يُعَدُّ الاكتئاب أحد أكثر الاضطرابات المزاجية النفسية شيوعاً حول العالم، ويختلف في شدته وأعراضه من شخص لآخر. يساعد معرفه ما هي درجات الاكتئاب في تحديد العلاج المناسب وتحسين جودة الحياة للأفراد المصابين. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل درجات الاكتئاب المختلفة، وأعراضه، بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة به، وكيفية التعامل معها.

ما هي درجات الاكتئاب؟

هناك حالات متنوعة من الاكتئاب يمكننا تقسيمها إلى عدة مستويات، بناءً على شدة الأعراض ومدى تأثيرها على حياة الفرد. إذ يتراوح بين حالات خفيفة مؤقتة وصولًا إلى حالات شديدة مزمنة. هذه الدرجات ليس لها فئات أو حدود صارمة،كما لا توجد تسمية طبية دقيقة لكل درجة من درجات الاكتئاب، بل هي مدى أو طيف يتراوح بين الاكتئاب الخفيف إلى الشديد. ويُصنَّف عادة إلى ثلاث درجات رئيسية بناءً على شدتها وتأثيرها على الحياة اليومية. وعند التعرض إلي ما هي درجات الاكتئاب على النحو التالي:

•  الاكتئاب الخفيف: يعتبر الاكتئاب الخفيف هو أقل درجات الاكتئاب حدة. يعاني فيه المصاب من بعض الأعراض التي تتوافق مع معايير الاكتئاب السريري، ولكنها أقل حدة ولا تؤثر بشكل كبير على حياته اليومية. فقد يشعر الشخص بحزن مستمر وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، ولكنه يستطيع ممارسة حياته اليومية رغم التعب والإرهاق المستمر بشكل مقبول نسبياً.
• الاكتئاب المتوسط: في هذه الدرجة، تصبح الأعراض أكثر وضوحاً وشدة وتأثيراً على الحياة اليومية. معها يجد الشخص صعوبة في القيام بالأنشطة الروتينية كالعمل أو الدراسة، مع صعوبة في التركيز واتخاذ القرارات واستمرار العلاقات الاجتماعية. ويحتاج الشخص إلى دعم إضافي من الأصدقاء والعائلة.
• الاكتئاب الشديد: تتسم هذه المرحلة من الاكتئاب بأعراض قوية شديدة جدًا، تعيق بشكل كبير الأشخاص عن العمل والتفاعل مع الآخرين، وتمنعه من أداء معظم أنشطته اليومية، مقترنة بأفكار متكررة عن الموت أو الانتحار؛ لذلك يحتاج الشخص في هذه الحالة إلى تدخل طبي وعلاج مكثف.   

أعراض الاكتئاب

تختلف أعراض الاكتئاب باختلاف درجته وشدته، فابعد التعرف علي ماهي درجات الاكتئاب يجب معرفت أعراضه. فبعض الأعراض الشائعة تشمل:

• الحزن الشديد وفقدان الاهتمام: يشعر المصاب بالاكتئاب بحزن عميق وفقدان الاهتمام بجميع الأنشطة التي كان يستمتع بها سابقًا.
• التعب والإرهاق: يشعر المصاب بنقص في الطاقة، وأعراض جسدية مثل الألم المستمر بدون سبب واضح.
• صعوبات في النوم أو الإفراط في النوم: قد يعاني المصاب من الأرق أو النوم لفترات طويلة.
• تغيرات في الوزن: قد يفقد المصاب وزنه أو يكتسبه بشكل ملحوظ نتيجة لاضطرابات في الشهية.
• الشعور بالذنب أو الدونية: يشعر المصاب بالذنب الشديد واليأس أو أنه فاشل.
• صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات: يجد المصاب صعوبة في التركيز على المهام اليومية.
• أفكار انتحارية: في الحالات الشديدة، قد يفكر المصاب بالانتحار.

مخاطر الاكتئاب

يشكل الاكتئاب خطرًا كبيرًا على الصحة النفسية والجسدية للمصاب، كلما زادت درجة الاكتئاب، زادت المخاطر المرتبطة به. حيث يمكن أن يؤدي إلى:

•  تدهور العلاقات الاجتماعية: قد يؤدي الاكتئاب إلى العزلة الاجتماعية نتيجة التأثيرات السلبية على العلاقات الشخصية والأداء الوظيفي.
• وفقدان الدعم العاطفي.
• مشاكل صحية مزمنة: يرتبط الاكتئاب بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسرطان.
• تدهور الحالة الصحية: نتيجة الإهمال الشخصي وعدم المقدرة على العناية الذاتية.
• زيادة خطورة إدمان المواد المخدرة أو الكحولية.
• الانتحار: يعد الإقدام على الانتحار من أخطر مضاعفات الاكتئاب، خاصة في الحالات الشديدة.
• تطور المخاطر إلى درجات أكثر حدة إذا لم يُعالج.

