تعزيز الثقة بالنفس.. كيفية رفعها دون الوصول لمستويات الغرور
تعتبر الثقة بالنفس أحد الجوانب الأساسية في بناء شخصية فعّالة وناجحة، فهي العامل الذي يحدد مدى استعداد الفرد لمواجهة تحديات الحياة، ويعكس قدرته على تحقيق أهدافه بثقة وإيجابية، كما يشكل تعزيز الثقة بالنفس محورًا أساسيًا في رحلة تطوير الذات والنمو الشخصي.
فلطالما كانت الثقة بالنفس من أهم الأمور التي يجب أن نوليها اهتمامًا ونعمل على تعزيزها لكي نعيش بصحة نفسية جيدة ونشعر بالرضا، وقد أكدت الدراسات (Baumeister et al. 2003) على وجود علاقة قوية بين احترام الذات والثقة بالنفس وارتفاع الشعور بالسعادة عند الناس.
في هذا المقال سنذكر بعض الخطوات التي تستطيع اتباعها لتحقيق السعادة وتعزيز ثقتك بنفسك.
تعزيز الثقة بالنفس دون الوصول للغرور
الثقة بالنفس عامل مهم لبناء شخصيتك بشكل سليم وتعزيز مكانتك في المجتمع، لكن من المهم أن لا تصل ثقتك إلى مرحلة الغرور، ولتعزيز ثقتك بنفسك يمكنك اتباع الخطوات التالية:
1- لا تقارن نفسك بالآخرين
وفق الدراسات (Garcia et al. 2013) تُعتبر المقارنة من أكبر أعداء حب الذات، وعندما نقارن أنفسنا بالآخرين من السهل أن نشعر بالإحباط وتقل ثقتنا بأنفسنا وتراودنا أفكار سلبية بأن أفضل ما لدينا ليس جيدًا بما يكفي، لذلك ركز على رحلتك أنت، واحتفل بنجاحاتك دون القلق بشأن كيفية تكديسها ضد إنجازات شخص آخر، وتذكر أن كل شخص لديه قصته الفريدة وتجاربه الحياتية، لذا حاول ألا تركز كثيرًا على ما يفعله الآخرون.
2- حدد أهدافًا صغيرة
تحقيق الأهداف يزيد من شعورك بفعاليتك، لذلك ابدأ بتحديد أهداف يمكن تحقيقها لكنك تعتبرها صعبة، وامنح نفسك مكافأة مناسبة عندما تصل إلى هدفك، ومن الأمثلة على ذلك: أن تحدد هدف الاستيقاظ مبكرًا غدًا، والمكافأة ستكون تجربة نوع جديد من القهوة.
أو أن يكون هدفك تحضير وجبة جديدة وصحية، والمكافأة هي الاستمتاع بتناول هذه الوجبة مع صديق.
3- اغفر لنفسك
بدلاً من توبيخ نفسك بسبب أخطائك تذكر أن هذه الأخطاء جزء من الحياة وأن الجميع يخطئون، وأننا كلنا بحاجة إلى مسامحة أنفسنا لكي نتطور ونمضي قدمًا في الحياة، لذلك اترك الشعور بالذنب، وركز على ما يمكنك تعلمه من تجاربك السلبية وإخفاقاتك السابقة وكيف يمكن أن تساعدك هذه التجارب على أن تكون أفضل في المستقبل، وأفسح المجال للتعاطف مع الذات والتفاهم والحب والثقة.
4- لا تجعل الآخرين السبب الأساسي لشعورك بالسعادة
صحيح أن الإنسان اجتماعي بطبعه وأن العلاقات الاجتماعية مهمة بالنسبة له، لكن من المهم أيضًا أن تتذكر أن السعادة تنبع من داخلك وأنك لست بحاجة إلى أي شخص آخر لإسعادك، وعندما تعزز ثقتك بنفسك ستتعلم حب نفسك دون قيد أو شرط وتجد الرضا في داخلك، فتتوقف عن التحقق من محبة الآخرين وموافقتهم لك.
5- اتباع نمط حياة صحي
تشير a study (2017 .Knox et al) إلى أن النشاط البدني والأكل الصحي يساعدان في تعزيز الثقة بالنفس واحترام الذات والكفاءة الذاتية، إذ تساعد سلوكيات نمط الحياة هذه في جعلك أكثر لياقة بدنية وعقلية للتعامل مع تحديات الحياة.
6- قضاء الوقت مع نفسك
تشير الدراسات (2017 .Dishon et al) أن التفكير الذاتي ضروري لتعرف من أنت ولماذا تفكر بالطريقة التي تعمل بها، لذلك خصص وقتًا لتقييم نقاط قوتك ونقاط ضعفك وقيمك الأساسية واكتب رؤيتك، وتحدث بالتفصيل عن التحديات التي تهدد ثقتك بنفسك حتى تتمكن من مواجهتها خطوة بخطوة.
7- ممارسة اليوغا والتأمل وغيرها من الأنشطة الروحية
هناك علاقة إيجابية بين رعاية نفسك الروحية وقدرتك على التجاوز والهدوء وإحساسك بالرضا عن الحياة واحترام الذات، إذ تساعدك الطقوس مثل: اليوجا والتأمل والصلاة والهتاف على تهدئة عقلك ورؤية نفسك ووضعك بشكل أكثر وضوحًا، وربطك بنفسك الأعلى، وتشير الدراسات (2019 .Villani et al) أن ممارسة هذه الأنشطة يوميًا يمنحك الثبات والانسجام مع ذاتك والرضا عن الحياة ما يزيد من ثقتك بنفسك.
