علاقة زيادة الوزن بالصحة النفسية
تعتبر زيادة الوزن من القضايا الصحية الشائعة التي تفاقمت في عالمنا المعاصر، وهي مشكلة معقدة تؤثر على حياة الملايين حول العالم. فبينما يرتبط الوزن الزائد بالعديد من المخاطر الصحية الجسدية، فإن تأثيره على الصحة النفسية لا يقل أهمية. ولهذا سنتعرض في هذا المقال، العلاقة بين زيادة الوزن والصحة النفسية، الأسباب وراء هذه العلاقة، بالاضافة إلى إلقاء الضوء على الأنواع المختلفة لزيادة الوزن، وكيفية التحكم فيها.
العلاقة بين زيادة الوزن والصحة النفسية
تشير الدراسات إلى أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين زيادة الوزن والمشكلات النفسية مثل الاكتئاب والقلق. حيث تعد العلاقة بين السمنة والاكتئاب معقدة ويتداخل فيها تأثير العوامل النفسية والجسدية، إذ يمكن أن تؤدي كل حالة إلى الأخرى. كما أظهرت العديد من الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بأولئك الذين يتمتعون بوزن صحي. هذا الارتباط يمكن أن يعود إلى عدة عوامل تشمل:
الوصمة الاجتماعية: يعاني الكثير من الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن من التمييز والتنمر في مجتمعاتهم بسبب مظهرهم، مما يؤدي إلى مشاعر العزلة والقلق.
صورة الجسم: تؤدي زيادة الوزن إلى انخفاض تقدير الذات والشعور بعدم الرضا عن المظهر، مما يزيد من مشاعر الاكتئاب.
الالتهابات: تشير الأبحاث إلى أن الدهون الزائدة في الجسم يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات الالتهاب، مما قد يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
أسباب زيادة الوزن
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الوزن، ويمكن تصنيفها بشكل عام إلى الأسباب التالية:
– العوامل الوراثية: تلعب الجينات دورًا في تحديد كيفية استجابة الجسم للغذاء والتمارين الرياضية.
– البيئية: تشمل نمط الحياة، وتوافر الأطعمة الصحية، والبيئة الاجتماعية.
– العوامل النفسية: مثل القلق والاكتئاب، حيث يلجأ البعض إلى تناول الطعام كوسيلة للتعامل مع المشاعر السلبية.
الأنواع المختلفة لزيادة الوزن
في الوقت الذي نجد فيه زيادة الوزن هي حالة شائعة تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، يمكن تصنيفها إلى عدة أنواع مختلفة بناءً على العوامل المسببة والخصائص المرتبطة بكل نوع. وهي:
– السمنة المفرطة: وهي الحالة التي يكون فيها مؤشر كتلة الجسم (BMI) أعلى من 30.
– السمنة الناتجة عن العادات الغذائية السيئة: وهي من أكثر الأنواع شيوعًا، تحدث هذه الحالة عندما يتناول الشخص كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية أكثر مما يحتاجه الجسم، مما يؤدي إلى تخزين الفائض على شكل دهون. وتشمل العوامل المساهمة في هذا النوع:
– النظام الغذائي الغني بالدهون والسكر: يساهم تناول الأطعمة السريعة والمشروبات المحلاة سمة العصر بشكل كبير في زيادة الوزن.
– العادات الغذائية السيئة: مثل تناول الوجبات السريعة أو الأكل أثناء مشاهدة التلفاز، مما يؤدي إلى تناول سعرات حرارية زائدة دون وعي.
– السمنة الناتجة عن قلة النشاط البدني: حيث يؤدي نمط الحياة الخامل وعدم استهلاك الطاقة التي يوفرها الطعام إلى تخزينها كدهون وبالتبعية تؤدي إلى زيادة الوزن.
وترجع الأسباب المرتبطة بقلة النشاط إلى:
- – أنماط الحياة العصرية الخاملة: مثل الجلوس لفترات طويلة خلال العمل أو الاعتماد على وسائل النقل بدلاً من المشي.
– قلة ممارسة الرياضة: عدم تخصيص وقت لممارسة الأنشطة البدنية، وغزو الألعاب الالكترونية مختلف المراحل العمرية مما يؤدي إلى تراكم الدهون.
– السمنة المرتبطة بالجينات: وهذا ما يسمى بالاستعداد الوراثي للسمنة لدى بعض الأشخاص، حيث يشعر الشخص بالجوع بشكل متكرر، مما يؤدي إلى تناول كميات أكبر من الطعام، بسبب جينات معينة لها تأثيرها على الشهية والتمثيل الغذائي بما يتسبب في زيادة الوزن بشكل كبير.
– السمنة المرتبطة بالأمراض: حيث نجد بعض أعراض الاصابة بأمراض معينة سببًا مباشرًا لزيادة الوزن. مثل قصور الغدة الدرقية الذي يؤدي إلى تباطؤ عملية الأيض وزيادة الوزن.
– السمنة المرتبطة بالأدوية: تساهم بعض الأدوية في زيادة الوزن كأثر جانبي لها. وتشمل الستيرويدات التي تستخدم في علاج حالات التهابية معينة، ومضادات الاكتئاب التي يمكن أن تزيد الشهية أو تؤثر على التمثيل الغذائي.
