كيف تتعافى من آثار تربية الوالدين النرجسيين؟
منذ اللحظة التي يولد فيها الطفل، تصبح صحته الجسدية والنفسية أحد أهم أولويات الآباء، ويحرص معظمهم على تقديم كل ما يحتاجه طفلهم، ولكن في بعض الحالات قد ينشأ الأطفال بين آباء نرجسيين.
← ابدأ الآن: مقياس الشخصية النرجسية
إن نشأة طفل بين أبوين نرجسيين هو أمر يمكن أن يترتب عليه عدد من التأثيرات النفسية المتنوعة، مثل: تدني احترام الذات، والاكتئاب، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة، وعدم القدرة على التفاعل بشكل إيجابي مع أفراد المجتمع وغيرها من Psychological disorders التي يمكن أن تكون من آثار تربية الوالدين النرجسيين.
من هم الآباء النرجسيون؟
يمكن تعريف النرجسية على أنها الاهتمام المفرط والانشغال الدائم بالنفس، وهي مجموعة من Feelings التي تتمحور حول أهمية الذات، والحاجة الدائمة إلى الاهتمام.
يفتقر الآباء النرجسيون إلى التعاطف الطبيعي مع أطفالهم، كما أنهم غالبًا ما يتجاهلون احتياجات ومخاوف الآخرين، بما في ذلك أطفالهم؛ لأنهم يعتقدون أن احتياجاتهم ومشاعرهم هي الأهم، وعادةً يتقصد الآباء النرجسيون تهميش أبنائهم، وقد يشعرون أن استقلال أبنائهم هو تهديد لهم.
ما هي العلامات التي تدل على أن الآباء نرجسيون؟
قد يكون من الصعب تحديد صفات الوالد النرجسي، خاصةً أثناء العيش في مجتمع يُفترض أن يكون الآباء هم المشرفون على قرارات وطريقة حياة الأبناء بشكل مبالغ فيه، ولكن يوجد بعض الإشارات والسلوكيات التي تدل على أن الأبناء يعيشون مع آباء نرجسيين، وهي:
- الصرامة في التعامل: على الرغم من أن جميع الآباء يرغبون في نجاح أطفالهم، إلا أن بعض الآباء يريدون لأطفالهم أن ينجحوا بشدة لتلبية احتياجاتهم ورغباتهم الذاتية، فبدلًا من تربية الطفل على تقدير أفكاره ومعتقداته الخاصة، يصبح الأمر عكس ذلك تمامًا، فهم يريدون من الأبناء أن يتبنوا معتقداتهم ويلبوا جميع طلباتهم ورغباتهم حتى لو كانت تتعارض مع مصالح أبنائهم.
- إهمال واجباتهم كآباء: في كثير من الأحيان، يمكن أن يظهر الوالد النرجسي على أنه مسيطر أو متعجرف، لكن بعض الآباء النرجسيين يختارون طريقًا آخر لإظهار نرجسيتهم كالانغماس الشديد في اهتمامهم بذاتهم لدرجة أنهم يتجاهلون مسؤولياتهم الأبوية تمامًا.
- التلاعب العاطفي: الآباء المهووسون بإبراز أنفسهم على حساب أبنائهم، سوف ينخرطون في أي سلوكيات ممكنة لضمان رغباتهم، وغالبًا ما يتجسد ذلك من خلال التلاعب العاطفي، أي قد يتلاعب الوالد النرجسي بأبنائه من خلال تعزيز شعورهم بالذنب حتى في أبسط الأمور، ولومهم على أفعالهم حتى لو كانت صحيحة، والمقارنات السلبية مع الغير، وتطبيق العقاب في حال خالف الأبناء رغبات آبائهم، بالإضافة إلى التشهير بهم أمام الجميع وذمهم.
- التهميش: يشعر الآباء والأمهات النرجسيون بالتهديد من قبل إمكانات أطفالهم، لذلك يبذلون جهودًا مركزة لتقليص تلك الإمكانات بتهميش أطفالهم وتقليل ثقتهم بأنفسهم؛ من خلال الانتقاد السلبي المستمر والحكم المسبق على أفعالهم بالفشل، والاستهزاء بعواطفهم وعدم تقديرها بحجة أن الطفل أو الابن ليس جيدًا كفاية ولن يكون كذلك أبدًا.
- نقص التعاطف: من المفترض أن يتعاطف الآباء والأمهات مع أطفالهم، وأن يكون لديهم حب كافٍ لإيواء أبنائهم في أوقات الضعف والحاجة، إلا أن الآباء النرجسيين غير قادرين على مشاركة مشاعر الأبوة والأمومة مع أطفالهم، ولا يستطيعون إبراز التعاطف مع أطفالهم لأنهم يجدون أنه من المستحيل تجاوز معتقداتهم ورغباتهم، الأمر الذي ينعكس سلبًا على صحة الأبناء النفسية.
- التملك المستمر: يتصف الآباء النرجسيون بحب التملك والغيرة الشديدة عندما يتعلق الأمر بأطفالهم، فهم يفضلون أن يظل طفلهم تحت سيطرتهم إلى الأبد، وقد يبالغون في تصرفاتهم تجاه أبنائهم عند شعورهم بأنهم يفقدون السيطرة عليهم.