8- حدد نقاط قوتك
عندما تكون ثقتك بنفسك ضعيفة فمن السهل تقليل قيمة صفاتك الجيدة والتغاضي عن نقاط قوتك والتركيز على نقاط ضعفك، لذلك من الضروري التفكير في مهاراتك ومواهبك وإنجازاتك، وعندما تجرب كتابتها على ورقة والتركيز على ما تتفوق به ستندهش من مقدار ما تقدمه، واحرص على الاحتفال بنفسك ولا تخجل من الثناء على إنجازاتك؛ سيساعدك هذا بمرور الوقت على مواجهة التحديات الجديدة وتعزيز ثقتك بنفسك.
9- أحط نفسك بالناس الإيجابيين
إن التواصل مع الأشخاص الإيجابيين الذين سيشجعونك ويلهمونك سيساعدك في التغلب على نقاط الضعف لديك وزيادة حبك لذاتك وتعزيز ثقتك بنفسك، لذلك ابحث عن العلاقات التي تجعلك تشعر بالرضا عن نفسك وتجنب تلك التي تحبطك أو تجعلك تشعر بالسلبية.
10- ضع الحدود والتزم بها
تساعدنا الحدود على التحكم في عواطفنا وسلوكنا مع إظهار الاحترام لأنفسنا وللآخرين وهذا مهم خصوصًا عند التعامل مع الأشخاص الذين لا يهتمون لمصلحتك، فإذا كان موقف أو شخص معين يدفعك للإحساس بعدم الارتياح كن حازمًا بشأن إخباره بالسلوك المقبول وغير المقبول بالنسبة لك، فهذا يحمي طاقتك ويحفظها لتصرفها على الأشياء التي تجعلك سعيدًا حقًا وتعزز ثقتك بنفسك.
11- ممارسة الحديث الإيجابي عن الذات
يقول علماء النفس (2019 .Brinthaupt) إن الحديث عن الذات له دور رئيسي في أفعالنا وردود أفعالنا العاطفية وقدرتنا على تحقيق الأهداف ومستوى ثقتك بنفسك، لذلك من الضروري إتقان فن الحديث الإيجابي عن الذات، ما يعني الاستعاضة عن الحوار الداخلي السلبي والهزيمة الذاتية بتأكيدات إيجابية، كأن تبدأ يومك كل صباح بتعداد الأشياء الجيدة فيك وتذكير نفسك بأنك مهم، وتؤكد ذلك بعبارات لمساعدة نفسك على الإيمان بقدراتك (على سبيل المثال: أن تقول سأتعلم بدلًا من إنه صعب جدًا بالنسبة لي).
12- ممارسة الامتنان
الامتنان هو ممارسة قوية يمكن أن تحول تركيزك من نقاط ضعفك إلى نقاط قوتك والنعم التي تمتلكها، وقد أكدت الدراسات (Boggiss et al. 2020) على تأثير الامتنان في تحسين الصحة النفسية والجسدية على حد سواء (مثل تحسين جودة النوم)، لذلك خصص وقتًا يوميًا لتدوين بعض الأشياء التي تشعر بالامتنان لها في حياتك مثل: صحتك أو عائلتك أو أصدقائك أو إنجازاتك أو ببساطة جمال الطبيعة وصوت العصافير في الصباح.
تعزيز الثقة بالنفس أمر جوهري في حياتنا لكن انتبه من الثقة المفرطة!
صحيح أن الثقة بالنفس أمر مهم جدًا، لكن انتبه من الثقة المفرطة التي تؤدي إلى الغرور الذي يسبب حدوث العديد من المشكلات في حياتك الشخصية والاجتماعية والمهنية، فهو قد يؤدي إلى:
- ضياع الفرص: مثل عدم القيام بالمشاريع لأنها تبدو سهلة أو أقل من قدراتك.
- الإفراط في توكيل المهام: مثل الموافقة على مشاريع أنت لا تمتلك المهارات اللازمة لإكمالها ما يسبب مشكلات في العمل.
- العواقب الاجتماعية: مثل نفور الأصدقاء من الشخص لأنهم يشعرون أنه متعجرف.
- مشكلات في العلاقة مع الشريك: بسبب تجاهل الشريك وعدم الاهتمام به والتركيز على النفس فقط، إذ أنه بعد كل شيء لا أحد يرغب بقضاء الوقت مع شخص يعتقد أنه أفضل من أي شخص آخر ويفكر بنفسه فقط.
في بعض الأحيان لا تكفي ممارسات الرعاية الذاتية والتأكيدات الإيجابية لتعزيز الثقة بالنفس، وحينها يجب أن تعلم أنه حان الوقت لطلب المساعدة من الأشخاص المناسبين سواء بالتحدث مع صديق موثوق به، أو أحد أفراد الأسرة أو تستطيع تحميل تطبيق Labayh وطلب المساعدة المهنية من أفضل الاختصاصيين في المملكة.