ترتبط الذاكرة البشرية بعدد مختلف من أجزاء الدماغ، وتنقسم بدورها إلى عدة أنواع. فهي أكثر تعقيدًا من مجرد أنها عبارة عن مجموعة من الذكريات والأفكار التي تحتفظ بها الدماغ، بل تتم آلية عمل الذاكرة عبر مجموعة من السلاسل والمراحل. لذلك سنناقش بعض النقاط توضح كيف تعمل الذاكرة.

تعريف الذاكرة

الذاكرة هي عملية تخزين لبعض المعلومات؛ ومن ثم استدعائها حين الحاجة إليها.
هناك مجموعة من العمليات الرئيسية المسؤولة عن تكوين الذاكرة. وهي المسؤولة أيضًا عن كيفية عملها، حيث تعمل ذاكرة الفرد وفقًا للمراحل التالية:

كيف تعمل الذاكرة لدى الفرد؟

1- تسجيل الذاكرة

تلك المرحلة تُعرف باسم “الترميز”، وهي عملية بيولوجية، تبدأ عندما يقوم الفرد باستقبال المعلومات من خلال حواسّه، حيث يتفاعل مع المؤثرات والمحفزات من حوله، إلا أنّها تُعرف باسم “تسجيل الذاكرة” لأن الذاكرة تعمل على انتقاء بعض الأحداث لتقوم بتسجيلها دون الأخرى، وهي عملية مُستمرة تحدث على مستويات مختلفة وهي:
– الانتقال من الذاكرة الحسية إلى قصيرة الأمد.
– الانتقال إلى الذاكرة طويلة الأمد عبر تعزيز الذاكرة.
مع العلم أنّ تسجيل الذاكرة بذاته له أنواع، فيُمكن أن يكون تسجيل للأصوات والكلمات، أو تسجيل مرئي للمعلومات البصرية، أو تسجيل عن طريق اللمس.

2- تخزين الذاكرة

أما عن تلك المرحلة فهي الخطوة الثانية في توضيح “كيف تعمل الذاكرة” حيث يتم الاحتفاظ بالمعلومات المكتسبة، وتخزينها كلما تم تكرارها، أي أنّ المعلومات تكون أكثر استقرارًا في الذاكرة بعدما تم تخزينها للمرة الأولى.
كما أن تلك المرحلة ترتبط بتعزيز الذاكرة، والذي يعني بجعل المعلومات المخزنة أكثر ثبوتًا في الذاكرة، بما يجعل من السهولة استذكارها، لاسيما إن تم تخزينها في الذاكرة طويلة الأمد، والتخزين يكون عبر الخلايا العصبية التي تعمل على تخزين مختلف المشاهد السمعية والمرئية والحسية وغيرها.

3- استعادة الذاكرة

المرحلة الأخيرة في توضيح كيف تعمل الذاكرة هي المعروفة باستعادة أو استرجاع الذاكرة، تلك التي تُمكّننا من تذكر أحداث ماضية بعد نوع من التنشيط العقلي، حيث تُعرف استعادة الذاكرة بإعادة تجميع العناصر والمعلومات في الدماغ البشري لتذكر حدث معين من خلال المسارات العصبية التي كوّنها الدماغ عند تسجيل ذلك الحدث للمرة الأولى.

مشتتات الذاكرة

عند التطرق إلى إجابة سؤال كيف تعمل الذاكرة، نتطرق إلى شق آخر لا يقل أهمية، وهو الذي يرتبط ببيان العوامل المؤثرة في تشتت الذاكرة أو فقدها على المعنى الأكثر وضوحًا، أو يُمكننا القول إنّ تشتت الذاكرة يعني “النسيان”.
حيث تؤثر الضغوطات الحياتية والتوتر والقلق على التفكير والقدرة على التركيز عند الفرد، ويُمكن أن تعزو مشتتات الذاكرة إلى أي من الأسباب الآتية:
– التغيرات المفاجئة في النظام الغذائي.
– الخضوع لعملية جراحية.
– تناول بعض أنواع من الأدوية.
– الإصابة بالأرق واضطرابات النوم.
– الإفراط في تناول السكريات أو الأطعمة الدهنية غير الصحية يؤدي إلى التشتت والنسيان لأنه يؤثر سلبًا على الدماغ.
– التوتر الزائد.
– نقص نشاط الغدة الدرقية.
– الإصابة بالاكتئاب تؤدي إلى تشتت وضعف الذاكرة.
– يُمكن أن يكون تشتت وضعف الذاكرة مُرتبطة بتقدم العمر، حيث تتراجع وظيفة الدماغ عند الكبر.
– الإصابة باضطراب فرط الحركة، وهو ما يجعل هناك تشتت في الذاكرة ونقص في الانتباه.
– كما أنَّ تناول المهدئات على المدى القصير يؤدي إلى اضطرابات في الذاكرة.
– يؤثر الإجهاد على أجزاء في الدماغ، بما يؤدي إلى التشتت.
– وجود أورام في الدماغ.
– الإفراط في تناول الكحول.
– إصابات الرأس.
– السكتة الدماغية.
– أمراض الدماغ والذاكرة.
– بعض المُشكلات العائلية.
– الأزمات المالية، الاجتماعية ،العاطفية .. وغيرها.
– نقص فيتامين B12.

