التنمر هو مشكلة خطيرة يواجهها العديد من الأشخاص في مراحل عمرية مختلفة، لكن مرحلة الطفولة تعتبر المرحلة الأكثر حساسية في هذا الموضوع، فالعديد من الأطفال يتعرضون للتنمر في المدارس أو الأماكن العامة، ويمكن أن يكون لهذا تأثير كبير على صحتهم النفسية.
لذلك يعد التعامل مع التنمر ومساعدة الأطفال على التعامل معه أمرًا بالغ الأهمية، ويجب على الآباء والمربين أن يكونوا على دراية ووعي كافِ لتجنيب أطفالهم آثار هذا التنمر.
ماذا يقصد بالتنمر؟
التنمر هو سلوك عدواني متكرر ومتعمد يهدف إلى إيذاء الشخص المستهدف عاطفيًا أو اجتماعيًا أو حتى جسديًا، ويمكن أن يحدث بين الأشخاص في أي عمر وفي أي بيئة (المدارس والأسرة وأماكن العمل).
هناك أنواع مختلفة من التنمر منها اللفظي، والجسدي، والإلكتروني، والتي تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية للشخص، تتداخل هذه الأنواع من التنمر وقد يستخدم المتنمر أكثر من شكل واحد لإساءة معاملة الضحية.
ما هي دوافع التنمر؟
لا يوجد سبب محدد وواضح يجعل الناس يتنمرون، لكن المتنمرين يشتركون في بعض الصفات المشتركة، ويعتمد سبب التنمر على العديد من العوامل بما في ذلك العوامل الفردية والاجتماعية والبيئية، وفيما يلي بعض الأسباب الشائعة للتنمر:
- الرغبة في السيطرة والقوة: يمكن أن يكون التنمر وسيلة لبعض الأشخاص للسيطرة على الآخرين، فقد أوضحت a study أن المراهقين مثلًا غالبًا ما يبحثون عن السلطة والسيطرة، وإذا لم تسر الأمور كما يريدون فقد يلجأون إلى التنمر في محاولة منهم لتعزيز ثقتهم بنفسهم.
- الاختلافات الاجتماعية والثقافية: قد يكون التنمر ناتجًا عن الاختلافات في السمات الفردية مثل: الجنس، والعرق، والدين، والثقافة، والمظهر الخارجي. يمكن لهذه الاختلافات أن تؤدي إلى انفصال وتمييز الأشخاص وتشجيع انتشار سلوك التنمر.
- الوسط المحيط: يمكن أن يكون التنمر نتيجة للتأثيرات السلبية التي يتعرض لها الأطفال في بيئتهم كالأسرة أو المدرسة، فمثلًا عندما يشهد الأطفال سلوك التنمر من النماذج الأكبر سنًا وخاصة ممن يعتبرونهم قدوة بالنسبة لهم، فقد يقلدون هذا السلوك ويمارسونه بأنفسهم على أصدقائهم.
- نقص المهارات الاجتماعية والعاطفية: يمكن أن يكون التنمر نتيجة لنقص المهارات الاجتماعية والعاطفية لدى المتنمر وخاصة لدى الأطفال، فقد يفتقرون إلى قدرات التعاطف والتعاون والألفة مع الآخرين.
كيف تحمي طفلك من التنمر؟
على الرغم من أن التنمر له آثار سلبية على الصحة النفسية للأشخاص بشكل عام لكن يبقى الأطفال والمراهقون هم الفئة الأكثر حساسية والأكثر تعرضًا، مما يزيد مستويات القلق والتوتر لديهم، فقد بينت a study أجريت عام 2019 أن 19.5% من طلاب الصف التاسع حتى الصف الثاني عشر تعرضوا للتنمر خلال السنة السابقة للدراسة، لذلك من المهم أن تحمي طفلك من التنمر وأن تكون مستعدًا لمواجهة أي حالة تنمر قد تحدث، وإليك بعض النصائح التي ستساعد في دعم الطفل وحمايته:
- تعزيز ثقة الطفل بنفسه: قم بتعزيز ثقة طفلك بنفسه من خلال تعزيز صورته الذاتية الإيجابية وتشجيعه على تطوير مهاراته المختلفة، ساعده في اكتشاف مواهبه واهتماماته وحاول دعمه في تحقيق أهدافه الشخصية.
