نصائح لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة.. عندما ينبض الماضي داخل الحاضر
في زحمة الحياة وتقلباتها، قد يجد البعض أنفسهم محاصرين في شباك الماضي، حيث تظل ذكريات مؤلمة تطاردهم وتؤثر على قدرتهم على العيش بسلام واستقرار. نتيجة تعرضهم لاضطراب ما بعد الصدمة، ومع ذلك، الأمل لا يزال موجودًا، إذ أنَّ علاج اضطراب ما بعد الصدمة أصبح ممكنًا بفضل التقدم في مجال الطب النفسي والدعم النفسي والاجتماعي.
في هذا المقال، سنبين لك مجموعة من النصائح والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد على التغلب على اضطراب ما بعد الصدمة
ما هو مفهوم اضطراب ما بعد الصدمة؟
اضطراب ما بعد الصدمة هو حالة نفسية تنجم عندما يتعرض شخص ما لأحداث مؤلمة أو صادمة تسبب له اضطرابات نفسية لدرجة أنها تؤثر على حياته اليومية، فإما أن يختبر الشخص الحدث بنفسه أو يشهد حدوثه، وتشمل الأعراض: استرجاع الحدث، أو الكوابيس، أو القلق الشديد، أو الأفكار التي لا يمكن السيطرة عليها حول الحدث.
يتم تصنيف أعراض اضطراب ما بعد الصدمة عمومًا إلى أربعة أنواع:
- استرجاع الذكريات.
- تجنب الأماكن والأشخاص.
- تقلبات المزاج، وتغيير طريقة التفكير.
- تغيرات في ردود الأفعال الجسدية والعاطفية.
ويمكن أن تختلف الأعراض بمرور الوقت، كما أنها تختلف من شخص لآخر، ويمكن أن تحدث أعراض اضطراب ما بعد الصدمة خلال شهر من الحدث، أو قد تحدث بعد عدة سنوات.
ما هي أعراض اضطراب ما بعد الصدمة؟
من الشائع أن يمر الأشخاص بذكريات ومشاعر مؤلمة بعد التعرض لحدث صادم مباشرة، وقد تظهر هذه الأحاسيس من حين لآخر مع تقدم الحياة، ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، تستمر هذه الأعراض لفترة أطول وتعيق قدرتهم على القيام بوظائفهم اليومية.
وفيما يلي أبرز أعراض اضطراب ما بعد الصدمة:
- كوابيس متكررة وذكريات غير مرغوب فيها للحدث الصادم.
- ردود فعل جسدية تجاه الحدث، مثل زيادة معدل ضربات القلب أو التعرق.
- مقاومة الحديث عما حدث أو عن مشاعرك تجاهه.
- نوبات الغضب، والشعور بالفزع أو الخوف بسهولة.
- صعوبة في التركيز والنوم.
- التصرف بتهور أو بطريقة تدميرية للذات.
- اعتقادات مشوهة مستمرة عن النفس أو الآخرين (مثل “أنا شخص سيء” أو “لا يمكن الوثوق بأحد”).
- صعوبة في تجربة المشاعر الإيجابية مثل الفرح أو الرضا.
هل اضطراب الصدمة يصيب فئة محددة؟
يمكن لجميع الأفراد التعرض لاضطراب ما بعد الصدمة إذا شهدوا حدثًا صادمًا أو تعرضوا له، وتختلف الأعراض وكيفية التعامل معها عند كل من النساء والرجال، ولكن عادةً، تعاني النساء من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لفترة أطول من الرجال.
أكدت دراسة على ضرورة فهم الاختلافات بين الجنسين فيما يتعلق باضطراب بعد الصدمة (PTSD)، مشيرةً إلى أن هناك فروقات ملحوظة بين الرجال والنساء في تجربتهم لـ PTSD، بما في ذلك كيفية تأثرهم به، ومدى شيوعه بين الجنسين، والاستجابة للعلاج.
كما بينت دراسة تأثير اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) حتى على الأطفال والمراهقين، فقد ناقشت الدراسة كيف يمكن أن تؤثر التجارب الصادمة -مثل: الكوارث الطبيعية، أو العنف، أو الإساءة- بشكل كبير على الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، وأكدت الدراسة على أهمية التعرف المبكر والتدخل لمساعدة الشباب على التعافي وتعزيز الصحة النفسية العامة.
