يبحث بعض الأشخاص عن المثالية والكمال في كافة جوانب الحياة بداية من العمل والتربية وكذلك التعليم والثقافة ومرورًا بالتربية الخاصة بالأبناء والأطفال، وهو ما يدفعهم إلى التركيز في كافة التفاصيل التي يحتاج إليها وتظهر عليه في حياته، ويتحول بذلك إلى شخص مثالي. فهو لا يريد أن يرتكب أي خطأ ويخاف بشكل شديد من الفشل أو السقوط في فخ التعثر وعدم النجاح. بالرغم أن هذا السعي ناحية النجاح والكمال كذلك يؤدي إلى شعور قوي بالدونية ومشاكل نفسية أخرى. لذلك نتناول متي تتحول المثالية إلى مرض نفسي.

ما هو المرض النفسي

يعرف المرض النفسي بأنه الاضطرابات التي تصيب الصحة النفسية أو التفكير والانفعال والسلوك وتشكل اضطرابات في تلك الجوانب من الحياة. وتسبب الضيق الشديد وتعيق الشخص عن مواصلة حياته الطبيعية بشكل فعال وصحي. وتلك نتيجة التفاعل الخاطئ مع ضغوطات الحياة أو الإفراط في الامتثال لصفات معينة قد تؤثر عليه سلبًا.

هل المثالية مرض نفسي؟

وفي الواقع يبحث كلًا منا عن النجاح والوصول إلى أبرز المناصب وأعلى درجات التفوق والتقدم في حياتنا. لكن كل هذا طبيعي حينما يكون الدافع طبيعيًا وعادية وليس أسلوب حياة بمعنى أن المثالية في بعض الأحيان تتحول إلى إنسان آلي يخضع لعقله الذي يرغب في تنفيذ عملية بكافة خططها من أجل الوصول إلى النجاح وفي حال وجود تعثرات قد يعود ويوقف عمليات التنفيذ ليخطط ويبعد عن الخطأ بعد دراسته جيدًا. فإذا لم يدرك الفرد هذا الأمر جيدًا و يرضى به سوف يؤثر عليه سلبًا.

لذلك تعدّ المثالية في بعض الأحيان اضطراب نفسي يصيب الشخص نتيجة سعيه الخاطئ لتحقيق المثالية أو الكمال.

كيف تتحول الشخصية المثالية إلى مرض نفسي؟ 

قد يشغل بالك الكثير من الأسئلة عن الشخصية المثالية أو البحث عن الكمال بشكل عام. هل يمكن أن يتحول لمرض نفسي أم لا. ويرد على هذا السؤال الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، الذي وضح بأن الشخصية المثالية الباحثة عن الكمال والدقة في كل شيئ والتصرفات والمعاملات والأكل والملبس وعلى هذا لا يمكن لأصحابها ممارسة حياتهم الطبيعية بشكل بسيط ودائمًا ما يشعرون بالذنب وكذلك بعدم الرضا عند الإخفاق أو التفكير المفرط للوصول إلى الكمال.

ما هي الشخصية المثالية في علم النفس؟

يعرف مختصي علم النفس الشخصية المثالية. بأنها السمة الشخصية الواسعة التي تظهر بشكل أوضح في رغبة الفرد الشديدة وسعيه الدائم والمستمر نحو الكمال والخلو من الأخطاء والعيوب. وتلك الرغبة متوافقة بشكل كامل مع النجاح فهي تشمل تقييم ونقد الذات ومخاوف بشأن تقييمات الآخرين.

ما هي الأعراض الخاصة باضطراب الشخصية المثالية؟

للتعرف على الأعراض الخاصة باضطراب الشخصية المثالية ومتى تصبح مرض نفسي. فهذا الاضطراب يبدأ حين الوصول لمرحلة البلوغ لدى الشخص سواء أكان ذكرًا أو أنثى ومنها:

1- التفاني في العمل وكتلك الإنتاجية إلى حد مفرط وذلك دون الاحتياجات الآخرين أو النظر إليها.

