كيف نتعامل مع الضغوط النفسية؟
جميعنا نتعرض في فترة ما من حياتنا للضغوط النفسية، ولكن تختلف طريقة تعامل الأشخاص مع هذه الضغوط، فنجد من يستطيع السيطرة عليها ويتجاوزها بشكل طبيعي، وبالمقابل نجد أشخاصًا تؤثر عليهم الضغوط النفسية بشكل كبير وتسيطر على حياتهم، وقد يصل بهم الأمر إلى الاكتئاب الدائم والشعور بالعجز.
نقدم لكم في هذا المقال نصائح طبية مبنية على تجارب ودراسات علمية في كيفية التعامل الصحيح مع الضغوط النفسية، والحد من تأثيراتها السلبية على المدى الطويل.
ما أهم التأثيرات السلبية للضغوط النفسية؟
يولد الضغط النفسي حالة من التوتر والإجهاد المزمن، والتي تؤثر بدورها على الصحة النفسية والجسدية؛ لأن التوتر المستمر ينشط إفراز هرمونات الشدة مثل الكورتيزول والأدرينالين والنورأدرينالين، التي تسرع القلب، وتزيد معدل التنفس، وتزيد من تدفق الدم، ويمكن لهذه الهرمونات أن تُضعف جهاز المناعة على المدى الطويل، وتزيد خطر الإصابة باضطرابات صحية ونفسية.
قد يجعلك الضغط النفسي المزمن تشعر بالإرهاق وبضعف قدرتك على التركيز، ويسبب الصداع ومشاكل صحية متنوعة. غالبًا ما يجد الأشخاص الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي أنّ أعراض هذه المتلازمة تتفاقم مع الضغط النفسي، ويمكن أن يؤثر الإجهاد المزمن أيضاً على صحة القلب.
أكدت a study أجريت في الولايات المتحدة ونشرت في عام 2020 وجود صلة بين الإجهاد المزمن وتطور أمراض القلب، بالإضافة لذلك فالتوتر والضغوط النفسية عامل مؤهب رئيسي للاكتئاب والقلق واضطرابات الصحة النفسية الأخرى، وفي مقدمتها اضطراب ما بعد الصدمة.
هل يمكن أن يكون للضغط النفسي تأثيرات إيجابية؟
على الرغم من التأثيرات السلبية للضغوط النفسية، فقد أظهرت الأبحاث أنّ التوتر الناجم عن هذه الضغوط قد يكون إيجابيًا في بعض الأحيان، إذ يجعل الفرد أكثر يقظة وحذرًا، ويساعده على الأداء بشكل أفضل في مواقف معينة، وهذا ينطبق فقط على الضغط النفسي قصير الأمد وخفيف الشدة.
ما الفرق بين الضغط النفسي الحاد والمزمن؟
يصنف خبراء الصحة النفسية الضغوط والتوترات النفسية إلى حادة أو مزمنة. يحدث التوتر الحاد -وهو أكثر شيوعًا من المزمن- استجابة لمشكلة أو ضغط قصير المدى عادة، مثل حادث سير أو شجار مع أحد أفراد العائلة أو الانتقال إلى مكان جديد. يمكن أن يكون التوتر الحاد أمراً مؤلماً للغاية، ولكنه يمر بسرعة وعادة ما يستجيب جيداً لأساليب المواجهة مثل تمارين التأمل والتنفس العميق، أو النشاط البدني والتمارين الرياضية.
بينما يحدث الإجهاد المزمن عندما تستمر الضغوط النفسية لفترات طويلة. يمكن أن تختلف أسباب التوتر المزمن بدءًا من المواقف التي يمكن للناس التحكم بها أو تجنبها (مثل وجود علاقة سامة) إلى المواقف التي يصعب الهروب منها (الفقر أو العنصرية أو أي تمييز آخر)، ولأن الناس يستجيبون بشكل مختلف للظروف العصيبة التي يتعرضون لها، فإنّ الموقف الذي يعتبره شخص ما عرضيًا وعابرًا، يمكن أن يكون مصدراً لضغط مزمن عند شخص آخر.
