تأثير تصرفات الآخرين وآرائهم على حالتك النفسية وتوازنك الداخلي
هل من الممكن أن نكون سببًا للمشاكل النفسية التي يمر بها الآخرون؟ هل تعود السلبية التي تشعر بها في حياتك لتصرفات وكلام الأفراد من حولك؟ قد يفكر أحدنا في بعض الأحيان فيما إذا كانت صحتنا النفسية تعتمد على الآخرين حولنا مثل الجيران والأصدقاء والعائلة، في الحقيقة يحمل الكلام السابق بعضًا من الصحة، ففي حين توجد العديد من الأمور والعوامل التي يمكن أن تؤثر على الصحة النفسية، ومن بينها آراء الآخرين وأفعالهم، فلها الحصة الأكبر في التأثير على صحتنا النفسية عبر ما يسمى بتأثير الموجة Ripple Effect فكما تسبب الحصاة التي تُرمى في الماء موجات يمكن لكلمات الآخرين وأفعالهم ومشاعرهم أن تؤثر علينا.
يمكن لهذا الأمر أن يكون شيئًا جيدًا، فكلٌّ منا يحمل القوة لترك تأثير إيجابي على حياة الآخرين الذين يعانون من مشاكل نفسية، مع الإشارة إلى أن العديد من المشاكل النفسية لا تُشخص بسبب عدم وعي الشخص للحالة التي يمر بها، ولذلك يمكن للنصائح والمساعدة أن تحقق العديد من الفوائد والإيجابيات في هذا السياق. من ناحية أخرى يمكننا معرفة أهمية الحرص على الكلمات التي ننطقها والأفعال التي نقوم بها، فمثلًا يمكن لمزاج الفرد أن يتأثر بسبب إساءة موظف المبيعات له والذي سيترك الفرد محبطًا وغاضبًا ولكن في حال كان نفس الموظف لطيفًا وإيجابيًا مع الزبون سيترك ذلك شعورًا بالسعادة لدى الفرد. في كلا الحالتين يمكن لتصرف شخص غريب أن يؤثر عليك، كما يمكن أن تؤثر أنت على الآخرين بطريقة مماثلة، وعندما يتعلق الأمر بشخص مقرب لك فإن مشاعرنا وأفعالنا ستحمل أثرًا أكبر وأعمق عليه.
تأثير أفعال وآراء الآخرين السلبية وكيفية التعامل معها
يمكن للآراء والأفعال السلبية للأفراد المحيطين بك أن تؤدي لتأثيرات هامة أكبر بكثير من تلك التي تتركها الآراء والتصرفات الإيجابية، ويمكن أن نشاهد ذلك خصوصًا في أماكن العمل. فقد أثبتت الأبحاث أن زميل العمل السلبي والذي يمارس سلوكًا مؤذيًا يمكن أن يكون مضرًا ببيئة العمل ويترك تأثيرات على كل الموظفين والزملاء، لأن هذه السلبية قد تؤدي إلى قلة تبادل المعلومات الضرورية بين الموظفين، وتزيد النزاعات بينهم، ما يسبب نقصًا بالثقة بينهم وتراجع أدائهم بشكل عام.
إن التعامل مع زميل عمل سلبي يمكن أن يجعل من حوله متعبين نفسيًا وغير راضين عن بيئة عملهم، لذلك من المهم التعامل مع السلبية بدلًا من تجاهلها، لأنها تؤثر بشكل مباشر على الإنتاجية الكاملة للشركة. ينطبق الكلام السابق على العلاقات والتعامل مع صديق سلبي أو فرد من أفراد العائلة، ففي كلا الحالتين لن يكون من السهل قطع جميع العلاقات، ولكن من المهم أن تكون لديك استراتيجية للتعامل معهم بشكل سليم، ويمكنك البدء بذلك عبر رسم الحدود والتقليل من تفاعلك مع الأشخاص السلبيين.
قد يقوم مدير العمل للحفاظ على بيئة العمل بتعيين الموظف السلبي للقيام بمهام ما تُقلل من تفاعله مع بقية فريق العمل، وفي حال كان الفرد السلبي صديقًا أو أحد أفراد العائلة، يمكنك الحد من الأحاديث معه عبر الاقتصار على المواضيع التي لن تحفز سلبيته. قد تواجه صعوبة في إبعاد نفسك عن السلبية في البداية ولكن لا تستسلم لها ولمثيراتها مثل التذمر أو حتى الإسهاب بالتفكير بسلوك أحدهم، لن يجلب لك ذلك سوى الإحباط وتذكر أن سلوك الشخص الآخر لا يتعلق بك بل هو بسبب ما يعانيه بسبب مشاكله الشخصية.