2- الانشغال المبالغ فيه بكافة التفاصيل والترتيب لدرجة نسيان النشاط الأساسي وترك الترتيب. فالكمالية التي تعيق إنجاز المهام من أهم الأعراض بجانب عند الشخصية ناحية تحقيق النجاح.

3- الانضباط المفرط وانعدام المرونة فيمًا يتعلق بالقواعد. فبالنسبة إليه يحتاج إلى النجاح وفق الشروط والضوابط الموضوعة التي من الممكن أن تكون مستحيلة بعض الشيئ.

4- التأثير على العلاقات الاجتماعية. حيث لا يعتمد على الآخرين فيجد صعوبة في  إسناد أي من مهامه إلى أي شخص آخر.

وفي الواقع بسبب تلك الأعراض التي قد سبق شرحها وتوضيح الأبرز منها يجد الشخص المثالي أو الذين يسعون نحو الكمالية مشكلات وصعوبة في حياتهم فالتحديات الاجتماعية التي تظهر لديهم أو في عملهم سببها محاولة وصولهم إلى النجاح بالطرق الكاملة وفق المرسوم في خططهم دون الالتفات إلى المعايير الأخرى التي قد تعيقه. فتجدهم يتأخرون في عملهم ولا يستطيعون فعل الشيئ بسرعة إلا بعد التفكير المفرط ووضع الطريقة المثلى لتنفيذ ذلك.

كيف تؤثر الشخصية المثالية سلبًا على الصحة النفسية؟

الشخص الذي يسعى للكمال والمثالية في عمله وفي تعاملاته وفي كل شيئ يكون مهووس بشكل كبير بالكمال الراغب الوصول إليه. فالكمال والمثالية هو شيئ جيد وصحي لكن يجب الانتباه إلى أي درجة نحاول الامتثال لها. حيث ذكر موقع هيلث لاين بأن السعي نحو أن تكتمل وتكون مثالي يجعل الأشخاص غير سعداء في حياتهم ويعيشون حياتهم في قلق وحيرة وتعثر وسعي فارغ. لأن هذا يؤثر سلبًا على صحة الفرد عندما يشعر دائمًا بالخوف الشديد من عدم تحقيق ما يسعى إليها أو عند فشله يشعر بالإحباط أو نظرة تشاؤمية فيتحول هذا إلى مرض نفسي. لذلك يجب الاعتدال دائماً فى سعينا وطموحاتنا والعمل على إيجاد الطرق الصحيحة للوصول إليها.

الأسباب المؤدية إلى اضطراب الشخصية المثالية

وإن كنت تتساءل عن الأسباب المؤدية إلى اضطراب الشخصية المثالية. فالواقع أن السبب الحقيقي وراء حدوث هذه الظاهرة أو الحالة الموجودة لدى الشخص فإنها محاولة وصوله إلى الكمال.

فيعتقد أن بعض عوامل الخطر قد تزيد من فرضية حدوثه وتحولها إلي مرض نفسي عن طريق عوامل عدة منها:

1- العامل الوراثي وهو يعتبر المسبب الرئيسي إلى هذا الاضطراب أو الظاهرة فيكون الشخص الذي لديه أحد أفراد عائلته مصابًا بالمثالية. فيتأثر الفرد بشكل خاطئ بضغوطات الحياة.

2- البيئة أيضًا قد تؤثر في نشأة الشخص مما يؤثر على قراراته وفي حياته ودراسته. لأنه يفضل دائمًا التفكير بشكل مفرط عن المعتاد للوصول إلى القرار الصحيح فهذا يمثل أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية بسبب التجارِب السلبية أو مصادر الإجهاد.

والواقع أن علماء النفس وأطباء النفسية والعصبية قد رجحوا إصابة الذكور بهذه الظاهرة أو الاضطراب أكثر من الإناث.

