الهوس: أسبابه، أعراضه، العلاج منه
الهوس أو مرحلة الهوس هو حالة يتعرض فيها الشخص لتغيير في السلوك يؤثر تأثيرًا كبيرًا على أدائه لفترة أسبوع واحد أو أكثر، ويختلف الهوس عن الهوس الخفيف (لأن الهوس الخفيف لا يسبب عجزًا كبيرًا في الأداء الاجتماعي أو المهني، ويستمر لفترة لا تقل عن 4 أيام بدلاً من أسبوع)، ويشير الهوس إلى حالة من المزاج المرتفع أو العصبي بشكل غير طبيعي ومستمر مع تقلب في المزاج، وغالبًا ما يرافقه هياج أو فرط نشاط أو إفراط في التفاؤل أو شعور بالعظمة أو تشتت وغيرها من الأعراض.
يرتبط الهوس عادة بالاضطراب ثنائي القطب (مرحلة السعادة والنشاط) فهو أحد اتجاهيه، (ولكن الأشخاص الذين لا يعانون من هذه الاضطرابات يمكن أن يعانوا أيضًا من الهوس، وعندما يحدث هذا فهذا يعني أن هناك سببًا أو عاملًا آخر يساهم في ذلك) مثل: تناول بعض الأدوية أو وجود حالة طبية أخرى.
إذا احتاج الشخص إلى دخول المشفى بسبب هذه الأعراض، فإن هذه الفترة تعتبر تلقائيًا هوسًا حقيقيًا وليست هوسًا خفيفًا، حتى لو كانت الأعراض موجودة لمدة تقل عن أسبوع واحد.
أسباب الهوس
لم يتأكد العلماء تمامًا من أسباب الهوس، ومع ذلك يُعتقد أن هناك عدة عوامل تساهم في حدوثه وتختلف من شخص لآخر، وقد تشمل الأسباب:
- التاريخ العائلي: إذا كان لديك أحد أفراد الأسرة مصاب بمرض الهوس الاكتئابي (ثنائي القطب)، فلديك فرصة متزايدة للإصابة بالهوس، ولكن هذا ليس مؤكدًا دائمًا وقد لا تصاب بالهوس أبدًا حتى لو كان أفراد الأسرة الآخرون مصابين.
- اختلال التوازن الكيميائي في الدماغ: إذ كشفت دراسة (Korgaonkar, et al. 2019) أجريت على 73 مشاركًا عن اختلاف تنشيط اللوزة الدماغية (العضو المشارك في الذاكرة والعواطف والاستجابة للقتال) عند مرضى الهوس عن الناس الطبيعيين.
- كأثر جانبي لتناول أحد الأدوية (مثل بعض مضادات الاكتئاب).
- التوتر أو التغييرات الكبيرة السلبية في الحياة: مستوى عال من التوتر وعدم القدرة على التحكم به، أو تغييرات حاسمة في الحياة مثل: الطلاق أو الانتقال من المنزل أو وفاة أحد أفراد أسرتك.
- مواقف الحياة الصعبة: مثل الصدمة أو سوء المعاملة أو مشكلات في السكن أو المال أو الوحدة.
- قلة النوم أو تغيرات في نمط النوم.
- كأثر جانبي لمشكلات الصحة العقلية بما في ذلك الاضطراب العاطفي الموسمي أو ذهان ما بعد الولادة أو أي حالة جسدية أو عصبية أخرى مثل: إصابة الدماغ أو أورام الدماغ أو السكتة الدماغية أو الخرف أو الذئبة أو التهاب الدماغ.
أعراض الهوس
يجب أن تستمر الأعراض لمدة أسبوع كامل على الأقل لكي تصنف الأعراض على أنها هوس أو تؤدي إلى صعوبات في الأداء أو تتطلب دخول المستشفى، ومن الأعراض:
التشويش الذهني
عند شعور الشخص أنه مشتت الانتباه أو أن أفكاره متلاحقة ومتسارعة كثيرًا ما يسبب له الانزعاج والتوتر والقلق، وأنه لا يستطيع التركيز والاحتفاظ بأفكاره معًا، هذا ما يسمى بالعجز المعرفي التي أكدت دراسة (Lima, et al. 2018) على وجوده عند الأشخاص المصابين بالهوس.
