يختلف الاكتئاب عن الحزن العادي الذي نعايشه جميعًا من وقت إلى آخر؛ فالاكتئاب يمثل اضطرابًا مزاجيًا حقيقيًا، قد يترافق مع أعراض شديدة تؤثر على جميع جوانب الحياة كطريقة التفكير والإحساس وحتى القدرة على إنجاز المهام المختلفة؛ فالاكتئاب لا يصعب عليك الحياة فقط، إنما يسرق منك الإحساس بها. 

تصاب النساء بالاكتئاب أكثر من الرجال، نظرًا للعديد من الأسباب الاجتماعية والثقافية والبيولوجية، ويتطلب علاجه تقديم الدعم الكافي والمناسب للمرأة للتغلب على الاكتئاب والتخلص من تأثيراته السلبية.

ما هو الاكتئاب وما أهم أعراضه؟

يعد الاكتئاب من أكثر اضطرابات المزاج شيوعًا التي تؤثر على الحالة العاطفية، وتُغرق المصاب في حالة من الحزن والخمول وفقدان الشغف في مختلف النشاطات، سواء تلك التي كانت ممتعة بالنسبة له أو حتى المهام الواجبة عليه، وقد يشمل تأثير الاكتئاب القدرة على المحاكمة واتخاذ القرارات المناسبة؛ فيشعر المصاب بالخمول وعدم الرغبة بالنشاط والعمل. 

من المهم فهم أن الاكتئاب لا يمثل حالة مؤقتة تستمر يومًا أو أسبوعًا، ومن الضروري أن يرجع الشخص الذي يعاني من الاكتئاب إلى الطبيب أو المعالج النفسي، حتى يصل للتشخيص المناسب ويحصل على العلاج الفعال، ومن الخطأ الاستخفاف بالاكتئاب، واعتباره حزنًا يزول من تلقاء نفسه مع مرور الوقت.

يمكن أن يصاب الشخص بالاكتئاب لمرة واحدة في حياته، ويمكن أن يعاني من نوبات اكتئاب متكررة ومتفاوتة الشدة، قد يشعر الشخص المكتئب بالحزن والرغبة بالبكاء أو الغضب والعصبية، أو الذنب وتأنيب الضمير وكره الذات، أيضًا قد يفقد اهتمامه بالنشاطات المختلفة؛ حتى تلك التي كانت تسعده سابقًا، وقد يشعر بالتعب والخمول وانخفاض الشهية، ما يسبب فقدانًا للوزن أو قد يعاني من اضطرابات في النوم والأرق.

تختلف شدة الاكتئاب من شخص لآخر، لكنها تصل عند معظم الأشخاص لمستوى يسبب اضطرابًا في سير حياتهم بشكل عام في العمل والعلاقات الاجتماعية والنشاطات المختلفة، حتى أن بعض الأشخاص قد يشعرون بحالة من التعاسة والكرب من دون معرفة ما يحدث بالضبط.

ما أهم خصائص الاكتئاب عند النساء؟

إن النساء معرضات بصورة أكبر للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالرجال، إذ وجدت a study (Noble, 2005) أن النساء معرضات بنسبة تصل حتى الضعف (21.3%) للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالرجال (12.7%)، وأن الاكتئاب يعد من الأسباب الرئيسية للاضطرابات النفسية والجسدية عند النساء. 

تؤكد الدراسة على أن خطر الاكتئاب عند النساء يكون في درجته الأعلى في فترة الخصوبة وإنجاب الأطفال، ويعود السبب في المجمل للتغيرات الهرمونية الدورية المصاحبة لهذه الفترة، وأيضًا التغيرات الجسدية الكبيرة المرافقة لحالة الحمل ورعاية الطفل وحتى سن اليأس.

 تلعب العوامل الوراثية أيضًا دورًا في زيادة حساسية النساء واصابتهن بالاكتئاب، إلى جانب العوامل المجتمعية وحالات التحرش والأذى والظلم والصدمات النفسية التي تتعرض لها النساء بصورة أكبر وأوضح من الرجال.

