كيف تتأثر الصحة النفسية للمرأة بعد الانفصال؟
لا شك أن العلاقات الزوجية المتينة تساهم في زيادة مستويات السعادة والرضا وتقي من العديد من الاضطرابات النفسية، وبالمقابل قد يكون للانفصال العاطفي تأثيرًا كبيرًا وصادمًا، خاصةً بالنسبة للمرأة.
إذ يعتبر الطلاق أو الانفصال من أصعب تجارب الحياة التي يمكن أن تواجهها المرأة، ويمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية وزيادة مستويات التوتر والقلق، لذا على المرأة أن تأخذ الوقت اللازم للشفاء، وأن تجد فرصًا جديدة للسعادة وتحقيق الذات.
لماذا يعتبر الانفصال العاطفي من التجارب الصعبة بالنسبة للمرأة؟
قد يكون من الصعب على أغلب الأشخاص التعامل مع ضغوط الانفصال؛ لأنه يعتبر من التغيرات الكبيرة في أحداث الحياة، ولكن يعتبر الانفصال العاطفي من التجارب الصعبة بالنسبة للمرأة؛ لأنه يمكن أن يجعلها تشعر وكأنها فشلت في قراراتها أو اختياراتها، فعند مواجهة الانفصال هناك تداعيات عاطفية ومالية واجتماعية لهذا القرار مما يولد حالة من التوتر والقلق لديها، إذ وجدت a study (Hald et al., 2020) نشرت عام 2020 أنه بغض النظر عن الأسباب التي ساهمت في الانفصال، إلا أن التعايش مع هذه التجربة يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية بشكل ملحوظ.
كما يعتبر الانفصال من الأحداث التي لها تأثير ليس فقط على الزوجين وإنما على الأطفال وأفراد العائلة أيضًا، إذ بينت a study شملت 4727 رجل وامرأة من الأسر البلجيكية كيف يمكن أن يكون لتجربة انفصال الوالدين في مرحلة الطفولة تأثير كبير على الأطفال، إذ أن هذا الأمر يحفز فرصة إصاباتهم بالاكتئاب لاحقًا في مرحلة البلوغ.
كيف تتأثر الصحة النفسية للمرأة بعد الانفصال؟
بعد الانفصال، يمكن أن تتأثر الصحة النفسية للمرأة بشكل كبير نظرًا للتحولات العاطفية والاجتماعية والشخصية التي تحدث، فيما يلي بعض الجوانب الشائعة التي يمكن أن يؤثر بها الانفصال العاطفي على الصحة النفسية للمرأة:
الحزن والاكتئاب
يصاحب الانفصال شعورًا بالحزن العميق والألم، فقد تعاني المرأة من الفقدان للشريك أو قد تشعر بالحنين للعلاقة التي كانت تربطها بالشريك والتي استمرت لفترات طويلة، وهذا يمكن أن يؤثر على مزاجها ويسبب لها الشعور بالحزن والاكتئاب، إذ أشارت a study (Wadsworth et al.,1997) إلى وجود أثر سلبي للطلاق أو الانفصال على الصحة النفسية، إذ شملت الدراسة 2085 مشاركًا في سن 43 عامًا وقد أشارت النتائج ارتباط الانفصال بزيادة الحزن والاكتئاب بشكل ملحوظ.
الوحدة والانعزال
تعد الوحدة والانعزال من أبرز الآثار الناتجة عن الانفصال العاطفي، فقد تميل المرأة إلى العزلة، وقد تبتعد عن الحياة الاجتماعية ويقل تفاعلها مع الآخرين، كما قد تشعر المرأة بصعوبة في التواصل الفعال وإقامة علاقات جديدة بعد الانفصال، وهذا يمكن أن يؤثر سلباً على الصحة النفسية.
Anxiety
مشاعر القلق هي مشاعر شائعة وطبيعية وقد تنشأ عند مواجهة المجهول والتحديات، وعندما يتعلق الأمر بتجربة الانفصال يمكن أن يتزايد Anxiety بشكل خاص نظرًا للتغيرات والتحديات الجديدة التي يجب على المرأة التعامل معها، إذ قد تشعر بالقلق بشأن المستقبل لأنه يمثل بداية جديدة وغير معروفة.
