هل يعاني طفلك من تقلبات شديدة في المزاج والسلوك؟ إذا كانت الإجابة نعم، ولاحظت أن طفلك يمر بتغيرات في مزاجه ونشاطه أكثر من باقي الأطفال، وكانت هذه التغيرات تؤثر على تصرفات طفلك في المدرسة والمنزل، فإن الاضطراب ثنائي القطب قد يكون السبب في ذلك، فما هو هذا الاضطراب؟ وكيف يمكن التعامل معه؟

ما هو الاضطراب ثنائي القطب؟

يعتبر الاضطراب ثنائي القطب أحد الاضطرابات النفسية التي تتميز بتقلبات كبيرة ومفاجئة، في المزاج والسلوك. يمكن أن يحدث في جميع الأعمار، حتى لدى الأطفال، وعلى الرغم من أن معظم الحالات تُشخص في مرحلة المراهقة والبلوغ، لكن الأعراض قد تظهر في وقت مبكر من الطفولة، وتختلف هذه الأعراض عن التقلبات العادية التي يمر بها أي طفل، حيث يكون التغير في المزاج كبيرًا، وغالبًا ما يظهر دون سبب واضح، ويترافق مع اضطراب النوم والنشاط والقدرة على التفكير بوضوح.

يشعر الأطفال المصابون بالاضطراب ثنائي القطب بالسعادة المفرطة، مع حركة ونشاط أكثر من المعتاد، وهذا ما يسمى بنوبة الهوس، ويعاني الطفل أحيانًا من الحزن الشديد ويكون أقل نشاطًا، ويسمى ذلك نوبة الاكتئاب، ومن الشائع أن تستمر أعراض الاضطراب ثنائي القطب مدى الحياة إذا تركت دون علاج.

قد تؤثر أعراض الاضطراب ثنائي القطب على مستوى الطفل بالمدرسة أو علاقته مع الأصدقاء وأفراد الأسرة، وفي حالات خاصة يحاول بعض الأطفال والمراهقين المصابين باضطراب ثنائي القطب إيذاء أنفسهم، وقد تتداخل علامات وأعراض الاضطراب ثنائي القطب مع أعراض اضطرابات أخرى شائعة لدى الشباب مثل: اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، ومشاكل السلوك، والاكتئاب، واضطرابات القلق.

قد يكون التشخيص صعبًا ويتطلب تقييمًا دقيقًا وشاملًا من قبل طبيب أو معالج نفسي مختص، حيث أشارت a study (Birmaher, 2013) تم فيها مراجعة نتائج عدد من الأبحاث السابقة خلال 12 عام، إلى صعوبة تشخيص الاضطراب ثنائي القطب عند الأطفال والمراهقين، وأكدت على أهمية إجراء المزيد من الدراسات لكشف تأثيرات هذا الاضطراب على الفرد والمجتمع.

ما هي أسباب الاضطراب ثنائي القطب؟

لم يتم اكتشاف الأسباب الدقيقة للاضطراب ثنائي القطب، لكن عدة عوامل قد تساهم في حدوثه، فهناك عدد من العوامل الوراثية المرتبطة بالاضطراب ثنائي القطب والاضطرابات النفسية الأخرى، وتشير الأبحاث أيضًا إلى أن الأطفال الذين يعانون من أزمات نفسية وتجارب مؤلمة في الماضي أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب ثنائي القطب. 

أظهرت a study (Wozniak, 2017) التي أجريت على 283 طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين (6-17) عام، ارتفاع نسبة حدوث الاضطراب ثنائي القطب عند الأطفال الذين لديهم أقرباء من الدرجة الأولى مصابون به.

 أثبتت بعض الأبحاث وجود اختلاف في بنية الدماغ ووظيفته بين الأشخاص الطبيعيين والمصابين بالاضطراب ثنائي القطب، ويقوم الباحثون بفحص هذه الاختلافات لمعرفة المزيد عن الأسباب المحتملة والعلاجات الفعالة.

ما هي أعراض الاضطراب ثنائي القطب؟

تنطوي نوبات اضطراب المزاج على مشاعر شديدة، وتغير في عادات النوم أو مستوى النشاط أو التفكير أو السلوك. قد يعاني الأطفال والمراهقون من نوبات هوس أو نوبات اكتئاب أو نوبات مختلطة، وقد تستمر الأعراض لعدة أيام أو أسابيع، تختلف هذه التغيرات في المزاج والنشاط بشكل كبير عن سلوك الطفل المعتاد أو الطبيعي، وقد يعاني الأطفال خلال نوبة الهوس من:

• الشعور بالسعادة الشديدة لفترات طويلة.
• سهولة الانفعال واضطراب المزاج، ومواجهة صعوبة في المحافظة على التركيز والانتباه.
• التحدث بسرعة عن العديد من الأشياء المختلفة.
• قلة النوم وعدم الشعور بالتعب.

