لا شك أن العلاقة الزوجية المتينة تساهم في زيادة مستويات السعادة والرضا وتقي من العديد من الاضطرابات النفسية، وبالمقابل قد تؤثر بعض الاضطرابات النفسية كالاكتئاب على استقرار هذه العلاقة، فعندما يعاني أحد الشريكين من الاكتئاب، يمكن أن ينجم عن ذلك تأثيرات سلبية على العلاقة الزوجية، ويتراوح تأثير الاكتئاب على العلاقة الزوجية من قلة التواصل والانعزالية إلى التوتر والصراعات المتكررة.

لذا فإن فهم تأثير الاكتئاب على العلاقة الزوجية خطوة هامة للتعامل معه بشكل فعال وتقديم الدعم المناسب للشريك المصاب بهذه الحالة.

ما هو تعريف الاكتئاب؟

الاكتئاب هو اضطراب نفسي شائع ويمكن أن يكون للاكتئاب آثار سلبية إذا تُرك دون علاج؛ فهو يؤثر سلبًا على شعورك وطريقة تفكيرك وكيفية تصرفك، وغالبًا ما يسبب الشعور بالحزن الشديد، ويمكن أن يؤثر على قدرتك على أداء الأنشطة اليومية المعتادة، وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى اضطرابات صحية جسدية.

 الاكتئاب لا يؤثر على الشخص نفسه فقط، فقد تمتد آثاره السلبية إلى العلاقات الأسرية المحيطة بالشخص إذا لم يتم التعامل مع الأمر بشكل صحيح، حيث وجدت دراسة  (Wangensteen et al.,2016) أن أفراد عائلة الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الشديد تعرضوا أيضًا لعواقب وخيمة.

لذا يمكن أن يؤدي اكتئاب أحد الشريكين في الزواج إلى عواقب ضارة للشريك الآخر، وبالتالي فإن ذلك يهدد استقرار العلاقة الزوجية بين الشريكين.

كيف يؤثر الاكتئاب على العلاقة الزوجية؟

عندما يصاب أحد الشريكين بالاكتئاب، فإنه سيؤثر بشكل كبير على العلاقة الزوجية، فالشريك المصاب بالاكتئاب سيعاني من تغيرات في المزاج والسلوك تؤثر على تفاعله مع الشريك الآخر، ويمكن أن تظهر آثار الاكتئاب من خلال عدة جوانب ومنها ما يلي:

الأفكار السلبية

غالبًا ما يكون الأشخاص المصابون بالاكتئاب غير مبالين، وحزينين، ومرهقين، وعندما يعاني أحد الشريكين من الاكتئاب، قد تظهر لديه أفكار سلبية تؤثر على العلاقة الزوجية.

إذ يمكن أن يشعر الشريك المصاب بالاكتئاب بالعجز والقلق واليأس، مما يمكن أن يؤدي إلى تشويه تصوّره للعلاقة مع الشريك، ويعتقد أنه لا يستحق الحب والرعاية، كما يمكن أن تنشأ لديه أفكار سلبية حول قدرته على إسعاد الشريك وتلبية احتياجاته، مما يؤثر على القدرة على التواصل والتفاعل في العلاقة.

لذا يجب على الشريك الآخر أن يكون حساسًا ومتفهمًا لهذه الأفكار السلبية وأن يقدم الدعم العاطفي والمساعدة لتغيير هذه الأفكار إلى أفكار إيجابية، إذ بينت دراسة (Kashdan et al.,2009) أن الأشخاص الذين يعانون من أعراض اكتئابية يجب أن يتفاعلوا بقوة أكبر مع العلاقات الاجتماعية الإيجابية، ويجب أن يشعروا بالانتماء من خلال هذه العلاقات حتى يتمكنوا من اجتياز الاكتئاب.

إهمال المسؤوليات

عندما يعاني أحد الشريكين من الاكتئاب، قد يحدث إهمال للمسؤوليات، أي قد يجد الشريك المصاب بالاكتئاب صعوبة في أداء واجباته ومسؤولياته اليومية، نتيجة الشعور بالتعب والاستنزاف العاطفي، مما يؤدي إلى عدم القدرة على تحمل المسؤوليات بنفس القدر من الكفاءة والاهتمام، على سبيل المثال: قد تتراكم الواجبات والمسؤوليات المنزلية المشتركة، مثل رعاية الأطفال، الأمر الذي يسبب الاستياء للطرف الآخر.

