ماذا أفعل عندما أعلم أن شخصًا ما يعاني من أزمة نفسية؟
ينتشر بين العديد من الأفراد حالة من الاضطراب العاطفي الشديد أو الأزمات النفسية، والتي تعيقهم عن التعامل مع مواقف الحياة اليومية بشكل طبيعي، والتي تتفاوت في شدتها بين الأفراد، وكأن الأزمات النفسية أصبحت جزء طبيعي من حياتنا المعاصرة، فأصبح من الهام معرفة كيفية التعامل معها بطرق فعالة وصحية لتجاوزها والتعافي منها.
في هذا المقال سنلقي الضوء على مفهوم الأزمة النفسية وأنواعها وأسبابها وأهم أعراضها لنجاوب على سؤال ماذا أفعل ولا أفعل عندما أعلم أن شخصًا ما يعاني من أزمة نفسية؟
مفهوم الأزمة النفسية
الأزمة النفسية هي مرحلة من اختلال التوازن النفسي، يتعرض لها الأشخاص في مراحل مختلفة من حياتهم، والتي تنشأ نتيجة لمجموعة متنوعة من الأسباب، يشعر الفرد بعدها بالعجز عن التعامل مع المواقف التي يواجهها. ويمكن أن تتضمن هذه الأزمات مشاعر مثل القلق والاكتئاب والشعور بالذنب أو حتى اليأس. وقد تتفاوت شدة هذه الأزمات من شخص لآخر.
أسباب الأزمات النفسية
يمكن أن تنشأ الأزمات النفسية في مراحل مختلفة من حياة الأشخاص، فقد تكون نتيجة لأسباب متعددة منها:
التعرض لصدمة أو أحداث مؤلمة مثل فقدان عزيز أو أحد أفراد الأسرة أو الانفصال.
الضغوط الاجتماعية أو التغيرات الاقتصادية كفقدان الوظيفة.
الضغوطات اليومية المتراكمة في العمل أو المشكلات المادية.
الصراعات الداخلية التي تنشأ نتيجة للتعارض بين الرغبات و المبادئ الشخصية.
التغيرات المفاجئة في الحياة مثل الانتقال إلى مكان جديد أو بدء مرحلة جديدة في الحياة أو وظيفة جديدة.
أنواع الصدمات النفسية المختلفة
يمكن التعبير عن الصدمات النفسية بأنها التجارب المؤلمة التي يتعرض لها الأفراد وتؤثر على حياتهم بشكل كبير. وتتعدد أنواعها، ويختلف تأثيرها الصحة النفسية. إليك أبرز الأنواع وأعراضها:
الصدمة الحادة
تحدث نتيجة التعرض لحدث صادم واحد، مثل حادث مروري أو اعتداء جسدي.
الأعراض: تشمل مشاعر القلق، الذعر، والارتباك، وقد تستمر لفترة قصيرة أو تتحول إلى اضطراب ما بعد الصدمة إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح.
الصدمة المزمنة
تنشأ عن التعرض المتكرر للأحداث المؤلمة على مدى فترة طويلة، كالعنف المنزلي والتنمر.
الأعراض: تشمل الاكتئاب، القلق المستمر، وصعوبة في التكيف مع الحياة اليومية.
الصدمة المعقدة
تلك التي تحدث نتيجة سلسلة من الأحداث المؤلمة التي تتداخل مع بعضها البعض، وتؤدي إلى تأثيرات نفسية عميقة وطويلة الأمد.
الأعراض: تشمل صعوبة في بناء العلاقات، مشاعر عدم الأمان، وفقدان الهوية.
الصدمة الثانوية أو غير المباشرة
تنشأ من مشاهدة أو معرفة شخص آخر يتعرض لحدث صادم والتفاعل معها.
الأعراض: تظهر على شكل قلق أو كآبة بسبب التعاطف مع الشخص المتضرر.
صدمات الطفولة
تلك الصدمات المتعلقة بتجارب مؤلمة تعرض لها الطفل مثل الإهمال أو الاعتداء.
الأعراض: تؤثر على تطور الشخصية والعلاقات في مراحل لاحقة من الحياة.
