الرفاهية النفسية بين الأجيال
تعرف الرفاهية النفسية بأنها أحد محاور علم النفس. وهي مصطلح حديث يرمز به العديد من المختصين وعلماء النفس وباحثي الصحة النفسية والعقلية، من أجل شرح مفهوم السعادة أو الشعور بالوجود الأفضل في الحياة أو العيش الطيب وتحقيق جودة الحياة والوصول إلي مرحلة الهناء النفسي والشخصي.
ويعبر عنها بأن الرفاهية النفسية هي مؤشرات ودلائل سلوكية وانفعالية يمكن أن يمتلكها الشخص في حياته والدالة على رضا الفرد عن حياته بشكل تام.
الفرق بين الأجيال في الصحة النفسية
وقالت العديد من الدراسات بأن مواليد التسعينات يعانون من تدهور الصحة النفسية عن الأجيال التي تسبقه ولا يتعافون برغم من تقدم السن بهم.
وأكد باحثي جامعة سيدني الاسترالية بأن هناك تدهور في صحة هذا الجيل العقلية. فلكل جيل متعاقب من الخمسينات يحدث تدهور ملحوظ جداً. وتقول الدراسات بأن تحديات الصحة العقلية لا تؤثر على الأجيال الشابة فقط، بل هي تمتد ببطئ إلى كل جيل يقترب من مرحلة العجز والكبر والشيخوخة.
وقد عملت تلك الدراسات الاستقصائية على أكثر من 30 ألف شخص بالغين. وجدوا أن الجيل الأصغر لم يكن الأسوأ في صحته النفسية، بل أظهرت مشاكلهم العاطفية علامات قليلة تبين التحسن على مدار الدراسة بعكس الجيل الأكبر سناً.
كما أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت المشاركين أيضاً ليسوا جيدين. وهو ما يؤكد تأثير تلك الوسائل على الصحة النفسية ومسؤوليتها في المقام الأول.
الأجيال الجديدة الأكثر عرضة للمرض النفسي
وكشف الطبيب رتشارد موريس بأن من هم في عمر الثلاثين يكونوا أكثر عرضة للأمراض العقلية والنفسية بمن هم في عمر الخمسين. وتعتبر دراسته هي الأولى التي يمكن للعلماء فيها ظهور الفرق في الأجيال والصحة النفسية.
وشدد على أن صحة الأجيال الشابة والحديثة النفسية والعقلية هي أسوأ من حيث العمر إذا ما قورنوا بأجيال التسعينات. فهم يعانون من مشاكل نفسية واضطرابات عقلية وأكثر تعرضاً للاكتئاب من مواليد الثمانينات.
تأثير التكنولوجيا على صحة الأجيال النفسية
واستكمل كبير الباحثين في معهد بلاك دوغ، بيتر بالدوين بأن التكنولوجيا تعتبر هي المسؤولة بشكل كبير في تلك الظاهرة. فالأشخاص المولودين في الثمانينات كان لديهم إنترنت بينما التسعينات لديهم وسائل تواصل اجتماعي وليست المشكلة فيها، بل في المقارنات الاجتماعي المضرة بالصحة النفسية والعقلية.
كما أن تلك الوسائل تعرض العديد من الأزياء والرياضيين ورجال الأعمال. وهو ما يجعل الفرد يصاب بالإحباط ويكون مقياساً صعباً للغاية إذا ما قارن الشخص نفسه بهم.
مقياس الرفاهية النفسية
هناك معادلة نفسية للإنسان ولحياته تبنى على إشباع حاجاته من أجل تحقيق التوازن. هذا التوازن الذي إذا تحقق يعود بالصحة الإيجابية على الفرد وتلك العائدات الإيجابية تعرف بالرفاهية النفسية. فهو مصطلح يدل على رضا الفرد عن حياته ومستواه بشكل عام.
فتلك الرفاهية هي الوجه الآخر للإيجابية والتي يمكن أن تجعل الإنسان ينظر للحياة بشكل متفائل وبمعنى الاعتماد على وضع أهداف مستقبلية تسعى لتحقيقها ويشعر بالاستقلالية في تحديد مسار حياته.
بالتالي يشعر الفرد بالسكينة والطمأنينة والراحة النفسية ويشكل علاقات اجتماعية يمكن لهم أن يمنحه طاقة إيجابية. وهذا هو مقياس تلك الرفاهية، كلما كانت الحالة النفسية جيدة والفرد راضِ عن حياته بشكل تام يتمتع بمستوى عالي من الصحة النفسية. وهذا يسمى التوازن النفسي للفرد.