النشوة
كعرض من أعراض الهوس تبدو النشوة وكأنها مشاعر مفرطة وشديدة وغير معقولة من السعادة والأمل والإثارة، بشرط ألا تكون هذه الأعراض ناجمة عن تناول بعض المواد مثل: الأدوية أو العلاجات الأخرى، وقد يشعر الشخص في البداية بالراحة مع شعوره بالنشوة في حال كان مصابًا بالاكتئاب، لكن سرعان ما تتصاعد المشاعر الجيدة إلى مستويات لا يمكن السيطرة عليها وتكون غير مريحة.
انخفاض الحاجة إلى النوم
يُلاحظ خلال نوبات الهوس انخفاض ملحوظ في الحاجة إلى النوم، في المقابل يمكن أن تؤدي اضطرابات النوم إلى تصعيد شدة الهوس، فإذا كان الشخص لا ينام جيدًا لا يعني بالضرورة أنه يعاني الهوس، لوجود العديد من الأسباب التي قد تتغير فيها عادات نوم شخص ما.
الثرثرة أو الكلام السريع
في حين أن بعض الأشخاص يتحدثون في الحالة الطبيعية بطريقة أسرع من غيرهم أو يكررون الكلام، فإن الأشخاص المصابين بالهوس يفعلون ذلك فقط خلال نوبة الهوس، وهذا اختلاف ملحوظ عن سلوكهم المعتاد في الكلام، لكن البعض الآخر قد يكون قادرًا على اكتشاف هذا التغيير بسهولة أكبر ويُعتبر التحدث بصوت عال أكثر من المعتاد هو عرض آخر من أعراض الهوس.
زيادة الطاقة أو فرط النشاط
من أهم سمات نوبات الهوس هو الزيادة في الأنشطة الموجهة نحو الهدف (الاجتماعية أو الأكاديمية أو العملية أو الجنسية) والنشاط النفسي الحركي على شكل إثارة، ويمكن أن تسهم هذه الطاقة أو النشاط المتزايد في مواجهة مشكلات مع النوم.
ارتفاع الرغبة الجنسية
قد تكون الزيادات في الدافع الجنسي بالإضافة إلى شعور بالقلق من أي نشاط جنسي موجودة أيضًا في نوبات الهوس، وفي حين أن هذا قد يبدو غير ضار أو حتى إيجابي من الخارج إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات جنسية خطيرة أو طيش جنسي.
سلوكيات محفوفة بالمخاطر
السلوكيات المحفوفة بالمخاطر المرتبطة بالهوس هي تلك التي تؤدي لحدوث نتائج سلبية أو مؤلمة وتشمل:
- الإسراف في الإنفاق.
- تناول أكثر من جرعة موصى بها من الدواء.
- إيذاء النفس.
سرعة الاهتياج أو العصبية
قد يكون هذا مرتبطًا بمشاعر القلق والتهيج وزيادة الطاقة والنشاط ومشاعر الأرق المقترنة بالتعب، ويمكن أن تظهر كسلوكيات متكررة في بعض الحالات، قد يقوم الأشخاص بتصرفات مثل: النقر بالإصبع أو القدم والتململ باليد والخربشة والسرعة وتعدد المهام دون إكمال أي مهمة أو تحقيق الأهداف لتهدئة توترهم، وقد أكدت دراسة (Judd, et al. 2012) على حدوث هذه الأعراض عند المصابين بالهوس وضرورة مراقبتها لتجنب تفاقم الحالة وحدوث نوبات طويلة الأمد.