نصائح وتوصيات هامة للتعامل مع تصرفات الآخرين وأفكارهم السلبية
إن معرفة الأثر الذي يمكن أن يُلحقه الآخرون على صحتنا النفسية، يمكن أن يكون مثيرًا للدهشة، وفيما يلي قائمة من النصائح التي تساعدك على الحفاظ على صحتك النفسية وعلى صحة الآخرين:
فكر بنفسك أولًا واهتم بصحتك النفسية والجسدية:
حتى تتمكن من فهم تأثير سلوك الأفراد من حولك عليك، يجب عليك التعامل مع مشاعرك الخاصة أولًا، فقبل كل شيء مشاعرك هي التي تؤثر على مزاجك وسلوكك، ويمكنها أن تؤثر على إدراكك وتقييمك للمواقف اليومية، لذلك اسأل نفسك:
- ماذا أشعر؟
- لماذا أحس بهذا الشعور؟
- كيف يجب أن استجيب لهذه المشاعر؟
- كيف أعبر هذه المشاعر للآخرين؟
تذكر تأثيرك على المحيطين بك:
فكر كيف يمكن لمشاعرك الجيدة والسلبية ولسلوكك أن يؤثر على كل من حولك، وركز على قوة الطاقة الإيجابية، فقد أظهرت البحوث أن الأفراد المتفائلين يملكون صحة أفضل ويتعاملون مع تحديات الحياة بشكل فعال وهم أكثر ثقة بأنفسهم وسعادة بشكل عام، وقد وجد أن المتفائلين يتمتعون بمستوى حياة أفضل من المتشائمين.
ركز على التغييرات الصغيرة والبسيطة:
إذا قررت تغيير عادة أو سلوك بسبب تأثيره على صحة الآخرين النفسية، قم بالتركيز على الأمور البسيطة، فقد يكون تغيير العادات أمرًا صعبًا ولكن ابق الأمور بسيطة واسمح لنفسك بالتركيز عليها وبذلك ستنجح بالوصول لغايتك.
اعرف ما يؤثر عليك ويجعلك سلبيًا:
إذا لاحظت بعض السلبية في مزاجك وسلوكك، ابحث عن سبب إحساسك بهذه المشاعر وقيامك بهذه التصرفات السلبية، حالما تعلم سبب توترك عندها يمكنك العمل على تخفيفه.
شارك مشاعرك:
عندما يكون هناك شيء يزعجك تُستهلك طاقتك بشكل أسرع، وتكرس عقلك للتفكير به، وقد يكون من الأفضل مشاركة أفكارنا ومشاعرنا مع شخص نثق به، إذ أن القيام بذلك يتيح لنا التخلص من بعض الضغط والتوتر الذي نشعر به وبالتالي استعادة طاقتنا الإيجابية.
نيل قسط كافٍ من النوم:
يعتبر النوم الكافي والمريح من أهم الوسائل لمواجهة الاضطرابات النفسية والتخلص منها. وقد أشارت الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لا ينالون قسطًا كافيًا من النوم يعانون من نزاعات ومشاكل أكثر في علاقاتهم وأصبحوا أقل تعاطفًا مع المحيطين بهم، لذلك عندما تشعر بالتعب احصل على بعض النوم لاستعادة طاقتك لتكون قادرًا على التعامل مع أي مشكلة.
احط نفسك بالطاقة الإيجابية:
إن وقتك كنز ثمين ومحدود، لذلك يجب عليك إنفاقه بحكمة، قلل من الوقت الذي تقضيه قرب الأشخاص السلبيين وابتعد عن المواقف السلبية، وركز على الشيء الإيجابي، قد يعني ذلك أن تقلل من مقدار الوقت الذي تقضيه مع شخص مقرب لك والذي قد يكون صعبًا، ولكن الأفكار والآراء السلبية تؤثر على صحتك العامة، وقد تشعر أنك أناني بعض الشيء لكنك تقوم بأخذ خطوات صحيحة تجاه صحتك النفسية.
تحدث مع نفسك:
استمع لنفسك بشكل جيد وبدلًا من التركيز على السلبية قم بتعزيز الناحية الإيجابية وتعلم كيف تركز هذا الحديث نحو سلوكك وأفعالك اليومية. إنَّ المشاعر والأفعال معدية بشدة، ويمكن لما يفعله أو يقوله الآخرون أن يؤثر علينا وعلى مزاجنا وصحتنا النفسية، لأن العلاقات الإنسانية مبنية بشكل أساسي على العواطف والمشاعر والأفعال، ويمكن لسلوك شخص واحد أن يحمل أثرًا عميقًا وطويل الأمد على حياة شخص آخر.
لذلك يجب علينا جميعًا التفكير قبل أن نقوم بالتعبير عن رأينا أو قبل قيامنا بعمل ما، لأن لأفعالنا وأقوالنا أثر هام على صحة الأفراد من حولنا من زملاء وأصدقاء وأفراد العائلة.
المصدر:1