تلاشي المشاعر والعواطف

عندما يعاني أحد الشريكين من الاكتئاب، قد يحدث تلاشي للمشاعر في العلاقة الزوجية، ويصبح الشريك المصاب بالاكتئاب غير مهتم بالأنشطة المشتركة التي كانت تجمعه مع الشريك في السابق، إذ يمكن أن تتأثر قدرة الشريك على التواصل أو التعبير عن الحب والاهتمام بسبب الاكتئاب، وبالمقابل فقد يشعر الشخص المصاب بالاكتئاب بأنه غير قادر على فهم مشاعر وعواطف شريكه أيضًا.

لذا فإن هذه الحالة تتطلب تقديم الدعم من الشريك الآخر، إذ بينت دراسة دقيقة أن تنظيم المشاعر والإفصاح عنها هي عنصر حاسم في العلاقات الزوجية الناجحة، وقد استخدمت الدراسة بيانات من دراسة سابقة مدتها 13 عامًا لأزواج في منتصف العمر (40-50 عامًا) وأزواج آخرين بمتوسط عمر (60-70 عامًا)، وأشارت النتائج أن التعبير عن المشاعر له دور بارز في زيادة الرضا بين الأزواج وزيادة التواصل البناء القائم على المشاعر الإيجابية أثناء التعرض لأحداث سلبية.

الوحدة والانعزالية

تعد الوحدة والانعزالية من أبرز آثار الاكتئاب، فقد يميل الشخص المكتئب إلى العزلة، وقد يبتعد عن الحياة الاجتماعية ويقل تفاعله مع الآخرين ومع شريكه أيضًا، فهو يعاني من الشعور بالعجز التام وفقدان الشغف مما قد يسبب التوتر في العلاقة.

إهمال الأطفال

عندما يعاني أحد الشريكين من الاكتئاب، قد يحدث إهمال للمسؤوليات المتعلقة بتربية الأطفال، إذ يمكن أن يؤثر الاكتئاب على القدرة على تلبية احتياجات الأطفال بشكل صحيح وملائم، كما يمكن أن يشعر الشريك المصاب بالاكتئاب بالتعب والعجز، مما يؤدي إلى قلة الاهتمام والمشاركة الفعالة في حياة الأطفال وهذا سيكون له أثر سلبي على الأطفال على المدى البعيد.

   بينت دراسة أن العلاقات الأسرية السليمة ضرورية لرفاهية الطفل على مدار الحياة، إذ يمكن أن توفر العلاقات الأسرية المتوازنة جميع الأدوات التي يمكن أن تساعده في التغلب على التوتر، والانخراط في سلوكيات صحية، مما يؤدي إلى استقرار الصحة النفسية لفترة أطول من الزمن.

كيف يمكن مساعدة الشريك في التخلص من الاكتئاب؟

في بعض الحالات قد تكمن خطورة الاكتئاب عندما تتجاوز الأعراض الحالة النفسية، وهنا يكون العلاج من قبل المختصين مهم للغاية للتعافي من الاكتئاب، وقد يغفل من يصاب بالاكتئاب عن طلب المساعدة، لذا يمكنكَ التوجه برفقة شريكك إلى الطبيب، وأن تساعده في تناول الأدوية وتذكيره بالمواعيد حتى يتمكن من اجتياز الأمر.

يعد الاكتئاب مشكلة شائعة ولا يمكن أن تختفي أعراضه دون التدخل من الأشخاص الموثوقين، لذا يمكنك أن تلعب دورًا حاسمًا في تخفيف الاكتئاب لدى الشريك ومساعدته للحصول على المساعدة اللازمة على الفور، ويمكن ذلك عن طريق التواصل مع المعالج النفسي عبر تطبيق لبيه، والذي سيقدم طرقًا صحية للتعامل مع الاكتئاب وتقليل تأثيره على الحياة اليومية.

 المراجع

1- Skundberg-Kletthagen H, et al. Relatives of inpatients suffering from severe depression: their burden and encounters with the psychiatric health services. Issues in Mental Health Nursing. 2016;37(5):293-298. doi:10.3109/01612840.2016.1145309

2- Steger MF, et al. Depression and Everyday Social Activity, Belonging, and Well-Being. Journal of Counseling Psychology. 2009 Apr;56(2):289-300. doi: 10.1037/a0015416.

3- Bloch, L., et al. (2014). Emotion regulation predicts marital satisfaction: More than a wives’ tale. Emotion, 14(1), 130–144. doi.org/10.1037/a0034272

4- Thomas PA, et al. Family Relationships and Well-Being. Innovation in Aging. 2017 Nov;1(3):igx025. doi: 10.1093/geroni/igx025. Epub 2017 Nov 11.