لطالما كانت الأمراض النفسية عائقاً أمام العديد من الناس، فهي تمثل حاجزاً يفصل الشخص المصاب عن المجتمع المحيط به، وغالباً قد لا تستطيع معرفة ما إذا كان الشخص مصاباً بمرض نفسي أم لا، إلا أن اضطراب الشخصية النرجسية من الأمراض النفسية التي يمكنك الإحساس بأن شخصاً ما مصاب بهذا الاضطراب.

من الصعب على الأشخاص العاديين أن يفهموا طريقة تفكير وشعور الأشخاص النرجسيين، فهم يفتقرون للتعاطف ولا يرون أهمية تذكر في الأشخاص من حولهم ويركزون على أنفسهم للغاية، في الواقع هناك العديد من الأمور التي يجهلها الناس عن الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية النرجسية.

في هذا المقال سنتحدث عن اضطراب الشخصية النرجسية وأسبابه وأعراضه والأخطاء التي يجب عليك أن تتجنب القيام  بها أثناء تواجدك حولهم.

ما هو اضطراب الشخصية النرجسية؟

اضطراب الشخصية النرجسية (NPD) هو حالة صحية نفسية تؤثر على نظرة الشخص للآخرين ولنفسه، إن تشخيص الإصابة باضطراب الشخصية النرجسية يعني أن الشخص يعاني من حاجة مفرطة لإقناع الآخرين بأنه مهم في حياتهم، يمكن أن تكون هذه الحاجة قوية بما يكفي لتؤثر سلباً عليه وعلى الأشخاص من حوله.

يقوم معظم الناس بربط مصطلح النرجسية بالمظهر الجسدي غالباً، لكن النرجسية لا تتعلق بالمظهر الخارجي بل بالسمات والقدرات التي يمتلكها الشخص المصاب بالنرجسية، مثل: الذكاء والكاريزما والمهارة الفنية والقدرة الرياضية والثروة والسلطة والنجاح وغيرها من الأمور.

سُميت النرجسية بهذا الاسم تيمناً بأسطورة نرجس (Narcissus)، وهو فتى يوناني ذو مظهر جميل جداً، وعندما رأى انعكاسه على سطح بحيرة لم يستطع سوى التحديق في جماله إلى أن تعثر وغرق في البحيرة مفتوناً بنفسه.

ما الذي يسبب اضطراب الشخصية النرجسية؟

اضطراب الشخصية النرجسية هو حالة صحية نفسية عقلية، وما زال السبب حول كيفية الإصابة به يحير العلماء، لكن يوجد بعض العوامل التي تساعد في تعزيز ظهور هذا الاضطراب وهي:

• الوراثة: من المرجح أن يكون لدى الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية النرجسية آباء أو أقارب مصابين به.
• الملاحظة والتقليد: يمكن للأطفال ملاحظة وتقليد وتعلم السمات والسلوكيات التي قد تتطور إلى اضطراب الشخصية النرجسية.
• تجارب الطفولة السلبية: يمكن أن تساهم الصدمات والرفض والإهمال ونقص الدعم خلال مرحلة الطفولة في تطوير السمات النرجسية.
• طريقة تربية الأبناء: قد يؤدي الإفراط في تدليل الأطفال أو حمايتهم بشكل زائد إلى نمو الطفل ليتوقع ويطلب نفس المعاملة التي تلقاها من الوالدين أو الشخصيات الأبوية عندما يكبر.
• البيئة: يمكن للبيئة التي ينشأ فيها الإنسان أن تساهم في زيادة  خطر الإصابة باضطراب الشخصية النرجسية، وبشكل خاص في البيئة ذات الثقافة التي تشجع الفردية والاستقلال الشخصي، بعكس الأشخاص الذين نشأوا في ثقافات تشجع الشعور بالانتماء للمجتمع والعمل الجماعي.

ما أعراض اضطراب الشخصية النرجسية؟

تتمحور أعراض النرجسية حول الأفكار والمشاعر والأفعال التي يعاني منها الشخص المصاب، تشمل الأعراض ما يلي:

• الشعور بالعظمة بأهمية الذات.
• التخيلات المتكررة حول امتلاك أو استحقاق النجاح والقوة والذكاء والجمال والحب.
• الإيمان بأنهم متفوقون ومتميزون.
• الحاجة المتواصلة للحصول على الإعجاب والانشغال بمعرفة آراء الآخرين عنهم.
• تضخم شعورهم بقيمة أنفسهم.
• توقع معاملة متميزة تليق بهم.
• الغصب عندما لا يلبي الناس طلباتهم.
• لديهم استعداد لاستغلال الآخرين.
• لا يملكون مشاعر التعاطف التي يتمتع بها الشخص الطبيعي، وقد يرون المشاعر على أنها دليل ضعف.
• يمتلكون طبيعة أنانية وحسودة.
• التقليل من إنجازات الآخرين.
• التصرف بطريقة متغطرسة ومتعجرفة، بالإضافة لازدراء من حولهم.
• التحدث باستخفاف.

