هل العلاج الوهمي يتغلب على الاضطرابات النفسية ؟
العلاج الوهمي أو” Placebo ” بلاسيبو كلمة لاتينية الأصل دخلت إلى اللغة الإنجليزية في القرن الثالث عشر، نتيجة استخدام طرق علاجية وهمية مثل التنويم المغناطيسي، والعلاج الروحاني، وكانت من أهم نتائج هذا العلاج حدوث تأثير إيجابي نتيجة لاعتقاد الشخص في فائدة العلاج، وتوقعه أن يشعر بتحسن، وليس بسبب خصائص الدواء الوهمي، مما جعل الأطباء يرفضون هذا المصطلح حتى دخل إلى قاموس هوبر للطب عام 1811 ليكون مجالا جديدا للدراسة والمناقشة.
التاريخ الطبي للعلاج الوهمي
بدأ مصطلح العلاج الوهمي لأول مرة في القرن الثامن عشر الميلادي، وعرف في قاموس هوبر للطب بأنه “أي دواء مصمم لإرضاء المريض أكثر من نفعه”
ومع بداية القرن التاسع عشر، أصبح وصف دواء غير فعال دوائياً عن عمد أمراً مألوفا لدى بعض الأطباء وخاصة في الأمراض النفسية، وكانت بعض الأدوية الوهمية عبارة عن حبوب خبز أو نشا او قطع من السكر، أو محلول ملح كما استخدم الأطباء عقاقير نشطة دوائياً، ولكن توصف بجرعات أقل من العلاج، وبينما كان يصفها البعض اعتقاداً في تأ ثيرها، رفض معظم الأطباء هذه الأدوية الوهمية، بسبب انها لم تحدث أي تأثير فسيولوجي أو علاجي على الإطلاق، بخلاف إرضاء رغبة المريض في العلاج. كما ربطوا استخدام العلاج بالوهم بممارسة طبية مشبوهة في كثير من الأحيان.
ومع نهاية القرن التاسع عشر، واجه الباحثون الذين يدرسون الظواهر النفسية علاجات مثل “قوة الإيحاء”. مما دفع بعض الجامعات إلى إخضاع العلاج الوهمي للدراسة من خلال
التجارب العشوائية الخاضعة للرقابة (RCTs) في منتصف القرن العشرين.
ما هو تأثير العلاج الوهمي
كشفت دراسة نُشرت في مجلة Science Translational Medicine هذا الأمر من خلال اختبار كيفية تفاعل الناس مع مسكنات آلام الصداع النصفي. تناولت مجموعة دواءً للصداع النصفي يحمل اسم الدواء، وتناولت مجموعة أخرى دواءً وهميًا يحمل اسم “علاج وهمي”. اكتشف الباحثون أن الدواء الوهمي كان فعالًا بنسبة 50٪ مثل الدواء الحقيقي لتقليل الألم بعد نوبة الصداع النصفي، ومنذ ذلك الحين أصبح موضوع العلاج الوهمي موضوعا قابلا للمناقشة والدراسة منذ خمسينات القرن الماضي. وأكدت الكثير من الدراسات أن هناك تأثيرات نفسية وعقلية للعلاج الوهمي، وخاصة في علاج الاضطرابات النفسية، و غالبًا ما تستخدم الأدوية الوهمية في التجارب السريرية للمساعدة في فهم التأثير الحقيقي للعلاج الجديد.
كيف يعمل العلاج الوهمي
الأدوية الوهمية لا يزال من غير الواضح تمامًا كيفية عملها، وهناك عدة نظريات تحاول تفسير ذلك، منها:
الأمراض التي تتحسن تلقائيًا
- مثل نزلات البرد، حيث تتحسن بعض الحالات من تلقاء نفسها سواء تم استخدام دواء وهمي أم لا، وقد يكون التحسن مجرد مصادفة. كما تعتمد على فترات التحسن بعض الأمراض، مثل التصلب المتعدد أو الذئبة، تأتي وتذهب أعراضها. إذا حدث تحسن خلال فترة استخدام العلاج الوهمي، فقد يكون ذلك مصادفة وليس نتيجة الدواء نفسه.
تغيير في السلوك الشخصي.
سلوك الشخص الذي يتناول دواءً وهميًا قد يشعر بدافع أكبر للاعتناء بنفسه، مثل تحسين نظامه الغذائي أو ممارسة الرياضة، مما قد يسهم في تخفيف الأعراض.
تغيير في تفسير الأعراض.
التوقع بالتحسن قد يغير نظرة الشخص واعراضه. فمثلاً، قد يتحول الألم الشديد إلى شعور بوخز غير مزعج نتيجة التوقعات الإيجابية.
تقليل القلق
العلاج الوهمي قد يهدئ الشخص ويقلل من مستويات التوتر والقلق، مما يؤدي إلى تقليل تأثير المواد الكيميائية الضارة مثل الأدرينالين.
إفراز مواد كيميائية في الدماغ
- يمكن أن يتسبب العلاج الوهمي في إفراز الجسم لمسكنات الألم الطبيعية مثل الإندورفين.
تغيير في حالة الدماغ
تشير الأبحاث إلى أن الدماغ قد يستجيب للتصور الذهني كما لو كان واقعًا. قد يساعد الدواء الوهمي الدماغ على تذكر حالة الصحة السابقة للمرض، مما يؤدي إلى تحسن الجسم. تُعرف هذه النظرية بـ “العافية المتذكرة”.
