ما هي أعراض مرض الذهان؟
يختلف الذهان عن الاضطرابات النفسية الأخرى، لأنه ليس مرضًا أو اضطرابًا نفسيًا بحد ذاته، بل هو عرض شديد التعقيد يظهر في سياق الكثير من الاضطرابات النفسية، وقد يكون الذهان مؤقتًا أو قد يستمر لفترة طويلة، ويختبره كل شخص بصورة مختلف عن الآخر. في هذا المقال تفاصيل عن الذهان وأعراضه إلى أسبابه وأنواعه، وطرق التعامل معه.
ما هو الذهان؟
الذهان بشكل مبسط هو خلل في قدرة المصاب على التمييز بين الواقع والخيال، فيختبر هلوسات وأوهام تختلف في شدتها من شخص لآخر تبعًا لعوامل عديدة، لكن الأهم فيها، هو أنها تترك أثرًا واضحًا على حياة المصاب، وتعيق سير حياته العام.
يختبر المصاب بالذهان الكثير من الأعراض، وتتربع الهلوسات والأوهام على رأس القائمة، إلا أنهما لا يمثلان العرض نفسه، بل هما عرضان مختلفان يصف كل منهما حالة يختبرها المريض.
يختبر المريض الهلوسات عندما يسمع أو يرى أو يشم أو يتذوق أو يشعر بشيء غير موجود في الواقع، وتسمى الهلوسات تبعًا للحاسة التي تختص بها مثل: هلوسات شمية أو بصرية أو سمعية، وتعد الهلوسات السمعية، حسب نتائج دراسة (et, al. 2017 Galletti) من أشيع الهلوسات التي يشعر بها المصابون بالذهان.
أما الأوهام فتشمل الأفكار والمعتقدات، وتؤدي لظهور أفكار ومعتقدات غير واقعية يفكر بها المصاب ويؤمن بها، مثل: اعتقاده بوجود شخص يراقبه ويخطط لإيذائه، أو بوجود شخص مغرم به حتى درجة الجنون.
من المهم الانتباه إلى أن هذه المعتقدات والأفكار لا تتبع الواقع والمنطق في ظهورها، ولا يمكن إقناع المصاب من خلال الحديث والنقاش والأدلة أن هذه المعتقدات خاطئة، وإلى جانب الهلوسات والأوهام، قد يختبر المصاب بالذهان بعض الأعراض التالية حسب الاضطراب النفسي الذي يعاني منه:
- عدم الاهتمام بنفسه وبنظافته الشخصية.
- انخفاض إنتاجيته وحماسه في العمل والدراسة.
- اضطراب الحالة العاطفية لديه، مثل: امتلاكه مشاعر جياشة أو غير لائقة.
- الميل إلى الانعزال والابتعاد عن الأصدقاء والعائلة.
- اضطراب قدرته على التفكير والتركيز في الكثير من الأمور.
ما هي أسباب الذهان وما أبرز العوامل المؤهبة له؟
مثلما ذكرنا سابقًا، لا يعد الذهان اضطرابًا نفسيًا بحد ذاته، بل هو عرض شديد التعقيد، يرافق الكثير من الاضطرابات النفسية، ويحدث نتيجة أسباب بيولوجية جسدية وأخرى نفسية. يعد انفصام الشخصية من أشهر الاضطرابات النفسية التي يكون الذهان عرضًا رئيسيًا فيها، أيضًا يرافق الذهان بعض حالات اضطراب المزاج مثل: اضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الشديد، من جهة أخرى قد يظهر الذهان نتيجة لمرض جسدي مثل: أورام الدماغ ورضوض الرأس الشديدة.
رغم ذلك قد يظهر الذهان دون أي سبب واضح، بسبب اجتماع مجموعة من عوامل الخطورة، والتي تتضمن:
- الذهان يرتبط بالوراثة وذلك حسب نتائج دراسة (Sieradzka et, al. 2014)، فقد أكدت على أن وجود قريب في العائلة مصاب بالذهان أو أحد الاضطراب النفسية المرافقة له يزيد بقوة من خطر الإصابة به.
- يزداد أيضًا خطر الإصابة بالذهان أو انفصام الشخصية مع تعرض الجنين عند الولادة لنقص الأكسجة، وانخفاض تدفق الأوكسجين إلى دماغ الوليد، ما يسبب تغيرات عصبية دماغية تزيد من خطر الإصابة بالذهان، حسب نتائج دراسة (Cannon et, al. 2002).
