مرحلة البلوغ والصحة النفسية: دراسة بحثية جديدة
مرحلة البلوغ هي المرحلة الهامة والمفصلية في حياة كل فرد، وذلك بسبب ما يحدث فيها من تغيرات جسدية وكذلك نفسية تظهر على جسد المراهق في حالة البلوغ. كما أن فهم الأمور التي تحدث للمراهق تساعد في عملية تقبل ما يفعل ومراقبته جيداً في كل تصرفاته. هو ما يجعلها تمر بسلام وبسهولة بدون أي مشكلات صحية أو نفسية، وكذلك بدون أي عداوات وندية مع أي شخص. في هذا المقال سنوضح الصلة بين الصحة النفسية والمراهق في مرحلة البلوغ.
ما هي مرحلة البلوغ؟
تلك المرحلة التي يبدأ فيها جسم الفرد المراهق في التطور والنمو والتغيير. يحدث التطور على المستوى الجسدي والنفسي بشكل سريع، فهي تمثل نضوج الذكر والأنثى بالكامل وبشكل جنسي. تبدأ مرحلة البلوغ من عمر 10 وحتى 14 عام للإناث بينما الذكور تبدأ من 12 لـ 16 عام ويرافق البلوغ تغيرات فيزيائية ونفسية تظهر على الذكر والأنثى.
ماذا يحدث لجسمك أثناء البلوغ ؟
تعد مرحلة المراهقة واحدة من أكثر الفترات تحديًا وتغييرًا في خصائص الجسم البنيانية والجسدية، وتظهر أعراض هذه المرحلة على المراهقين بشكل عام. لكنها تختلف من شخص لآخر، حيث يمر الجميع بهذه التغيرات عند بلوغهم. وتبدأ هذه المرحلة بإفراز هرمونات البلوغ، والتي يتم تحفيز إنتاجها عندما يرسل الدماغ إشارات إلى الجسم. تجري هذه العملية في الغدة النخامية، التي تقوم بإفراز هرموني (ملوتن) و(الجريب). رغم أن عمل هذين الهرمونين يختلف بين الذكور والإناث، إلا أنهما يلعبان دورًا أساسيًا في التغيرات التي تحدث خلال هذه المرحلة.
\
تأثير هرمونات البلوغ عند الذكور
تؤثر الهرمونات في الذكور بشكل مختلف، حيث تعطي إشارة لبدء إنتاج هرمون الذكورة، وهو التستوستيرون، المسؤول عن إنتاج الحيوانات المنوية. يسبب هذا الهرمون العديد من التغيرات في جسم الذكر خلال مرحلة البلوغ، حيث تُنتج خلايا الحيوانات المنوية لتكون جاهزة لعملية التكاثر.
تأثير هرمونات البلوغ عند الإناث
يعد هرمون الأستروجين أساسيًا في جسم النساء، حيث تتواجد البويضات منذ الولادة، ويعمل هذا الهرمون على تنشيط المبايض لإنتاج الهرمونات اللازمة لنضوج الجهاز التناسلي الأنثوي. هذا يساعد في تحضير الجسم للدورة الشهرية وعملية التكاثر الجنسي. تؤدي هذه التغيرات إلى تأثيرات كبيرة على الجسم، تشمل تغييرات كيميائية وشكلية ونفسية أيضاً.
تأثير مرحلة البلوغ على الصحة النفسية
كما ذكرنا، تحدث العديد من التغيرات الجسدية والبيولوجية خلال فترة البلوغ. تؤثر هذه التغيرات أيضًا على الجانب النفسي، وقد يشعر الفرد الذي يبدأ مرحلة البلوغ، أو حتى قبلها، باضطرابات قوية وظهور مشاعر جديدة لم يختبرها من قبل.
– يمكن أن يشعر الفرد بالقلق حيال التغيرات التي تطرأ على مظهر جسمه، وقد يصبح حساسًا تجاه المواقف، ويميل إلى الغضب بسرعة تجاه أفراد العائلة والأصدقاء.
تتطلب هذه المشاعر والاضطرابات اهتمامًا خاصًا، إذ يصعب على الآباء تقبلها في كثير من الأحيان. إن هذه التغيرات لا تقتصر على البيئة المحيطة، بل تحدث في داخل الطفل الذي بلغ سن المراهقة.
– فالبلوغ ليس مجرد تحول جسدي، بل يشمل أيضًا تغيرات عقلية ونفسية. كما يساعد التحدث مع شخص مقرب كثيرًا في تخفيف هذه التوترات، مما يجعل هذه المرحلة تمر بسلاسة.
– يمر العديد من الأفراد في فترة البلوغ باضطرابات واضحة نتيجة التغيرات التي تطرأ على أجسامهم، مثل تغييرات في الصوت والشعر والميل نحو أمور جديدة. هذا يجعلهم يشعرون بالحرج من مناقشة هذه التغيرات، وقد يزداد قلقهم أثناء الحديث عنها.
من الضرورى الحصول على المعلومات حول هذه المرحلة. إن نقص المعرفة قد يؤدي إلى مشاعر القلق والتوتر، وبعض الأفراد لا يشعرون بالراحة تجاه هذه التغيرات. هذا قد يسبب توترًا مع الآباء الذين لا يعرفون معلومات كافية. لذلك، يعد الحديث طريقة مفيدة للتعامل مع هذه المرحلة عن طريق اللجوء إلي المختصين.
