ما علاقة السوشيال ميديا بالاكتئاب؟
جميعنا قد نتساءل ما علاقة السوشيال ميديا بالاكتئاب؟ خاصة مع ما تمثله التكنولوجيا من دور أساسي في حياتنا اليومية.
ومن الأمثلة على التكنولوجيا المتقدمة انتشار تطبيقات السوشيال ميديا والتي تعتبر أداة ضرورية في حياة الملايين حول العالم، فهي تسهل على الأشخاص التواصل مع بعضهم البعض ومشاركة أفكارهم وآرائهم، بالإضافة إلى مشاركة الصور والفيديوهات بسرعة وسهولة كبيرة، لكن على الرغم من فوائدها المتعددة إلا أنه يجب أن ندرك أن لديها بعض المخاطر وخاصة على الصحة النفسية، إذ يمكن أن يتولد ارتباط قوي بين استخدام السوشيال ميديا والاكتئاب.
ما علاقة السوشيال ميديا بالصحة النفسية؟
تعتبر السوشيال ميديا بيئة افتراضية تتيح لنا الانخراط في العديد من الأنشطة والتفاعلات الاجتماعية، ومع زيادة استخدام السوشال ميديا بين الأشخاص من جميع الفئات العمرية، بدأت الأبحاث تشير إلى وجود ارتباط وثيق بين استخدام هذه الوسائل وزيادة انتشار اضطرابات الصحة النفسية كالاكتئاب، إذ وفقًا لبعض الإحصائيات، يستخدم ما يقارب 4 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم مواقع الإنترنت مثل: Facebook و Twitter و Instagram، مما دفع هذا الاستخدام خبراء الصحة النفسية إلى التحقق فيما إذا كانت هذه الشعبية الهائلة لوسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا في تطور اضطرابات الصحة النفسية.
وقد أكدَّ الجراح العام الأمريكي الدكتور فيفيك مورثي مؤخرًا في a study أجراها بتاريخ مايو 2023، هدفت إلى الإشارة إلى الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للمراهقين، وأشار في هذه الدراسة إلى أنه خلال فترات النمو، فإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي المفرط يُنبئ بانخفاض كبير في مستوى الرضا عن الحياة، مسببًا الاكتئاب، بالإضافة إلى وجود فرصة لتطور مخاوف إضافية حول صورة الجسد المثالية، وحدوث اضطرابات في النوم.
هل يمكن أن يكون استخدام السوشيال ميديا سببًا للإصابة بالاكتئاب؟
من المعروف أن الاكتئاب يمكن أن يتطور بعد تغيير كبير في الحياة أو بعد التعرض لحدث صادم، كوفاة أحد أفراد الأسرة أو فقدان الوظيفة، وعندها من الطبيعي تمامًا أن يشعر الشخص بالضعف، وأن يفقد الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها في السابق، ولكن أكدّت العديد من الأبحاث أن استخدام السوشيال ميديا له نتائج سلبية على الصحة النفسية وأصبحت تعد من الأسباب الرئيسية للإصابة بالاكتئاب السريري.
بينت a study نُشرت في عام 2014 أن وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب قد يكونان جزء من حلقة مدمرة، بمعنى أن الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى الاكتئاب، ومن جهة أخرى يميل الذين يعانون مسبقًا من الاكتئاب إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر، ويمكن أن يرتبط ذلك بخطر تعرضهم إلى مستويات أشد من أعراض الاكتئاب، وهو العامل الذي يُنذر بالخطر.
كيف يمكن أن يساهم استخدام السوشيال ميديا في الإصابة بالاكتئاب؟
أكدت العديد من الدراسات تأثير الجوانب السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما فيما يتعلق بالصحة النفسية، ومن هذه الجوانب ما يلي:
ارتفاع مستويات القلق والتوتر
وجدت a study أجريت في عام 2017 وشملت أكثر من نصف مليون طالب من الصف الثامن إلى الصف الثاني عشر، أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لمدة تزيد عن ساعتين في اليوم يرتبط بمستويات عالية من أعراض التوتر والاكتئاب.