دعم الأجيال من أجل الرفاهية النفسية
يمكن أن ندعم الأجيال الجديدة بتقديم النصائح لهم وسرد العثرات النفسية التي سقط كلاً منا فيها من أجل تقوية صحته النفسية. فينصح العديد من الخبراء وعلماء الصحة النفسية بتلك النصائح من أجل الحصول على السلامة النفسية:-
احترام الذات
يقول العلماء بأن تخصيص وقتاً للفرد للجلوس مع نفسه والتعامل معها باحترام والتصفيق لها داخلياً بدلاً من جلد الذات. هذا يجعل الصحة النفسية أقوى لأنه يخرجها من المقارنات والضغوط التي يفرضها على نفسه. إن ممارسة الهوايات المفضلة لديك تعتبر علاج نفسي لك وبمثابة المناعة لصحتك النفسية والعقلية.
الحافظ على الهدوء دائماً
قد تتسائل ما علاقة القهوة كمشروب بالهدوء الشخصي وكيف تحقق ذلك. لكن العلماء وضحوا أن القهوة واستهلاكها ترتبط بانخفاض معدلات الاكتئاب. فإن الكافيين بها يجعل عقلك يقظاً يبحث دائماً عن الجديد وينعش التفكير، بجانب أنه يجعلك تأخذ قسطاً من الراحة والهدوء وحاول تقليد من يشربون فنجان الصباح في الشرفة أو البلكونة أو في الحديقة مع موسيقى هادئة هذا يخرجك من الضغط النفسي.
الحافظ على الصحة الجسدية
اعلم أن العقل السليم في الجسم السليم. وهذا ما تعودنا عليه، لكن الجسم الصحي والسليم والرياضي يقودك إلى العقل القوي والراسخ والنفسية الفولاذية القوية.
وقد نشر موقع جامعة ميشيغان الأميركية أن تناول الطعام الصحي والبعد عن العادات السيئة كالسجائر والكحول كلها تقلل من الاكتئاب وحسن الحالة المزاجية. وكذلك شرب الماء يعمل على تحفيز الشعور الإيجابي بالجسم.
تعزيز العلاقات الاجتماعية
عليك تقوية علاقاتك الاجتماعية والأسرية وذلك لأن جلسة واحدة عائلية تعتبر بمثابة مئات جلسات العلاج النفسي والعقلي لدى الأطباء المختصين. فالأنشطة التي نمارسها مع العائلة تجعلك شخصاً جيداً وتزيد من قيمتك أمام نفسك. بجانب أنك ستحصل على الدعم النفسي الكافي من العائلة ومن حولك.
الحرص على مساعدة الآخرين
تخصيص جزء من وقتك وطاقتك اليومية أو حتى الأسبوعية لمساعدة شخص في أعماله أو قضاء حوائج الأشخاص أو حتى إبداء النصائح لمن هم أقل منك وظيفياً يجعل منك شخصاً مرتاح البال. وهو ما يحفزك داخلياً عقب الشعور الإيجابي ويمنح الصحة النفسية القوة.
مرونة التعامل مع القلق والتوتر
في الواقع ليس هنالك الكثير يعرفون تلك المهارة إلا أنها تنفع الجميع وتفيد الكل. لكن بإمكانك أن تتدرب كثيراً على المهارات الخاصة بالتأقلم والرياضة والمشي واللعب مع الأطفال والتأمل. فهم يساعدوك على ترويض القلق والتوتر ويشعرون الفرد بحياة أفضل .
وضع أهدافاً سهلة أمامك
دائماً عليك الرفق بنفسك وبعقلك. فحينما تخطط لشئ عليك، أولاً أن تدرسه وتعلم هل هو سهل التحقيق وهدف واقعي أم صعب وسيحتاج إلى عمل كثير فوق طاقتك أم تستطيع تحقيقه. وذلك لأجل ألا تجهد نفسك بما ليس لك قدرة عليه فالإنجازات الصغيرة تجلب معها انتصارات كبرى معروفة.
الحب
يمكنك أن تظهر لنفسك بعض الحب من أجل الشعور بالتحسن وبالإيجابية في حياتك. فالعلاقات العاطفية قد تكون هي المحرك الأساسي لعقلك ولصحتك النفسية، فجريدة مينتال هيلق الأمريكية تؤكد بأن العلاقات العاطفية هي مفتاح سعادة العقل ورجحانه النفسي.
وفي الختام عليك أن تعرف أن تحقيق الرفاهية ليس سهلاً، لكنها تختلف من جيلاً إلى جيلا حسب المؤثرات والعوامل التي تؤثر بشكل مباشر في تلك الرفاهية، كما أن الصحة النفسية مهمة جداً للفرد ومنه للمجتمع والأجيال جميعاً. يجب عليك أن تحسن صحتك النفسية وتنصح غيرك بتحسينها من أجل تغيير نظرة الأجيال الجديدة نحو المستقبل، ولكي يهتموا بصحتهم العقلية. استعن بتطبيق لبيه لمساعدة على تحقيق مستوى أعلى من الرفاهية النفسية.