العدوانية ضد المجتمع.. ما الذي يؤدي لتطور الشخصية السيكوباتية؟
من المحتمل أنك قد سمعت في أحد الأيام عن شخص يصفونه بالمعتل اجتماعياً أو السيكوباتي، في الواقع يتم استخدام هذا المصطلح للإشارة إلى شخص لا يبدو أنه يهتم بالصواب أو الخطأ، أو يميل للتلاعب بالآخرين، أو قد يتم وصف شخص ما بالسيكوباتية لأنه يجد صعوبة في فهم مشاعر الآخرين.
ومع ذلك فإن حقيقة الشخصية السيكوباتية أكبر من هذه الصورة النمطية التي يتداولها الناس فيما بينهم، فالشخصية السيكوباتية هي اضطراب نفسي معادِ للمجتمع، وتظهر العديد من الميول التي تعطي انطباعاً عن اختلال عقلي.
إذا أردت معرفة المزيد عن الشخصية السيكوباتية وأعراضها وأسبابها وكيفية علاجها تابع قراءة هذا المقال.
ما هي الشخصية السيكوباتية؟
بعض مصطلحات علم النفس قد تثير الارتباك مثل مصطلح الشخصية السيكوباتية، على الرغم من أنه شائع الاستخدام لوصف شخص يعاني من حالة صحية عقلية، إلا أن وصف شخص ما بأنه سيكوباتي ليس تشخيصاً رسمياً، وغالباً ما يتم استخدام مصطلح اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (ASPD) لوصف الشخصية السيكوباتية وعدة شخصيات أخرى.
في الواقع لا يدرج الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية الطبعة الخامسة (DSM-5) الشخصية السيكوباتية كتشخيص سريري رسمي. يشير التعريف الحقيقي للشخصية السيكوباتية في الطب النفسي إلى شخص مصاب باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، ويمكن القول بأن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع حالة تتميز بأنماط من أساليب التلاعب وتندرج تحتها عدة شخصيات بجانب الشخصية السيكوباتية.
ما هو اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع؟
إن الشيء الوحيد الذي قد يكون مربكاً أو مقلقاً بشأن اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع هو عبارة معادِ للمجتمع، قد يفترض معظم الناس أن هذه العبارة تصف شخصاً متحفظاً وحيداً ومنعزلاً، لكن هذا ليس هو الحال في اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، عندما نقول معادِ للمجتمع فهذا يعني شخصاً تتعارض شخصيته مع قواعد وسلوكيات وأعراف المجتمع المحيط به بشكل واضح ومتكرر.
بعض الأطباء يعتبرون الشخصية السيكوباتية نوعاً فرعياً أكثر خطورة من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، لكن معظم المجتمع الطبي يرى أن السيكوباتية تقع تحت مظلة اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
ما هي أعراض الشخصية السيكوباتية؟
بما أن مصطلح الشخصية السيكوباتية لا يعد كتشخيص رسمي، فغالباً ما يقوم الخبراء بإدراج علامات اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع كأعراض للشخصية السيكوباتية، والعلامات الأكثر شيوعاً هي:
- السلوك الذي يتعارض مع الأعراف الاجتماعية.
- تجاهل أو انتهاك حقوق الآخرين.
- عدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ.
- صعوبة في إظهار الندم أو التعاطف.
- الميل إلى الكذب في كثير من الأحيان.
- التلاعب وإيذاء الآخرين.
- مشاكل متكررة مع القانون.
- التجاهل العام للسلامة والمسؤولية.
- التعبير عن الغضب والغطرسة بشكل منتظم.
ولكن الشخصية السيكوباتية تتميز بعدة صفات تميزها عن الشخصيات الأخرى التي تندرج تحت مظلة اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، تشمل صفات الشخص المصاب بالشخصية السيكوباتية:
- الافتقار للروابط العاطفية العميقة.
- يملكون سحراً خاصاً يجذب الناس إليهم.
- عدوانيون تجاه الآخرين من حولهم دون سبب وجيه.