أسباب الضغوط النفسية والتوتر المزمن
يمكن أن تسبب العديد من الأحداث والعوامل المختلفة ضغوطًا نفسية، وتشمل الأسباب الرئيسية: زيادة أعباء وضغوط العمل، والمشاكل المالية، والعلاقات الاجتماعية المضطربة، والخلافات العائلية، وتغيرات الحياة مثل الزواج والطلاق أو الانتقال إلى منزل جديد، والمعاناة من أمراض وحالات صحية مزمنة.
بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن يسبب مجرد التفكير في بعض الأمور الشعور بالضغط والتوتر النفسي، ويمكن لمشاكل الصحة النفسية، مثل الاكتئاب والشعور بالإحباط والقلق، أن تجعل بعض الناس يشعرون بالتوتر بسهولة أكبر من الآخرين، وغالباً ما تؤثر التجارب السابقة في كيفية تفاعل الشخص مع الضغوط الحالية والمستقبلية التي يتعرض لها.
نصائح وتوصيات للتعامل مع التوتر والضغوط النفسية
فيما يلي مجموعة من التوصيات والنصائح والطرق الفعالة التي يمكن أن تساعدك في التعامل مع الضغوط المزمنة والتخلص من التوتر الذي يرافقها:
- تحديد سبب المشكلة ومحاولة تجنبها أو تغييرها إن أمكن.
- تغيير طريقة رؤيتك للمواقف العصيبة، والمقصود هنا تقبّل الموقف ثم وضع خطط جديدة لتجاوز تأثيراته السلبية.
- الحفاظ على الهدوء، من خلال تمارين التأمل والاسترخاء والتنفس العميق، لأنها تساعد على تخفيف القلق والتوتر بشكل عام، مع الانتباه إلى اختيار المكان الملائم لإجراء هذه التمارين.
- النوم الكافي، لتعزيز القدرة على التفكير الصحيح واستعادة التركيز.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، لأن الرياضة تعتبر أحد أفضل علاجات التوتر، بالإضافة لفوائدها الصحية المتعددة.
- الالتزام بنظام غذائي متوازن ومتنوع، مع التركيز على احتوائه على فيتامين C ومختلف العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، وتجنب الأطعمة غير الصحية.
- تجنب العزلة، وقضاء المزيد من الوقت مع الأشخاص الذين تهتم لأمرهم، ومع الأشخاص ذوي النظرة الإيجابية للحياة، لأن ذلك يعتبر من أهم مصادر الدعم لك.
- القيام دومًا بالنشاطات التي تستمتع بها، والانخراط في الأنشطة الجماعية مثل النوادي والجمعيات.
تجدر الإشارة أيضًا إلى نقطة هامة، وهي تجنب الهروب السلبي، إذ يمكن أن يدفعنا التوتر إلى البحث عن راحة مؤقتة، ومصادر إلهاء في العادات غير الصحية (الأطعمة غير الصحية، الإفراط في الإنفاق، التصرفات العنيفة والخطيرة). هذه العادات تخلق المزيد من التوتر على المدى الطويل، وتعقد حياتنا بشكل كبير، فالهروب السلبي يؤجل المشكلة ولا يحلها.
كيف يساعدك معالجك النفسي في لبيه على التعامل مع الضغوط النفسية؟
تحتاج الحالات الشديدة والمزمنة من التوتر إلى معالج نفسي، خصوصًا عندما تؤثر الضغوط النفسية على قدرة الشخص على متابعة حياته ونشاطاته بشكل طبيعي، أو عندما لا يجد من يقف إلى جانبه.
يساعدك معالجك النفسي في لبيه على تجاوز هذه الضغوط وتخفيف تأثيراتها على حياتك، وذلك من خلال تقنيات العلاج السلوكي المعرفي المتنوعة، والالتزام بالتوصيات والنصائح سابقة الذكر، وقد يضيفك معالجك النفسي إلى مجموعات الدعم والعلاج المشترك أو أحد برامج لبيه للعلاج النفسي.
يجب عليك أن تتذكر أنّ التعرض للضغوط النفسية هو جزء من كوننا بشرًا، ولا يمكنك دائماً السيطرة على ما يواجهك من ضغوط، ولكن لديك قدرة أكبر بكثير مما تتوقع على التعامل معها وتجاوزها، قد لا نتمكن من تغيير ظروفنا، لكن يمكننا رؤيتها بشكل مختلف.