الكاريزما هي صفة شخصية تتجلى بالطريقة التي يتواصل بها الفرد مع الآخرين ويجذبهم ويؤثر فيهم، وهي لا تتوفر لدى الجميع، إلا أن المختصين يرون أن المهارات الّتي يمتلكها الأفراد ذوي الكاريزما الشخصيّة يمكن أن يتعلمها ويطورها أي أحد.

يرتسم عادةً في ذهن الفرد عند ذكر الكاريزما قادة الأعمال الأقوياء والفنانون وكذلك السياسيون أثناء إلقاء خطاباتهم، فتّعد القدرة على التأثير بمثابة مصدر قوة لقيادة الناس ودفعهم نحو أهداف مشتركة، ومما يكسب الكاريزما جانبًا مظلمًا أيضًا أنه قد يستخدمها الأشخاص النّرجسيون للتلاعب بالآخرين.

يبدو أن الكثير من النّاس يعرفون الكاريزما الشخصية عندما يرونها ويشعرون بها عند الآخرين، مع ذلك غالبًا ما يكون من الصعب تحديد أو تمييز السّمات والسّلوكيات بدقة، ولكن لحسن الحظ بدأ اختصاصيو علم النفس في السّنوات القليلة الماضية في استكشاف الموضوع بشكلٍ مكثفٍ وأفضل، وقد أدت النتائج التي توصلوا إليها إلى جعل الكاريزما أقل غموضًا، وسهلوا من اكتساب المهارات اللّازمة ليصبح أي شخص قادر على تطوير هذه الميزة.

ما هي سمات الكاريزما الشخصية؟

لقد درس الباحثون آثار الكاريزما لعقودٍ من الزمن، لكن حاولوا من خلال عدد قليل من الدراسات استخلاص السمات المحددة التي يقصدها النّاس عندما يقولون أن شخصًا ما يتمتع بالكاريزما الشخصية؛ ففي a study أجريت عام  2018 حُصر الموضوع بسمتين أساسيتين هما:

• التّأثير Influence: وعرفوه على أنّه نوع من الجاذبية، فيتمتع الفرد بالقدرة على جذب انتباه الآخرين وإقناعهم، ومن المرجح أن يتولى الشخص المؤثر مسؤوليات قياديّة.
• الأنس أو التّودد Affability: كالاسم تمامًا، الشخص الحامل لهذه السمة يكون ودودًا عاطفيًا، ويبتسم في الكثير من الأحيان، ويتوافق مع أنماط الشّخصيات المختلفة، ويجعل الآخرين يشعرون بالرّاحة.

من المهم معرفة أنّه ليس من الضروري أن يكون المرء منفتحًا اجتماعيًا -أي عكس أن يكون انطوائيًأ- ليكون شخصًا ذا كاريزما، إذ يمكنه أن يتعلم المهارات اللّازمة حتى لو كان يصف نفسه بالانطوائي أو الخجول أو غريب الأطوار. إن أحد مفاتيح الكاريزما قد يكون وراء معرفة في أي بيئة يشعر بالرّاحة أكثر، فالبعض يجد صعوبة بالتفاعل مع الآخرين في الحفلات ويُفضل المقاهي أو المكاتب، وعندها عليه أن يجعل هذه الأماكن وجهته الّتي يقصدها لإجراء المحادثات والتدريب.

هل هناك جانب سيئ للكاريزما؟

يُعد تاريخ البشرية مليء بالأشخاص ذوي الكاريزما الشخصية الّذين قادوا الناس إلى الضلال، إذ أن الكاريزما ليست سوى مجموعة من المهارات يمكن لمعظم الناس اكتسابها وتطويرها إما لكسب الأصدقاء أو لتحقيق التحالفات ونيل أهداف معينة بغض النظر إن كانت هذه الأهداف نبيلة أم سيئة. 

