عندما يتعلق الأمر برعاية الأطفال لا بد من الانتباه والتركيز على صحتهم النفسية، لأن الصحة النفسية للطفل لا تقل أهمية عن صحته الجسدية، إذ من الممكن أن يتعرض الأطفال إلى بعض الأحداث التي قد تؤثر على صحتهم النفسية، مما يساهم في زيادة شعورهم بالحزن والتوتر والذي قد يتطور إلى الاكتئاب في بعض الحالات.
إن اتخاذ الإجراءات الصحيحة للتخفيف من حدة الاكتئاب له دور أساسي في الحفاظ على صحة نفسية سليمة للطفل.
متى يصاب الطفل بالاكتئاب؟
الاكتئاب هو حالة تتميز بمشاعر الحزن واليأس وانعدام الثقة، والتي يمكن أن تؤثر على أي شخص بما في ذلك الأطفال، إذ يمكن أن يصيب الأشخاص من مختلف الفئات العمرية بغض النظر عن عمرهم أو جنسهم، ويمكن أن يسبب الاكتئاب أيضًا أعراضًا جسدية عند الأطفال كالتعب وتغيرات الشهية وصعوبة النوم، ويحدث بسبب مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك العوامل الوراثية والبيئية والنفسية.
ما هي أعراض الاكتئاب عند الأطفال؟
يظهر الاكتئاب عند الأطفال بشكل مختلف عما هو عند البالغين، إذ غالبًا ما يجد الأطفال صعوبة في شرح ما يشعرون به، بينما قد يحاول البالغون إخفاء آلامهم العاطفية خوفًا من الحكم عليهم من قبل الآخرين، ونظرًا لاختلاف سلوك الأطفال خلال فترة النمو، فقد يكون من الصعب معرفة ما إذا كان طفلك يعاني من الاكتئاب، وبالتالي فإن الخطوة الأولى لمساعدة طفلك في محاربة الاكتئاب هي معرفة أعراضه حتى تتمكن من تحديد ما يعاني منه طفلك بالضبط.
تشمل أعراض الاكتئاب الشائعة لدى الأطفال ما يلي:
- تغيرات في الشهية أو الوزن.
- الانفعال والحزن المستمر أو البكاء المفاجئ.
- التعب أو انخفاض الطاقة الملحوظ.
- الشعور بالذنب أو الخجل.
- صعوبة في التركيز وتراجع الأداء المدرسي.
- فقدان الاهتمام أو الاستمتاع بالأنشطة التي يحبها الطفل.
- اضطرابات في النوم كالأرق أو فرط النوم.
ما هي أسباب الاكتئاب عند الأطفال؟
يوجد عوامل مختلفة يمكن أن تساهم في اكتئاب الطفولة، حيث بينت a study (Garaigordobil,2019) أهم العوامل التي تساهم في الإصابة بالاكتئاب ومنها:
- كيمياء الدماغ: حيث أشارت الدراسة أن وجود اختلالات في بعض النواقل العصبية والهرمونات لها دور في كيفية عمل الدماغ، مما قد يؤثر على الحالة المزاجية ويزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
- العوامل البيئية: أكدت الدراسة أن بيئة المنزل الفوضوية أو غير المستقرة يمكن أن تجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
- الوراثة: إذ بينت الدراسة أيضًا أن الأطفال الذين لديهم أفراد من العائلة يعانون من الاكتئاب معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة Depression.
- الصدمة: حيث بينت الدراسة أن الأطفال لديهم درجة حساسية عالية للتغييرات المفاجئة مثل: الانتقال أو الطلاق أو الأحداث الصادمة -كسوء المعاملة- والتي يمكن أن تساهم في الشعور بالاكتئاب.
كيف يمكن التعامل مع الطفل المكتئب؟
يمكن أن يكون الاكتئاب خطيرًا بالنسبة للأطفال، ولكنه قابل للعلاج أيضًا، وهناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها لعلاج الاكتئاب والتخفيف من حدته ومنها ما يلي:
1- إجراء تغييرات في نمط الحياة
يمكن أن يساعد الدعم وتغيير نمط الحياة عند الأطفال في التخفيف من أعراض الاكتئاب، ويلعب الوالدان دورًا أساسيًا من خلال تشجيعهم على اتباع العادات الصحية، وتشمل السلوكيات الصحية التي يمكن أن تساعد في علاج الاكتئاب ما يلي:
اتباع نظام غذائي صحي ومغذِ
يمكن أن يكون للنظام الغذائي تأثير على الصحة البدنية والنفسية، لذلك من المهم التأكد من أن طفلك يتناول وجبات صحية وكاملة، وذلك من خلال التخفيف من الوجبات السريعة والمشروبات السكرية والغازية والتركيز على تناول طفلك الكثير من الخضار والفواكه والكربوهيدرات والبروتينات.
