يعاني الكثيرون هذا العصر من الأمراض والاضطرابات النفسية المختلفة مثل القلق، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، وغيرهم. ولكن يظل التحدي الأكبر هو كيفية التعامل مع هذه الاضطرابات. فمثلاً، الاكتئاب، كيف يمكننا مواجهة و التكيف مع الاكتئاب وغيره من الأمراض؟ مرحلة الشفاء التام تحتاج بعضاً من الوقت والمجهود والمحاولات للقضاء تماماً على هذه المشكلة.

ما هو الاكتئاب وما هي أهم أعراضه؟

إن الاكتئاب هو اضطراب نفسي حيث يعاني الفرد من شعور مستمر بالحزن وفقدان الرغبة والدافع للقيام بأي عمل، وذلك قد يرجع إلي صدمات أو إخفاقات في حياته.
وقد يتطور الوضع للتأثير على الصحة الجسدية والأنشطة اليومية، قد يكون البعض قادراً على التكيف مع الاكتئاب ومحاولة علاجه، والبعض الآخر قد يستسلم للمرض ويؤثر على حياته الاجتماعية والمهنية.
أعراض الاكتئاب قد تشمل:
– شعور دائم بالحزن والقلق.
– الإحساس باليأس وانعدام الأمل.
– نوبات من الهلع والبكاء.
– تغيرات في الشهية (زيادة أو نقص) مما يؤدي إلى تغير الوزن.
– اضطرابات النوم (الأرق أو النوم المفرط).
– الإرهاق أو انخفاض الطاقة.
– آلام جسدية بدون أسباب.
– فقدان الاهتمام أو الرغبة في الأنشطة اليومية.
– صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات.
– الانعزال عن الآخرين.
– بعض الأفكار الانتحارية.
ولكن ليس معروفاً بالتحديد السبب المؤدي لحدوث الاكتئاب، ولكن ينتج عنه خلل في بعض النواقل العصبية داخل الجسم، وهو ما يتطلب التدخل بالعلاج الدوائي بجانب العلاج السلوكي المعرفي الذي يقوم الفرد على التكيف مع الاكتئاب، وتقبّل المرض، ومحاربته.

ما هي استراتيجيات التكيف مع الاكتئاب؟

التكيف مع الاكتئاب يتطلب المساعدة من المختصين وتلقي العلاج السلوكي والمعرفي لمعرفة الاستراتيجيات التي تساعد الشخص على إدارة الأزمات، والسيطرة على أعراض المرض، وتحسين الصحة النفسية وجودة الحياة. وقد تشمل الاستراتيجيات الفعالة بعض ما يلي:

طلب الدعم والمساعدة

إن طلب المساعدة يكون هو الخطوة الأولى التي يلزم القيام بها. فعند الشعور ببعض الأعراض أو نوبة من الحزن غير المبرر، يجب طلب المساعدة أولاً من المحيطين بنا من العائلة والأصدقاء، وفي أغلب الأحيان، يجب طلب المساعدة من المختص النفسي حتى يستطيع الوصول لسبب الحالة مبكراً ومنع التدهورات المترتبة عليها.

تبني عادات يومية صحية

ممارسة الرياضة بانتظام: ممارسة الرياضة تساعد في التقليل من الشعور بالحزن والقلق، وكذلك تساعد الجسم على إفراز هرمونات السعادة، مما يساعد في تحسن المزاج.
الحصول على قسط كافٍ من النوم: الالتزام بجدول نوم محدد وعدد ساعات كافية يساعد الجسم على استعادة التوازن، وتقليل إفراز هرمونات القلق.
تناول الغذاء الصحي: من المهم الحفاظ على التغذية السليمة لمرضى الاكتئاب، فقد يعانون من فقدان شهية أو اضطرابات النهم. وفي الحالتين، تتأثر الصحة الجسدية للفرد. فيجب الحصول على الغذاء الصحي الذي يدعم الصحة النفسية والجسدية.

التعامل مع الأفكار السلبية

التدريب على التفكير بإيجابية ومواجهة المخاوف والأفكار السلبية يساعد على تقليل التوتر. كما أن ممارسة التأمل أو اليقظة تساعد على التغلب على مشاعر الحزن.

التفاعل الاجتماعي

يجب الاهتمام بدائرة المعارف القريبة والاهتمام بالأنشطة الاجتماعية التي تساعد على التكيف مع الاكتئاب وتخطي الأزمة. كما أن التفاعل مع الآخرين وطلب المساعدة منهم يساعد في تحسين الحالة النفسية.

وضع أهداف صغيرة وقابلة للتحقيق

يجب في حالات الاكتئاب والشعور بعدم الرغبة في أداء أبسط المهام، وضع مهام صغيرة يومية حتى يشعر الفرد بالسعادة عند أداء أي مهمة بسيطة، لتجنب الشعور بالإرهاق واليأس عند وضع خطط كبيرة وعدم تحقيقها، كما أن الاحتفاء بهذه الإنجازات يحسن من حالة الفرد، ويعتبر جزءاً أساسياً من مراحل العلاج.

ممارسة الأنشطة التي تمنح السعادة

يجب الاهتمام بأداء الأنشطة التي تحسن من الحالة المزاجية للفرد. فالبعض يحب السفر أو الاستماع للموسيقى أو التنزه، أو غيرهم من الأنشطة، يجب أن تكون ضمن قائمة المهام اليومية بعض الأنشطة البسيطة التي تساعد على تشتيت الذهن وتحسين الحالة، كما أن إضافة تجربة جديدة والقيام بأنشطة جديدة يحسن من حالة الفرد.

