متلازمة جوسكا وأعراضها
الكثير منا يعاني من الضغوطات اليومية والتحديات التي تسبب ضغوط نفسية وآثار سلبية على الفرد. وفي وسط هذا العالم المليء بالصراعات والمشكلات التي تعد شيئاً أساسياً يمر بها كل فرد إلا أنها تجعلنا دائمي التفكير. حيث ظهرت الكثير من الاضطرابات النفسية الناتجة عن هذه الضغوطات، ومنها متلازمة جوسكا، والتي يعانى منها الكثير من الأفراد نتيجة تفاعلهم مع مختلف الصراعات من حولهم. لذلك نحاول مناقشة كل ما يخص هذه المتلازمة من بداية ظهورها حتى أعراضها وأسبابها.
تعريف متلازمة جوسكا
تعرف هذه المتلازمة بالظاهرة التفاعلية مع ما يمر به الشخص من تحديات، ويعبر عنها بطريقة خاطئة وبأفكار سلبية تتسم كنظرة سوداوية تظهر على الفرد. حيث ينتابه من خلال تلك الاضطرابات الحديث مع نفسه ومناقشة كافة مشاكلة وكذلك أفكاره بشكل داخلي.
إما بصوت عالي أمام الجميع أو تكون المناقشة في صمت في عقله الباطن كجزء من التفاعل العقلي اليومي. ويطلق عليها الكثير ظاهرة “التحدث مع النفس”. وتصل لمرحلة كبيرة جداً من الخطورة حسب الطور أو الجزء الذي وصل إليه الإنسان من الحديث مع النفس. حيث يصل إلى تخيل مواقف في عقله غير صحيحة ويتأثر بها سلباً.
أسباب متلازمة جوسكا
تتعدد الأسباب المؤدية والتي تقود الشخص إلى الإصابة بتلك المتلازمة فهي نفسية بحتة ومن الدرجة الأولى. فكتمان الشخص للأفكار والمناقشات وحديثه مع نفسه حديثاً طويلاً قد يؤدي فيما بعد إلى تلك المتلازمة. فالحديث حتى بصوت عالي أو بصمت والحديث داخل عقل الفرد فيمكن أن توصف تلك الحالة كجزء من تفاعل الشخص العقلي مع بعض الأشياء. فتصبح بمثابة اضطراب نفسي كامل يهدد الفرد وحياته سلباً وإن نظرنا إلى أبرز الأسباب فهي:
1- الضغوط النفسية
قد تكون الضغوط التي يتعرض لها الشخص بشكل دائم تؤثر سلباً على حالته النفسية. فهي تمثل السبب الرئيسي لظهور متلازمة جوسكا نتيجة للصدمات العاطفية أو الصراعات التي قد يقع فيها. وقد يلجأ الفرد للكلام مع نفسه ولحديث أفكاره بجانب التأمل في كافة التحديات. فتصبح المتلازمة وظهورها كجانب من المرونة والتكيف مع تلك الصدمات.
2- الانطواء والعزلة
قد يكون عزلة الشخص وانطوائه من العوامل الأساسية في ظهور المزيد من الاضطرابات وإصابة الشخص بتلك المتلازمة. فقد يكون الشخص غير قادر على التفاعل مع من حوله ويلجأ إلى الحديث مع نفسه والانعزال عن الناس والتعبير عن مشاعره وأفكاره، فيمكن أن يصبح وسيلة للتسلية أو التفكير في تلك الأسباب أو العواطف الداخلية. وذلك بلا حاجة للأخرين أو التفاعل معهم. فيمكن أن يكون حديث الفرد مع نفسه أفضل منفذ للتعبير عن مشاعره دون أن يواجه التحديات الاجتماعية.
3- شعور الضعف والعجز
يمكن أن يكون عجز الشخص وضعفه أمام تحديات حياته هي الدافع لإصابة الشخص بتلك المتلازمة. فالفرد حينما يتعثر في حياته ويتعرض لتحديات مختلفة ومواقف صعبة يشعر بالعجز عن حل المشكلة. فيجد في الحديث مع نفسه طريقة للتعبير عما بداخله ومحاولة البحث عن الحلول. حيث يجد ايضاً في انعزال الشخص بسبب الشعور بالعجز وسيلة للبحث عن المخرج لتهدئة الضغوط الزائدة نفسياً.
4- العوامل الوراثية
قد تلعب العوامل الوراثية دور هام في تطور متلازمة جوسكا. فهناك توارث لأسلوب الحياة ونمط سلوك الحديث مع النفس داخل العائلة. فقد يكون الوضع متوارثاً من أجل تشكيل ذلك النمط لدى كافة الأفراد، في السلوك الوراثي يمكن أن تنتقل من جيل إلى جيل وذلك من أجل الإسهام في ظهور النمط المتكرر لحديث الشخص مع النفس، فيجب التفكير ومراعاة العوامل الوراثية جزء من أجزاء السياق الشامل. فلا يجب إهمال تلك العوامل التي تنتج من البيئة. وكذلك المجتمع المحيط والتفاعل مع الآخرين والتجارب التي يقوم بها الشخص في حياته.