كيف تكتسب الكاريزما الشخصية؟ 

كما ذكرنا أعلاه، إن الشخص ذو الكاريزما يتمتع بسمتين أساسيتين هما التأثير والتودد، ومن المهم أيضًا معرفة أن عددًا كبير من علماء الاجتماع يتجهون نحو فكرة أن الشخص يستطيع اكتساب الكاريزما الشخصية، وهي ليست جزءًا متأصلًا بالفرد منذ ولادته. إليك أهم النّصائح لتطوير هاتين السمتين:

ابتسم أكثر

يرى الناس أن الابتسامة هي دعوى بأنّك شخصٌ يمكن الاقتراب منه، لذلك ابتسم إن أردت أن يشعر النّاس بالانتماء والترحيب، فقط تأكد بأن ابتسامتك صادقة.

انظر إلى الناس في أعينهم 

من الضروري معرفة أن هناك مواقف يجب فيها تجنب النظر المباشر في أعين أحدهم، على سبيل المثال: عند المرور بجانب شخص غريب في زقاق مظلم، إذ تفسر النظرة في هذه المواقف على أنها تهديد. أمّا بالنسبة للمواقف الأخرى النظر في عين شخص مفادها أنك منتبه لحديثه أو ما يقوم به، وتبين أيضًا أن النظر في العين مباشرةً ينشط الجزء في الدماغ المرتبط بالمكافأة والانتماء الاجتماعي، كذلك في بعض الدراسات التجريبية تبين أن الناس أكثر عرضة لتقييم الشخص الذي ينظر في أعينهم أنه أكثر جاذبية وأكفأ.

استعمل يديك

إيماءات اليد ليست مجرد حركات عشوائية، إنها في حد ذاتها استراتيجية تواصل فعالة للغاية وخاصةً عند استخدامها للتأكيد على الأفكار الّتي تحاول إيصالها؛ لذلك عندما تكون في اجتماع أو مع مجموعة من الأشخاص ابقِ يديك مكشوفتين لتبدو كشخصٍ جدير بالثقة وصادق.

أنصت جيدًا

لا تتعلق الكاريزما الشخصية بقدرتك على التواصل والتكلم فقط، بل تمتد لتشمل حضورك واستجابتك الكاملة عندما تدخل في محادثة مع شخص آخر، فإن كنت تريد أن يتذكرك النّاس استمع إليهم جيدًا دون مقاطعة ولا تستعمل هاتفك أو تحاول أن تصبح أنت محور الحديث. حاول أن تكون فضوليًا بشأن ما يرغب الآخرون في التحدث عنه، اطرح الأسئلة ولا تطلق الأحكام واجعلهم يشعرون بالاهتمام والتقدير والاحترام.

اذكر أسماء الآخرين

يحب الناس سماع أسمائهم، وعندما استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي تبين تنشط عدة أجزاء من الدماغ عندما يسمع المرء اسمه، جراء ذلك تأكد من ذكر اسم الشخص الآخر خاصة عندما تودعهم، وعندما تقدمهم لأشخاص آخرين.

جِد أرضية مشتركة

ابحث عن الأفكار والعلاقات والتجارب المشتركة أثناء تفاعلك مع الآخرين، مهما كان الأمر بسيطًا فقد يكون بمثابة اقتنائكما لنفس الغرض أو أن كليكما تشجعان نفس الفريق الرياضي، ولا تخف حينها من طرح الأسئلة والتعمق في الحديث. الجدير بالذكر أن تكوينك لرابطة مع العالم أمر يكافئك عليه جسمك، إذ يفرز الدماغ نتيجتها نواقل عصبية مثل: السيروتونين، والدوبامين، والأوكسيتوسين. 

عبّر عن المشاعر المشتركة

عندما تخبر الآخرين بأنك تماثلهم المشاعر حيال مواضيع معينة سيجعلهم ذلك يتوددون إليك بشكل أكبر.

بالنهاية تذكر دائمًا أن تكون على طبيعتك حتى لو كان ذلك يعني الابتعاد عن المناسبات الاجتماعية الشائعة، واختر البيئة الّتي تجد نفسك مرتاحًا وقادرًا من تطوير ذاتك فيها، ولمساعدتك بتحقيق ذلك، حمل تطبيق Labayh للتواصل مع المختصين وطلب الاستشارة من أفضل خبراء النفس والسلوك.

المصادر: 1 2 3