أسباب التغيرات النفسية في مرحلة البلوغ
تعتبر مرحلة البلوغ أهم المراحل التي تتغير فيها نفسية الفرد من مرحلة الطفولة إلى البلوغ، بجانب التحول من مرحلة الضحك والمزاح إلى مرحلة الجدية والشدة أحيانًا. يرجع ذلك إلى:
التغير الجسدي والبيولوجي وكذلك العصبي والهرموني. تغير التفكير ومهارات التصرف في المواقف زيادة القدرة المعرفية والفكرية واختلاف رغبات المراهقين واهتماماتهم في تلك المرحلة.
اضطرابات مرحلة البلوغ النفسية
يعاني المراهقون من الكثير من الاضطرابات النفسية في مرحلة المراهقة وصولاً بمرحلة البلوغ، لأن هذا العمر أكثر عرضة للاضطرابات النفسية. إليك أهم الاضطرابات النفسية وهي:
الاضطرابات العاطفية:
وهي الشائعة بشكل كبير في تلك المرحلة وتسبب القلق والاكتئاب والميل ناحية الجنس الآخر.
الاضطرابات السلوكية:
تشمل هذه المرحلة اضطرابات مثل نقص الانتباه وفرط الحركة. يعاني الفرد من نشاط زائد وتصرفات اندفاعية دون التفكير في النتائج أو العواقب، وتؤثر هذه الاضطرابات على التعلم وتزيد من الرغبة في تجربة أشياء جديدة والمجازفة. يمكن أن تؤدي هذه السلوكيات إلى اضطرابات في التصرف، وقد تصل في بعض الحالات إلى سلوكيات عدوانية أو إجرامية.
اضطراب الأكل
في هذه المرحلة، قد يظهر اضطراب في الشهية. يشعر البعض بفقدان الشهية بشكل ملحوظ ويمتنعون عن تناول الطعام، بينما قد يشعر آخرون برغبة مفرطة في الأكل ويتناولون كميات كبيرة بشكل ملفت.
الذهان
تظهر أعراض مرض الذهان في أواخر مرحلة المراهقة والتي يمكن أن تمتد للكثير من الأوهام والهلوسة.
إيذاء النفس
في مرحلة النضج أو البلوغ، قد يميل الفرد إلى التفكير في عادات سلبية، مثل إيذاء النفس أو خوض تجارب خطرة قد تؤدي أحيانًا إلى نتائج مؤسفة كالانتحار. كما قد يتزايد الفضول نحو تعاطي المخدرات أو التدخين في محاولة للتجربة أو التكيف مع البيئة المحيطة.
أسباب الاضطرابات النفسية لمرحلة البلوغ
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي يمكن أن تساهم في زيادة أخطاء الإصابة بالاضطرابات النفسية خاصة في تلك المرحلة المهمة التي يمر بها الفرد من المراهقة حتى النضوج:-
العوامل البيئية
تلعب العوامل البيئية دورًا كبيرًا في الصحة النفسية للمراهق. فالبيئة المحيطة المتوتر تؤدي إلى حدوث اضطرابات نفسية لدى الفرد في مرحلة البلوغ.
الطفولة
تعتبر مرحلة المراهقة حساسة بشكل خاص، وخاصةً لمن عاش طفولة صعبة. هذا يجعله أكثر عرضة للاضطرابات النفسية، فالمراهق الذي تعرض لاعتداءات جسدية أو جنسية، أو مر بتجارب صادمة، يكون أكثر عرضة لتطوير اضطرابات نفسية خطيرة نتيجة تأثير هذه التجارب السلبية على صحته النفسية.
الوراثة
بعض الأفراد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمشكلات النفسية والاضطرابات العقلية بسبب وجود تاريخ عائلي لهذه الأمراض. سواء كان السبب وراثيًا من الآباء والأجداد، أو لوجود أفراد في العائلة يعانون من هذه الاضطرابات، فإن العوامل الوراثية تزيد من احتمالية تعرضهم لهذه المشكلات.
حماية الصحة النفسية للأطفال
يمكن للآباء دعم الصحة النفسية لآبنائهم خلال مرحلة البلوغ من خلال إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، وتشجيع النقاش الدائم معهم، والاستماع بتفهم إلى أفكارهم وآرائهم. إن دعم الآبناء بمعلومات كافية حول المواضيع التي قد تثير فضولهم يسهم في تقليل حاجتهم للبحث عنها بطرق أخرى. هذا يخفف من التوتر ويعزز ثقتهم بأنفسهم.
التحلي بالصبر
من الضرورى تقبل سلوك المراهقين والتحلي بالصبر على تصرفاتهم، إلى جانب الاستماع لهم والتحدث معهم باستمرار.
وفي الختام، يجب التأكيد على أن التحديات في مرحلة البلوغ والنضج تكون نفسية بالدرجة الأولى، نتيجة التغيرات الكبيرة التي يمر بها الفرد، والتفكير المستمر فيما يحدث له من تحولات على المستوى العقلي والعاطفي.
المصادر: 1