يتصور العديد من الناس أن الوسواس القهري مجرد اضطراب نفسي يعاني فيه المريض من وسواس وأفعال قهرية مرتبطة بحياته، أي أن معظم الناس يعتقدون أن الوسواس القهري يملك أعراضاً نفسية فقط.

بعكس الاعتقاد الشائع يملك الوسواس القهري العديد من الأعراض الجسدية، لكن غالباً ما يتم التغاضي عن الأحاسيس الجسدية التي قد يشعر بها المريض ويشغل نفسه في التفكير بالأعراض النفسية والعامل المسبب للوسواس القهري.

 هذا المقال سيقدم لك كل المعلومات التي تحتاجها حول الوسواس القهري وأعراضه الجسدية والنفسية وكيفية علاجه.

ما هو الوسواس القهري؟

اضطراب الوسواس القهري (OCD) هو حالة نفسية مزمنة تنطوي على وساوس أو أفعال قهرية أو كليهما، يعاني الأشخاص المصابون بالوسواس القهري من هواجس أو أفكار متكررة غير مرغوب فيها، تؤدي هذه الهواجس لرغبة شديدة في تكرار سلوك ما للمساعدة في تخفيف الوسواس.

تعد الأفعال أو السلوكيات القهرية من الأمور التي تحدث خارج نطاق إرادة الشخص، فالأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري لا يملكون رفاهية الاختيار حول تنفيذ هذه السلوكيات من عدمها، المسألة ليست اختيار شخصي بل مسألة نفسية معقدة. 

يدرك العديد من الأشخاص المصابين بالوسواس القهري أن الأفكار والاعتقادات التي تغذي أفعالهم القهرية غير منطقية، لكنهم ينصاعون لها من أجل تخفيف الضيق الناجم عن الأفكار القهرية وتحول مخاوفهم لأمور حقيقية، يمكن القول بأن الوسواس القهري من الحالات التي تعقد الحياة اليومية وتزيد صعوبتها.

ما الذي يسبب الوسواس القهري؟

لم يستطع العلماء حتى الآن العثور على سبب محدد للإصابة بالوسواس القهري، لكنهم يرجحون وجود بعض العوامل المساعدة مثل:

1- أحد أفراد العائلة مصاب بالوسواس القهري، مما يزيد من احتمالية إصابتك أنت أيضاً.

2- التطور غير المنتظم أو ضعف مناطق معينة في الدماغ.

3- استجابة الدماغ للسيروتونين غير طبيعية، والسيروتونين هو ناقل عصبي يساعد على تنظيم المزاج والنوم.

ما هي العوامل التي تساعد في الإصابة بالوسواس القهري؟

إذا كنت معرضاً للإصابة بالوسواس القهري، فيمكن لبعض العوامل الأخرى أن تزيد من فرص تطور المرض لديك مثل:

1- الإجهاد أو الصدمة : يمكن أن يؤدي الضغط الكبير في المنزل أو المدرسة أو العمل أو العلاقات الشخصية لزيادة فرص الإصابة بالوسواس القهري.

2- الصفات الشخصية : وجود بعض السمات الشخصية المعينة قد يؤدي للإصابة بالوسواس القهري مثل زيادة الشعور بالمسؤولية.

3- سوء المعاملة في مرحلة الطفولة : الأطفال الذين تعرضوا لإساءة المعاملة في طفولتهم أو مروا بتجارب مؤلمة كالتنمر والإهمال الشديد، لديهم فرصة عالية للإصابة بالوسواس القهري.

4- إصابات في الدماغ : وفقا لدراسة أجريت عام 2021 فقد تظهر أعراض الوسواس القهري لأول مرة بعد إصابة في الرأس.

يجب التنويه إلى أن وجود تاريخ عائلي مع الوسواس القهري وبعض عوامل الخطر الأخرى لا يعني حتمية إصابتك بالمرض، وعلى العكس يمكن للأشخاص الذين لا يملكون عوامل خطر أو تاريخ عائلي مع الوسواس أن يصابوا به.

ما هي أعراض الوسواس القهري الجسدية والنفسية؟

يتضمن الوسواس القهري نوعين رئيسيين من الأعراض: الوساوس أو الهواجس(أعراض نفسية) و الأفعال القهرية(أعراض جسدية)، قد يعاني الأشخاص المصابون بالوسواس القهري من الوساوس أو الأفعال القهرية أو كليهما.

