إحصائيات ومعلومات مهمة عن تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية للجميع
يعد تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية موضوعًا مهمًا جدًا أثار انتباه الخبراء في الآونة الأخيرة، لأن الجائحة ليست ظاهرة طبية فقط، بل أثرت في أفراد المجتمع جميعًا من عدة نواحي، اجتماعيًا واقتصاديًا وصحيًا ونفسيًا، لأنها تجعلهم يعيشون في جو من القلق والتوتر الشديدين اللذين يؤثران كثيرًا في الصحة النفسية. إن الانتشار السريع لفيروس كورونا في العالم أدى إلى فرض قيود إقليمية وعالمية من قبل الحكومات للحد من انتشار المرض، مثل إغلاق أماكن الترفيه والعمل والمؤسسات التعليمية والفعاليات الفنية وغيرها. لا شك أن انتشار المرض قد انخفض في بعض الدول التي طبقت هذه التعليمات والإجراءات الاحترازية، وطبقت قواعد التباعد الاجتماعي والحجر الصحي، ولكن من ناحيةٍ أخرى، لهذه الإجراءات تأثيرات سلبية من الناحية النفسية والاجتماعية لا يمكن إنكارها.
إحصائيات هامة عن التأثير النفسي لجائحة كورونا
يعتقد الخبراء أن من واجب الحكومات توفير الدعم النفسي اللازم للأشخاص خلال انتشار الوباء، خاصةً بالنسبة للذين يعانون أساسًا من أمراض واضطرابات النفسية، إذ إنها قد تتفاقم ويصعب التحكم بها. يختلف تأثر الحالة النفسية من إنسانٍ لآخر، وذلك يعتمد على خلفيته الاجتماعية والمهنية وصحته العامة وعوامل أخرى متعددة.
خلال الجائحة، أُبلغ عن ظهور أعراض القلق والاكتئاب عند حوال 4 من كل 10 أشخاص بالغين، وهي نسبة مرتفعة قليلًا مقارنةً مع السنة السابقة لتفشي الوباء، وذكرت إحدى الدراسات أيضًا عن تأثر صحة ورفاهية العديد من الأشخاص البالغين بشكل سلبي بسبب القلق والتوتر الناجم عن فيروس كورونا. فعلى سبيل المثال، عانى نحو 36% من الأشخاص من صعوبات في النوم، و32% من اضطراب في الأكل (نقص شهية أو زيادة شهية)، و12% تفاقمت لديهم أمراضهم الصحية المزمنة، إضافةً إلى ارتفاع نسبة الاكتئاب عند الشباب بسبب فقدانهم لوظائفهم وأعمالهم نتيجة تضرر الوضع الاقتصادي أيضًا.
في دراسة استقصائية أجريت في شهر يونيو عام 2020، أبلغ عن توجه 13% من البالغين نحو تعاطي المخدرات، وعانى 11% من أفكار انتحارية نتيجة الضغط والإجهاد الشديدين المرتبطين بفيروس كورونا. أظهرت دراسات أخرى في شهر يناير عام 2021 عن معاناة نحو 41% من البالغين من أعراض القلق والاكتئاب.
إن جائحة كورونا وضعت الأطفال والبالغين في بيئة جديدة يصعب الاعتياد عليها، وقد تكون ضارة بصحتهم نتيجة عدة عوامل، مثل الابتعاد عن رؤية الأحباء والأصدقاء، وفقدان حرية الخروج من المنزل والتنزه، والملل، والخوف من التقاط العدوى أو إصابة أحد أفراد العائلة. كل ما سبق يدفع إلى اتخاذ تدابير وحلول مناسبة على المستويين الفردي والمجتمعي.
تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية للأطفال والمراهقين
لا يتعامل كل الآباء والأطفال مع الضغوطات النفسية بنفس الطريقة. لقد عانى الأطفال والمراهقين من تأثيرات جائحة كورونا بشل ملحوظ، إذ إنهم ابتعدوا عن مدارسهم وأصدقائهم وزملائهم، وقلَّت فترات لعبهم وفرحهم، وسيطر الخوف والحزن والقلق على حياتهم، كل هذه الأمور وضعتهم في بيئة سيئة نفسيًا، ولها آثار قصيرة وطويلة الأمد. تشمل الاضطرابات النفسية التي عانى منها الأطفال والمراهقين أثناء جائحة كورونا كل مما يلي:
- قلق شديد.
- سلوك غير طبيعي (انفعالي أو عدواني).
- سيطرت مشاعر الحزن والقلق.
- اكتئاب.
- صعوبات في التركيز والانتباه.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت تسعدهم فيما سبق.
- صداع وآلام جسدية معممة.
- تغييرات في الطعام (فقدان شهية أو زيادة شهية).
