من فطرة الآباء والأمهات الاهتمام بجميع احتياجات أطفالهم، والعمل على منحهم الرعاية الأفضل وتعزيز قدراتهم ومهاراتهم، وقد تتجلى هذه المساعي من خلال أشكال عديدة منها مثلًا: تربيتهم ليكونوا أطفالًا واثقين من أنفسهم، قادرين على مواجهة مختلف التحديات، لأن تعزيز ثقة طفلك بنفسه يمكن أن يساهم في بناء شخصيته ونموه النفسي والعاطفي.
ما أهمية الثقة بالنفس عند الأطفال؟
إن الثقة بالنفس لدى الطفل تعني ببساطة أن يكون قادرًا على أن يثق بنفسه ويقدر ذاته ويقدم أفضل ما لديه، فالأطفال الواثقون من أنفسهم لا يخشون المخاطرة ولديهم أفكار إيجابية عن أنفسهم، وبالتالي يكونون قادرين على التغلب على العديد من التحديات، كما أن الأطفال الواثقين ليسوا أكثر ذكاءً أو موهبة مقارنةً بغيرهم من الأطفال، ولكن لديهم مستويات عالية من الثقة، وبالتالي يميلون إلى تطوير هذه القدرات أكثر.
بحسب a study (Mann.2004) نُشرت في مجلة جامعة أكسفورد، أشارت إلى أهمية تقدير الذات والذي يعتبر أحد أهم خصائص نمو الطفل الصحي، حيث تلعب الصحة الاجتماعية والسلوكية والنفسية للطفل دورًا حاسمًا في كيفية تعامله مع النكسات والتحديات الأخرى طوال حياته، وأكدت الدراسة أن التقدير الذاتي والثقة الإيجابية تُعد أيضًا من العوامل الوقائية للصحة النفسية، إذ تُساهم تنمية الثقة في تطوير سلوك اجتماعي سليم، ويمكن أن تعمل كحاجز منيع عندما يعاني الطفل من التوتر والقلق في بعض المواقف الصعبة.
كيف يمكن أن تزيد من ثقة طفلك بنفسه؟
هناك عدة طرق يمكنك من خلالها تعزيز ثقة طفلك بنفسه، ويمكن لهذه الطرق البسيطة التأثير على تقدير طفلك لذاته بطريقة إيجابية في كل يوم، ومنها:
تحقيق الفهم الصحيح لمعنى تقدير الذات
احترام الذات هو في الأساس كيف يرى الأطفال أنفسهم، ويشمل ذلك ما يفكرون فيه عن أنفسهم، وما هي قدرتهم على فعل الأشياء وإنجاز المهام، وقد أكدت a study نُشرت في مجلة الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال أن احترام الطفل لذاته هو الطريقة التي يدرك من خلالها نفسه، ويلعب ذلك دورًا أساسيًا في تحفيز الطفل على تحقيق الإنجازات في المدرسة وبناء العلاقات الاجتماعية، وقدرته على التعافي من النكسات بكل مرونة.
أشارت الدراسة إلى أن تقدير الطفل لذاته يتشكل من خلال أفكاره ومشاعره حول قدرته على الإنجاز، ويتشكل أيضًا من خلال تصورات وتوقعات الأشخاص المهمين في حياته، ويشمل مدى شعوره بأنه محبوب، ومقدار الدعم والتشجيع الذي يتلقاه من الأشخاص المهمين في حياته كالآباء والمعلمين والأصدقاء المقربين.
إن احترام الذات الإيجابي لا يعني أبدًا الغطرسة أو النرجسية، بل يجب الموازنة بين تقدير طفلك لذاته وقيم أخرى مهمة مثل: التعاطف والأخلاق الحميدة والعمل الخيري والشعور بالامتنان.
إظهار الحب غير المشروط
إن إظهار حبك غير المشروط لطفلك يضع حجر الأساس لبناء العلاقات الاجتماعية الصحية والقوية من حوله، وإن معرفة طفلك لمقدار حبك له يمنحه إحساسًا بالأمان والانتماء وهو عامل ضروري لزيادة ثقته بنفسه وتقدير ذاته، ويمكنك إظهار الحب والعاطفة لطفلك من خلال بعض الممارسات البسيطة مثل:
- معانقة طفلك.
- قراءة قصة له قبل النوم.
- إعداد الوجبات المفضلة لديه.
- مشاركة الأحداث المميزة معه.
- تقديم هدية له حتى دون مناسبة.