هذه الأعراض ليست عابرة أو قصيرة الأجل، حتى الأعراض الخفيفة قد تستغرق ما لا يقل عن ساعة كل يوم وتؤثر بشكل كبير على أنشطتك وحياتك اليومية، فالهواجس والأفعال القهرية يمكن أن تعيق قدرتك على الانتباه في المدرسة أو إكمال المهام في العمل، أو منعك من الذهاب لكليهما.

قد تدرك أن الأفكار النابعة من الوسواس القهري غير صحيحة أو أن الأفعال القهرية التي تقوم بتنفيذها لن تسبب لك أي ضرر في حال عدم تنفيذها، لكن إصابتك بالوسواس القهري تعني أنك لا تملك قدرة السيطرة على أفعالك.

تختلف الأعراض من شخص لآخر، لكنها متشابهة من حيث المبدأ:

أعراض الوساوس أو الهواجس:

1- القلق بشأن الجراثيم أو الأوساخ أو الأمراض.

2- مخاوف حول إيذاء نفسك أو أي شخص آخر.

3- الخوف من التحدث بطريقة خاطئة.

4- الحاجة إلى جعل ممتلكاتك متسقة أو منظمة أو متماثلة.

5- مخاوف حول التخلص من الممتلكات والأشياء التي لا تحتاجها.

6- التشكيك في رغباتك الجنسية أو توجهاتك.

7- مخاوف بشأن صحتك وسلامة نفسك أو أحبائك.

8- صور أو كلمات أو أصوات متطفلة.

تستمر هذه الأفكار المتطفلة وغير المرغوب فيها في العودة، بغض النظر عن محاولتك تجاهلها أو قمعها، إلا أن استمرار هذه الأفكار في الظهور يمكن أن يؤدي إلى إقناعك بأنها قد تكون صحيحة أو قد تتحقق إذا لم تتخذ بعض الخطوات الاحترازية لمنعها.

أعراض الأفعال القهرية:

1- غسل يديك أو ممتلكاتك أو جسمك بشكل مبالغ به.

2- تنظيم أو محاذاة الأشياء بطريقة معينة.

3- عد أو تكرار عبارات محددة.

4- لمس شيء ما لعدد محدد من المرات.

5- البحث عن الطمأنينة في الآخرين.

6- جمع أشياء معينة أو شراء العديد من الأشياء المتعلقة ببعضها.

7- إخفاء الأشياء التي قد تشكل خطراً عليك أو على الآخرين.

8- مراجعة أفعالك بشكل داخلي للتأكد من أنك لم تؤذي أي شخص آخر بها.

يمكننا القول بأن الأفعال القهرية(الأعراض الجسدية) هي رد الفعل على الوساوس أو الهواجس(الأعراض النفسية)، حيث تشعر بأنك مضطر للقيام ببعض الأفعال والاحتياطات للتخفيف من القلق أو الضيق الذي تسببه الوساوس أو لمنعها من التحول لحقيقة.

كيف يتم علاج الوسواس القهري؟

يعد التواصل مع معالج لديه خبرة في علاج الوسواس القهري خطوة أولى جيدة نحو استكشاف الطريقة المناسبة للعلاج، فالعيش مع الوسواس القهري قد يكون صعباً مع الأحاسيس والأعراض الجسدية المتطفلة، لكن يمكن إيجاد بعض الطرق للتعامل مع هذه المشاعر غير المريحة.

يمكن للطبيب أن يساعدك في إيجاد أفضل خطة علاجية لأعراضك، والتي غالبًا ما تتضمن مزيجًا من:

1- العلاج النفسي.

2- الأدوية.

3- الرعاية الذاتية.

وكأي مرض نفسي آخر، سيستغرق الأمر بعض الوقت للعثور على طريقة مناسبة لعلاجك والتعافي بشكل كامل، فالأمر يتطلب وقتاً ومجهوداً للعثور على ما يناسبك.

قد يكون من الصعب التحدث عن الوسواس القهري مع الأشخاص الموجودين في حياتك، ولذلك قد يتجنب البعض العلاقات الاجتماعية قدر الإمكان، لكن عزل نفسك عادةً ما يؤدي إلى تفاقم الأمور.

إن التواصل مع العائلة والأصدقاء والأحباء يمكن أن يسهل عليك الحصول على الدعم العاطفي الذي قد يساعدك في عملية الشفاء، لذلك يمكننا القول أن الخطوة الأولى في العلاج هي الاعتراف بوجود المشكلة واستشارة الطبيب للحصول على العلاج المناسب.

المراجع: 1،2،3