علاج الهوس
يُعالج الهوس بعدة طرق، وقد يستخدم المختص علاجًا لوحده أو مجموعة من العلاجات معًا، ومن هذه العلاجات:
الأدوية
إذا كان الشخص مصابًا بالهوس فقط، فقد يصف له مقدم الرعاية الصحية مضادًا للذهان، مثل ريسبيريدون، أما إذا كنت مصابًا بالهوس كجزء من اضطراب المزاج، فقد يُضيف المختص مثبتات مزاج مثل الفالبروات، وفي بعض الأحيان توصف مضادات الاكتئاب أيضًا، وفي حال كان المصاب بالهوس امرأة حامل أو تخطط للحمل فيجب إخبار المختص بذلك لتجنب فرصة حدوث العيوب الخلقية وصعوبات التعلم بسبب تناول بعض هذه الأدوية.
العلاج النفسي:
- يتضمن العلاج النفسي مجموعة متنوعة من التقنيات وفي هذا العلاج يتحدث المريض مع اختصاصي الصحة النفسية الذي سيساعده على تحديد العوامل التي قد تؤدي إلى الهوس أو الاكتئاب والعمل من خلالها (إذا تم تشخيص إصابتك باضطراب الهوس الاكتئابي من النوع الأول).
- يمكن أن يكون العلاج السلوكي المعرفي مفيدًا في مساعدة المصاب بالهوس على تغيير تصوراته غير الدقيقة عن نفسه والعالم من حوله.
- العلاج الأسري مهم لأنه مفيد جدًا لأفراد عائلة المصاب بالهوس، لكي يستطيعوا فهم سلوكه وما يمكنهم فعله للمساعدة.
قد يكون من المفيد أيضًا التحدث مع أشخاص لديهم تجارب طبية مماثلة ومشاركة المشكلات والأفكار الخاصة بالتأقلم واستراتيجيات العيش والعناية النفس.
علاجات أخرى
يمكن النظر في العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT) في حالات نادرة لدى الأفراد الذين يعانون من الهوس الشديد أو الاكتئاب (إذا كان هوس اكتئابي)، ويتضمن تطبيق فترات قصيرة من التيار الكهربائي على الدماغ.
تحسين نمط الحياة
قد يساعد تحسين نمط الحياة على تقليل حدوث نوبات الهوس مثل:
- ممارسة التمارين اليومية
- اتباع نظام غذائي أكثر توازنًا يتضمن وجبات منتظمة مليئة بالفواكه والخضروات الغنية بالمغذيات.
- الحرص على تنظيم النوم وأخذ قسط كافٍ منه.
- ممارسة التعاطف مع الذات؛ ما يعني مسامحة نفسك على التفاعل مع المحفزات وممارسة أنشطة الرعاية الذاتية.
إذا كان لديك تاريخ عائلي مع الهوس أو كنت مصابًا به، فمن الأفضل أن تبدأ بتسجيل المحفزات التي تسبب حدوث نوبة الهوس لديك والأعراض التي تظهر خلالها، وتستطيع تحميل تطبيق لبيه ليساعدك المختصين على التحكم بهذه الأعراض وتحسين جودة الحياة.
المراجع
1- Mayuresh S Korgaonkar, May Erlinger, et al. “Amygdala Activation and Connectivity to Emotional Processing Distinguishes Asymptomatic Patients With Bipolar Disorders and Unipolar Depression”. Biological Psychiatry: Cognitive Neuroscience and Neuroimaging. 2019 Apr;4(4):361-370. doi: 10.1016/j.bpsc.2018.08.012.
2- Isabela M M Lima, Andrew D Peckham et al. “Cognitive deficits in bipolar disorders: Implications for emotion”.Clinical Psychology Review. 2018 Feb;59:126-136. doi: 10.1016/j.cpr.2017.11.006.
3- Lewis L Judd, Pamela J Schettler, et al. “Prevalence and clinical significance of subsyndromal manic symptoms, including irritability and psychomotor agitation, during bipolar major depressive episodes”. Journal of Affective Disorders. 2012 May;138(3):440-8. doi: 10.1016/j.jad.2011.12.046.
4- Mania: What Is It, Causes, Triggers, Symptoms & Treatment – Cleveland Clinic, my.clevelandclinic.org, retrieved on 7 July 2023.
5- What Is Mania, www.verywellmind.com, Retrieved on 8 July 2023.
6- Mark W. Dailey; Abdolreza Saadabadi. “Mania”, retrieved on 7 July 2023