القيادة ليست مجرد لقب أو مجموعة من المهارات، فهي تفاعل معقد بين علم النفس والسلوك والتأثير، القادة والمديرون العظماء لا يولدون عظماء إنما يظهرون من خلال الفهم العميق لعلم النفس البشري والقدرة على تطبيق هذه المعرفة بشكل فعال. فيما يلي سنتكلم عم يدور في عقل القادة والمديرين وأبرز الصفات النفسية التي تميزهم عن غيرهم.

الصفات النفسية للقادة والمدراء

للمدير الناجح العديد من الصفات النفسية التي تميزه وتساعده على إدارة أعماله بأنجح طريقة ممكنة، ومن أبرز هذه الصفات:

القيادة التكيفية

القادة العظماء ليسوا جامدين في نهجهم؛ فهم يتكيفون مع الظروف المتغيرة، وتعني القيادة التكيفية القدرة على تعديل الاستراتيجيات والسلوكيات بناءً على الموقف، إذ يمكن للقادة والمديرين الذين يمكنهم التبديل بمرونة بين أنماط القيادة المختلفة (من الاستبداد إلى الديمقراطية) التغلب بشكل فعال على التحديات المتنوعة.

المرونة والعزيمة

لا تخلو الصفات النفسية للقائد من التحديات والنكسات، لكن ما يميز القادة العظماء هو امتلاكهم مرونة نفسية وعزيمة، كونهم يتعافون من الإخفاقات ويتعلمون منها ويستخدمون الشدائد كنقطة انطلاق نحو الإنجازات المستقبلية، وهذا الثبات العقلي هو أمر معدٍ ويلهم الفريق التابع لهم للمثابرة.

التمكين والتفويض

فالقادة الفعالين يفهمون قوة التفويض والتمكين، وهم يدركون أن الإدارة الجزئية يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية وأن منح أعضاء الفريق استقلالية يعزز الشعور بالملكية والمسؤولية، فتؤدي هذه الثقة النفسية في قدرات فريقهم إلى مستويات أعلى من الإنتاجية والإبداع.

القيادة الخادمة

غالبًا ما تتماشى سيكولوجية القادة العظماء مع مفهوم القيادة الخادمة، وتعني القيادة الخادمة أن يعطي هؤلاء القادة الأولوية لرفاهية أعضاء فريقهم ونمو الفريق فوق مصالحهم الخاصة، ومن خلال خدمة فرقهم وإزالة العقبات التي تحول دون النجاح، فإنهم يخلقون ثقافة الثقة والدعم المتبادل.

الأصالة

الأصالة هي سمة نفسية يجسدها القادة العظماء، فهم حقيقيون وصادقون مع أنفسهم، ما يعزز الثقة والاحترام بين فرقهم، والقادة والمديرون الحقيقيون لا يرتدون أقنعة أو يخفون نقاط ضعفهم، إنما يعتنقون إنسانيتهم.

الوعي الذاتي

الوعي الذاتي هو حجر الزاوية للقيادة الفعالة، ويمتلك القادة العظماء فهمًا عميقًا لنقاط قوتهم وضعفهم وقيمهم، إذ يسمح لهم هذا الوعي الذاتي بمواءمة أفعالهم مع مبادئهم الأساسية واتخاذ قرارات تتوافق مع أهدافهم الشخصية والتنظيمية ما يزيد فعاليتهم.

الذكاء العاطفي (EQ)

الذكاء العاطفي هو جانب أساسي آخر في علم نفس القيادة، فالقادة والمديرون ذوو معدل الذكاء العاطفي العالي منسجمون مع مشاعرهم ومشاعر الآخرين، ويستطيعون التعاطف مع أعضاء فريقهم وفهم دوافعهم والاستجابة بشكل مناسب للإشارات العاطفية. تعزز هذه المهارة الثقة والتعاون والعلاقات الشخصية القوية.

الرؤية الواضحة وتحديد الأهداف

من الناحية النفسية، لدى القادة العظماء رؤية واضحة للمستقبل، وهم ماهرون في تحديد أهداف طموحة وقابلة للتحقيق وإلهام فرقهم لمتابعة رؤية مشتركة، إذ يوفر هذا الإحساس بالهدف الدافع والتوجيه، ما يدفع المنظمة نحو طريق النجاح.