ما هي النصائح لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة؟
إن اضطراب ما بعد الصدمة ليس علامة ضعف، ولكنه حالة صحية نفسية يمكن تشخيصها وعلاجها، وفيما يلي أبرز النصائح لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة:
- البحث عن الدعم النفسي
كخطوة أولى لا بد من الاستعانة بالعلاج النفسي عن طريق طبيب أو اختصاصي نفسي، واتباع أبرز الطرق الموثوقة للعلاج وهو العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، إذ بينت دراسة فعالية هذا النوع من العلاج، وكيف يساعدك العلاج السلوكي المعرفي (CBT) على تعلم كيفية التعرف على أنماط التفكير التي تغذي المعتقدات السلبية عن نفسك، والتعامل مع الذكريات والعواطف المرتبطة بالصدمة، والمساعدة في تقليل السلوكيات المرتبطة باضطراب ما بعد الصدمة.
- المراقبة النشطة
إذا كانت لديك أعراض خفيفة من اضطراب ما بعد الصدمة، أو كانت لديك أعراض استمرت لمدة تقل عن 4 أسابيع، فقد يُوصى باتباع نهج يسمى المراقبة النشطة، والتي تتضمن مراقبة الأعراض بعناية لمعرفة ما إذا كانت تتحسن أو تزداد سوءًا. ويُوصى بهذه الطريقة لأن 2 من كل 3 أشخاص يعانون من أعراض ما بعد الصدمة يتحسنون في غضون أسابيع قليلة دون علاج.
- تطوير استراتيجيات التأقلم
تعلم كيفية التعامل مع الإجهاد والمشاعر السلبية من خلال تقنيات مثل: التأمل، والتنفس العميق، واليوغا، هذه الأساليب يمكن أن تساعد في تقليل التوتر وتحسين الرفاهية العامة، فقد أكدت دراسة على فعالية وأمان هذه العلاجات.
الحفاظ على نمط حياة صحي
النوم الجيد، والتغذية المتوازنة، والنشاط البدني المنتظم يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي كبير على الصحة النفسية، وتجنب اتباع العادات السلبية مثل: النوم في وقت متأخر أو العزلة لفترة طويلة، والتي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض.
- تعلم كيفية التعامل مع الذكريات المؤلمة
بدلاً من محاولة تجنب الذكريات المؤلمة، يمكن أن يساعد العمل مع طبيب أو اختصاصي نفسي في تعلم كيفية التعامل مع هذه الذكريات بطريقة صحية.
- بناء شبكة دعم
التواصل مع الأصدقاء، أو العائلة، أو مجموعات دعم للأشخاص الذين يعانون من PTSD يمكن أن يوفر الدعم العاطفي ويقلل من الشعور بالعزلة.
- المشاركة في أنشطة ممتعة
كالانخراط في هوايات أو أنشطة تجلب السعادة يمكن أن يساعد في تحسين المزاج وتقليل التوتر.
- الأدوية
يمكن أن تساعد الأدوية تحت إشراف طبي دقيق في تخفيف أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، وخاصةً إذا لم ينفع كل ما سبق، حيث تساهم الأدوية في تحسن قدرتك على التفاعل بإيجابية لطرق العلاج الأخرى، فقد توصف لك مضادات الاكتئاب، أو الأدوية المضادة للقلق.
لا بد من التأكيد على أهمية التعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة بجدية وحرص، معتمدين على استراتيجيات متعددة تشمل الدعم النفسي، والعلاجات السلوكية المعرفية، وأحيانًا الدعم الدوائي. فمن الضروري أن يشعر المصابون بالأمان والدعم في رحلتهم نحو الشفاء، مع الإدراك بأن التعافي يمكن أن يكون عملية طويلة الأمد تتطلب الصبر والمثابرة.
لذا فإن طلب المساعدة المختصة هو أمر ضروري، ويمكنك ذلك عن طريق التواصل مع المعالج النفسي في لبيه من خلال تحميل تطبيق لبيه ، والذي سيساعدك على استعادة السيطرة على حياتك والتحرر من قيود الماضي.