ما هي العوامل الأخرى بين العلاج الوهمي والاضطرابات النفسية
تتضمن بعض العوامل التي تساعد على علاج الاضطرابات النفسية من خلال الدواء الوهمي ما يلي:
خصائص العلاج الوهمي
العلاج الوهمي له عدة خصائص تتعلق بالعلاج النفسي، وتلجأ بعض المصحات النفسية إلى استخدام هذا النوع من العلاج في الاستشفاء من الإدمان، رغم الأعراض الانسحابية الخطيرة، يظل عامل التخيل أحد أهم الطرق فى العلاج بالوهم، وتُظهِر الأبحاث أن الحبوب ذات الحجم الأكبر تشير إلى جرعة أقوى من الحبوب الأصغر. كما يبدو للمريض النفسي احيانا أن تناول حبتين أكثر فعالية من ابتلاع حبة واحدة فقط. وبشكل عام، يكون للحقن تأثير وهمي أقوى من الحبوب.
الموقف الشخصي
إذا كان الشخص يتوقع أنه لن يشفى إلا بتناول الدواء، رغم أنه من الممكن أن يشفى تلقائيا،
فإن فرص تأثير وسائل العلاج الوهمي تكون أعلى، وهو ما يسمى بمرحلة الإقناع الذاتي، وتعمل في بعض أنواع الاضطرابات النفسية الطفيفة. ولكن لا تؤثر في المراحل المتطورة من المرض النفسي.
العلاقة بين الطبيب والمريض
أحد أهم عوامل نجاح العلاج الوهمي هو العلاقة بين الطبيب والمريض، فإذا وثق المريض في طبيبه فمن المرجح أن يعتقد أن الدواء الوهمي سيعمل، لذلك من المهم أن تكون العلاقة بينهما علاقة جيدة.
الحالة الذهنية
أظهرت الأبحاث الطبية أن الحالة الذهنية تلعب دورًا مهمًا في تطور المرض. على سبيل المثال، من المعروف أن الإجهاد يزيد من ضغط الدم، والذي بدوره يعد عامل خطر لأمراض القلب. لذا، فكما يمكن للعقل أن يساهم في اضطراب جسدي، فإنه يمكن أن يساهم أيضًا في علاجه.
آلية العلاج الوهمي فى الاضطرابات النفسية
إن آلية عمل العلاج الوهمي في الاضطرابات النفسية لاتزال غير واضحة، ولكنها تعتمد على عدة طرق نفسية من خلال:
تفاعل عصبي حيوي معقد
يشمل زيادة في النواقل العصبية التي تمنح الشعور بالسعادة، مثل الإندورفين والدوبامين، إلى زيادة النشاط في مناطق معينة من الدماغ مرتبطة بالحالات المزاجية وردود الفعل.
طقوس العلاج الوهمي
عند إختيار هذه الدراسات التي تقارن بين العقاقير والعلاج الوهمي. فإن العامل البيئي والطقوس العلاجية هي الأساس الذي تقوم عليه عملية العلاج الوهمي بأكملها، في بعض أنواع العلاج يجب الوصول إلى العيادة في أوقات معينة والخضوع للفحص من قِبَل متخصص نفسى، وتلقي جميع أنواع الحبوب. كل هذا يمكن أن يكون له تأثير عميق على كيفية إدراك الجسم للاعراض للشعور بالاهتمام والرعاية.
سلبيات العلاج الوهمي
تتضمن الحجج ضد استخدام العلاجات الوهمية ما يلي:
الآثار الجانبية تأثيرات nocebo
الأدوية الوهمية لها القدرة على التسبب في آثار جانبية غير مرغوب فيها، وقد تم الإبلاغ عن الغثيان والنعاس وردود الفعل التحسسية، مثل الطفح الجلدي، باعتبارها تأثيرات وهمية سلبية والمعروفة أيضًا باسم تأثيرات nocebo
الخداع الطبي
اعتبروا بعض الأطباء أن استخدام العلاج الوهمي هو نوع من الخداع الطبي. وأن خداع الناس أمر خاطئ حتى لو ساعد ذلك في اختفاء أعراض شخص ما
التعرض للصدمات
يمكن أن يكون العقل أداة شفاء قوية عندما تتاح له الفرصة، حيث يمكن للعقل إقناع الجسد بعلاج وهمي هي فكرة حقيقية، و ما يسمى بتأثير الدواء الوهمي. وبالتالي تحفيز الشفاء إلا أن الفشل في النتائج قد يعرض الشخص للصدمات طوال حياته.
إن الأدوية الوهمية لن تخفض نسبة الكوليسترول لديك أو تقلص الورم. بدلاً من ذلك، تعمل الأدوية الوهمية على الأعراض التي يتحكم فيها الدماغ، مثل إدراك الألم فقط.
في النهاية هل يعني تأثير الدواء الوهمي الفشل أم النجاح؟
لسنوات، كان تأثير العلاج الوهمي يُعتبرعلامة على الفشل، ويُستخدم العلاج الوهمي في التجارب السريرية لاختبار فعالية العلاجات، ويُستخدم غالبًا في دراسات الأدوية.
ولكن في الآونة الأخيرة، توصل الخبراء إلى أن رد الفعل تجاه العلاج الوهمي في الاضطرابات النفسية لا يشكل دليلاً على منح الأطباء النفسيين رخصة العلاج الوهمي، خاصة حال احتياج الحالة إلى علاج كيميائي. فإذا كنت بحاجة إلى استشارة مختص والتعرف أكثر عن طرق العلاج المعتمدة، حمل الآن تطبيق لبيه وسوف تجد الإجابة عن كافة استفساراتك بخصوص الاضطرابات النفسية و الحفاظ على الصحة النفسية.