ما تأثير نرجسية الآباء على حياة أبنائهم؟
إن نشأة الأبناء في ظل والدين نرجسيين أمرٌ منهك جسديًا ونفسيًا، حيث يمكن أن تؤدي تربية الأطفال في هذه البيئة إلى إلحاق أضرار جسيمة بصحتهم النفسية، وفيما يلي مجموعة من الآثار المترتبة عن ذلك، والتي قد يصعب التغلب عليها على المدى الطويل:
- التردد: إن أبرز الآثار التي يمكن ملاحظتها هي أن الأطفال يخشون القيام بأي شيء، فقد اعتادوا على مراعاة احتياجات والديهم أولاً وقبل كل شيء، وبالتالي يصعب عليهم مراعاة احتياجاتهم الخاصة دون الشعور بالأنانية للقيام بذلك. يمكن أن يؤدي هذا التردد والشعور بالذنب إلى عدم قدرتهم على اتخاذ القرارات.
- الشعور بالذنب في حال المضي قدمًا: قد يكون من الصعب على الأطفال البالغين الابتعاد عن آبائهم النرجسيين حتى في ظل سوء المعاملة، وقد يشعرون باللوم والذنب لمحاولة الابتعاد عنهم لبدء حياتهم الخاصة أو لتحقيق رغباتهم واحتياجاتهم.
- عدم قدرة الأبناء على التركيز على احتياجاتهم الخاصة: نظرًا لأن الآباء النرجسيين يعيشون بشكل غير مباشر من خلال أطفالهم، فقد يتعلم الطفل أن أهدافه واحتياجاته ليست مهمة، وينصب تركيزه على إرضاء الوالدين ليظلوا في حالة جيدة، ينعكس ذلك على حياتهم الشخصية والمهنية فيما بعد ويكون عندها من الصعب تجاوز الأمر.
كيف يمكن التعافي من آثار تربية الوالدين النرجسيين؟
يتطلب التعافي من آثار تربية الوالدين النرجسيين وعيًا وإصرارًا ليصبح الابن قادرًا على فصل نفسه عن تحكم وسيطرة والديه، فقد تكون هذه الآثار عميقة وتنعكس سلبًا على حياة الأبناء فيما بعد، لذا لا بدَّ من اتباع النصائح والسلوكيات التالية للتخلص من هذه الآثار:
- تثقيف النفس: سواء من خلال الكتب أو من خلال الدعم المقدم من قبل اختصاصيين، يحتاج الابن في البداية إلى التعرف على مفهوم النرجسية، وكيف يمكن أن تظهر عند الآباء، وكيف يمكن أن تبدو آثارها.
تتمثل الخطوة الأولى في أي عملية شفاء في زيادة الوعي بالحالة، وبحسب التوصيات فإن التثقيف النفسي حول النرجسيين يمكن أن يكون مفيدًا للغاية؛ ليتمكن الابن من تجاوز المشكلة دون أن يتسبب لنفسه بأي أذى. - ضرورة أخذ المشورة من قبل مختصين: بعض الأبناء يشعرون بالسوء واليأس عند تذكرهم لطفولتهم، لذا يُوصى بشدة بطلب المساعدة من الطبيب النفسي، الذي سيقدم للفرد مجموعة من النصائح التي تجعله قادرًا على تقبل الماضي والبدء من جديد.
- تقبل المرحلة السابقة من حياة الفرد: لا شك أن زيادة المعرفة حول نرجسية الآباء، ومواجهة الماضي بكل ذكرياته المؤلمة له دور في تقبل الحقيقة وتجاوزها، لكن قد يؤدي ذلك إلى زيادة مشاعر الحزن؛ لأن الفرد يشعر بأنه لم يحظَ بطفولة سليمة في عائلته، ولم يكن قادرًا على تحقيق ذاته ورغباته في تلك المرحلة كباقي أقرانه، لكن مشاعر الحزن هذه ضرورية لعملية التعافي والتغلب على الذكريات المؤلمة؛ حتى يتمكن الفرد من السعي من جديد نحو احتياجاته.
- وضع الحدود: يحتاج الفرد إلى وضع الحدود مع الأشخاص النرجسيين الذين ما زالوا في حياته كالآباء أو الأصدقاء، من خلال تحديد واجباته والتزاماته تجاه نفسه أولًا وتجاه الآخرين ثانيًا.
- الانخراط في علاقات صحية: في البداية، قد يكون من الصعب تمييز العلاقات الاجتماعية الصحية، وقد يكون الشخص مترددًا من الانخراط نظرًا لخوفه من أن تكون تجربته فاشلة، لذا ينصح الاختصاصيون النفسيون بمحاولة البحث عن العلاقات المثمرة والانخراط بها، فهي تعد حجر الأساس للتعافي.
- تقدير الذات: بالنسبة لمعظم الأطفال البالغين والذين خاضوا تجربة العيش مع آباء نرجسيين، ترتكز عملية الشفاء من هذه التجربة من خلال حب وتقدير الذات وتقبل الشخصية كما هي، وبالتالي ينعكس ذلك إيجابًا على صحة الفرد الجسدية والنفسية وعلى تقدمه المهني أيضًا.
غالبًا تكون تجربة العيش مع آباء نرجسيين هي تجربة قاسية للطفل، ولكن التعافي من هذه التجربة ليس مستحيلًا، ويمكن التغلب عليها من خلال اتباع النصائح السابقة، ويمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه للحصول على معلومات شاملة عن الموضوع وطرق العلاج والدعم المتاحة.
المقالات المقترحه:
← اقرأ ايضاً: تأثير الإهمال الوالدي في الطفولة على حياة الفرد
← اقرأ ايضاً: هل أنا شخصية نرجسية لمن حولي؟
← اقرأ ايضاً: كيف يؤثر الجفاف العاطفي في الطفولة على التنمية السليمة للإنسان؟
أشهر المختصين:
← احجز جلستك الآن: د. فاطمة آل سماعيل