يجب على الآباء التزام الهدوء والتعامل بحكمة وعقلانية للتعامل مع هذه السلوكيات السلبية لأطفالهم. من المفيد الجلوس معهم ومناقشة خطر جائحة كورونا وتأثيراتها السلبية، وطمأنتهم أيضًا بأنهم في أمان ضمن المنزل، وتشجيعهم على القيام ببعض النشاطات الصحية المنزلية المفيدة، كالتمارين الرياضية المختلفة، وسيكون الوضع أفضل في حال مشاركة الآباء أطفالهم بمثل هذه الأنشطة، ويمكنهم أيضًا متابعة واجباتهم المدرسية منزليًا. يجب على الآباء عدم إظهار القلق والتوتر أمام أطفالهم، فهم يشعرون بهذه الطاقة السلبية ويدركونها.
تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية لكبار السن
كبار السن هم أكثر الأشخاص عرضةً للإصابة بفيروس كورونا بسبب عدة عوامل، منها ضعف جهازهم المناعي واحتمالية وجود أمراض مزمنة لديهم وغيرها من الظروف الصحية المختلفة. قد تكون إصابة المسنين خطيرة ومهددة للحياة حتى لو كانوا بصحة جيدة قبل ذلك.
تنعكس تأثيرات العزل الصحي والتباعد الاجتماعي أيضًا على كبار السن، إذ إن صحتهم النفسية قد تتأثر أيضًا بسبب شعورهم بالوحدة والضجر، فهم قد يتعرضون للقلق والشعور بالضيق وقد تصيبهم حالة تشبه الصدمة أيضًا، ويزداد أيضًا خطر الاكتئاب عند الذين يعانون أساسًا من مشكلات نفسية أو عقلية. مكالمة هاتفية واحدة خلال هذا الوباء قد يساعد على مواساة كبار السن وتخفيف ضجره وحزنه. قد يلاحظ أفراد الأسرة حدوث تغير في سلوك الكبار في السن مثل:
- اضطرابات سلوكية وقلق وعدوانية.
- تغيير عاداتهم في الأكل والنوم.
- مشاعر وعواطف شديدة.
إذا كان أحد أفراد أسرتك من كبار السن، فلا بأس من التحدث معه بشكل يومي ومشاركته في روتينه اليومي أيضًا، لمساعدته على تجاوز فترة جائحة كورونا.
تأثير جائحة كورونا على الصحة النفسية للعاملين في المجال الصحي
الأطباء والممرضات والمسعفون الذين يعملون في الخطوط الأمامية من أجل التصدي لانتشار فيروس كورونا هم أكثر الأشخاص عرضةً للتأثيرات النفسية السلبية للجائحة. قد يكون السبب وراء ذلك هو خوفهم من إصابتهم بالمرض ونقله لأفراد عائلاتهم، وأوقات العمل الطويلة، وقلة المعدات والتدابير الوقائية، وتعاملهم المباشر مع المرضى وتأثرهم بحالاتهم الصعبة أحيانًا، وابتعادهم عن أسرهم وأحبائهم، وموت بعض زملائهم بعد إصابتهم بالمرض. كل ذلك قد ينعكس سلبًا على عمل الكادر الصحي خلال جائحة كورونا.
لا ننسى أيضًا أن الأطباء قد يشعرون بالضيق بسبب تجنب الناس من حولهم للاقتراب منهم خوفًا من أنهم يحملون المرض، فقد يشعرون بالحزن أو الإحباط أو الغضب لأن أصدقائهم وأحبابهم يتجنبوهم بسبب مخاوف لا أساس لها من الصحة. وكذلك يعاني من هذه المشكلة المرضى الذين يتعافون من المرض ويغادرون المشفى أو الحجر الصحي، إذ ينظر إليهم بنظرة مريبة ومنفرة، وكأنهم مخزن دائم للمرض. يختلف تقبل وترحيب المجتمع والأفراد للمرضى الذين يتعافون من فيروس كورونا، ولكن لاشك أن هذه المشكلة تترك أثرًا نفسيًا صعبًا عند هؤلاء المرضى. يجب أن يكون الجميع متفهمًا للوضع الحالي ولتأثيرات انتشار الفيروس الصحية لمختلف الفئات العمرية، ولا يكفي أن نكون على دراية فقط بصفات الفيروس وكيفية انتقاله وإحداث المرض وكيفية علاجه.
قد يحتاج كل المرضى الذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية المختلفة إلى خدمات صحية نفسية وحملات توعية تدعم صحتهم النفسية وتعززها في ظل هذا الوضع الصعب السائد حاليًا، فالصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وتأثيرات كل منهما تنعكس على الأخرى بشكل أو بآخر. يجب الاهتمام بالصحة النفسية جيدًا لكي تكون حياتنا مريحة وسلسة، ولكي نتمكن من التعامل مع مختلف ضغوطات الحياة، خاصةً خلال هذا الانتشار الكبير لجائحة كورونا في مختلف المناطق، ومع ازدياد نسبة الوفيات لدى بعض الفئات العمرية.
يجب ألا ننسى أهمية الالتزام بالتعقيم والنظافة الشخصية وتحقيق التباعد الاجتماعي والالتزام بارتداء الكمامات الواقية في الأماكن العامة، تجنبًا لالتقاط العدوى.