الاسترخاء وتقنيات إدارة التوتر

من الجيد المواظبة على تمارين اليوغا والتنفس الاسترخائي؛ فهي توضع من قِبل المتخصصين كجزء من خطة العلاج، فهي بدورها تقلل من حالات القلق والاكتئاب، كما أن الاستماع لبعض أنواع الموسيقى مثل أصوات أمواج البحر يعمل على تصفية الذهن وتحسين المزاج.

الإلتزام بالعلاج الموصوف

قد يكون من الصعب على البعض تقبّل فكرة الاكتئاب، و اللجوء لمختص، والعلاج الدوائي. ولكن يجب الوعي بضرورة التدخل الدوائي حتى يستطيع الفرد إعادة التوازن داخل الجسم، ويكون ذلك باتباع خطة علاجية من قبل الطبيب منذ بداية العلاج حتى التوقف. ولا يجب التوقف فجأة أو عند الشعور بعدم تحسن، يجب دائماً التواصل مع الطبيب.

زيادة الوعي عن الاكتئاب

يجب التوجيه من قبل المختصين لمعرفة وفهم طبيعة مرض الاكتئاب، وأنه يحتاج لفترات من العلاج، وكيف يستطيع الشخص التكيف مع الاكتئاب. فذلك يساعد الفرد على تقبل المرض والتعامل معه بشكل سليم، ويمنع الانتكاسات المفاجئة خلال مراحل العلاج.

التحلي بالصبر

إن مرض الاكتئاب ليس من الصعب علاجه، ولكنه يتطلب العلاج الصبر وتفهم طبيعة المرض وما يمر به الشخص في مراحل العلاج المختلفة. ولكن بالالتزام بتعاليم الطبيب، يستطيع الشخص التكيف مع الاكتئاب وعدم التأثير على حياته اليومية، بل يجعله نقطة تحول في حياته.

ما هو العائد النفسي من التكيف مع الاكتئاب؟

إن التكيف مع الاكتئاب لا يعني التخلص منه بشكل كامل دائم في الوقت الحالي، ولكن يمنح الشخص الشعور بالثقة والقوة في مواجهة المرض، والاستمرار في العلاج حتى يصل إلى شفاء تام من المرض. ويترتب على ذلك بعض الآثار الإيجابية على الصحة النفسية والجسدية تتمثل فيما يلي:

تحسين الحالة النفسية

عندما يتعلم الشخص التكيف مع الاكتئاب والتعامل معه بشكل سليم، يمنحه ذلك الشعور بالراحة، ويزداد لديه الأمل في الشفاء التام، ويستطيع الخروج من دوامة القلق والحزن.

تعزيز الشعور بالسيطرة على المشاعر

استراتيجيات التكيف مع الاكتئاب تمنح الشخص إحساساً بالسيطرة على مشاعره وأفكاره، والتحكم في المشاعر السلبية، ومواجهتها، مما يقلل الشعور بالعجز.

زيادة المرونة النفسية

التكيف مع الاكتئاب يجعل الشخص أكثر مرونة في مواجهة التحديات والضغوط، والتعامل مع الأزمات بشكل سليم.

تعزيز تقدير الذات

عندما يستطيع الشخص التكيف مع الاكتئاب والشعور بالتحسن التدريجي، يكتسب الثقة في النفس والقدرة على مواجهة صعاب المرض والتغلب عليها أيضاً.

تحسين العلاقات الاجتماعية

عندما يشعر الشخص بتحسن نفسي، ويستطيع الخروج من دائرة العزلة والتفاعل مع العالم الخارجي، فذلك يدعم تقوية العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، وزيادة الدعم النفسي المقدم له من الآخرين. كما أنه يستطيع التخلص من الشعور بالوحدة الذي يعاني منه مرضى الاكتئاب.

الاحتفاء بالإنجازات

مع تحقيق أهداف صغيرة مثل تحسين نظام الحياة أو القدرة على مواجهة التحديات والتعامل بشكل سليم مع المرض، تتحسن الحالة النفسية، ويعزز من إنتاجية الفرد.

التخلص من الأفكار السلبية

مع التدريب على تقنيات الاسترخاء، والتقليل من التوتر، يستطيع الشخص التحكم في الأفكار السلبية والتخلص منها، مما يحسن من نظرته للحياة.

تعزيز الأمل في المستقبل

الشعور بالتكيف يمنح الشخص أملاً في الاستمرار في العلاج، والتحسن، وضرورة الالتزام بتعاليم الطبيب والخطة العلاجية.

تخفيف الأعراض الجسدية المصاحبة للاكتئاب

التكيف النفسي يقلل من الإجهاد والتوتر، وهما المسببان الرئيسيان للأعراض الجسدية المصاحبة لمرض الاكتئاب.
فلذلك يمكن أن نعتبر التكيف مع الاكتئاب هو نصف الطريق نحو الشفاء التام. تخطي الأزمات والمشاكل النفسية ليس بالأمر الصعب. فطلب المساعدة، والالتزام، وتعلم التكيف مع مختلف مواقف الحياة وتحويلها إلى نقطة فارقة يؤدي للشفاء الكامل من مرض الاكتئاب.
فنحن نقدم لك في منصة لبيه مجموعات دعم التكيف مع الاكتئاب للتعرف أكثر عن طرق المواجهة والتأقلم التي تساعدك في ممارسة حياتك بشكل طبيعي والتغلب على أعراضه.

المصادر: 1 2 3