يتملكني الغضب، كيف أتخلص منه؟
للمشاعر والعواطف تأثير مباشر على مختلف تفاصيل حياتنا، وهي ردود فعل طبيعية للأحداث والمواقف المختلفة التي تمر بها، ويمكن أن تختلف مقاربتنا لكل شيء في حياتنا اعتمادًا على حالتنا النفسية والمزاجية.
يعتبر الغضب من أبرز هذه المشاعر وأكثرها تأثيرًا على حياة الإنسان، فكيف تتصرف إذا تملكك الغضب بشكل مستمر، وما هي أفضل الطرق للتخلص منه.
متى يصبح الغضب مشكلة؟
الغضب هو عاطفة طبيعية يشعر بها الجميع من وقت لآخر، ويمكن للعديد من المواقف أن تثير مشاعر الغضب، والتي قد تتراوح في شدتها من الانزعاج المعتدل إلى الغضب الشديد، وعادةً ما يترافق الغضب مع مشاعر التوتر والإحباط. إن الشعور بالغضب من وقت لآخر هو أمر طبيعي، لأنه يمكن أن يمنحك طريقة للتعبير عن المشاعر السلبية، أو يحفزك على إيجاد حلول للمشاكل.
يتحول الغضب إلى مشكلة عندما يصبح شديدًا ولا يمكن السيطرة عليه، أو مزمنًا بحيث يبدأ في التأثير على أدائك اليومي والطريقة التي تتعامل بها مع الأشخاص والأحداث من حولك، فيسبب الغضب غير العقلاني صعوبات في التفكير والتركيز، ما يؤدي إلى إلحاق الضرر بصحتك النفسية وحالتك المزاجية، بالإضافة إلى ذلك قد يسبب مشاكل جسدية كارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية.
بينت a study (Mostofsky,2015)التي أجريت على 785 رجل وامرأة، تم اختيارهم عشوائيًا، وتراوحت أعمارهم بين 46 إلى 92 عامًا، أن هناك 31% من الأشخاص من كلا الجنسين قد أُصيبوا بأمراض قلبية خطيرة ظهرت أعراضها عند التعبير عن الغضب الشديد.
ما هي أسباب الغضب؟
يمكن أن يكون الغضب ناتجًا عن عوامل عديدة، إذ يمكن لشخص ما أو حدث معين أن يجعلك غاضبًا، وقد تلجأ للغضب أحيانًا كبديل للمشاعر الأخرى التي تفضل عدم التعامل معها مثل: الألم النفسي أو الخوف أو الشعور بالوحدة والخسارة، وغالبًا ما يكون الغضب ناتجًا عن محفز معين، وتتضمن أهم محفزات الغضب الشائعة:
- فقدان شخص مقرب أو أحد الأحباء.
- فقدان الوظيفة وترك العمل.
- الانفصال عن الشريك.
- الفشل في أداء مهمة أو الرسوب في امتحان.
- التعب والإجهاد المستمر.
- التعرض لحدث صادم.
يمكن أن يكون الغضب أيضًا حالة مؤقتة أو استجابة لحالة طبية معينة، وقد يظهر كأحد أعراض الاكتئاب أو اضطراب فرط الحركة.
ما الحل إذا كان يتملكك الغضب باستمرار؟
الغضب عاطفة طبيعية وصحية في أغلب الأوقات، ولكن يمكن أن يكون ضارًا بصحتك النفسية والجسدية عندما تفقد التحكم بنفسك وتصرفاتك، لذا إليك بعض النصائح حتى تتمكن من التخلص من الغضب المفرط وتسيطر على مشاعرك بصورة أفضل:
فهم سبب شعورك بالغضب
قد يسبب الغضب المفرط اضطرابات نفسية عديدة كالاكتئاب، حيث بينت a study (Gupta,2011) شملت 42 شخصًا مصابًا باضطراب الوسواس القهري تتراوح أعمارهم بين 20-60 عامًا، أن الأشخاص الذين يعانون من نوبات الغضب كان لديهم معدل انتشار أعلى لنوبات الهلع والاكتئاب، وأظهروا سلوكًا عدوانيًا تجاه من حولهم وذلك على شكل صراخ وتهديد بالإيذاء.