هل تختلف علامات الاكتئاب بين الرجال والنساء ؟

يعتبر الاكتئاب اضطرابًا نفسيًا يمكن أن يصيب أي شخص بغض النظر عن جنسه. إلا أن الدراسات تشير إلى أن النساء هن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالرجال يعزي ذلك إلى عوامل بيولوجية، هرمونية، واجتماعية. كما لديهن ميل أكبر للتعبير عن مشاعرهن والتحدث عنها، بعكس الرجال يميلون إلى إخفاء مشاعرهم أو التعبير عنها من خلال الغضب والهياج، أو التصرفات العدوانية. وأخيرًا تميل النساء إلى البحث عن الدعم الاجتماعي والمساعدة الطبية بشكل أكثر من الرجال، الذين يواجهون توقعات اجتماعية كبيرة بالتحمل والصمود، مما قد يجعلهم أقل عرضة للبحث عن المساعدة أو التحدث عن مشاكلهم النفسية.

أسباب الاكتئاب

أسباب الاكتئاب ليست محددة وواضحة تمامًا، بل هي معقدة ومتعددة الجوانب. كما يعتقد الباحثون أن الاكتئاب ما هو إلا تفاعل مجموعة من العوامل البيولوجية والنفسية والبيئية. يمكنه أن يصيب المشاهير والرياضيين والنجوم والذي غالباً يبدأ في مرحلة الطفولة أو المراهقة أو بداية الشباب ويستمر لفترات طويلة. فهناك عدة عوامل يمكنها أن تزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب والتي تختلف من شخص لآخر، منها:

• العوامل الوراثية: يلعب العامل الوراثي دوراً مهماً في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، حيث يمكن أن ينتقل من جيل إلى جيل. فوجود تاريخ مرضي عائلي لقريب من الدرجة الأولى، مثل أحد الوالدين أو الأشقاء يعاني من الاكتئاب يزيد من خطورة الإصابة بالاكتئاب.
• ظروف الحياة المجهدة: يمكن للأحداث الصادمة أو المسببة للتوتر أن تكون محفز للإصابة بالاكتئاب. مثل فقدان شخص مقرب أو التعرض لأزمات مالية كبيرة.
• العوامل النفسية: الأشخاص الذين يميلون إلى التفكير المتشائم بشكل مفرط، والسلبيات هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب. ومنها السمات الشخصية السلبية مثل انعدام الثقة بالنفس، والتفكير السلبي والنقد الذاتي المستمر. 
• العوامل الصحية: الإصابة ببعض الحالات الصحية المزمنة مثل الألم المستمر أو الأمراض الخطيرة مثل السرطان يمكن أن تؤدي إلى الاكتئاب. 
• العوامل البيوكيميائية: تؤثر الاختلالات في النواقل العصبية في الدماغ، مثل السيروتونين والنورإبينفرين، على المزاج والسلوك وقد تلعب دوراً في الاكتئاب. 
• اضطرابات الصحة العقلية والاجتماعية: الذين يعانون من اضطرابات الشخصية والعزلة الاجتماعية، وصعوبة التفاعل مع الآخرين، أو عدم وجود دعم اجتماعي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
• نقص مستويات فيتامين د: فقد وجد لمستوياته المنخفضة تأثير اكتئابي واضح. لذا يعد فيتامين د علاج مساعد في علاج الاكتئاب لتأثيره المفيد. 

هل يمكن التعافي من الاكتئاب ؟

فهم درجات الاكتئاب يساعد في توفير العلاج المناسب للمصابين وتحسين جودة الحياة لهم. ويمكن أن يتطور الاكتئاب الخفيف إذا لم يُعالج إلى اكتئاب أكثر حدة، وفي الوقت ذاته يتطلب الاكتئاب الشديد تدخلاً طبياً فورياً. من هنا تتضح أهمية تشخيص الاكتئاب المبكر والتدخل المناسب للتقليل من المخاطر المرتبطة بالاكتئاب وتحسين الصحة النفسية للأفراد بناءً على تقييم الأعراض، ويرتبط علاج الاكتئاب على شدة الحالة، وقد يشمل:

• العلاج الدوائي: يتم وصف الأدوية المضادة للاكتئاب لتنظيم المواد الكيميائية في الدماغ.
• العلاج النفسي: يساعد العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي، على تغيير الأفكار والسلوكيات السلبية.
• البقاء بالمستشفى أو المشاركة في برامج علاج المرضى بالعيادات الخارجية: يحتاج المريض إلى ذلك إذا كان يعاني من اكتئاب حاد إلى أن تتحسن الأعراض.

بشكل عام، حاولنا أن نتناول في هذا المقال ما هي درجات الاكتئاب. والعوامل التي تسهم في تطوره، والتي تختلف باختلاف الفرد وظروفه الشخصية. فإذا كنت تعاني من أعراض الاكتئاب، فلا تتردد في استشارة الطبيب أو المعالج النفسي لتشخيص حالتك الصحية والنفسية وتحديد العلاج المناسب من تطبيق لبيه.

المصادر: 1 2 3