هل الحديث عن الصحة النفسية يؤثر سلباً ؟
إن كثرة الحديث عن الصحة النفسية في هذا العصر فتح الآفاق أمام الجميع لمعرفة المزيد والمزيد عن طرق الاهتمام بالصحة النفسية، وضرورة جعلها من أولويات الحياة لما له من أثر عظيم على حياة الأفراد عند تحسين العناية بصحة الفرد.
ولكن هل كثرة الحديث عن الصحة النفسية يمكن أن يؤتي ثماره بشكل عكسي؟ لنتعرف كيف يمكن دعم الرفاهية النفسية ايجابياً وفعالاً.
كيف يمكن تعزيز الصحة النفسية؟
لجعل الحديث عن الصحة النفسية ايجابياً يجب التعرف على طرق وممارسات دعمها. إن تعزيز الصحة النفسية والاهتمام بها ودعمها بشكل إيجابي يتطلب مجهوداً عظيماً ويشمل بعض الممارسات على المستوى الشخصي، والاجتماعي، والمجتمعي. ومن بعض هذه الممارسات الفعالة ما يلي:
زيادة الوعي والتثقيف:
- – نشر المعلومات الصحيحة والحديث عن الصحة النفسية من جانب المختصين، وكيفية الاهتمام بها، والآثار الناتجة عن ذلك.
– تنظيم حملات توعوية في المدارس والجامعات وأماكن العمل لرفع الوعي. المشاركة بجدية والتفاعل مع الأيام العالمية للصحة النفسية كاليوم العالمي لحقوق الإنسان واليوم العالمي للصحة النفسية.
– تعزيز فهم أن الاضطرابات النفسية جزء من تحديات الحياة، ويحدث بنسب متقاربة لحدوث الأمراض الجسدية. ويجب التعامل معه بكل حرص حتى نستطيع التغلب على المشكلة.
كسر الوصمة حول الإصابة بمرض نفسي:
- – يجب تشجيع الحديث عن المشاكل النفسية التى يمكن أن يتعرض لها الفرد خلال حياته وكيفية التعامل معها، والتخلص من الفكر القديم حول الوصمة عند الإصابة بمرض نفسي.
– دعم الصحة النفسية وطرق العلاج من خلال تقديم الاستشارات من المختصين في هذا المجال، وأنه أمر طبيعي لمواجهة ضغوط الحياة في هذا العصر.
توفير الدعم الاجتماعي:
- – تحفيز الأفراد وتشجيعهم على ضرورة تقديم الدعم لكل المحيطين بهم، وخصوصاً من يمرون بفترات عصيبة ويعانون من ضغط نفسي كبير.
– تشجيع التواصل والاستماع الفعال للآخرين ومشاكلهم، فمشاركة المشاكل والحلول مع المقربين يعزز الصحة النفسية ويقلل من خطر الإصابة بالمشاكل النفسية.
توفير المزيد من خدمات الصحة النفسية:
- – يجب توفير في أماكن العمل والمدارس وحتى النوادي مختص في الحالات النفسية حتى نتمكن من مساعدة جميع الفئات وتوجيههم بشكل سليم لحل مشاكلهم.
– توفير خدمات الرعاية النفسية، وأيضاً التشجيع على وسائل الدعم بكافة الطرق، فحتى المقتدرين الذين لا يملكون وقتاً أو لديهم مشكلة كبيرة يمكنهم تلقي العلاج والمساعدة من خلال الإنترنت.
تطوير مهارات إدارة الضغط النفسي:
تعليم مهارات تقلل من القلق والتوتر مثل الاسترخاء، والتأمل، تمارين التنفس، وتمارين اليوغا التي تساعد بشكل كبير في التعامل مع التوتر.
الاهتمام بالصحة الجسدية:
إن الاهتمام بالصحة الجسدية يقلل من التبعات النفسية السيئة للأمراض والاضطرابات النفسية:
– تشجيع ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول غذاء صحي متوازن، وشرب الماء، وإجراء تحاليل بشكل روتيني للاطمئنان على الصحة. يؤثر هذا بدوره بشكل إيجابي على الحالة المزاجية.
– تعزيز عادات النوم السليمة؛ حيث إن الحصول على قسط كافٍ من النوم يومياً يحسن الحالة المزاجية ويقلل من التوتر والقلق.
– البعد عن العادات السيئة مثل التدخين، والطعام غير الصحي، والنوم غير المنتظم، فكل ذلك يؤثر بالسلب على الصحة النفسية.
دعم الأطفال والمراهقين:
- – تقديم الدعم الكافي للأطفال وتطوير المهارات لديهم، والاهتمام بهم منذ الصغر حتى نتجنب الإصابة بأي مشكلة نفسية.
– مساعدة الأهل على التعرف على علامات الضغوط النفسية عند المراهقين. فهي مرحلة مهمة في بناء الشخصية. فيجب فهم المراهقين بشكل سليم والتعامل مع التغييرات التي تطرأ عليهم في هذه المرحلة العمرية، وإعطائهم الحرية في الحديث عن الصحة النفسية لديهم وما يعانونه من مشاكل.
استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل صحيح:
- – تقديم محتويات تحفز الحديث عن الصحة النفسية والاهتمام بها عبر وسائل التواصل المختلفة.
– تشجيع الاستخدام المتوازن لوسائل التواصل، وعدم التأثر بكل ما نجده على السوشيال ميديا. هذا يخلق حالة من عدم الرضا تؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية.
تشجيع الأفراد على طلب المساعدة:
تشجيع الأفراد على طلب الدعم من المختصين وزيارة الطبيب، والحصول على الاستشارات اللازمة. فهي لا تقل أهمية عن الذهاب للطبيب عند حدوث مشكلة جسدية.
لذلك، بناء بيئة إيجابية تتيح التعامل بشكل سليم حول المشاكل النفسية، والحديث عن الصحة النفسية بكل طلاقة، يحسن من حالة الأفراد ويقلل خطر الإصابة بأي مرض نفسي.
هل الحديث عن الصحة النفسية سلاح ذو حدين؟
الحديث عن الصحة النفسية بحد ذاته ليس سلبياً، بل يمكن أن يكون مفيدًا. لأنه يزيد الوعي ويزيد القدرة على تقبل المرض النفسي ويقلل من الوصمة المحيطة بالإصابة بالمرض النفسي، ويفتح المجال أمام الأشخاص لطلب المساعدة والدعم من المختصين في ذلك.
ومع ذلك، فإن الطريقة التي نتحدث بها عن الصحة النفسية قد تؤتي ثمارها بشكل عكسي. فعندما يبحث الشخص في مكان غير ملائم أو يفتقر إلى الدقة والأساس العلمي ويزيد من هول المشكلة. فإن ذلك يؤثر سلباً على الفرد، سواء كان مصاباً فعلياً بمشكلة أو بمجرد تعميم الكلام سيعتقد الشخص السليم أيضاً أنه مصاب.
وفي بعض الحالات، التركيز المفرط في الحديث عن الصحة النفسية والبحث عن الموضوع بشكل خاطئ، والاستماع لمختلف الآراء والتجارب السلبية عن المرض والعلاج، يبني قناعة عند بعض الأشخاص أنهم سيظلون مرضى طوال العمر، وأنه لا مفر ولا نتيجة لأي محاولة.
هذا يزيد من الأعراض سوءاً مثل القلق والتوتر والاكتئاب، وخصوصاً من يعتمدون على الآراء غير الصحيحة دون اللجوء لمختص وتشخيص الحالة.
نصائح لجعل الحديث عن الصحة النفسية ايجابياً
1- ينبغي أن يكون الحديث عن الصحة النفسية مبنيًا على معلومات موثوقة و آراء مختصين في الصحة النفسية ونتائج علمية، والوصول لقناعة أن التجارب السيئة مع المرض النفسي لن تحدث مع الجميع. فلكل شخص مسار في التعامل مع المرض النفسي.
2- يجب زيادة الوعي حول كيفية التعامل مع المرض، ومن أين نحصل على معلومات وثيقة حول المرض، ومع من نستطيع الحديث عن الصحة النفسية وما نعانيه من أي اضطراب.
إن زيادة الوعي والتدخلات الواسعة في الحديث عن الصحة النفسية ساعدت في تحسين جودة الحياة للشباب. لكن يجب أن يعتمد ذلك على أساس علمي ومصادر موثوقة، واتباع كلام المختصين لتؤتي ثمارها المرجوة.
3- عند وجود أي أعراض لأي اضطراب نفسي، يجب التعامل معه بشكل سليم، والبحث عن المصادر الموثوقة في الحديث عن المرض، واتباع العادات السليمة ونظام الحياة السليم الذي يساعد في تقليل الأعراض النفسية المزعجة.
4- تحقيق أفضل النتائج، من الضرورى التدخل بشكل فوري عند تفاقم الأعراض. لكن بالطرق السليمة التي تساعد في تخطي الأزمة وعدم الشعور بوصمة الإصابة بمرض نفسي.
فعندما يكون التدخل بشكل غير مناسب أو بطريقة خاطئة، لا نحصل على نتائج مرضية ونزيد الشعور بالضغط والقلق من المرض.
بالتالي، التدخلات الواسعة في الصحة النفسية يمكن أن تحسن حياة الأفراد إذا تمت بشكل علمي صحيح مع الأشخاص المختصين. لذلك يجب الوعي بأسباب المرض وكيفية التعامل معه.
بلا شك، أن الحديث عن الصحة النفسية والتدخلات الواسعة في هذا المجال جعلت حياة الأفراد أفضل. ولكن عندما يتم التعامل بأساس علمي، ومن يشعر أن الاهتمام يأتي بنتائج عكسية فإنه يتعامل مع الاضطراب بطريقة غير صحيحة ويتبع أساليب خاطئة في التعامل مع الصحة النفسية. لذلك ينبغي علينا اللجوء دائماً للمختصين في حالة الشعور بأي اضطراب أو مشكلة للمساعدة في اتخاذ التدابير الصحيحة واللازمة.
حمل تطبيق لبيه الآن وسوف تجد من يساعدك في طريقك نحو معرفة طرق الدعم المناسبة لك مع مجموعة من المختصين والاستشاريين.