دراسة جديدة: تكشف قدرة الطبيعة وعلاج الحالة النفسية
في عصر مليء بالضغوط والمهام المتسارعة، أصبح من الصعب على الكثيرين الحفاظ على صحتهم النفسية واستقرارهم العاطفي. لكن، ماذا لو كان الحل بسيطًا ومن حولنا طوال الوقت؟ وفقًا لدراسة جديدة، يبدو أن قضاء الوقت في الطبيعة. قد يكون أحد أفضل الحلول من أجل علاج الحالة النفسية؛ وذلك باستخدام تقنية تتبع العين، حيث كشفت الدراسة عن كيفية تأثير الطبيعة على تركيزنا وحالتنا المزاجية.
فهل فعلاً يمكن للطبيعة أن تكون وسيلة فعّالة لتحسين الصحة النفسية؟ وما هو دورها في تخفيف التوتر والقلق؟ دعونا نستكشف كل ما يتعلق بهذا الموضوع.
لماذا الطبيعة هي المفتاح من أجل علاج الحالة النفسية؟
تؤكد الدراسات أن الوجود في بيئات طبيعية يمكن أن يعيد التوازن إلى الجسم والعقل. لكن ما السبب؟
1- عندما يتواجد الشخص في الطبيعة، يتباطأ النشاط العصبي ويقل التوتر، ويشعر بالهدوء والسكينة.
2- تبرز أهمية الطبيعة في تعزيز الصحة النفسية؛ حيث تساعد في تخفيف العبء النفسي وزيادة الشعور بالراحة.
كما أنه هناك عدة تفسيرات علمية لهذا الأمر، أحدها أن الألوان الطبيعية، مثل اللون الأخضر والأزرق، لها تأثير مهدئ على العقل. بالإضافة إلى ذلك، تشجع الطبيعة على التنفس العميق والاسترخاء.
3- مع كل شهيق وزفير، يشعر الشخص بالراحة ويتحرر من ضغوط الحياة.
تعزيز الصحة النفسية عبر تقنيات تتبع العين
الدراسة الجديدة التي استخدمت تقنية تتبع العين، أعطتنا لمحة عميقة عن كيفية تفاعل العقل البشري مع البيئة الطبيعية؛ وذلك من خلال تتبع حركة العين وتوجيه الانتباه، حيث تمكن الباحثون من ملاحظة كيف يُركز الأشخاص على العناصر الطبيعية، مثل الأشجار أو المياه المتدفقة، وكيف يؤثر ذلك على مزاجهم.
كما وجد الباحثون أن التركيز على تفاصيل الطبيعة يقلل من مشاعر القلق والتوتر، ويحفز الشعور بالسعادة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تقنية تتبع العين أثبتت فعليًا أن الإنغماس في الطبيعة يساعد في تقليل النشاط العقلي الزائد، ويشجع على حالة من الاسترخاء والتركيز؛ مما يعني أن الطبيعة تقدم فرصة ذهبية لتعزيز الصحة النفسية بشكل طبيعي وبعيد عن العلاجات الكيميائية.
كيفية الإستفادة من الطبيعة في علاج الحالة النفسية بشكل يومي
قد يتساءل البعض: “كيف يمكنني الإستفادة من الطبيعة وأنا أعيش في مدينة مزدحمة؟”. في الواقع، حتى لو كنت تعيش في مدينة، يمكنك اللجوء إلى الطبيعة بطرق بسيطة لتحقيق تعزيز الصحة النفسية. إليك بعض الأفكار:
1- قضاء الوقت في الحديقة:
إذا كانت هناك حديقة قريبة، حاول أن تجعلها جزءًا من روتينك اليومي، يمكنك أن تقوم بالمشي في الحديقة، أو الجلوس تحت الأشجار، وتأمل في جمالها لبضع دقائق.
2- إضافة النباتات إلى منزلك:
يمكنك خلق بيئة طبيعية داخل منزلك، عن طريق وضع نباتات صغيرة في أماكن مختلفة. يعتبر وجود النباتات المنزلية من حولك يضفي شعورًا بالهدوء. كما أنها تساعد في تحسين جودة الهواء.
3- الاستماع لأصوات الطبيعة:
حتى لو كنت في المنزل، يمكنك الاستماع إلى أصوات الأمطار أو تغريد العصافير. فذلك قد يعزز مشاعر الهدوء والسعادة ويعمل على تعزيز الصحة النفسية.
4- التأمل في الطبيعة:
حدد وقتًا يوميًا للتأمل والنظر إلى السماء أو البحر (إذا كنت محظوظًا بالعيش بالقرب من شاطئ). فإن هذا يساعد على تهدئة العقل، وزيادة الاسترخاء.
الفوائد النفسية لقضاء الوقت في الطبيعة
الدراسات تبرز العديد من الفوائد النفسية التي ترتبط بالتفاعل مع الطبيعة، ومن أهمها:
تخفيف التوتر: البقاء في الطبيعة يخفف من مستويات هرمونات التوتر، مثل الكورتيزول، مما يساعد على تعزيز الصحة النفسية بشكل طبيعي وفعال.
