تسارع الزمن ظاهرة تظهر عند التقدم في السن وتثير تعجب الكثيرين. حيث تذكر البعض بقرب النهاية وتثير في البعض الكثير من الشجون. لذا يجب التعرف على التفسيرات التي أقرها العلماء لهذه الحالةبما فيها من الجوانب النفسية لهذا الشعور. كذلك البعد الاجتماعي وتأثيره على الأفراد لا سيما عند التقدم في العمر.

ظاهرة تسارع الزمن

هي ظاهرة تظهر عند التقدم في السن. حيث يجب التفريق بين نوعين من الأزمنة. أولًا زمن الساعة التي تدق مرة كل ثانية بينما هناك نوع آخر وهو الزمن المحسوب في عقولنا.
كثيرًا ما يراود كبار السن الشعور بمرور العام بسرعة تفوق المعدل الطبيعي أو أن الوقت لم تعد فيه بركة على حد تعبيراتهم. وهنا يجب أن نقف عند هذه المشاعر الموحشة التي أصبحت تظهر عند التقدم في السن بشكل ملحوظ.

كثيرًا ما يشعر من تقدموا في العمر بأن الأوقات الممتعة تسربت من بين أيديهم في لمح البصر وأن شيءً لم يكن. حيث لم تبقى منها سوى الذكريات الرقيقة التي قد تتداعى هي أيضًا مع تسارع الزمن الخارج عن السيطرة.

مع مرور قطار العمر مسرعًا نلاحظ أنه كلما تقدمنا في السن كلما زاد التسارع وكأنه يكون أكثر تطورًا. على الرغم من أن هذا الأمر لا يكون محمودًا بالنسبة إلى أغلب الناس. حيث إنه يقترب من النهاية شئنا أم أبينا، مما أثار سؤال ما التفسير العلمي لهذا الشعور؟

متى يشعر الإنسان بتسارع الزمن؟

• من خلال بعض الدراسات النفسية والاجتماعية التي تم نشرها مؤخرًا تتضح بعض الأسباب من أمثلة بعض العقد المرتبطة بالزمن. فكثيرًا ما ندرك أن السنوات بدأت تطاير وهذه الظاهرة تظهر عند التقدم في العمر ويبدأ الشعور بالفراغ في التخييم على الشخص.
• عندما تتوغل الرتابة تدريجيًا في حياة الإنسان والتي تتمثل في الروتين اليومي لا سيما بعد التقاعد. وكذلك الروتين الأسبوعي مهما كانت هناك أنشطة تساعد في مضي الوقت عند ممارستها، النتيجة النهائية تكون أيام مكررة متسارعة بلا مذاق أو هدف في انتظار النهاية المحتومة.
• هذه المشاعر السلبية من شأنها أن تؤثر بصورة بالغة على الحالة النفسية. وقد تتسبب بشكل سلبي في تدهور العلاقات الاجتماعية خاصةً بعد فقدان الشغف في الحياة والشعور بأن كل شيء أصبح مكررًا بلا هدف.
• قد يمثل التسارع في الزمن الشعور بالمسؤولية فيما يسمى علميًا بالتقريب الأماميforward telescoping. ويعبر هذا المسمى عن الفشل في تحديد مقدار المسافة الزمنية ما بين حوادث بارزة محفورة في الذاكرة.
• مما يدفع إلى الاعتقاد بعدم مرور الكثير من الوقت على هذا الحدث. فقد يعتقد البعض بأن انخفاض مستوى الذاكرة يشمل كافة الأحداث. وإنما في الحقيقة تختفي الأحداث غير الهامة فقط والأوقات غير المؤثرة وتبقى الأحداث الهامة متراكمة وكأن الفواصل بينها غير موجودة. مما يبعث على الشعور بتسارع الزمن في نهاية المطاف.
  

تأثير التجارب الجديدة على تسارع الزمن

للتعرف على جميع أبعاد هذه الظاهرة التي نجدها عند التقدم في السن يجب أن نتعرف على تأثير التجارب الحياتية عليها من النواحي النفسية والاجتماعية على النحو التالي:

– من المتعارف عليه أنه مع التقدم في العمر تصبح البيئة المحيطة أكثر أُلفة. الأمر الذي يتسبب بالضرورة في فقدان الشغف تجاه الكثير من الأشياء والأشخاص أيضًا، ويقل هذا الشغف يومًا بعد يوم متأثرًا بما نكتسب من معارف وما نشعر به من آلام نفسية، مما يجعل الوقت يتطاير أسرع كل عام.
– من الأسباب الرئيسية وراء ذلك الشعور نفاذ مخزون التجارب الجديدة في الحياة عامًا بعد عام، لا سميا مع تراجع الدور الاجتماعي لأن السابقة أصبحت مألوفة وانخفض مستوى الانبهار بها، مما يزيد من الشعور بالاغتراب النفسي عدم الإقبال على الحياة.
– في رأي العالم النفسي الشهير ويليام جيمس أن كل عام يمر على الإنسان يساهم في تغيير تجاربه التي كان متحمسًا لها في الماضي أشبه بالروتين التلقائي. والسبب في هذا الشعور أن الانسجام مع العالم وتجاربه يقل تدريجيا بمرور الزمن. فالنظر إلى الشيء نفسه مئات المرات من شأنه أن يطفئ بريقه.