صدمات العجز وعدم الشعور بالأمان
تتعلق بالمواقف التي يشعر فيها الشخص بالعجز أو فقدان الأمان، مثل فقدان أحد الوالدين.
الأعراض: تشمل مشاعر القلق الدائم وفقدان الثقة بالنفس.
ماذا أفعل عندما أعلم أن شخصًا ما يعاني من أزمة نفسية ؟
عندما تعلم أن شخصًا ما يعاني من أزمة نفسية، فإن تقديم الدعم والتفهم يمكن أن يساعد الشخص أيّما مساعدة، لذلك يمكنك تقديم الدعم بطرق تساعده:
الاستماع الجيد الفعال يمكن أن يكون له تأثير كبير على شعور الشخص بالراحة.
منح الشخص الفرصة للتعبير عن مشاعره دون مقاطعة.
تقديم الدعم العاطفي وإظهار التعاطف والاهتمام عند التعامل معهم.
احترام مشاعر الشخص وعدم إبداء تعليقات قد تبدو غير حساسة.
التشجيع المستمر بكلمات الدعم يمكن أن تكون لها تأثير إيجابي.
تشجيع البحث عن المساعدة المهنية و استشارة مختص نفسي عند الحاجة.
توفير المعلومات حول الموارد المتاحة التي يمكن أن تساعده مثل خطط الدعم أو مجموعات المساعدة.
سلوكيات يجب تجنبها أثناء التعامل معهم
عند التعامل مع شخص يعاني من أزمة نفسية، فعليك تجنب بعض السلوكيات التي قد تؤدي إلى زيادة حالته، مثل:
تجنب الحكم أو الانتقاد وأن تكون حساسًا لمشاعرهم.
تجنب أي تعليقات محبطة أو غير مفهومة.
عدم تجاهل مشاعرهم والتقليل منها أو وصفها بأنها مبالغ فيها، فكل شخص يواجه الأزمات بشكل مختلف.
تجنب الانعزال عن الآخرين قد يزيد من حدة الضيق النفسي.
لا تفرض الحلول بدلاً عنهم، بل اسمح لهم بالتعبير عن احتياجاتهم ورغباتهم، وخطوات التغلب على الازمة.
استراتيجيات التعامل مع الصدمة النفسية في وقت الصدمة
يتطلب التعامل مع الصدمة النفسية في أوقات كثيرة استراتيجيات متنوعة وطلب الدعم لضمان التعافي السليم. من خلال تطبيق بعض الاستراتيجيات الفعالة:
الاعتراف بالمشاعر المؤلمة وتقبلها.
لا تحاول كبت مشاعرك، بل تحدث عنها مع شخص تثق به.
الحفاظ على الروتين الأنشطة اليومية المعتادة قدر الإمكان لتوفير الشعور بالاستقرار.
ممارسة الرياضة الخفيفة لمدة 30 دقيقة على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع.
تخصيص وقت للراحة والأنشطة التي تجلب السعادة والراحة مثل القراءة أو مشاهدة الأفلام الكوميدية.
التواصل مع الآخرين والتحدث مع الأصدقاء أو العائلة.
ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمل.
تنظيم الوقت لأداء المهام اليومية يقلل الشعور بالضغط الناتج عن كثرة المسؤوليات.
ترتيب الأولويات وتنظيمها يزيد من وضوح أهمية المهام المطلوبة منه.
تجنب اتخاذ قرارات مصيرية أو تغييرات في حياتك حتى تشعر بتحسن.
الصبر وعدم الاستعجال في اتخاذ قرارات غير مدروسة بسبب تأثير الصدمة.
اتباع نظام غذائي صحي وتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن، مثل الفواكه والخضروات، يمكن أن يؤثر إيجابياً على الحالة المزاجية.
الانضمام إلى مجموعات الدعم ممن مروا بتجارب مشابهة وتبادل الخبرات معهم.
تحويل الأفكار السلبية إلى إيجابية من خلال التركيز على الأمور الجيدة في حياتك مع تجنب التفكير السلبي.
تثقيف نفسك قراءة المعلومات حول الصدمة النفسية لفهم أثرها وأعراضها ليمنحك الأدوات اللازمة للتعامل معها بشكل أفضل.
