توصيات وطرق فعالة لمواجهة اليأس والإحباط
يعيش العالم اليوم في ظل جائحة كوفيد-19 والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بها، أجواءً متوترة مليئة بالقلق والترقب تعاني فيه جميع القطاعات الصحية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية من أوقات عصيبة. يبدو من الطبيعي الإحساس في مثل هذه الأوضاع بالإحباط واليأسِ والاكتئاب والذي سيؤثر بصورة سلبية على صحتنا العقلية والجسدية، فنصبح أكثر عرضة لاتخاذ قراراتٍ خاطئة والعيش في ظل توتر مستمر، إذ قدرت دراسة نُشرت في مجلة The Lancet أن حالات الاكتئاب والإحباط واليأس قد زادت بمعدل 50 مليون حالة في أكثر من 204 دولة حول العالم خلال العام الماضي. نستعرض في هذا المقال أهم الآثار السلبية للإحباط والاكتئاب، وكيف يمكن التغلب عليها في سياق السعي نحو حياة أفضل وصحة نفسية جيدة.
الآثار السلبية للإحباط والاكتئاب على الصحة النفسية والجسدية
تؤثر حالة الإحباط واليأس والاكتئاب على الصحة النفسية والجسدية على حد سواء، وتتضمن الآثار السلبية لها:
- الإصابة بالأرق واضطرابات النوم.
- ضعف الذاكرة وتراجع القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة.
- ازدياد خطر أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع التوتر الشرياني.
- ازدياد الشعور بالوحدة والعجزِ، الذي يزيد خطر الانتحار وأذية النفس.
- تبدل العادات الغذائية إما من خلال الإفراط في تناول الطعام أو غياب الشهية، بما يؤثر بصورة سلبية على الجسد إما بازدياد خطر الأمراض المتعلقة بالبدانة، أو الإصابة بالعوز الغذائي والضعف الجسدي.
- تعب ووهن عام وشعور بفقدان الطاقة.
- ضعف الجهاز المناعي، وازدياد خطر الإصابة بالأمراض المعدية والسرطان.
- تراجع العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء وأفراد العائلة.
نصائح وتوصيات للتغلب على الإحباط والاكتئاب
تساهم الكثير من العوامل في تطور حالة الإحباط والاكتئاب، يقع البعض منها خارج سيطرتنا وقدرتنا على التحكم بها، بينما يمكن السيطرة على العديد منها، ومقاومة الإحباط والاكتئاب والحفاظ على صحة نفسية جيدة، تتضمن بعض الأمور التي يمكن القيام بها:
- ابقَ على تواصل مع عائلتك وأصدقائك: تؤدي الضغوط اليومية المستمرة والتوتر إلى حالة من العزلة الاجتماعية والانكفاء على الذات، ويعد الحصول على الدعم الاجتماعي من الأشخاص المقربين منك عاملًا مهمًّا للغاية في التغلب على الحالة السلبية التي تمر بها، عندما يصيبك الإحباط واليأس قد تشعر بالتعب وعدم الرغبة في التحدث مع الآخرين، أو بالخجل من الحالة النفسية التي تمر بها، أو قد تشعر بالذنب من إهمال علاقاتك الاجتماعية. يمثل جميع ما سبق أعراضًا ومظاهر شائعة جدًّا للإحباط واليأس، ومن المهم الانتباه لها ومقاومتها، ويمكنك عندما تشعر بالإحباط واليأس التواصل مع الأشخاص الذين يشعرونك بالأمان ويستمعون إليك بإصغاء، حاول أن تلتقي بهم في العالم الواقعي وجهًا لوجه، لما يحمله هذا من أثرٍ إيجابي على صحتك النفسية، حاول المشاركة أيضًا في المناسبات الاجتماعية والعائلية التي تستطيع من خلالها تقوية علاقاتك الاجتماعية وتمنحك فرصة للتعرف على أصدقاء جدد.
- مارس النشاطات التي تشعرك بالسعادة والطمأنينة: قد لا تشعر بالطاقة والحماس لممارسة نشاطاتك المفضلة عندما يصيبك الإحباط، لكنك لست بحاجة لأن تنتظر اللحظة المناسبة حتى تبدأ بالنشاطات التي تستمتع بها، فدفع نفسك نحو ممارسة النشاطات الممتعة والمريحة خطوة رئيسية في التغلب على الإحباط واليأس. يمكنك الاستماع إلى الموسيقى التي تحبها أو تناول طعامك المُفضل، أو الحصول على حمام دافئ يساعدك على الاسترخاء، أو الخروج مع الأصدقاء وقضاء وقتٍ ممتع، أو ممارسة هواية قديمة كنت قد نسيتها في الماضي. الفكرة المهمة هي أن تمارس ما يُشعرك بالسعادة ويحرك الطاقة في داخلك حتى ولو لم تكن تملك الرغبة في ذلك في الوقت الحالي.