الشخصية المثالية إيجابًا وسلبًا

تتفاوت صفات شخصية الفرد الإيجابية والسلبية حسب أفعاله. حيث إن تلك الشخصية تنتقد كل التفاصيل من أدقها لأكبرها فلا يترك شئي خلفه فدائمًا ما يظهر السلبيات ويوضحها ويحاول معالجتها ويعمل عليها، وهو ما يجعل علاقته بالآخرين تتوتر وكما ذكرنا قد تكون أسباب الإصابة بها وراثية أو التربية في الصغر وكذلك الخبرات المكتسبة بشكل شخصي أو نسب الخطأ في إداركها صفر بالمائة. فيضغط على نفسه ويشعر بالإحباط عندما يشعر بالإخفاف في شيئ ما.

أما إذا كان الفرد من الشخصيات الناضجة التي لا تعاني من اضطراب وتتعامل بشكل إيجابي عند إخفاقها في عمل ما وعلاقتها سلسة ولها طموحات وآمال في الحياة وكذلك هوايات وأصدقاء في كل مكان ولا توقفها المشاكل وتتقبل النقد وتعترف بأخطائها. فهذه المرحلة هي ما نبحث عنها دائمًا هي محاولة السعي إلى الأفضل والارتقاء بأفعالنا وحياتنا لبناء شخصية مثالية سويه.

مواجهة اضطراب الشخصية المثالية

يستخدم الأطباء عادة مع الشخصية المثالية عندما تصل إلى مرحلة الاضطراب العلاج النفسي من النوع السلوكي المعرفي الذي يعتمد إلى تغيير تفكير الإنسان وسلوكه كذلك. وهو بداية تعليمه كيفية التعامل مع الأهداف ووضع الطرق التي توصله إليها وإنجازها بطريقة صحية وطبيعية بالإضافة إلى تلبية حاجاته النفسية من أجل القبول ومساعدته في التعامل مع ردود الأفعال السلبية تجاه ما يقوم به.

أمور يجب تجنبها للتغلب على سلبيات الشخصية المثالية؟

ينصح الكثير من الأطباء النفسيين الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية المثالية بأن يحاولوا التعرف على شخصيتهم بشكل أكثر وذلك ليتجنبوا الجانب السلبي عن طريق تنفيذ بعض الخطوات التي تساعدهم بصفة نوع من أنواع العلاج الذاتي بجانب المتابعة مع أحد الأطباء، كالإقرار بأن كل شخص يرتكب أخطاء وإدراك أن الإنسان لا يعيش من أجل الوصول إلى الكمال بل يخطأ ويتعلم لكي يتيح له فرصة تصحيح نفسه والتعلم من أخطائه ووضع الأهداف الواقعية التي يمكن تحقيقها والقابلة من الأساس للتنفيذ هذا بالإضافة إلى تقسيم المهام المفروضة على الإنسان سواء أكانت كبيرة أو صغيرة من أجل إمكانية تحقيقها.

من المؤكد أن الشخصية المثالية مرحلة لا مثيل لها لمحاولة الوصول إلى الكمال من أجل السعي نحو الأفضل دائمًا. لكن يجب الانتباه إلى أن من سلبيات الشخصية المثالية عندما يتحول الأمر إلى اضطراب نفسي أنها قد تؤدي إلى تغيير واضطراب في السلوك يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للفرد.

عندما تجد أن ما تفعله ليس كافيًا وتشعر بالضغط للوصول لهدفك وإن لم تصل إليه تشعر بالإحباط والفشل. لذلك يجب دائمًا السعي نحو الأفضل مع مراعاة كل ما يعوقنا نحوه والعمل على تجاوزه بشكل إيجابي وصحي لبناء شخصية ناجحه بعيدة عن أي مرض نفسي. حمل تطبيق لبيه لمزيد من البرامج ومجموعات الدعم المؤهلة لبناء شخصية سويه وناجحه.

المصادر: 1 2 3