حتى تتمكن من التخلص من مشاعر الغضب المفرطة من المهم أن تفهم ما الذي قد يثير غضبك في المقام الأول، إذ يمكن أن يكون الغضب ناتجًا عن خلافات عائلية أو ضائقة مالية، أو مشاكل في العمل أو ذكريات مؤلمة؛ لذا عليك أن تحدد ما هو المحفز الرئيسي للغضب لتتمكن من تجنبه والتحكم بشكل أفضل بمشاعر الغضب، كما يمكن لعوامل أخرى مثل: شخصيتك وعلاقاتك ومستويات التوتر لديك أن تلعب دورًا في تحديد مقدار الغضب الذي تشعر به استجابةً لموقف ما.
الحفاظ على تركيزك وأخذ نفس عميق
عندما تشعر بالغضب الشديد من السهل أن تسيء التصرف، وغالبًا ما يدخل جسمك في حالة تُعرف باسم استجابة المواجهة، والتي تساعد على تهيئة جسمك لاتخاذ إجراءات لحمايته، حيث يزداد معدل ضربات قلبك وتبدأ في التنفس بسرعة أكبر.
من أجل السيطرة على نفسك وتقليل مشاعر الغضب، قد يكون من المفيد التركيز على التنفس، وذلك من خلال أخذ أنفاس بطيئة وعميقة ومنضبطة، إذ يمكن للتنفس العميق أن يمنحك الوقت لتهدئة نفسك، وأخذ بعض اللحظات للتفكير، والرد بطريقة ليس لها آثار سلبية طويلة المدى.
بينت a study (Laurino,2018) كيف يمكن لتقنيات التنفس العميق أن تغير من ردات الفعل ومدى تأثيرها الإيجابي على الأشخاص الأصحاء، وأشارت النتائج أن تقنيات التنفس تعمل على تعزيز المرونة وتحسين الجهاز العصبي، بالإضافة إلى تحسين الحالة النفسية للشخص من خلال زيادة مستويات الراحة والاسترخاء.
تغيير طريقة تفكيرك
تتمثل إحدى الطرق الفعالة لتقليل غضبك بتغيير طريقة استجابتك للأحداث أو الأشخاص أو المواقف، فعندما تجد نفسك تركز على الأشياء بطريقة سلبية أو غير عقلانية، من السهل أن تنغمس في المشاعر السلبية كالغضب.
يمكن تحقيق ذلك من خلال تغيير طريقة تفكيرك، وستتمكن عندها من النظر إلى موقف أو شخص أو علاقة ما من منظور مختلف، ما يساعدك على تحديد وجهة نظرك الصحيحة تجاه الحدث، وبالتالي تخفيف المشاعر السلبية التي تواجهك.
ممارسة تمارين الاسترخاء
بالإضافة إلى التنفس العميق، فإن تعلم استراتيجيات الاسترخاء مثل: تمارين اليقظة والتأمل والاسترخاء يمكن أن يساعدك في الحفاظ على هدوئك عندما تكون غاضبًا.
على سبيل المثال: اليقظة هي ممارسة صحية تجعلك أكثر وعيًا باللحظة الحالية التي تعيشها، وتزيد تركيزك على زيادة الوعي بالمحفزات الحسية المحيطة بك، ويمكن القول بأن اليقظة هي نوع من التأمل الذي تركز فيه على أن تكون مدركًا بشكل مكثف لما تشعر به في الوقت الحالي دون إطلاق أحكام، وغالبًا ما تسمح لك بالنظر إلى المواقف التي تثير الغضب بطريقة أكثر مرونة.
الغضب استجابة طبيعية لبعض المواقف الصعبة، وعندما تتم إدارة الغضب بشكل فعال، يمكن أن يكون بمثابة قوة إيجابية لك، فيحفزك على إجراء تغييرات مفيدة من شأنها أن تساعدك في تجاوز ما تمر به، ولكن من الضروري ألا تسمح للغضب بأن يسيطر عليك ويتملكك.
تواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تطوير التقنيات والاستراتيجيات المناسبة للتعامل مع الغضب والتخلص من تأثيراته السلبية.
الدراسات
1- Davidson KW, Mostofsky E. Anger expression and risk of coronary heart disease: evidence from the Nova Scotia Health Survey. Am Heart J. 2010;159(2):199-206. doi:10.1016/j.ahj.2009.11.007.
2- Painuly NP, Grover S, Mattoo SK, Gupta N. Anger attacks in obsessive compulsive disorder. Ind Psychiatry J. 2011;20(2):115-119. doi:10.4103/0972-6748.102501.
3- Zaccaro A, Piarulli A, Laurino M, et al. How breath-control can change your life: a systematic review on psycho-physiological correlates of slow breathing. Front Hum Neurosci. 2018;12:353. doi:10.3389/fnhum.2018.00353.