- مارسْ التمارين الرياضة بانتظام: قد يكون من الصعب امتلاك الطاقة والنشاط لممارسة التمارين الرياضية عندما تشعر بالإحباط والاكتئاب، ولكن أثبتت الكثير من الدراسات الفائدة الكبيرة التي تحققها ممارسة التمارين الرياضية في تحسين الحالة المزاجية والصحة النفسية. لا تقتصر التمارين الرياضية على الحركة السريعة والتمارين المجهدة فقط، بل يمكن للسير لمسافة قصيرة في حديقة عامة أن يكون كافيًا لتحسين مزاجك. يمكنك أيضًا ممارسة ركوب الدراجة، أو رياضة اليوغا، أو السباحة، أو حتى الذهاب في رحلة طبيعية مع الأصدقاء. تملك أشعة الشمس تأثيرًا إيجابيًّا على الجسد والحالة النفسية عند التعرض لها بصورة معتدلة، إذْ أثبتت الدراسات حدوث زيادة في مستوى هرمون السيروتونين في الدماغ، وهو الهرمون المسؤول عن الشعور بالسعادة، عند التعرض لأشعة الشمس في الصباح الباكر، بالإضافة إلى أن أشعة الشمس تعد مهمةً للغاية في تركيب فيتامين D الضروري من أجل الحفاظ على صحة عظام جيدة وجهاز مناعي قوي.
- التزم بنظام غذائي صحي: يؤثر نظامك الغذائي الذي تتبعه مباشرة على حالتك المزاجية والنفسية. يمكن للأطعمة والمشروبات الغنية بالمُنبهات مثل الكافيين أن تسبب لك اضطرابًا في نظام النوم، ما ينعكس عليك سلبًا بالمزيد من الأرق، والتعب، والإحباط. يجب عليك أيضًا الإقلال من تناول الأطعمة السريعة، والمُعالجة، والمعلبة، والغنية بالسكريات والدسم. ويجب عليك زيادة تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة مثل الخضار والفواكه، والزيوت الصحية مثل زيت الزيتون وأوميغا 3 في الأسماك، والفيتامينات وخاصة مجموعة فيتامينات B لأهميتها الخاصة في تصنيع مكونات الدم في نقي العظام، ولما يسببه فقر الدم بأنواعه من إحباط وكسل وخمول.
- قاوم التفكير السلبي: تطغى الأفكار السلبية وأساليب التفكير المتشائمة بقوة على حالتنا العقلية عندما نشعر بالإحباط، والاكتئاب، واليأس. توجد أساليب تفكير كثيرة تدخلنا في حلقة مفرغة من التفكير السلبي تنتهي بالشعور بالإحباط واليأس، ومن أهم الأفكار التي يجب الانتباه لها وتجنبها:
- التفكير بأسلوب كل شيء أو لا شيء: كأن ننظر إلى كل شيء يحدث في حياتنا بشكل كلي وشامل، دون التفكير بالتفاصيل الإيجابية التي توجد في جوانب مختلفة من الحياة.
- الإفراط في التعميم: عندما نُعمم نتيجةَ حادثة سلبية حصلت معنا في الماضي على كامل حياتنا، وكأنها ستبقى حقيقة تتكرر مدى الحياة، مثل أن ترفضك شركة في فرصة عمل تقدمت لها، وتعتقد أنك ستُرفض دائمًا في أي فرصة عمل تتقدم لها.
- التركيز على الحوادث السلبية: يحدث في هذا الأسلوب أن تتجاهل جميع الحوادث الإيجابية التي حدثت معك، وتركز فقط على الحوادث السلبية، مثل أن تفشل في حل سؤالٍ معينٍ في الامتحان، وتتجاهل جميع الأسئلة الصحيحة التي تمكنت من حلها بنجاح.
- الإسراع في الاستنتاج: يعتمد هذا الأسلوب على تفسيرات سلبية لحوادث معينة من دون وجود أدلة تدعمها، مثل أن تتوقع دائمًا حدوث أمرٍ سيئ في المستقبل.
من الطبيعي أن نمر في حياتنا بفتراتٍ من اليأس والحُزن، خاصة عند وقوعِ حوادث صعبة ومتعبة، لكن لا يجب عليك الاستسلام لها والقبول بالأسوأ، بل يجب النهوض والمحاولة مرة أُخرى من جديد. يمكن اتباع النصائح السابقة والتحلي بالأمل لتحسين حالتك المزاجية والنفسية والبقاء أقوى وأكثر صحة.