علامات تدل على أنك تحترق وظيفيًا
من الطبيعي أن نشعر جميعًا ببعض الإرهاق في حياتنا اليومية أحيانًا، لكن إذا كنت تجد نفسك تعاني في إنجاز أبسط المهام بعملك، وتشعر بالإحباط من زملائك في العمل؛ لأنك لا تستطيع فعل أي شيء بشكل جيد، فقد يكون الاحتراق الوظيفي سببًا لهذه الأعراض.
ما هو الاحتراق الوظيفي؟
تعرّف منظمة الصحة العالمية الاحتراق الوظيفي على أنه حالة من الإرهاق الشديد، التي تؤثر على كل جوانب الحياة.
وبيّنت الجمعية الأمريكية لإدارة الموارد البشرية، بعد إجراء استطلاع للرأي شمل آلاف الموظفين في عام 2020، الأثر الكبير لجائحة كوفيد-19 على حدوث الإرهاق والإجهاد في العمل، حيث يشعر 41% من الموظفين الأمريكيين بالاحتراق الوظيفي، بينما أفاد ما يقارب 23% بأنهم يعانون من الاكتئاب. كما تناول الاستطلاع الصحة النفسية للعمال بعد الجائحة، ووجد أن الموظفين يعانون من المشاعر السلبية وقلّة التركيز والحافز.
مع ذلك، لا يعتبر الاحتراق الوظيفي مرتبطًا بالجائحة فقط، حيث أظهرت نتائج استطلاع أمريكي أُجري على أكثر من ألف موظف في عام 2015، أن 77% من المشاركين بالاستطلاع عانوا من الإرهاق في مكان عملهم الحالي، واتفق معظمهم على تأثير التوتر والضغط على جودة عملهم بشكل سلبي بحال عدم القدرة على التعامل معه.
كما تشير التقديرات إلى مساهمة الاحتراق الوظيفي والإرهاق بحدوث ألاف الوفيات، وما يقارب 190 مليار دولار في تكاليف الرعاية الصحية سنويًا؛ لذلك وسعت منظمة الصحة العالمية تعريفها للاحتراق الوظيفي، ليصبح ظاهرة مهنية تحدث عندما لا يتم التعامل مع التوتر والإرهاق المزمن بمكان العمل بشكل صحيح، وذلك بسبب تأثيره الكبير على صحة وعطاء الموظف.
يقضي معظم الناس أغلب ساعات يومهم في العمل، وبالتالي إذا كنت تكره وظيفتك، وتخشى الذهاب إلى العمل، ولا تشعر بالرضا عما تفعله، فقد يؤثر ذلك بشكل خطير على حياتك، وتظهر من خلال مجموعة من الأعراض والعلامات التي تؤثر سلبًا على ممارسة نشاطات حياتك اليومية.
ما هي أعراض وعلامات الاحتراق الوظيفي؟
لا يعتبر الاحتراق الوظيفي اضطرابًا نفسيًا يمكن تشخيصه، لكن يمكن أن يساعدك التعرف على العلامات على معرفة ما إذا كان التوتر الذي تعاني منه يؤثر على صحتك الجسدية والنفسية بشكل سلبي.
تقيّم a study (Pereira, 2021) مستويات الاحتراق الوظيفي ونوعية الحياة المرتبطة بالعمل، والأعراض النفسية عند ما يقارب 800 موظف بالغ، تتراوح أعمارهم بين (18-67) سنة. وأظهرت النتائج تأثر العاملات الإناث بالاحتراق الوظيفي بشكل أكبر من الرجال، كما تبيّن أن العمل بنظام المناوبات يفاقم من ظهور الأعراض النفسية.
غالبًا ما يُظهر الجسم علامات معينة عندما يعاني الشخص من الاحتراق الوظيفي، لذا تشير الأبحاث إلى أن الأعراض الجسدية الأكثر شيوعًا تشمل:
- مشاكل الجهاز الهضمي، ونقص المناعة الذي يؤدي لحدوث الأمراض بشكل متكرر.
- قلة النوم وارتفاع ضغط الدم، والصداع المزمن.
يعتبر التوتر أحد الأسباب الرئيسية لحدوث الاحتراق الوظيفي؛ لذا من المهم أيضًا معرفة كيفية تأثير التوتر المزمن على الجسم، حيث يؤدي لتفاقم الآلام العضلية وانخفاض مستويات النشاط واضطراب الشهية.
كما يؤثر الاحتراق الوظيفي على صحتك النفسية والعاطفية بشكل كبير، وتشمل العلامات النفسية الأكثر شيوعًا: نقص التركيز والمزاج المكتئب والشعور بعدم القيمة، أو فقدان الرغبة بممارسة النشاطات والهوايات المفضلة.
يمكن أن تتداخل الأعراض مع بعض الحالات الصحية النفسية مثل الاكتئاب، حيث تشمل أعراض الاكتئاب أيضًا فقدان الاهتمام بالأشياء، والشعور باليأس، والعديد من الأعراض المعرفية والجسدية، لكنه يختلف عن الاحتراق الوظيفي، بأن المشاعر والأفكار السلبية تشمل جميع جوانب الحياة، وليس فقط العمل.
يُنصح باستشارة طبيب أو معالج نفسي مختص، للمساعدة على التخلّص من الأعراض، حيث يكون الأشخاص الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى.