- تعزيز التواصل العائلي: قم بإنشاء بيئة عائلية آمنة وداعمة حيث يشعر الطفل بالراحة في التحدث عن أي مشاكل قد يواجهها. استمع إلى طفلك بعناية وقدم له الدعم العاطفي والمشورة عند الحاجة، وتذكر أن الاستماع الفعّال والتواصل الجيد يمكن أن يكونا عاملين مهمين في منع التنمر.
- تعزيز التعاون والصداقات الإيجابية: قم بتشجيع طفلك على بناء صداقات إيجابية وصحية مع الآخرين، وقدم له النصائح حول كيفية التعرف على الأصدقاء الموثوق بهم والذين يحترمونه ويدعمونه. كما يمكن أن تساعده في تطوير مهارات التواصل والتعاون من خلال المشاركة في أنشطة اجتماعية مثل: الأندية أو النوادي الرياضية.
- مراقبة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي: إذا كان طفلك يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، فتأكد من مراقبة استخدامه ومراقبة الأنشطة التي يشارك فيها. قدم له توجيهًا بشأن السلوك الإيجابي عبر الإنترنت وذكره بأهمية الاحترام والحذر في التعامل مع الآخرين عبر الإنترنت.
وقد بينت a study أن 32% من الأطفال المستهدفين بالتنمر عبر الإنترنت قالوا بأنهم يعانون من عرض واحد على الأقل من أعراض التوتر، بالإضافة إلى الشعور بالضيق، أما المراهقون الذين تم استهدافهم عن طريق التنمر عبر الإنترنت، فقد أبلغوا عن زيادة في الاكتئاب والقلق والشعور بالوحدة والسلوك الانتحاري.
- التعاون مع المدرسة: تعاون مع مدرسة طفلك لتعزيز بيئة تعليمية خالية من التنمر. يجب على المعلمين والمدرسين أن يكونوا مدركين لمشكلة التنمر وأن يتصرفوا بسرعة للتصدي لأي حالة تنمر تحدث، وبالمقابل يجب التركيز على الأنشطة المدرسية التي يمكن أن تعزز التعاون والتفاهم بين الطلاب.
- مراقبة التغيرات في سلوك الطفل: حافظ على مراقبة تغيرات سلوك طفلك وملاحظة أي علامات تشير إلى أنه قد يكون مستهدفًا من قبل المتنمرين، وكن حساسًا لأي تغيرات في مزاجه أو سلوكه، مثل: الانعزال أو التوتر والقلق المفرط.
- تعليم الطفل مهارات التعامل مع التنمر: قم بتعليم طفلك كيفية التعامل مع المواقف المحتملة للتنمر، مثل: البقاء هادئًا والتحدث بأسلوب واضح والابتعاد عن المتنمرين. قدم له الاستراتيجيات للتعبير عن مشاعره بطرق صحية وعلمه كيفية التبليغ عن أي حالة تنمر يشهدها.
على الرغم من أن هذه النصائح يمكن أن تساعد في حماية طفلك من التنمر، إلا أنه من المهم أن تكون مستعدًا لمواجهة أي حالة تنمر قد تحدث، وتشجيع الأطفال على الإبلاغ عن أي حالة تنمر يتعرضون لها، فمن الواجب حماية صحتهم النفسية والاجتماعية والعاطفية.
في حال حدوث التنمر، يجب أن تتصرف بسرعة وتطلب المساعدة من الجهات المعنية مثل: المدرسة أو المعلمين أو المستشارين، للتعامل مع الوضع بشكل فعال وحماية طفلك، كما يمكنك التواصل مع الاختصاصي في لبيه من خلال تحميل تطبيق لبيه فهو يستطيع تقديم النصائح والدعم اللازم.