أكثر الأعراض شيوعًا للأزمات النفسية
تظهر الأزمات النفسية التي تؤثر على الأفراد من خلال مجموعة من العلامات والأعراض التي قد تشير إلى وجود مشكلة نفسية ويجب الانتباه إليها بأسرع وقت. إليك أبرز هذه العلامات:
الشعور المستمر بالحزن والكآبة أو فقدان الاهتمام بالأشياء التي كانت تثير اهتمامه سابقًا.
الشعور الدائم بالخوف أو القلق من الأحداث المستقبلية أو من تكرار الحدث الصادم.
التقلبات المزاجية غير المبررة، الأمر الذي يؤثر على سلوكه وعلاقاته.
زيادة في مشاعر الغضب أو التهيج، الأمر الذي يتسبب في صراعات مع الآخرين.
صعوبة التركيز أو اتخاذ القرارات، بما يؤثر على أدائهم في العمل أو الدراسة.
التغيرات في النوم بين الأرق أو النوم المفرط.
انخفاض مستوى الطاقة خلال اليوم.
التغيرات كبيرة في عادات الأكل والشهية، بين فقدان الشهية أو الإفراط في تناول الطعام بما يؤدي إلى فقدان الوزن أو زيادته.
الشعور بالذنب تجاه ما حدث، حتى لو لم يكن الشخص مسؤولاً عن الحدث.
زيادة مستويات القلق والتوتر مع الإحساس الدائم بعدم الراحة.
الشعور بانعدام القيمة وزيادة مشاعر اليأس والإحباط.
الميل إلى العزلة والانسحاب الاجتماعي عن الأنشطة الاجتماعية والعلاقات الشخصية.
تجنب المواقف المسببة للذكريات المؤلمة والابتعاد عن الأماكن أو الأشخاص الذين يذكرون الشخص بالحدث الصادم.
في الحالات الشديدة تتطور الأعراض إلى أفكار انتحارية مما يتطلب تدخلاً عاجلاً.
الأعراض الجسدية للصدمة النفسية على الفرد
تتعدد الأعراض الجسدية التي يعاني منها الفرد دون سبب طبي واضح، وما هي إلا انعكاس لتأثير الضغوط النفسية على الجسم، إليك أبرز هذه الأعراض التي يؤثر على أدائهم اليومي وتعتبر مؤشرات مهمة على وجود أزمة نفسية تحتاج إلى اهتمام وعناية وتدخل واعٍ:
الصداع المتكرر أو المزمن وآلام متكررة في الرأس كاستجابة للضغط النفسي الناتج عن الصدمة.
زيادة في معدل ضربات القلب، خاصة في حالات القلق أو الخوف.
شعور عام بالتعب الشديد والإعياء وأوجاع في الجسم.
عدم القدرة على القيام بالأنشطة اليومية.
آلام الظهر وتشنج العضلات خاصة في مناطق الرقبة والكتفين، نتيجة للتوتر المستمر.
الأرق أو صعوبة النوم والكوابيس المتكررة المتعلقة بالحدث الصادم.
فرط اليقظة والانتباه وحالة من التأهب الدائم وكأن هناك خطرًا يحيط به.
اضطرابات الشهية وتغييرات في عادات الأكل، حيث قد يفقد الشخص شهيته أو يتناول الطعام بشكل مفرط.
مشاكل في القدرة الجنسية نتيجة للتوتر النفسي المستمر.
مشكلات في الذاكرة وصعوبة تذكر التفاصيل مع صعوبة في التركيز.
في نهاية المقال، يختلف الأشخاص فيما بينهم في التأثر بالأحداث الصادمة والتجارب القاسية، والتي تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية لهم، ولكن التعرف على كيفية التعامل مع الصدمة النفسية بطرق صحية يمكن أن يحدث فرقاً في تحسين جودة الحياة. فإذا كنت تشك في أن أحد أصدقائك أو أفراد أسرتك يعاني من أعراض أزمة نفسية شديدة أو مستمرة بعد تجربة حدث صادم، فمن المهم استشارة مختص نفسي لطلب الدعم والمساعدة المتخصصة. لا تتردد بتجربة تطبيق لبيه والذي يهدف لمساعدتك على تحقيق صحة نفسية أفضل.
المصادر: 1 2