يسعى معظم الآباء جاهدين للحفاظ على الصحة الجسدية لأطفالهم من خلال الاهتمام جيدًا بالغذاء، ومتابعة اللقاحات، وغيرها من السلوكيات التي تشير إلى حرص الآباء على أطفالهم، ولكن الاهتمام بالصحة النفسية للأطفال لا يقل أهمية عن الصحة الجسدية، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بحالة الطفل النفسية ونموه العاطفي والفكري، الأمر الذي له دور في تطوير المرونة التي يحتاجها الطفل للتعامل مع العقبات المختلفة خلال حياته.
لماذا يعتبر دعم الأطفال مهمًا للصحة النفسية؟
عندما يتلقى الطفل دعمًا مستمرًا من والديه، سيكون قادرًا على التفكير بوضوح واتخاذ قرارته بثقة، مما يساعده في تكوين صداقات وعلاقات اجتماعية سليمة وتعلم أشياء جديدة.
إن تطوير هذه المهارات ليس بالأمر السهل دائمًا، ويتطلب متابعة دقيقة من الآباء، خاصةً إذا كان الطفل يعاني من مشكلة تتعلق بالصحة النفسية كالاكتئاب أو القلق، كما يعزز الدعم الأبوي للأطفال احترام الذات، والمثابرة، وتعلم تحديد الأهداف، وتطوير مهارات التأقلم، والتحكم بالمشاعر في المواقف الصعبة، وتطوير نظرة إيجابية للحياة.
أظهرت a study (Bethell.2019) أن البالغين الذين عاشوا طفولة إيجابية محاطين بالحب والدعم من آبائهم، لديهم احتمالات أقل للإصابة بالاكتئاب أو أي اضطراب نفسي آخر، وأظهرت الدراسة أيضًا أن تعزيز المشاعر الإيجابية خلال فترة الطفولة يقلل من مشاكل الصحة النفسية للبالغين حتى في حال حدوث أحداث صعبة في مرحلة الطفولة.
كيف يمكن للأهل دعم أطفالهم؟
أن يتمتع الطفل بصحة نفسية سليمة أثناء الطفولة يعني قدرة الطفل على تنمية المهارات العملية وتعلم المهارات الاجتماعية الصحية، ومعرفة كيفية التعامل مع المشكلات، ويتمتع الأطفال الأصحاء نفسيًا بنوعية حياة جيدة، ما يساهم في التقدم بشكل جيد سواء كان في المنزل أو المدرسة أو ضمن مجتمعاتهم.
يلعب الآباء دورًا مهمًا في دعم أطفالهم، وتوجيههم بشكل إيجابي خلال الحياة، وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن للآباء دعم أطفالهم من خلالها:
1- إظهار الحب غير المشروط
أحد أهم الطرق لدعم الأطفال هو إظهار الحب غير المشروط، ويمكن إظهار ذلك من خلال التأكيد على أطفالك أنه بغض النظر عما يواجهونه أو يتعاملون معه، فأنت تحبهم دون قيد أو شرط وأنك موجود دائمًا من أجلهم.
إذ يجب أن تؤكد للأطفال أن الجميع يرتكب الأخطاء ولكن الأهم من ذلك إمكانية التعلم من هذه الأخطاء، وأن ارتكاب الأخطاء هي طريقة للتعلم، فحتى لو شعرت بخيبة أمل بسبب ما ارتكبه طفلك، يجب أن يعلم أن خيبة الأمل التي تشعر بها لا تؤثر على حبك له.
2- إظهار المدح والثناء
يستجيب الأطفال جيدًا للدعم الإيجابي من خلال مدحهم على سماتهم الشخصية أو سلوكياتهم في المنزل أو المدرسة، إذ أن التشجيع والثناء كلها طرق يمكن للوالدين من خلالها ليس فقط بناء ثقة الطفل بنفسه واحترامه لذاته، ولكن الأهم من ذلك، دعم صحته النفسية بشكل وثيق.