أما خلال نوبة الاكتئاب، قد يعاني طفلك من:

• الشعور بالحزن المتكرر دون سبب، مع التفكير بسلبية وانطوائية.
• الغضب والعدوانية الزائدة.
• أعراض جسدية مثل: مشاكل المعدة والصداع، والتعب وفقدان الاهتمام بالنشاطات الممتعة.
• النوم لفترات طويلة، ومواجهة صعوبات في التركيز والتواصل.

ما هو علاج الاضطراب ثنائي القطب؟

يمكن للطبيب بالتعاون مع المعالج النفسي تطوير خطة علاجية لمساعدة الطفل على التعامل مع الأعراض وتحسين نوعية الحياة، مع أهمية الالتزام بالعلاج حتى خارج أوقات النوبات.

تتوفر عدة أنواع من الأدوية النفسية التي يمكن أن تساهم في تخفيف أعراض الاضطراب ثنائي القطب، ويمكن للطبيب وصف أنواع مختلفة من الأدوية لتحقيق الاستفادة القصوى، إذ تختلف استجابة الأطفال على العلاج، وقد تحتاج الحالات المتقدمة إلى استخدام أكثر من نوع واحد من الأدوية للسيطرة على الأعراض. 

سيحاول طبيبك النفسي وصف أقل عدد ممكن من الأدوية مع أقل جرعة ممكنة للمساعدة في علاج الاضطراب ثنائي القطب، لذا عليك دومًا إخبار طبيبك عن أي آثار جانبية يعاني منها طفلك، وقد يكون إيقاف الدواء بشكل مفاجئ أمرًا خطيرًا يزيد الحالة سوءًا، لذلك لا تتوقف عن إعطاء طفلك أي دواء موصوف دون استشارة الطبيب أو المعالج النفسي.

تساعد طرق العلاج النفسي والاجتماعي على تخفيف أعراض الاضطراب ثنائي القطب، ويوفر العلاج السلوكي المعرفي الدعم والرعاية للأطفال والأهل. تساهم هذه الطرق بتعليم المهارات التي تفيد في تدبير الاضطراب ثنائي القطب، بما في ذلك مهارات التحكم بالمشاعر، وتحسين الحياة الاجتماعية للطفل.

كيف يمكنني مساعدة طفلي الذي يعاني من اضطراب ثنائي القطب؟

تبدأ المساعدة بالتشخيص والعلاج الدقيق، ننصحك باستشارة طبيب أو معالج نفسي مختص، عند ملاحظة ظهور أي أعراض جديدة عند الطفل، وهذه أهم النصائح التي يمكنك دعم طفلك من خلالها:

• تحلى بالصبر، وشجع طفلك على التحدث عمّا يجول بخاطره، واستمع إليه بعناية.
• انتبه إلى مزاج طفلك، وكن متيقظًا لأي تغيرات كبيرة تظهر عليه.
• تعلم طرق التعامل مع المشاعر السلبية والعدوانية.
• ساعد طفلك على الاستمتاع بما يفعله في البيت والمدرسة.
• تذكر دومًا أن العلاج قد يستغرق وقتًا، ويمكن أن يساعد الالتزام بخطة العلاج على تحسن طفلك والشعور بشكل أفضل.

عليك استشارة معالجك النفسي بأسرع وقت، إذا كان طفلك يعاني من تقلبات المزاج أو الاكتئاب أو مشاكل بالسلوك، لأنها قد تؤثر سلبًا على حياة الطفل، ويمكن أن يساعد العلاج المبكر في الوقاية من حدوث الاختلاطات الخطيرة وتقليل تأثير الاضطرابات النفسية على طفلك عندما يكبر. 

لا تتردد في التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه إذا كان طفلك يعاني من الأعراض السابقة؛ لمساعدتك على تشخيص المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها.

الدراسات: 

Birmaher B. Bipolar disorder in children and adolescents. Child Adolesc Ment Health. 2013 Sep 1;18(3):140-148. doi: 10.1111/camh.12021. PMID: 24273457; PMCID: PMC3835470.

Wozniak J, Uchida M, Faraone SV, Fitzgerald M, Vaudreuil C, Carrellas N, Davis J, Wolenski R, Biederman J. Similar familial underpinnings for full and subsyndromal pediatric bipolar disorder: A familial risk analysis. Bipolar Disorder. 2017 May;19(3):168-175. doi: 10.1111/bdi.12494. Epub 2017 May 22. PMID: 28544732; PMCID: PMC5510949.