أيضًا، توجد عدة أنواع من الاكتئاب خاصة بالنساء، تتعلق بمرحلة الخصوبة التي تمر بها. تتضمن هذه الأنواع:

1. الاكتئاب السابق للحيض: متلازمة شائعة تشعر خلالها النساء بالعصبية والتوتر والانزعاج قبل أسابيع أو أيام من بداية الحيض، تكون معظم الحالات متوسطة الشدة، لكنها قد تكون شديدة وتسبب التعب والألم القوي.
2. اكتئاب ما حول الولادة: يصيب هذا النمط من الاكتئاب النساء أثناء فترة الحمل، وقد يستمر أو يظهر بعد الولادة. تشعر فيه الأم بدرجة كبيرة من التعب والحزن والقلق، تصعب عليها بشدة وقد تعيقها عن الاعتناء بولدها بصورة كاملة.
3. اكتئاب سن اليأس: يختبر جسد الأنثى في سن اليأس تغيرات فيزيولوجية كبيرة، من اضطرابات النوم، وتبدلات المزاج، والهبات الساخنة، تترافق هذه الأعراض مع شعور بالتعب والحزن والاكتئاب.

كيف ندعم النساء المصابات بالاكتئاب؟

يحتاج علاج الاكتئاب لإشراف طبيب أو معالج نفسي للاستفادة من خبراته في تحديد نوع الاكتئاب، وشدة الأعراض وخطرها ثم وضع العلاج. تختلف خطة العلاج أيضًا حسب نوع الاكتئاب الموجود والعوامل التي أدت لحدوثه، ومع هذا يمكن مساعدة المرأة المكتئبة من خلال عدة طرق، تتضمن:

• ثقفي نفسك عن الاكتئاب: تعد هذه الطريقة من أهم الأشياء التي تستطيع المرأة فعلها لزيادة الوعي تجاه الاكتئاب، وزيادة الحساسية له، وفهم كيفية التعامل مع المصابين به. يمكنك سؤال طبيبك النفسي عن الاكتئاب، وكيف يجب أن تتعامل مع المصابين به، وعن مصادر موثوقة تستطيع من خلالها تعلم المزيد عنه وعن الاضطرابات النفسية المختلفة.
• شجع المرأة على استشارة الطبيب النفسي: لا غنى أبدًا عن استشارة المعالج أو الطبيب النفسي لمواجهة الاكتئاب ومخاطره، لأنه الوحيد القادر على وضع التشخيص المناسب، وخطة العلاج الصحيحة، ومتابعة المصاب بصورة دقيقة. قد تكون المرأة المصابة بالاكتئاب خائفة أو مترددة، أو لا تعرف ماذا يجب أن تفعل أو ما هو مصابها، وعندها لا بد من استشارة معالجها النفسي.
  يملك العلاج النفسي السلوكي تحت إشراف المعالج النفسي تأثيرًا كبيرًا في علاج الاكتئاب عند النساء، خاصة عند الأمهات المصابات باكتئاب حول الولادة، وذلك حسب a study (Huang et, al. 2018). من جهة أخرى للعلاج الدوائي، الذي يصفه الطبيب النفسي، أثًرا هامًا في تحسين حالة المصابات بالاكتئاب، وذلك وفق a study (Siddique et, al. 2012).
• لا تتردد في إظهار دعمك ومساندتك: من أهم ما تستطيع القيام به هو إظهار كامل الدعم للمصابة بالاكتئاب، حاول استيعاب ما يحدث لها والوقوف بجانبها، والاستماع لها وفهم مشاعرها وما تمر به، مع عرض المساعدة والدعم في مختلف الواجبات والأمور، واسأل بكل بساطة عما يمكنك القيام به.

تحتاج النساء اللواتي يعانين من الاكتئاب إلى دعم العائلة والأصدقاء لاستعادة حياتهن الطبيعية والمضي قدمًا نحو الأمام، إذا كنت تعانين من الاكتئاب وتأثيراته السلبية على حياتك، لا تترددي في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تجاوز هذه الحالة والحد من تأثيراتها على حياتك.

المراجع:

Rudolf E. Noble, Depression in women, Metabolism, Volume 54, Issue 5, Supplement, 2005, Pages 49-52, ISSN 0026-0495, https://doi.org/10.1016/j.metabol.2005.01.014.

Huang L, Zhao Y, Qiang C, Fan B (2018) Is cognitive behavioral therapy a better choice for women with postnatal depression? A systematic review and meta-analysis. PLoS ONE 13(10): e0205243. https://doi.org/10.1371/journal.pone.0205243

Siddique, J., Chung, J. Y., Brown, C. H., & Miranda, J. (2012). Comparative effectiveness of medication versus cognitive-behavioral therapy in a randomized controlled trial of low-income young minority women with depression. Journal of consulting and clinical psychology, 80(6), 995–1006. https://doi.org/10.1037/a0030452