حالة الخرف في الوظيفة العقلية

لا يُمكننا القول إنَّ الخرف فقدان ذاكرة بشكل كامل، إنما هو يُشكل تراجع في الوظيفة العقلية، ويرتبط بتشتت ملحوظ في الذاكرة ونسيان لكثير من التفاصيل، حيث إنَّ كل من يُعاني من الخرف يجد صعوبة في تذكر الأشياء والمواقف والأماكن والأعمال وغيرها، ويُعد الزهايمر من الحالات الأكثر شيوعًا للخرف.

أسباب حدوث النسيان

النسيان هو حالة عجز مؤقت أو دائم في استعادة المعلومات التي قامت الذاكرة بتخزينها، ووفقًا للدراسات العلمية تم تفسير النسيان وردّه إلى 3 أسباب:
– فشل تسجيل الذاكرة “مرحلة الترميز”.
– تلاشي أثر الذاكرة واختفاء المعلومات التي لم يتم تخزينها بصورة كافية.
– تداخل الذكريات مع بعضها البعض بما يؤدي إلى حالة من التشويش.

ما هي أنواع الذاكرة؟

الذاكرة لا تُعتبر شيئًا واحدًا، إنما يوجد أكثر من نوع لها، ولكل نوع صفات تُميزه عن الآخر، وتأتي أنواع الذاكرة البشرية على النحو التالي:

1- الذاكرة الحسيّة

يمتلك كل فرد مجموعة من المستقبلات الحسيّة “الحواس” والتي يُمكن من خلالها استقبال مختلف المعلومات، ليتم تخزينها لفترة في الذاكرة في مرحلة أوليّة، فلا تتجاوز فترة الاحتفاظ بها 4 ثوان، حيث يعمل العقل البشري على الاحتفاظ بالمعلومات الهامة التي يُمكنه الاستفادة منها لاحقًا، ويتجاهل غير الهامة، وعادةً ما تكون آلية عمل الذاكرة الحسية لا تخضع إلى سيطرة الوعي.

2- الذاكرة قصيرة المدى

المعلومات التي تم الاحتفاظ بها في الذاكرة الحسيّة، تنتقل إلى الذاكرة قصيرة الأمد لتُخزّن فترة أطول بعدما انتبه إليها العقل، ففي تلك المرحلة يزداد الوعي بأهمية المعلومات المخزنة، فللإجابة على سؤال كيف تعمل الذاكرة قصيرة المدى؟ نُشير إلى أنّها أشبه بالورقة التي تُسجل عليها الملاحظات التي يُمكننا أن نسترجعها فيما بعد بصورة مؤقتة.
أي أنها تتيح للفرد القدرة على استذكار ومعالجة المعلومات المُخزنة، مع العلم أنه يجب الاحتفاظ بتلك المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد قبل اختفائها، بما يتطلب من الفرد مجهودًا للاحتفاظ بها، حيث لا يتجاوز الاحتفاظ بالمعلومة في الذاكرة قصيرة الأمد دقيقة على أقصى تقدير.

3- الذاكرة طويلة الأمد

بمجرد تكرار المعلومات ذات الأهمية للفرد يتم تخزينها في الذاكرة طويلة الأمد بسهولة، حيث تعمل على الاحتفاظ بالمعلومات لفترة طويلة، وهي أهم نوع للذاكرة، وتنقسم بدورها إلى ذاكرة إجرائية “ضمنية” وذاكرة تعريفية صريحة، حيث تتعلق بالمهارت المكتسبة والأحداث التي يعيشها كل فرد.

نصائح لتحسين الذاكرة

الحقيقة المؤكدة هي عدم وجود ضمان ما يمنع فقدان الذاكرة، وعلى الرغم من ذلك هناك بعض الطرق التي يُمكن من خلالها تحسين عمل الذاكرة، لعلَّ من أهمها:

• ممارسة النشاط البدني الذي يساعد على ذيادة تدفق الدم إلى الدماغ، بما يُحافظ على قوة التذكر.
• التفاعل الاجتماعي يُساعد على تحسين الذاكرة، لأنه يُساهم في منع التوتر والانعزال.
• النشاط العقلي المتمثل في حل الألغاز والمشاركة في المسابقات أو بعض الألعاب من شأنه أن يُساهم في تحسين الذاكرة.
• الحصول على قسط جيد من النوم يُعتبر أمر رائع للحد من وسائل تشتت الذاكرة.
• كما أنّ عدم تنفيذ أكثر من مهمة في الوقت ذاته يُعتبر من عوامل تحسين الذاكرة، بالحفاظ على الترتيب والتنظيم حتى لا تكون الذاكرة مبعثرة.
• عادة ما يكون النظام الغذائي الصحي عاملًا هامًا لصحة الدماغ وتحسين آلية عمل الذاكرة.
• أخذ فترات استراحة ذهنية والابتعاد عن القلق والتوتر.

ختامًا، يُمكننا القول إنّ الذاكرة هي القدرة على تخزين المعلومات واستدعائها عند الحاجة إليها في إطار مجموعة من العمليات والمراحل التي تمر بها آلية عمل الذاكرة. فإذا كنت تعاني من فقدان او تشتت في الذاكرة يمكنك استشارة طبيب أو معالج نفسي مختص. حمل الآن تطبيق لبيه.

المصادر: 1 2 3