على سبيل المثال: قد تشعر بالقلق بشأن القدرة على التكيف مع الحياة الجديدة من دون الشريك السابق، أو القلق بشأن العواطف والعلاقات المستقبلية، أو القلق بشأن الاستقلال المادي والعيش بمفردها.
انعدام الثقة
يمكن أن يؤثر انعدام الثقة على حياة المرأة في العديد من الجوانب، بما في ذلك الصحة النفسية والعلاقات الشخصية، إذ يمكن نتيجة الانفصال العاطفي أن يتولد لدى المرأة مستوى منخفض من الثقة، لأنها قد تَعتبر تجربتها في العلاقة مع الشريك تجربة فاشلة وبالتالي تشعر بأنها ستواجه صعوبة في بناء علاقات صحية ومستدامة مع من حولها، وهذا له أثر سلبي على استقرار الصحة النفسية.
كيف يمكنكِ تجاوز الأمر؟
بالرغم من مدى صعوبة تجربة الانفصال العاطفي إلا أن هناك بعض الخطوات الفعالة التي يمكنكِ القيام بها لتجاوز هذا الحدث، والحفاظ على صحة نفسية سليمة، منها ما يلي:
1- تقبل مشاعرك
إن تقبل مشاعرك هو الخطوة الأولى لتجاوز تجربتك بأمان، إذ أنَّ تقبل المشاعر وقبول الواقع هو ما يسمى بالذكاء العاطفي، إذ بينت a study (Ahmadian et al., 2019) فعالية العلاج بالقبول والالتزام (ACT) وهو نوع من طرق العلاج النفسي الذي يَستخدم استراتيجيات ضبط النفس وتغيير السلوك بطرق عديدة لدى النساء المطلقات نظرًا لأن النساء أكثر عرضة من الرجال للآثار السلبية للانفصال.
أشارت النتائج أن النساء اللاتي استجبن للعلاج وكان لديهم مستوى عالٍ من المرونة وقدرة على تقبل المشاعر الأولية بعد الانفصال، هن أكثر قابلية للمضي قدمًا بشكل إيجابي والتخلص من المشاعر السلبية لاحقًا.
2- التوقف عن الشعور بالذنب
قد يسبب الانفصال الشعور بأنكِ ارتكبتِ خطًأ جسيمًا، وينتج عن ذلك ألم نفسي داخلي كبير، ولكن بدلًا من ذلك عليكِ عدم قضاء الكثير من الوقت في التفكير في الماضي، وأن تأخذي بعض المساحة للتفكير وإعادة تقييم حياتكِ، حتى تتمكني من التعافي والتقدم.
طلب المساعدة
إذا لم تستطيعي التخلص من مشاعرك السلبية، فمن المهم جدًا التحدث مع أشخاص موثوقين كالمعالجين والأطباء النفسيين الذين سيساعدونك على التعامل مع الأفكار والمشاعر التي تسبب لك القلق الناتج عن تجربة الانفصال.
لا شك أن تجربة الانفصال هي من أكثر التجارب التي قد تترك آثارًا سلبية على سلامة الصحة النفسية لذا عليكِ ممارسة الرعاية الذاتية والحصول على الدعم إن لزم الأمر، إذ يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تجاوز هذه الأزمة بأفضل الطرق الممكنة من خلال تطوير خطة فعالة لزيادة ثقتكِ بنفسكِ وتقديم استراتيجيات للتخفيف من القلق والتوتر لديكِ.
المراجع
1- Søren Sander, et al, When Love Hurts – Mental and Physical Health Among Recently Divorced Danes, Front. Psychol., 30 November 2020, doi.org/10.3389/fpsyg.2020.578083.
2- Naomi Wauterickx PhD, et al. Parental Divorce and Depression, Journal of Divorce & Remarriage, (2006) 45:3-4, 43 68, DOI: 10.1300/J087v45n03_03.
3- Richards M, Hardy R, Wadsworth M. The effects of divorce and separation on mental health in a national UK birth cohort. Psychol Med. 1997 Sep;27(5):1121-8. doi: 10.1017/s003329179700559x.
4- Ghorbani Amir HA, et al. The effectiveness of Acceptance and Commitment Therapy on cognitive-emotional regulation, resilience, and self-control strategies in divorced women. Avicenna Journal of Neuro Psycho Physiology. 2019;6(4). doi:10.32598/ajnpp.6.4.5