- يغضبون في معظم الأوقات من أسباب غير منطقية.
بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع لا يتفاعلون بطريقة طبيعية، فهم يتصرفون كما لو أنهم قد ألحقوا الأذى بشخص ما وقد يكونون مندفعين أو مسيئين، وقد يفتقرون إلى مشاعر الندم، وفي حالة الشخصيات التي تندرج تحت اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع لا تعني الإساءة بالضرورة العنف.
ما هي أسباب تطور الشخصية السيكوباتية؟
في حين أن السبب الدقيق لظهور الشخصية السيكوباتية غير معروف، يعتقد الباحثون أن تطوره قد يشمل مجموعة من العوامل البيئية والوراثية، ولهذا يجب إجراء المزيد من الأبحاث لفهم الجوانب الوراثية للشخصيات التي تندرج تحت اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
وهذه بعض الحقائق عن الشخصية السيكوباتية وكيفية ظهورها لدى بعض الأشخاص:
- تظهر الشخصية السيكوباتية بشكل شائع عند الرجال أكثر منه عند النساء.
- لتلقي تشخيص الإصابة بالشخصية السيكوباتية أو أي شخصية تندرج تحت اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، يجب أن يكون عمرك 18 عاماً على الأقل، لكن بعض الأطفال سوف تظهر عليهم علامات في اضطراب السلوك بشكل مبكر، والتي قد تكون مؤشراً لظهور الشخصية السيكوباتية.
- الشخصية السيكوباتية هي حالة مزمنة طويلة الأمد، لكن يبدو أنها تتحسن مع التقدم في العمر.
- معدلات الوفيات أعلى لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع بسبب أنماط سلوكهم الشاذة.
كيفية علاج الشخصية السيكوباتية؟
قد يكون علاج شخص لديه سمات تندرج تحت الشخصيات الشاذة التي تندرج تحت مظلة اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع أمراً صعباً، خاصة إذا كان الشخص يعاني من الشخصية السيكوباتية، قد يوصي الطبيب بمزيج من العلاج النفسي والأدوية.
على الرغم من عدم وجود دليل يدعم أن أي دواء أو شكل من أشكال العلاج النفسي قادر على علاج الشخصية السيكوباتية، إلا أن هذه الأساليب قد تساعد في إدارة بعض الأعراض مثل: الاندفاع والعدائية، وبالتالي قد تساعد في تحسين نوعية الحياة.
ووجد الباحثون في مراجعة لعام 2015 أن بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع بكافة أطيافه قد يبدون بعض التحسن مع تقدمهم في السن، وقد تستقر حالتهم النفسية مع وصولهم لعمر 35 سنة، وخاصة إذا كانوا يتمتعون بروابط اجتماعية قوية قادرة على دعمهم.
قد يكون العلاج النفسي مفيداً في فهم كيفية تأثير الشخصية السيكوباتية على حياتك وعلاقاتك، حيث سيعمل الطبيب الاختصاصي أو المعالج النفسي على تطوير استراتيجيات تساعد في التقليل من شدة الأعراض المرافقة للشخصية السيكوباتية.
إذا كان الدواء جزءاً من خطة العلاج، فقد يصف الطبيب بعض الأدوية التي تساعد في علاج بعض الحالات المرتبطة بالصحة النفسية كالقلق أو الاكتئاب أو أعراض العدوان.
الإصابة باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (ASPD) والشخصيات المرضية التي تندرج تحته، لا يعني أنك معادياً للمجتمع، فالاضطراب ينطوي في المقام الأول على السلوك الذي يتعارض مع الأعراف الاجتماعية، فضلاً عن النقص العام وتجاهل مشاعر الآخرين.
قد يكون الأشخاص الذين يعانون من صفات الشخصية السيكوباتية أكثر عرضة للعنف والسلوك الإجرامي، لكن ليس كل السيكوباتيين مجرمين أو عنيفين، قد تساعد العلاجات مثل: العلاج السلوكي المعرفي في تقليل بعض السلوكيات والسمات السيكوباتية.