التأثير والإقناع

غالبًا ما تنطوي القيادة على إقناع الآخرين باتباع مسار عمل معين، إذ إن سيكولوجية التأثير والإقناع هي جوهر هذا، ويستخدم القادة والمديرون العظماء تقنيات الإقناع مثل سرد القصص وإعطاء الأمثلة والتأطير لإلهام فرقهم وتوجيهها بشكل فعال.

حل النزاعات والتفاوض بشأنها

يجب أن يكون القادة بارعين في معالجة الصراعات والمفاوضات، لأن فهم الديناميكيات النفسية للصراعات ومعرفة كيفية التعامل معها بشكل بناء هو سمة مميزة للقادة العظماء، كونهم يسعون إلى حلول مربحة للجميع ويعطون الأولوية للتواصل المفتوح ويظلون هادئين تحت الضغط.

التكيف والتعلم المستمر 

القيادة مجال متطور والقادة العظماء لا يتوقفون عن التعلم والتكيف، فهم منفتحون على التعليقات، ويسعون إلى تحسين ذاتهم ويبقون على اطلاع دائم باتجاهات الصناعة وأبحاث القيادة، وهذا التفاني في النمو يبقي القائد على تواصل دائم وفعال مع العمل والموظفين بمرور الوقت.

الاحترام

إن معاملة الناس باحترام هي إحدى أهم الصفات النفسية التي يتمتع بها القادة، فالاحترام يساعد في تخفيف التوترات والصراع ويعزز الثقة ويحسن فعالية القائد. يمكن إظهار الاحترام بعدة طرق مختلفة، ولكنه غالبًا ما يبدأ بأن يقدر القائد وجهات نظر الآخرين ويبذل جهدًا لخلق الانتماء في مكان العمل، كونه عنصر أساسي لدعم الإنصاف والتنوع والشمول.

التعاطف

التعاطف هو أحد أقوى وأهم الصفات النفسية للقادة والمديرين، وأكثر من مجرد إظهار التعاطف أو حتى الاستماع والسعي إلى الفهم، لأن التعاطف يتطلب من القادة التصرف وفقًا لما يتعلمونه، لكن لن يشعر الشخص بأنه مسموع حقًا بعد أن يشارك شعوره بالقلق أو يتحدث عن شيء ما، إذا لم يتخذ قائده نوعًا من الإجراءات الهادفة بشأن المعلومات، وهذا هو جوهر القيادة الرحيمة، فالتعاطف يساعد على بناء الثقة وزيادة التعاون وتقليل معدل الانتقال عبر المنظمات، وقد بينت الدراسات (2022 .Benevene et al) أن التعاطف يظهر فرقًا واضحًا في بيئات العمل وأن الموظف الذي اعتاد على تعاطف مديره سيكرر هذا التعاطف مع زملائه فيصبح متبادلًا بين الموظفين.

الامتنان

تظهر بعض الدراسات (Komase et al. 2021) أن الشكر يؤدي إلى زيادة الرفاهية النفسية واحترام الذات وتقليل الاكتئاب والقلق والنوم بشكل أفضل، فالامتنان الصادق هو أحد أهم الصفات النفسية للقادة والمديرين، ومع ذلك فإن قلة من الناس معتادين على شكر بعضهم بانتظام في أماكن العمل، على الرغم من أن معظم الناس يقولون إنهم على استعداد للعمل بجد أكبر من أجل مدير ممتن، إذ يعرف القائد العظيم كيفية إظهار الامتنان المتكرر في مكان العمل.

القيادة الفعالة شرط جوهري لنجاح الأفراد والفرق والمنظمات ونموها، بل وحتى المجتمعات بأسرها، فإذا أردت أن تكون قائدًا فعالًا أنت بحاجة إلى العمل على الصفات النفسية التي سبق وذكرناها في هذا المقال، وربما أنت تمتلك بالفعل بعضًا منها، لكنك بحاجة للعمل على البعض الآخر، وهنا يأتي دور تطبيق لبيه الذي يمنحك القدرة على التواصل مع أفضل المختصين وطلب الاستشارة فيما يخص أي من هذه الصفات أو غيرها لتكون قائدًا جيدًا وإنسانًا أفضل.

ولو كنت مدير ترغب بتقديم الدعم النفسي لموظفيك نقترح عليك الاطلاع على صفحة لبيه الأعمال ومعرفة أهم الخدمات المقدمة للموظفين لتحقيق الرفاهية النفسية.

المراجع: 1,2,3,4.