لقرون عديدة كان الطب الشعبي المصدر الأساسي للصحة الجسدية والنفسية في معظم مجتمعات العالم، وكان الوخز بالإبر هو الشكل الأكثر شيوعاً للطب الشعبي في 113 دولة حول العالم، ورغم التطور الطبي والعلمي الذي يشهده عصرنا إلا أن العديد من الدول المتقدمة بدأت في الاعتراف بالطب التقليدي ودمجه في أنظمة الرعاية الصحية الخاصة بها.

وفقاً لبيانات تم جمعها في عام 2012 من قبل منظمة الصحة العالمية، فإن نصف سكان العالم يستخدمون الآن وبشكل منتظم شكلاً من أشكال الطب الشعبي، وفي البلدان الأفريقية قد تصل النسبة ل 80% من السكان.

لكن ما هو الطب الشعبي وما هي فوائده، وهل يعتبر الطب الشعبي أفضل من الطب الحديث؟ هذا المقال يقدم لك الإجابة عن هذه الأسئلة

ما هو الطب الشعبي؟

الطب التقليدي هو الطب الذي تم استخدامه للعلاج وشفاء الإصابات الجسدية والنفسية، لعقود من الزمن وقد استُخدمت العديد من النظريات والمعتقدات لتطوير هذا النوع من الطب ليكون أكثر دقة ومهارة.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يتم تعريف الطب التقليدي بأنه مجموع المعارف والمهارات والممارسات المستندة إلى النظريات والمعتقدات والخبرات الأصلية التي يتم توارثها في الثقافات المختلفة، سواء كانت قابلة للتفسير أم لا، والتي يتم استخدامها بهدف الحفاظ على الصحة والوقاية وتشخيص أو تحسين أو علاج الأمراض الجسدية والعقلية.

ومن أمثلة الطب التقليدي علاج الأيورفيدا من قبل الآسيويين والمعالجة المثلية من قبل الألمان، وطب كامبو في اليابان والعلاج الطبيعي في أوروبا، قد تجد صعوبة في إيجاد الصيدليات التي تقدم خدمات الطب الشعبي، فهذه الصيدليات قد أصبح وجودها نادراً في الوقت الحاضر مقارنةً بالصيدليات الحديثة.

ما هي أنواع الطب الشعبي؟

يتنوع الطب الشعبي وطريقة علاجه للأمراض باختلاف الثقافات والشعوب التي قامت بتطويره، لكن الأنواع الرئيسية للطب الشعبي حول العالم هي:

الطب الصيني التقليدي

الطب الصيني التقليدي هو نظام يعود تاريخه إلى عام 200 قبل الميلاد، وقامت كل من الصين وكوريا واليابان وفيتنام بتطوير نسختهم الخاصة منه وقد تمت ممارسته في الصين القديمة.

عادة ما يقوم ممارس الطب الصيني التقليدي باستخدام الأعشاب والوخز بالإبر والتدليك للمساعدة في علاج المرضى، بالإضافة لمحاولة إعادة الجسم إلى الانسجام الطبيعي بين الجسد والروح.

العلاج بالإبر

يمارس الوخز بالإبر على نطاق واسع لتخفيف الألم أو الوقاية منه ولعلاج العديد من الحالات الصحية الأخرى، وفقاً للعديد من معاهد الدراسات الصحية يعتبر الوخز بالإبر ذا قيمة سريرية محتملة للعلاج من الغثيان والقيء الناجم عن العلاج الكيميائي أو بعد جراحة ما، وآلام أسفل الظهر وآلام الرقبة وهشاشة العظام وآلام الركبة وصداع التوتر والصداع النصفي، وآلام الأسنان.

تشير الأدلة المحدودة أيضاً إلى إمكانيته في علاج اضطرابات الألم المزمنة الأخرى، وقد وثقت الدراسات آثار الوخز بالإبر، لكنها لم تكن قادرة على شرح كيفية عمل الوخز بالإبر بشكل كامل في إطار النظام الطبي الحديث.

طب الايورفيدا

الأيورفيدا والتي تعني علم الحياة، هو نظام طبي تم تأسيسه في الهند، تشمل بعض علاجات الأيورفيدا الأساسية النظام الغذائي المتوازن وممارسة الرياضة والتأمل والأعشاب والتدليك والتعرض لأشعة الشمس والتحكم في التنفس.

مع ذلك تشير دراسة استقصائية للأدبيات الطبية الهندية إلى أن جودة التجارب السريرية المنشورة حول هذا النوع لا ترقى إلى مستوى المعايير المنهجية المعاصرة.

العلاج الطبيعي

العلاج الطبيعي هو نظام شفاء نشأ في أوروبا، وينظر إلى المرض على أنه مظهر من مظاهر التغيرات في العمليات الطبيعية التي يقوم بها الجسم بشكل طبيعي، ويقوم الجسم بشفاء نفسه من هذه التغيرات بشكل طبيعي أيضاً.

هناك ستة مبادئ تشكل أساس ممارسة العلاج الطبيعي:

1. قوة الشفاء من الطبيعة.
2. تحديد وعلاج سبب المرض.
3. مفهوم: لا تسبب ضرر ولن يلحق بك ضرر.
4. الطبيب كمعلم.
5. علاج الشخص بشكل كامل.
6. الوقاية.