- يزداد خطر الإصابة بالذهان والاضطراب المرافقة له مع إصابة الأم أثناء فترة الحمل بالعدوى الجرثومية أو الفيروسية، التي تترك أثرًا بليغًا على تكوين الجنين، وتزيد من احتمال إصابته بالذهان.
- تزيد الصدمات النفسية التي يتعرض لها الطفل في بداية عمره من خطر إصابته بالذهان والاضطراب النفسية الأخرى، كما يزداد هذا الخطر في ظل ترعرع الطفل في بيئة صاخبة غير مستقرة نفسيًا، تترك أثرها المدمر على شخصيته، وذلك حسب نتائج دراسة (Popovic et, al. 2019).
هل يمكن علاج الذهان؟
تتوفر العديد من العلاجات التي تخفف من شدة الذهان وتأثيراته على مختلف جوانب الحياة، ما يمنح المصابين به الطاقة والقوة للتحكم في حياتهم والمضي قدمًا نحو الأمام. يبدأ العلاج بعد أن يضع الطبيب النفسي التشخيص الدقيق، ويحدد العوامل المسببة للذهان، ويقوم علاج الذهان على ثلاثة أعمدة رئيسية:
الدعم العائلي والاجتماعي: يحتاج مريض الذهان إلى الدعم والمساعدة، ولا يمكن أبدًا التقليل من أهمية دور العائلة والدعم والتقبل والمساعدة التي يمكن أن تقدمها للمصاب بالذهان. يتلخص هذا الدعم في التعلم والتثقيف النفسي حول الاضطرابات النفسية، وكيف يجب التعامل مع المصابين بالاضطرابات النفسية، أيضًا يظهر هذا الدعم من خلال تطوير مهارات التواصل والتفهم لدينا، والتي تساعدنا في التواصل مع الأفراد المصابين به.
العلاج الدوائي: يستجيب بعض المصابين بالذهان للعلاج الدوائي، ويبقى القرار بيد الطبيب النفسي في اختيار الدواء المناسب وتحديد خطة العلاج الدوائي. تنقسم الأدوية المضادة للذهان بالمجمل إلى نوعين، النموذجية وغير النموذجية. تعد الأدوية المضادة للذهان النموذجية الصنف الأقدم، وتملك أثارًا جانبية عديدة، وتناقص حاليًا وصفها من قبل الأطباء النفسيين ومنها: الكلوربرومازين، أما الأدوية غير النموذجية فهي أقل تأثيرات جانبية وأكثر فعالية في العلاج ومنها: الكلوزابين.
العلاج النفسي: يلعب العلاج النفسي تحت إشراف المعالج النفسي دورًا رئيسيًا في مساعدة المصاب على التأقلم مع التغيرات والصعوبات المميزة للذهان، ويعد العلاج النفسي السلوكي أحد أنواع العلاج النفسي الأكثر فائدة، هذا إلى جانب مجموعات الدعم النفسي، والتحفيز العميق للدماغ. تملك جميع هذه العلاجات أثارًا علاجية مختلفة، يقرر المعالج النفسي حسب الظروف التي يدور في فلكها الذهان أي العلاجات التي يجب تطبيقها.
إن الذهان حالة غير خطيرة أو معيبة، ويوجد علاج مناسب لها ساعد الكثير على المضي قدمًا في حياتهم، لا تتردد في استشارة طبيبك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على وضع التشخيص الصحيح وتحديد العلاج المناسب لحالتك.
الدراسات
1- Galletti C, Paolini E, Tortorella A, Compton MT. Auditory and non-auditory hallucinations in first-episode psychosis: Differential associations with diverse clinical features. Psychiatry Res. 2017;254:268–
2- Sieradzka D, Power RA, Freeman D, et al. Are genetic risk factors for psychosis also associated with dimension-specific psychotic experiences in adolescence?. PLoS ONE. 2014;9(4):e94398.
3- Cannon TD, van Erp TGM, Rosso IM, et al. Fetal hypoxia and structural brain abnormalities in schizophrenic patients, their siblings, and controls. Archives of General Psychiatry. 2002;59(1):35.
4- Popovic D, Schmitt A, Kaurani L, et al. Childhood trauma in schizophrenia: Current findings and research perspectives. Frontiers in Neuroscience. 2019;13.