ما هي العلامات المميزة لاضطراب الشخصية النرجسية؟

على الرغم من أن الأعراض وشدتها تختلف من شخص لآخر، إلا أن العلامات الرئيسية التي تميز المصاب بالنرجسية عن الشخص الطبيعي هي:

• الخوف من الضعف أو تجنبه.
• الانسحاب من الآخرين لإخفاء الشعور بالضعف.
• الشعور أو السعي نحو الكمال.
• حساسية مفرطة للنقد أو الرفض أو الفشل.
• المعاناة من الاكتئاب الشديد المرتبط بالرفض أو الفشل.
• التفاعل بغضب عندما يتم انتقادهم أو رفضهم.
• ادعاء التواضع لإخفاء مشاعرهم أو حماية شعورهم بالأهمية الذاتية.
• تجنب المواقف التي يكون فيها الفشل ممكناً أو محتملاً، مما قد يحد من إنجازاتهم بشكل واضح.

ما هي مضاعفات اضطراب الشخصية النرجسية؟

غالبًا ما يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الحدية من حالات صحية نفسية أخرى، على سبيل المثال: قد يعاني الشخص المصاب باضطراب الشخصية النرجسية من القلق أو الاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب أو اضطرابات الأكل وغيرها من الاضطرابات النفسية، بالإضافة إلى أن المصابين بالنرجسية أكثر عرضة لتعاطي المخدرات أو الكحول.

بعض المضاعفات المحتملة لاضطراب الشخصية النرجسية هي:

• مشاكل في العمل أو المدرسة.
• عدم وجود استقرار في العلاقة العاطفية.
• مشاكل الصحة البدنية.
• أفكار انتحارية.
• سلوكيات ذات ميول عدوانية.
• إيذاء النفس.

كيف يتم علاج اضطراب الشخصية النرجسية؟

لا يوجد علاج قادر على شفاء اضطراب الشخصية النرجسية، لكن يوجد بعض أنواع العلاج القادرة على المساعدة في تعزيز احترام الذات، وجعل التوقعات حول الآخرين ذات منحى واقعي، غالباً ما يعتمد العلاج النفسي الخاص باضطراب الشخصية النرجسية على العلاج بالكلام.

يمكن أن يساعد العلاج بالكلام الشخص المصاب في التواصل مع الآخرين بشكل أفضل وفهم مشاعرهم وسلوكياتهم، والعلاج النفسي يساعد على:

• قبول العلاقات مع الآخرين والحفاظ عليها، بما في ذلك زملاء العمل.
• التعرف على نقاط القوة والضعف الخاصة بهم.
• تعلم كيفية قبول النقد أو الفشل.
• تطوير أهداف أكثر واقعية.
• التخلص من الأهداف والرغبات غير الواقعية.

يختلف نوع العلاج باختلاف الشخص وشدة الاضطراب ومدى تأثير الأعراض، قد يقوم الطبيب بوصف إحدى طرق العلاج الآتية:

• العلاج السلوكي المعرفي (CBT).
• العلاج ما وراء المعرفي.
• العلاج السلوكي الجدلي (DBT).
• العلاج الجماعي.

ما هي الأخطاء الشائعة والتي يجب عليك تجنب القيام بها مع الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية النرجسية؟

أحد أهم الأخطاء التي يقوم بها الأشخاص عند التعامل مع المصابين باضطراب الشخصية النرجسية توقعهم بأن النرجسي يهتم بمشاعرهم أو بحالتهم النفسية، لكنهم في الواقع يهتمون فقط بكيفية تأثير مشاعرك عليهم، قد يقوم الشخص المصاب بالنرجسية بإخبارك بأنه مهتم بمشاعرك، لكنه في الواقع يكذب لكي يستغلك.

وأحد الأخطاء الأخرى إخبارهم بأنك قد تأذيت بسببهم، لكن ولأنهم لا يهتمون بمشاعرك سيقومون باتخاذ وضعية دفاعية ويلقون باللوم عليك، أي أن ما حدث لك أنت من تسبب به، يمكن القول بأن معظم الأخطاء التي تتعلق بالتعامل مع الشخص النرجسي هي التوقع بأن المصاب باضطراب الشخصية النرجسية يملك بعض الاهتمام حول مشاعرك وحياتك وشخصيتك.

تعد مناشدة التعاطف من الشخص المصاب باضطراب الشخصية النرجسية مضيعة للوقت، يجب عليك ألا تتوقع أي تعاطف من الشخص النرجسي، في أحسن الأحوال سيتظاهر بالاهتمام عندما لا يريد أن تختفي أو تبتعد عنه.

لكن يجب التنويه إلى أن اضطراب الشخصية النرجسية ليس عيباً أو خللاً في الشخصية، بل هو اضطراب في الصحة النفسية، يمكن علاجه والتخفيف من حدة أعراضه، لكن الخطوة الأولى تتمثل في الاعتراف بوجوده، وإذا كان أحد الأشخاص المقربين منك مصاباً حاول مساعدته لكي يعترف بوجود المشكلة ويحصل على العلاج المناسب.

المراجع: 1،2،3