أنواع السمنة حسب الشكل:
يمكن تصنيف السمنة أيضًا بناءً على موقع الدهون في الجسم وشكل الجسم:
السمنة الأندرويدية (شكل التفاحة): حيث تتراكم الدهون في منطقة البطن حول الأعضاء الداخلية، وهي مرتبطة بمخاطر صحية مثل أمراض القلب والسكري.
السمنة الجينكويدية (شكل الكمثرى): حيث تتراكم الدهون في الوركين والفخذين تحت الجلد، وعادة ما تكون أقل خطورة من النوع الأول.
درجات السمنة:
تُصنف درجات السمنة معتمدة على مؤشر كتلة الجسم (BMI) حسب الدرجة:
– الأولى (BMI 30-34.9): مخاطر صحية أولية.
– الثانية (BMI 35-39.9): خطر أكبر للإصابة بالأمراض المزمنة.
– الثالثة (BMI ≥ 40): سمنة مرضية مقترنة بمخاطر كبيرة للصحة.
الأسباب الرئيسية التي تربط بين السمنة والصحة النفسية
الإفراط في تناول الطعام كوسيلة للتعامل مع مشاعر القلق والاكتئاب: يُعرف هذا بالسلوك باسم الأكل العاطفي، وفيه يلجأ الأفراد إلى تناول كميات كبيرة من الطعام، خاصة الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، كوسيلة لتخفيف الضغط النفسي أو الهروب من المشاعر السلبية مثل الحزن أو الوحدة.
فقدان الدافع لممارسة الرياضة: حيث تؤدي قلة الحركة والانخفاض في النشاط البدني إلى عدم حرق السعرات الحرارية بشكل كافٍ.
التغيرات الهرمونية: بخاصة زيادة مستويات هرمون الكورتيزول الذي يُعرف بهرمون الإجهاد. الذي يرتبط بزيادة الشهية ورغبة الجسم في تناول المزيد من الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون.
التأثير الجانبي للأدوية المضادة للاكتئاب.
- – الآثار النفسية للسمنة: يمكن أن تؤدي السمنة نفسها إلى مشاعر سلبية مم تدني تقدير الذات، إلى العزلة الاجتماعية. والتي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق، مما يخلق حلقة مفرغة حيث تؤدي السمنة إلى مشاكل نفسية، وتؤدي هذه المشاكل النفسية بدورها إلى زيادة الوزن والسمنة.
– الضغوط الاجتماعية: يواجه الأشخاص الذين يعانون من السمنة ضغوطًا اجتماعية أكبر بسبب مظهرهم الجسدي. هذه الضغوط يمكن أن تؤدي إلى مشاعر القلق والاكتئاب، التي تزيد من فرط الشهية في تناول الطعام.
– التاريخ العائلي والعوامل الوراثية: تلعب العوامل الوراثية والتاريخ العائلي دورًا في كل ظهور مشكلات السمنة والاكتئاب.
كيفية التحكم في زيادة الوزن المرتبطة بالصحة النفسية
من المهم أن ندرك أن التحكم في زيادة الوزن وتحسين الصحة النفسية يتطلب جهدًا مستمرًا، وأن النتائج الإيجابية ستظهر مع مرور الوقت. وذلك من خلال اتباع بعض الاستراتيجيات الفعالة للتعامل مع كل من السمنة والمشاكل النفسية المرتبطة بها، كالتالي:
- – التغذية المتوازنة القائمة على تناول وجبات غنية بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة، مع تقليل تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكر.
– تجنب العادات السلبية مثل الأكل العاطفي أو تناول الطعام أمام التلفاز.
– ممارسة تقنيات الاسترخاء واليوغا لتخفيف التوتر والقلق.
– ممارسة النشاط البدني والتمارين الرياضية بانتظام مثل المشي أو السباحة.
– البحث عن الدعم الاجتماعي من الأصدقاء والعائلة لزيادة تقدير الذات والثقة بالنفس.
– العلاج النفسي واستشارة مختصين نفسيين.
– المتابعة مع أخصائيي تغذية للحصول على المشورة المناسبة.
– تغيير نمط الحياة الخامل وإدخال النشاط البدني في الروتين اليومي.
في النهاية، يتضح لنا من المقال، إن العلاقة بين زيادة الوزن والصحة النفسية هي علاقة معقدة ومتبادلة. بينما يمكن أن تؤدي زيادة الوزن إلى مشكلات نفسية، يمكن أن تسهم المشكلات النفسية أيضًا في زيادة الوزن. لذلك فإن علاج هذه الحالة يتطلب استراتيجية كاملة شاملة، فإن كنت تعاني من أي مشكلات نفسية أو إضطرابات في الوزن فلا تتردد في الحصول على استشارة طبيبك أو أخصائي نفسي ومتخصص في التغذية للحصول على خطة شاملة تتضمن تحسين العادات الغذائية والنشاط البدني والدعم النفسي المناسب لك. Download the app now وتعرف على المزيد.