اللعب مع طفلك
عندما تلعب مع طفلك، فهذا يظهر له أنك تحب قضاء الوقت معه، وأنك تقدر شراكته في الأنشطة، وذلك لا يساهم فقط في تعزيز ثقة الطفل بنفسه، بل يساعده في تطوير قدرته على تكوين روابط اجتماعية قوية في محيطه، كما يمكن أن يزيد من شعور الطفل بالسعادة، ويقلل مخاطر إصابته بالاكتئاب والقلق عند انخراطه في محيطه الاجتماعي.
أكدت a study (Nijhof.2018) على أهمية اللعب، لما له من دور في النمو الصحي للأطفال، وبينت الدراسة أن اللعب يقدم للطفل العديد من الفوائد الجسدية والنفسية والمعرفية والاجتماعية، إذ يسمح للأطفال بتطوير المهارات الحركية، وتجربة قدرتهم على التفاعل الاجتماعي، ومحاكاة السيناريوهات، ومعالجة مختلف الأحداث في سياق آمن وفعال.
منح طفلك بعض المسؤوليات
إن منح الطفل فرصة القيام ببعض المهام المنزلية، وتوكيله ببعض المسؤوليات البسيطة يمكن أن يساهم في بناء ثقته بنفسه بشكل كبير، لأن ذلك يمنح الطفل إحساسًا بالهدف والإنجاز وأنه فرد مهم في أسرته.
يمكنك أن تطلب منه مساعدتك في ترتيب المنزل أو تنسيق الأزهار في حديقة المنزل، حتى لو لم ينجز طفلك مهمته بشكل مثالي، عليك إخباره بأنك تقدر جهوده، وامدحه على كل الأفعال التي قام بها بشكل جيد، وطمئنه أنه بمرور الوقت سوف يتحسن أداؤه في إنجاز الأمر.
توجيهه حين يرتكب أخطاء بهدوء واحترام
عندما يسيء طفلك التصرف أو يفعل شيئًا خاطئًا، تأكد من قدرتك على ضبط غضبك تجاهه وألا توجه له أي إساءة، لأن ذلك يفقده ثقته بنفسه، ويجعله مترددًا وقلقًا من القيام بأبسط الأنشطة خوفًا من ارتكاب الأخطاء.
بدلًا من ذلك، يمكنكَ التحدث مع طفلك باحترام، وأن تعلمه أن ينظر إلى الأخطاء على أنها فرص للتحسن والنمو، واستخدم لغة الحوار البناءة بنبرة لطيفة وودية، لأن ذلك يساعده في بناء شخصيته، ويظهر له أن ارتكاب الأخطاء ليس نهاية العالم طالما أنه يعالجها بطريقة صحيحة.
امنح طفلك فرصة للفخر بإنجازاته
إن منح طفلك فرصة للفخر بإنجازاته أو التحدث عن الأشياء التي قام بها يتيح له معرفة أن عمله الشاق قد استحق الاهتمام من قبل الآخرين، كما يوضح له أن آراءه وأفكاره مهمة لمن حوله، لذا يمكن أن تدع طفلك يعرض أعماله في جميع أنحاء المنزل عندما ينشئ عملًا فنيًا أو يكتب قصة أو ينهي مشروعًا للمدرسة، ادعُ طفلك ليخبرك عما قام به، لأن ذلك يساعده على بناء الثقة في قدراته ويشجعه على مواصلة العمل الجاد.
لا شك أن الشعور بخيبة الأمل والإهمال والتفكير السلبي الزائد يمكن أن يقلل من احترام الذات، والذي بدوره يمكن أن يؤثر على ثقة الطفل بنفسه، لذا يعتبر العمل على بناء احترام طفلك لذاته أحد أفضل الطرق التي يمكنك من خلالها تهيئة أفراد ناجحين ومستقلين في المستقبل، ويمكنك تحقيق ذلك ببساطة من خلال النصائح والتوصيات السابقة.
إذا كنت بحاجة للمساعدة أو واجهت صعوبات في تحقيق ذلك، يمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق لبيه لمساعدتك على تعزيز ثقة طفلك بنفسه وبناء شخصيته.
المصادر:
Mann M, Hosman CM, Schaalma HP, de Vries NK. Self-esteem in a broad-spectrum approach for mental health promotion. Health Educ Res. 2004;19(4):357-72. doi:10.1093/her/cyg041
American Academy of Pediatrics. Helping your child develop a healthy sense of self-esteem.
Nijhof SL, Vinkers CH, Van Geelen SM, et al. Healthy play, better coping: The importance of play for the development of children in health and disease. Neurosci Biobehav Rev. 2018;95:421-429. doi:10.1016/j.neubiorev.2018.09.024