طفلك من التحرش؟
ينبغي أن يكون الأهل ومقدمي الرعاية الصحية والطفل مجهزين بشكل كاف لتقديم الدعم للطفل الذي يحبونه ويرغبون في حمايته، وعلى الرغم أن معظم إجراءات الحماية من التحرش ينبغي أن يقوم بها أشخاص بالغين، كالإشراف على الطفل في المنزل والمدرسة، إلا أن الأطفال ينبغي أن يتلقوا معلومات دقيقة ومناسبة لعمرهم وأفكارهم حول موضوع التحرش، بالإضافة إلى تشجيعهم على التحدث عن أي شيء مريب حولهم، وهذا بالطبع ليس مهمة سهلة بل هي من أصعب التحديات التي يواجهها الأهل ومقدمو الرعاية، ولذلك سنقدم لك أهم النصائح التي تساعدك على حماية طفلك من التحرش وهي:
1- استخدم القصص كأداة لبدء المحادثة مع طفلك
تساعد القصص الموجهة للأطفال والتي تهدف إلى توعيتهم عن التحرش وحمايتهم منه نقطة بداية جيدة للأهل غير القادرين على بدء هذه المحادثة الصعبة مع طفلهم، بإمكانك وضع هذه القصص في غرفة ابنك وتركه يكتشف ويقرأ لوحده، ثم مناقشته بها والسماح له بطرح الأسئلة حول بعض النقاط المبهمة وطرح بعض الأسئلة عليه للتأكد من وصول الأفكار الصحيحة.
2- امنح طفلك مساحة الأمان التي يحتاجها
من أبسط حقوق الطفل هي حقه بأن يشعر بالأمان، طمئن طفلك بأنه لن يعاقب إذا قال لك بأنه يشعر بعدم الأمان أو التهديد من قبل بعض الأشخاص حتى لو كانوا من أفراد العائلة، وهذا ما يساعد على تشجيع طفلك على التحدث فورًا وتجنب تكرار التحرش وما يتلو ذلك من مضاعفات سلبية على الصحة النفسية والجسدية للطفل.
3- علم طفلك المعلومات الخاصة بجسده
ينبغي عليك أن تشرح بشكل مستمر للطفل عن جسمه وبنيته وخصوصية بعض المناطق فيه، يمكنك شرح ذلك له بأن المناطق التي تغطيها ثياب السباحة هي مناطق خاصة ولا يمكن لأحد لمسها أو التحدث عنها إلا والديه والطبيب بوجود الوالدين، وعلمهم أيضًا ضرورة احترام هذه الأجزاء الخاصة لدى غيرهم من الأطفال أو البالغين وتجنب لمسها أو الحديث عنها، هذا يساعد الطفل على معرفة أن لمس الأشخاص له في هذه المناطق أو التحدث عنها هو أمر خاطئ وينبغي أن يخبرك بذلك عند حدوثه.
4- اطرح بعض الأسئلة على طفلك للتدرب على السيناريوهات المحتملة
يساعد بناء قصص وسيناريوهات محتملة بشكل كبير على التأكد من جاهزية طفلك للتعامل مع المواقف المريبة والتي قد تتضمن التحرش به، وللقيام بذلك يمكنك طرح بعض الأسئلة على طفلك ولعل من أهمها:
- ماذا ستفعل إذا قام شخص بلمسك في مناطقك الخاصة؟
- لماذا مهم أن نقول له لا يجوز ذلك؟
- من ستخبر عند حدوث ذلك؟
- ماذا ستفعل إذا قال الشخص أنه سرنا؟
- ماذا لو وجه الشخص تهديدًا لك بأنه سوف يؤذيك؟
علم الطفل كيفية الإجابة الصحيحة على هذه الأسئلة وأخبره بأن يتواصل معك فورًا عند حدوث ذلك.
5- قل لطفلك دومًا بأنه لا أسرار ضمن العائلة
أخبر طفلك دائمًا بأن الأسرار لا مكان لها في عائلتنا وضرورة إخبار ذلك لأي شخص يحاول التقرب من الطفل بشكل غير ملائم ويقول له بأن هذا الأمر سيكون سرنا أو لا تخبر والديك بذلك، علمه بأن يرد بحزم على مثل هذا الكلام بأن يقول “نحن لا نخفي أسرارًا عن بعضنا البعض”.
6- اقض وقتًا أكثر مع طفلك
من الطبيعي أن تذهب إلى عملك أو تنشغل بواجبات المنزل، ولكن لا تسمح لذلك أبدًا بأن يلهيك عن قضاء الوقت مع طفلك، احرص على ممارسة الكثير من الأنشطة معه كالقراءة أو مشاهدة التلفاز أو الخروج للتنزه أو مراجعة الدروس التي أخذوها في المدرسة، سيشعر ذلك طفلك بأنك قريب منه ويشجعه على التحدث إليك عن أي تصرف مريب يحدث له.
7- أخبر طفلك بشكل صريح بأنك لن تغضب منه أو تحمله المسؤولية
هذا الأمر يستغله بعض المتحرشين وخاصة المتحرشين بالفتيات الصغار، فهم يخبرون الطفل أو الطفلة بأن والدهم سيعاقبهم أو يتوقف عن حبهم إذا أخبروه بما حدث، وهذا ما سيجعل الطفل مستعدًا للقيام بأي شيء لمنعك من معرفة الأمر، شجع أطفالك على التحدث واسألهم بشكل مستمر عما إذا حدث أي شيء مريب معهم وأخبرهم بأنك لن تلومهم أبدًا إن أخبروك بذلك.
8- لا تترك طفلك مع أي شخص إلا إذا كنت تثق به تمامًا
لسوء الحظ فإن معظم المتحرشين يكونون من الأشخاص المقربين من الطفل وهؤلاء الأشخاص عادة ما يكونون خارج حسابات الأهل، فالبعض منهم يكونون على درجة قرب كبيرة من الطفل حتى أنهم يستغلون حاجتك لأن تُبقي طفلك معهم بعد أن تمنحهم ثقتك المطلقة، احرص على انتقاء الأشخاص الذين تختارهم لأن يكونوا حول طفلك بشكل جيد وتحدث مع طفلك بشكل مستمر وشجعه ليتكلم معك عن الوقت الذي يقضيه معهم.
لا شك أن تربية الأطفال والحفاظ عليهم سليمين جسديًا ونفسيًا ليست مهمة سهلة في هذا العالم، إلا أنك ينبغي أن تحرص على بذل قصارى جهدك للحفاظ على أطفالك بعيدين عن أي شيء قد يؤذيهم وخاصة التحرش.
الدراسات:
1- Verena Schönbucher, Thomas Maier, Leonhard Held, Meichun Mohler-Kuo, Ulrich Schnyder, Markus A Landolt, Prevalence of child sexual abuse in Switzerland: a systematic review, University Childrens’s Hospital, Department of Psychosomatics and Psychiatry, Zurich, Switzerland, 2011 Jan.
2- United States government, Department of Justice, Sexual Assault of Young Children as Reported to Law Enforcement: Victim, Incident, and Offender Characteristics, July 2000