تحسين المزاج: الألوان الطبيعية والأصوات المحيطة، تسهم في تحسين المزاج العام وتقليل مشاعر الحزن والقلق.
زيادة التركيز والإبداع: عندما يشعر الشخص بالاسترخاء، فإنه يكون أكثر قدرة على التركيز، والإبداع. حيث أظهرت دراسات أن قضاء وقت في الطبيعة يمكن أن يزيد من التركيز بنسبة تصل إلى 20%.
دعم الشعور بالانتماء: الاتصال بالطبيعة يُعزز من شعور الفرد بالانتماء والارتباط، ويعتبر هذا الإحساس يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على العلاقات الاجتماعية ويعزز من الدعم الاجتماعي .
تعزيز الإبداع الفني: الطبيعة تُعتبر مصدر إلهام للفنانين والمبدعين، حيث إن التفاعل مع المناظر الطبيعية يمكن أن يُحفز الأفكار الجديدة ويُعزز الإبداع.
تعزيز تقدير الذات: المشاركة في أنشطة طبيعية، مثل البستنة أو التنزه، تُعزز من الشعور بالإنجاز وتقدير الذات، مما يُسهم في تحسين الصحة النفسية بشكل عام.
تحسين النوم: التواجد في الطبيعة يمكن أن يساعد في تحسين جودة النوم، حيث إن التعرض للضوء الطبيعي خلال النهار يُساهم في تنظيم الساعة البيولوجية، مما يعزز من النوم الجيد ليلاً.
توفير ملاذ من الضغوط اليومية: الطبيعة تُعد مكانًا للهروب من ضغوط الحياة اليومية. يعتبر الخروج إلى بيئة طبيعية، يُتيح للأفراد فرصة لاستعادة هدوئهم وتجديد طاقتهم.
استراتيجيات جديدة من أجل علاج الحالة النفسية عبر الطبيعة
إذا كنت تفكر بجدية في تعزيز الصحة النفسية من خلال الطبيعة، فهناك بعض الاستراتيجيات التي يمكنك تطبيقها بسهولة. على سبيل المثال:
- المشي في الطبيعة: حتى لو كنت تمشي لمدة قصيرة، فإن هذا له تأثير عميق على صحتك النفسية؛ كما يُفضل أن تحاول الإبتعاد عن الضوضاء والتوجه إلى أماكن هادئة قدر الإمكان.
- الرحلات خارج المدينة: قضاء يوم أو حتى نصف يوم في أماكن طبيعية بعيدة عن صخب المدينة له تأثير كبير. حيث يمكنك الذهاب إلى الجبال، الشواطئ، أو الأودية للاستمتاع بجمال الطبيعة.
- تجنب استخدام الهواتف: حاول الإبتعاد عن الأجهزة الإلكترونية عندما تكون في الطبيعة، حيث يعتبر التركيز الكامل على الطبيعة من حولك يساعدك في الاسترخاء ويعمل على تعزيز الصحة النفسية.
الطبيعة والعلم: كيف يمكن دمج الطبيعة مع العلاج النفسي؟
أحد المجالات الحديثة التي تدمج الطبيعة في العلاج النفسي هو ما يُعرف بالعلاج البيئي، أو Eco-Therapy؛ حيث إن هذه التقنية تعتمد على استخدام الطبيعة كوسيلة من أجل علاج الحالة النفسية، وقد أثبتت نجاحها في تحسين حالة العديد من المرضى الذين يعانون من القلق والاكتئاب.
في العيادات التي تستخدم هذا النوع من العلاج، يتم تشجيع المرضى على قضاء وقت في الطبيعة والمشاركة في الأنشطة الخارجية، مثل المشي أو الزراعة. كما يوجد العديد من المرضى الذين أكدوا أن هذه الأنشطة ساعدتهم في تعزيز الصحة النفسية وزيادة شعورهم بالسعادة والرضا.
وفي النهاية، لا يمكننا إنكار أن الطبيعة تُعتبر من أبرز الوسائل الطبيعية من أجل علاج الحالة النفسية. فحتى قضاء وقت قصير في أحضان الطبيعة يحمل فوائد جليلة، بدءًا من تخفيف التوتر وتحسين المزاج، وصولًا إلى تعزيز التركيز والإبداع. لذا، يتعين علينا إعادة تقييم عاداتنا اليومية وتخصيص وقت للطبيعة ضمن روتيننا، حيث إن تعزيز الصحة النفسية يعتمد بشكل كبير على إعادة اتصالنا بجذورنا الطبيعية.
إذا شعرت يومًا بالضيق أو الضغط، فلا تتردد في زيارة أقرب حديقة وتأمل جمال الطبيعة من حولك. ستلاحظ تحسنًا ملحوظًا في صحتك النفسية. إن الطبيعة هبة من الله، واستثمار بضع دقائق فيها قد يكون من أفضل القرارات التي تتخذها لتعزيز سعادتك وراحتك النفسية. حمل تطبيق لبيه الآن وتعرف أكثر عن أوجهه الدعم النفسي.
المصادر: 1