العلاج بالمواد الطبيعية

هي نظام كامل من النظريات والممارسات الطبية، افترض مؤسسها الألماني أن الشخص قادر على اختيار العلاج على أساس مدى تطابق الأعراض التي يستطيع العلاج شفاءها مع الأعراض التي يعاني منها المريض.

يوجد بعض الأنواع الأخرى للطب الشعبي حول العالم، لكن الأنواع التي ذكرناها هي الأكثر شهرة وشعبية، يمكن القول بأن الطب الشعبي باختلاف مناهجه وطرق العلاج التي يتم اتباعها أثناء القيام به، قد يقدم العديد من النتائج الإيجابية التي لا يستطيع الطب الحديث تقديمها للمرضى.

ما هو الطب الحديث؟

بما أننا قمنا بتعريف الطب الشعبي، فيجب علينا تعريف الطب الحديث وذلك لإجراء مقارنة واضحة بين الاثنين.

الطب الحديث ويسمى أيضاً بالطب البديل لأنه قد تم تأسيسه كبديل لطرق ومعتقدات الطب التقليدي، تم اختراع الطب الحديث ليكون له أدوية موحدة بعد اختبارها على بعض الأشخاص الذين يعانون من أعراض محددة.

تم تطوير الطب الحديث على مر السنين بعد حساب البيانات وتسجيلها من خلال ممارستها على المرضى في الوقت الفعلي، والآن لدينا في نهاية المطاف قاعدة بيانات ضخمة للطب الحديث، والتي تحتوي على مجموعة محددة مسبقاً من الأعراض والأدوية الخاصة بها إلى جانب المسكنات لتوفير راحة فورية.

 بالإضافة إلى أنه تم تطوير بعض العلاجات الفيزيائية الحديثة بعد سنوات من الممارسة وجمع المعلومات والتجارب العديدة، على سبيل المثال: تم اختراع الوخز بالإبر والعلاج بتقويم العمود الفقري وغيرها من العلاجات الفيزيائية بعد سنوات عديدة من التقدم من الطب التقليدي إلى الطب الحديث.

ما هو الفرق بين الطب الشعبي والطب الحديث؟

الفرق الرئيسي بين الطب الحديث والطب الشعبي هو طريقة علاج الأمراض ونوعية الأدوية التي يتم استعمالها، يوفر لنا الطب الشعبي الأدوية التي نريدها بالجرعة المطلوبة على الفور، بينما يتطلب الطب الحديث البحث والتجربة.

الأدوية الحديثة أكثر فعالية ولكنها قد تحمل بعض الآثار الجانبية، على العكس من أدوية الطب الشعبي التي لا تحمل آثاراً جانبية، ذلك لأنها لا تحتوي على مواد كيميائية ويتم صناعتها من الأعشاب.

ما هي مزايا الطب الشعبي؟

لا يوجد أية آثار جانبية للتداوي بالطب الشعبي وإن وجدت تكون هذه الآثار عرضية ويسهل التعامل معها، بالإضافة لفعالية الطب الشعبي على مر العصور في شفاء العديد من الآفات والأمراض، وتعد الميزة الأهم هي كون الأدوية الخاصة بالطب الشعبي مصنوعة من الأعشاب الطبيعية.

لكن يجب التنويه إلى أن الطب التقليدي هو علاج سلبي أو محدود، فهو يعالج عدد محدد من الأمراض والأعراض، لكنه يوفر علاجاً خالياً من الأخطاء لتلك الأعراض دون أي آثار جانبية.

أما الطب الحديث فقد تم إثبات نتائجه علمياً من خلال الاختبارات والفرضيات، ويوفر الطب الحديث الراحة السريعة من عدة أعراض أهمها الألم، بالإضافة إلى أن الطب الحديث قد تطور وأصبح بإمكانه علاج العديد من المشكلات التي لم ولن يستطيع الطب الشعبي علاجها، بالإضافة إلى منع العديد من حالات العدوى الفيروسية القاتلة أو الأمراض الوراثية أيضاً.

هل الطب التقليدي أكثر فعالية من الطب الحديث؟

الإجابة هي لا، قد يكون الطب التقليدي طريقة العلاج المفضلة لشخص يمتلك معتقدات دينية أو ثقافة شعبية قوية، لكن الواقع يقول بأن الطب الحديث أكثر فعالية من الطب الشعبي، وذلك بسبب تطوره عن طريق الملاحظة والتجربة، وكان الفضل له في شفاء العديد من الأمراض التي كانت تهدد حياة الإنسان فيما مضى.

بالإضافة إلى أن تشخيص وفحص المريض وتحديد نوعية المرض أكثر دقة في الطب الحديث، ربما تعاني الأدوية من بعض الآثار الجانبية لكن الشفاء من المرض يقدم النتائج على الآثار الجانبية ويجعلها لا تذكر.

في حين أن الأنظمة الطبية تختلف في مناهجها الفلسفية للوقاية من الأمراض وعلاجها، إلا أن الطب الشعبي يتشابه في عناصره وخصائصه وأهدافه ونتائجه، لا يمكننا القول بأن الطب الشعبي قادر على منافسة الطب الحديث لكنه قادر على تقديم المساعدة لمن يحتاجها.

المراجع: 1،2،3