يمكن أن يكون السبب وراء قضاء وقت طويل على وسائل التواصل الاجتماعي هو الجهد الذي يبذله هؤلاء الأشخاص في بناء هويتهم الرقمية، حيث يخشون الرفض أو القبول من الآخرين لأنهم مشروطون بعرض أفضل صورة للذات كطريقة حديثة لمواكبة الآخرين، وذلك من خلال التقاط الصورة المثالية بالكاميرات المناسبة والزوايا المثالية وارتداء الملابس المناسبة في المكان المناسب مع الأشخاص المناسبين، فيساهم ذلك في زيادة مشاعر القلق والتوتر والاكتئاب.
انخفاض الرضا عن الذات
يمكن أن يساهم الشعور بانخفاض القيمة وعدم الرضا عن الذات بالإصابة بالاكتئاب، فقد أشارت دراسة شملت 44.161 طالب جامعي إلى أن انعدام القيمة الذاتية والشعور بعدم الكفاءة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاكتئاب، لذا يمكن أن يسبب الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي شعورك بالفشل وعدم الرضا عن النفس، وخاصة عندما يبدو لك أن الآخرين يعيشون حياة مثالية وناجحة، في حين تشعر بأنك تختلف عنهم، وإن هذا التباين بين الحياة الحقيقية وحياة السوشيال ميديا يمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية وانخفاض الثقة بالنفس وزيادة مشاعر الاكتئاب والقلق.
ضمور الهوية الحقيقية للذات
يمكن أن تؤدي مشاركة إنجازاتك أو مشاركة صور سيلفي لا نهاية لها، بالإضافة إلى مشاركة أفكارك العميقة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تركيز غير صحي على الذات، مما يجعلك تركز على صياغة هويتك عبر الإنترنت بدلاً من صنع ذكريات مع أصدقائك وأفراد عائلتك في الحياة الواقعية.
وفي الواقع، يمكن أن يسبب الانخراط الشديد في جذب الآخرين ولفت الأنظار أو الحصول على القبول على وسائل التواصل الاجتماعي آثارًا نفسية خطيرة، فإذا لم تتلق ردود فعل إيجابية عبر الإنترنت يمكن أن يقودك إلى الشك الذاتي وكره الذات ثم الإصابة بالاكتئاب.
التباعد الاجتماعي
تسبب وسائل التواصل الاجتماعي آثارًا سلبية إذا كنت تميل إلى استخدامها لمحاربة الملل أو للتعامل مع الشعور بالوحدة، وعلى الرغم من أن هذه المشاعر مزعجة ومن الطبيعي أن ترغب في التخفيف من حدتها، إلا أن اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الراحة أو الإلهاء ليست طريقة صحية للتعامل مع المشاعر والعواطف، فقد يؤدي التباعد الاجتماعي في الحياة الحقيقية وعدم بناء علاقات حقيقية مع الآخرين نتيجة الانخراط المفرط في السوشيال ميديا إلى الشعور بالاكتئاب، والذي ينعكس سلبًا على الصحة النفسية السليمة.
على الرغم من أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون وسيلة للتواصل مع الآخرين والاطلاع على الأخبار، لكن يمكن أن يكون لها تأثير ضار على الصحة النفسية، لذا ينصح المختصون في لبيه بتحديد حدود زمنية للاستخدام والعمل على الموازنة بين الوقت الذي تقضيه على الإنترنت والوقت الحقيقي مع الأشخاص المحيطين بك.
ولكن إذا كنت تواجه صعوبة في التحكم بوقتك وبدأتَ في ملاحظة مشاعر الحزن وعدم الرضا والإحباط يمكنك التواصل مع المختص من خلال تحميل تطبيق لبيه الذي سيساعدك بتنمية أساليب فعالة للتخلص من مشاعرك السلبية.
المراجع
1- Surgeon General Dr. Vivek Murthy, 2023 SOCIAL MEDIA AND YOUTH MENTAL HEALTH, AMERICAN COUNSELING ASSOCIATION, May 24, 2023.
2- Kardefelt-Winther D. (2014), A conceptual and methodological critique of internet addiction research: Towards a model of compensatory internet use, ScienceDirect, February 2014, doi.org/10.1016/j.chb.2013.10.059.
3- Centre for Addiction and Mental Health. Social media use and mental health among students in Ontario. CAMH Population Studies eBulletin. 2018;19(2).
4- Harrison P, Lawrence AJ, Wang S, et al. The psychopathology of worthlessness in depression. Front Psychiatry. 2022;0. doi:10.3389/fpsyt.2022.818542