دور العامل النفسي في مسألة تسارع الزمن:

• لا يمكن أن نغفل العامل النفسي في مسألة تسارع الزمن. حيث توجد علاقة قوية بين تقدير الوقت بعقولنا وتأثير التجارب التي نمر بها نفسيًا وذهنيًا ومعنويًا. كما نجد أن الوقت يتباطأ في حال خاض الإنسان بعض التجارب جديدة أو قام باستكشاف بيئات مختلفة.
• من المتعارف عليه عند علماء النفس وخبراء التنمية البشرية. أن التجارب الجديدة تُتيح لنا فرصة استقبال مزيد من المعلومات عن هذا العالم، فيُثير ذلك شعورا بالتباطؤ في حين يمر الوقت سريعا عندما ننغمس في أشياء تسلب تركيزنا، فنتجاهل كل شيء آخر في محيطنا.
• أحيانًا يكون الشغف الزائد لشيء معين هو الدرع الواقي من الأفكار السامة التي تجعل الحياة دوامة من الأزمات النفسية والذهنية التي تتسبب في ظاهرة مرور الوقت بسرعة. عندما يتم قضاء أوقات الفراغ التي تظهر عند التقدم في السن بشكل مفيد ومثمر يمر الوقت بوتيرة أبطأ.
• يمكن أن نلخص دور التجارب الجديدة في الحد من ظاهرة تسارع الزمن في أنها تزيد من فرص استثمار الوقت بشكل أفضل. وبالتالي يكون كل يوم بمثابة فرصة جديدة من شأنها تغير نظرة صاحبها إلى الحياة.
• يجب ألا ننسى أن الشعور بتسارع الزمن مع التقدم في العمر ليس أمرًا لا مفر منه كما يعتقد البعض. وإنما هو متوقف على أفكارنا وسلوكياتنا في المقام الأول. كذلك الطريقة التي نعيش بها حياتنا ونخوض بها تجاربنا.
  

نصائح للحد من ظاهر تسارع الزمن

لكي نتمكن من تقليل الشعور بتسارع الوقت يجب التعرف على بعض الحلول العلمية المدروسة المتمثلة في عدة إرشادات وضعها الخبراء كما يلي:

1- عدم إهدار الوقت في التفكير السلبي:

قضاء الوقت في أمور لا تفيد من أهم أسباب التسارع في الزمن. حيث إن هذه الظاهرة انتشرت بشكلٍ كبير مع ظهور الهواتف الذكية وانتشار الإنترنت. حيث تستهلك الكثير من الوقت دون فائدة تذكر وينعكس ذلك على الشعور بمرور الزمن على المدى الطويل.

2- خوض تجارب جديدة:

ممارسة الهوايات والرياضات المختلفة من شأنها أن تثمر فوائد نفسية وجسدية واجتماعية رائعة. كما تبعث هذه الأنشطة على الشعور بأن الوقت الذي يمر ذو قيمة نفسية وذهنية ولا يمر هباءً، مما يحد من ظاهرة تسارع الوقت بشكلٍ ملحوظ، خاصةً عند تجارب لم تعشها من قبل.

3- تجنب الذكريات السلبية:

إلى جانب الأضرار التي تنتجها الأحداث المزعجة والمؤلمة نفسيًا يمكن أيضًا أن تتحول إلى ذكريات رتيبة تهدر المزيد من الوقت وتزيد من الشعور بتقارب الزمن. لذا يجب التركيز على ما نعيشه في الحاضر. وكذلك لا يجب الانشغال بالمستقبل الذي يتواجد فقط في خيالنا.

تسارع الزمن ظاهرة تظهر عند التقدم في السن. ولكن يمكن الحد من آثارها من خلال تجديد الحياة وخوض تجارب جديدة من شأنها بث روح الشغف والحماس مرة أخرى، مما ينعكس بالإيجاب على الحالة النفسية والعلاقات الاجتماعية. يمكنك ايضاً استشارة العديد من الاطباء النفسيين في هذا الشأن من خلال منصة لبيه.

المصادر: 1 2 3 4