أشارت a study (Borgwardt,2015) أن الأنماط الغذائية غير الصحية بما في ذلك المشروبات المحلاة والأطعمة المكررة والأطعمة المقلية والأطعمة عالية الدهون والبسكويت والوجبات السريعة والمعجنات مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، ولها دور في زيادة شدة أعراضه.
الحصول على قسط كاف من النوم
يمكن أن يساهم عدم الحصول على عدد ساعات كافية من النوم إلى زيادة شدة أعراض الاكتئاب، لذا تأكد من أن طفلك يحصل على قسط جيد من الراحة في الليل؛ وذلك من خلال تحديد موعد نوم ثابت والالتزام به.
بينت a study (Harvey,2012) شملت عدد كبير من المشاركين أن هناك نسبة 75% من الأطفال بعمر 5 سنوات يعانون من الاكتئاب، وبينت أن الأطفال يكونون أكثر سرعة في الانفعال وتقلب المزاج عند عدم حصولهم على قسط كافٍ من النوم، لذا أكدت الدراسة على ضرورة الالتزام بموعد محدد للنوم والاستيقاظ، كما أشارت إلى ضرورة إبعاد وإزالة المشتتات التي قد تتعارض مع النوم مثل: الهاتف المحمول أو التلفزيون، أو الضوء القوي.
ممارسة الرياضة بانتظام
وجدت الأبحاث أن النشاط البدني المنتظم يمكن أن يكون فعالًا في منع وتخفيف أعراض الاكتئاب خاصةً عند الأطفال، إذ تعمل التمارين الرياضية على توصيل الأكسجين والعناصر الغذائية إلى أنسجة وخلايا الجسم، وتساعد القلب والأوعية الدموية على العمل بكفاءة أكبر مما ينعكس على طاقة الجسم. في a study (Hotopf,2018) نُشرت في المجلة الأمريكية للطب النفسي بينت أن ممارسة الرياضة لمدة ساعة واحدة فقط كل أسبوع يمكن أن تكون فعالة في منع الاكتئاب في المستقبل.
2- العلاج النفسي
يعتبر العلاج النفسي علاجًا فعالًا للأطفال المصابين بالاكتئاب، وذلك بإشراف طبيب نفسي مُرخص يساعده على تحديد العوامل التي أدت إلى الإصابة بالاكتئاب والعمل على حلها، ويعتبر العلاج النفسي هو الشكل الأول من العلاج الموصى به في هذه الحالة، وتتضمن هذه الطريقة مجموعة متنوعة من تقنيات العلاج وأبرزها العلاج السلوكي المعرفي، الذي يعلم الأطفال فهم عواطفهم بشكل أكبر، وتغيير أنماط التفكير لديهم والتي تؤثر على سلوك الطفل.
يمكن أن يكون لاكتئاب الطفولة تأثير خطير على حياة الطفل، لذلك من المهم دائمًا أن تكون على تواصل مستمر مع طفلك؛ حتى تتمكن من ملاحظة العلامات التحذيرية التي تشير إلى أن طفلك قد يكون مصابًا بالاكتئاب، إذ يمكن للتدخل المبكر أن يكون مفتاحًا لعلاج المشكلات بفعالية أكبر.
الدراسات
1- Bernaras E, Jaureguizar J, Garaigordobil M. Child and adolescent depression: A review of theories, evaluation instruments, prevention programs, and treatments. Front Psychol. 2019;10:543. doi:10.3389/fpsyg.2019.00543.
2- Lang UE, Beglinger C, Schweinfurth N, Walter M, Borgwardt S. Nutritional aspects of depression, Cell Physiol Biochem. 2015;37(3):1029-1043, doi:10.1159/000430229.
3- Clarke G, Harvey AG. The complex role of sleep in adolescent depression. Child Adolesc Psychiatr Clin N Am. 2012;21(2):385-400. doi:10.1016/j.chc.2012.01.006.
4- Harvey SB, Øverland S, Hatch SL, Wessely S, Mykletun A, Hotopf M. Exercise and the prevention of depression: Results of the HUNT Cohort Study. Am J Psychiatry. 2018;175(1):28-36. doi:10.1176/appi.ajp.2017.16111223