ما هي العوامل التي تؤدي لحدوث الاحتراق الوظيفي؟
قد لا يؤدي الحصول على وظيفة ذات طبيعة مرهقة إلى الاحتراق الوظيفي، خاصةً إذا تمّ التعامل مع التوتر وضغط العمل بشكل صحيح، لكن يُعتبر بعض الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بأعراض الاحتراق الوظيفي من غيرهم، حيث أظهرت نتائج تقرير نُشر على موقع Medscape في عام 2019، بعد الحصول على بيانات ما يقارب 15 ألف طبيب من مختلف الاختصاصات، أن أكثر من 44% منهم يعاني من الاحتراق الوظيفي والاكتئاب.
هناك خمسة عوامل أساسية يمكن أن تساهم في تفاقم الاحتراق الوظيفي للعاملين، وفقًا لتقرير جالوب لعام 2018:
- الوقت غير الكافي: يعتبر الموظف الذي يشعر بأنه يملك الوقت الكافي للقيام بعمله بشكل جيد، أقل عرضة بنسبة 70% للاحتراق الوظيفي الشديد، بينما يصاب الأشخاص غير القادرين على كسب المزيد من الوقت خلال عملهم (مثل المسعفين ورجال الإطفاء)، بالاحتراق الوظيفي بشكل أكبر.
- الافتقار إلى التواصل والدعم من الإدارة: يشكّل الدعم الذي يقدّمه المدير لموظفيه حاجزًا نفسيًا ضد التوتر، وهم أقل عرضة بنسبة 70% للإصابة بأعراض الاحتراق الوظيفي بشكل متكرر.
- الأدوار غير الواضحة: لا يعرف الكثير من الموظفين المهام المطلوبة منهم بوضوح، وبالتالي يمكن أن يشعر الشخص بالإرهاق من خلال محاولة معرفة ما يجب أن يقوم به، خصوصًا عندما تتبدل المهام والواجبات باستمرار.
- عدم تحمّل ضغط العمل: سوف يشعر الموظف باليأس والإحباط، عندما لا يستطيع التعامل مع أعباء العمل بشكل جيد. قد يؤدي الشعور بالإرهاق إلى ظهور أعراض الاحتراق الوظيفي خلال وقت قصير.
- المعاملة السيئة: قد يعاني الموظف الذي يعتقد أنه يتم التعامل معه بشكل غير عادل لقاء عمله من الاحتراق الوظيفي بشكل أكبر بمرتين أو ثلاث. يشمل هذا التعامل مواقف مثل: التعويض غير العادل وسوء المعاملة من زملاء العمل.
قد تكون الوظيفة مصدر التوتر الذي يساهم في حدوث الاحتراق الوظيفي بشكل أساسي، لكن يمكن أن تفاقم ضغوط الحياة الأخرى من شدة الأعراض وتواترها أيضًا، كما تلعب سمات الشخصية وأنماط التفكير مثل: المثالية الزائدة والتشاؤم، دورًا هامًا في شدة التوتر الذي تشعر به.
كيف يمكنك حماية نفسك من الاحتراق الوظيفي؟
قد تشعر بعد استمرار الأعراض لفترات طويلة أنها ستكون حالة دائمة، لكنها في الواقع قابلة للعكس. إذا كنت تعاني من الاحتراق الوظيفي، فقد تحتاج إلى إجراء بعض التغييرات على بيئة عملك مثل:
1- قد يكون التواصل مع الإدارة بشأن المشاكل والصعوبات التي تواجهها حلًا مفيدًا في خلق بيئة عمل أكثر صحة، ومن الضروري في بعض الحالات، تغيير الوظيفة أو اختيار مجال عمل جديد للبدء في التعافي من الاحتراق الوظيفي. يساعد تبديل المهام على الأقل في تخفيف الأعراض، بحال عدم القدرة على إيجاد وظيفة أفضل.
2- من المفيد أيضًا اتباع أساليب صحية لمساعدتك على التعامل مع التوتر، حيث تعتبر استراتيجيات الرعاية الذاتية مثل: اتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، وتعلّم عادات Sleep الصحية، فعالة في تقليل آثار التوتر الشديد في العمل.
3- توفر أيام الإجازة بعض الراحة المؤقتة، لكن لن يكون ذلك كافيًا للتغلب على الإرهاق، بعد أسبوع من العودة للعمل؛ لذا تلعب فترات الراحة المنتظمة إلى جانب بعض تمارين التأمل اليومية، دورًا كبيرًا في التخلص من الأعراض.
ننصحك باستشارة طبيب أو معالج نفسي مختص، إذا كنت تعاني من الاحتراق الوظيفي وتواجه صعوبة في إيجاد الحل، أو تشك أنك تعاني أيضًا من حالة نفسية مثل الاكتئاب. يمكن أن يساعدك اختصاصي الصحة النفسية في التعرف على الاستراتيجيات التي تحتاجها لتشعر بأفضل ما لديك.
يمكنك من خلال تحميل تطبيق لبيه مجانًا، تجربة مقاييس الاحتراق الوظيفي والاكتئاب، ومعرفة سبب كل ما تشعر به، بالإضافة لحجز موعد استشارة مع طبيب أو معالج نفسي مختص، والانضمام للبرامج العلاجية ومجموعات الدعم المختلفة. أنشئ حسابك الآن، وابدأ رحلة التعافي.
الدراسات:
1- Pereira, Henrique, Gergely Feher, Antal Tibold, Vítor Costa, Samuel Monteiro, and Graça Esgalhado. 2021. “Mediating Effect of Burnout on the Association between Work-Related Quality of Life and Mental Health Symptoms” Brain Sciences 11, no. 6: 813. https://doi.org/10.3390/brainsci11060813.