أظهرت a study (Nguyen.2019) شملت 1149 طالب أن تدني احترام الذات يرتبط بالقلق والاكتئاب، والتي تؤثر جميعها بشكل كبير على نوعية حياة الطفل، كما أشارت الدراسة إلى أن تدني احترام الذات يمكن أن يؤدي إلى التفكير في أذية النفس أو الانتحار.
3- قضاء المزيد من الوقت معًا
إن قضاء الوقت كعائلة لا يقوي الروابط الأسرية فحسب، بل يمنح الآباء أيضًا فرصة للتعرف على ما يكافح أطفالهم من أجله، وما هي أحلامهم وأهدافهم المستقبلية، وبالتالي يتمكن الآباء من دعم أطفالهم في قراراتهم وخطواتهم، إذ أن قضاء الوقت مع الأطفال يرسل رسالة مفادها أن أطفالك مهمون بالنسبة لك وأنك تهتم بما يحدث في حياتهم، وأنك على استعداد دائم لمساعدتهم وإرشادهم، مما يوفر للأطفال مساحة آمنة تنعكس إيجابًا على استقرار صحتهم النفسية.
أكدت a study (Thomas.2017) على أن العلاقات الأسرية السليمة ضرورية لرفاهية الفرد على مدار الحياة، حيث توفر العلاقات الأسرية الأدوات اللازمة التي يمكن أن تساعد الفرد في التغلب على التوتر، والقلق كما تساهم في الانخراط في سلوكيات صحية، وتعزيز احترام الذات، ما يؤدي إلى استقرار الصحة النفسية.
4- اللعب مع الأطفال
إن أحد الطرق لإظهار الدعم لطفلك هو مشاركته اللعب، إذ أظهرت الدراسات أيضًا أن الانخراط في اللعب يمكن أن يفيد الأطفال بعدة طرق، وبينت a study (Whitebread.2017) أن احتمالات سعادة الطفل تزداد وتقل مخاطر إصابته بالاكتئاب والقلق عند اللعب مع والديه، وبالتالي الحفاظ على صحة نفسية متوازنة.
5- بناء الثقة
إن أحد أهم الاحتياجات الأساسية للأطفال هو الشعور بالأمان، فعندما يشعر الطفل بالأمان، سيكون قادرًا على التطور والتعلم بشكل أسرع، ولديه احتمالية أقل لمواجهة اضطرابات الصحة النفسية، وإن إحدى الطرق لتعزيز مشاعر الأمان والثقة هي خلق بيئة آمنة في منزلك، حيث يكون من الآمن لأطفالك مناقشة مشاعرهم ومشاكلهم.
عندما يتعلق الأمر بالصحة النفسية لطفلك، من المهم أن تكون جزءًا ثابتًا من حياته، وعليك بناء الثقة وإظهار الدعم بشكل مستمر، وبذلك ستكون قد وضعت أساسًا قويًا للصحة النفسية لطفلك، وتذكر دائمًا أن جزءًا من الاهتمام بصحة طفلك النفسية هو الحصول على المساعدة أو الدعم عندما تحتاج أنت أو طفلك إليه.
الدراسات:
Bethell C, Jones J, Gombojav N, Linkenbach J, Sege R. Positive Childhood Experiences and Adult Mental and Relational Health in a Statewide Sample: Associations Across Adverse Childhood Experiences Levels. JAMA Pediatr. 2019;173(11):e193007. doi:10.1001/jamapediatrics.2019.3007
Nguyen DT, Wright EP, Dedding C, Pham TT, Bunders J. Low self-esteem and its association with anxiety, depression, and suicidal ideation in Vietnamese secondary school students: a cross-sectional study. Front Psychiatry. 2019;10:698. doi:10.3389/fpsyt.2019.00698
Thomas PA, Liu H, Umberson D. Family relationships and well-being. Innov Aging. 2017;1(3):igx025. doi:10.1093/geroni/igx025
Whitebread D. Free play and children’s mental health. Lancet Child Adolescent Health. 2017;1(3):167-169. doi:10.1016/S2352-4642(17)30092-5