5- الاضطرابات النفسية للفرد
قد يلعب التوتر والقلق وكذلك الاكتئاب دوراً مؤثراً في ظهور متلازمة الحديث مع النفس. وذلك عن طريق الإضطرابات التي يعانيها الشخص نفسياً تجعله يلجأ للحديث مع نفسه كوسيلة للتعبير عن مشاعر الفرد وأفكاره والتي قد تكون صعبة وكذلك معقدة بعض الشئ لشرحها والكلام مع أحد عنها فالمتلازمة تخلق للفرد حوار في داخله يجعل الفرد يحاول الوصول لحل مشكلته ويتعامل مع تحدياته النفسية وصدماته العصبية التي يواجهها، بجانب أن الحوار يمثل السلوك المتكرر والذي يؤثر سلباً على الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية، فقد تكون هناك حاجة للبحث عن العلاج النفسي والدعم من أجل التعامل مع تلك الاضطرابات بشكل جيد وصحيح قبل أن يصاب الفرد بتلك المتلازمة.
أعراض متلازمة جوسكا
الحديث مع النفس أمر طبيعي أحيانًا لكن حينما يزيد الوضع ويصل إلى غير المعتاد في تجاوز ذلك الحديث الحدود ويتطرق إلى مزيد من الأفكار السوداوية السلبية يؤثر هذا بالطبع على الشخص وتفاعلاته مع من حوله والتواصل الاجتماعى. ويغير مجرى حياة الفرد في الحديث والعمل والمكوث مع غيره. فهو ما يجعل متلازمة جوسكا تظهر بناءً على بعض الأعراض. ومنها:
1- التوقف عن الحديث
توقف الفرد عن الحديث قد يعتبر من العلامات الرئيسية لمتلازمة جوسكا. أن يظهر سلوك الشخص كأحد نتائج الحديث المستمر والدائم للشخص مع نفسه فيميل إلى الانعزال والانطوائية بجانب الابتعاد عن التفاعل مع الآخرين والكلام معهم فهذا يشمل الابتعاد عن العالم الخارجي والرغبة في التواجد وحيداً وترك المواقف الاجتماعية. بجانب القلق أحياناً والخجل بعض الشئ عن الحديث مع أحد أو حتى التواجد معه في نفس المكان.
حيث يجد الفرد في كل هذا الراحة والهروب بجانب ترك الراحة والحديث مع النفس باستمرار، ما يجعله يجد الميل للانعزال واختيار العالم داخل غرفته مغلقاً على نفسه أفضل من التواجد في جو عائلي واجتماعي أو حتى المحاوطة بالآخرين في العمل.
2- صعوبة الاندماج الأسري
كذلك قد يجد الفرد صعوبة في الاندماج مع الأسرة في الحديث أو المشاركة في المناسبات أو حتى الجلوس معهم في جو عائلي أو أسري صحي يحتاج إليه الجميع. حيث يجد في تجنب المشاركة في الأنشطة العادية احتفالات أو مناسبات أو حتى سفر أو زيارة أحد ما نتيجة طبيعية لعدم المشاركة والانخراط في التجمعات العائلية سيكون هناك انفصال عاطفي بين الفرد وأسرته. بجانب البعد نهائياً عن أي نقاشات عائلية و حوارات أسرية وفتح الحديث مع من حوله.
3- الحديث مع أشخاص غير موجودين
تلك المرحلة التي قد يصل إليها مريض متلازمة جوسكا وهي الحديث مع أفراد محيطين به وغير موجودين في الحقيقة. فيبدع الفرد في خلق حوارات ومحادثات جانبية بعيداً عن كونهم غير موجودين من الأساس وهو ما ينذر بتأثير سلبي على حياة الشخص بشكل عام وتنعكس بشكل أساسي على جوانبه العصبية والنفسية وكذلك العاطفية، ويمكن أن يكون الفرد يحتاج إلى تفاعل اجتماعي فيبحث عن الجلوس مع شخص يمكنه أن يعوض النقص الموجود ويخلق معه الحوارات ويعوضه عن التفاعل مع أشخاص غير موجودين. مما يدفعه إلى إهمال مسؤولياته بسبب انشغاله بالحديث مع نفسه والتفكير دائماً بشكل سلبي.
4- تجنب المناسبات والظهور في التجمعات
ومن أحد أعراض الإصابة بمتلازمة الحديث مع النفس هو تجنب الشخص للأماكن المزدحمة والمناسبات والأماكن. التي يحدث بها تجمعات اجتماعية لتفضيله الحديث مع نفسه والبقاء وحيداً ومنعزلاً بعض الشئ. فيشعر بالقلق كلما تواجد في تلك البيئة أو المناسبة فيكون غير متفاعل مع من حوله.
بجانب الغربة التي سيشعر بها باستمرار وفي وسط الاجتماع دائماً متخوف من حدوث شئ أو تعرضه للانتقاد أو التنمر أو عدم التكيف وعدم المرونة في التعامل مع الآخرين أو مع المواقف بشكل عام. بجانب خوف الشخص من الإحراج بشكل دائم فيكون متخوف من الظهور بشكل غير ملائم أو تجنب المواقف الاجتماعية التي قد تجعل خوفه من الأفراد زائد عن اللازم وهي أحد أعراض تلك المتلازمة.
كل هذه اضطرابات وتغييرات قد تطرأ على الفرد عندما يصاب بمتلازمة جوسكا حيث يتحول الحديث مع النفس إلى مرض نفسي يعوق الفرد من انخراطه مع الآخرين ومشاركتهم مشاكله والعمل على حلها. فهى تصل بالفرد أحياناً إلى الشعور بالخذلان من الآخرين واللجوء إلى الأفكار السلبية اتجاه المواقف حوله.
فنحن دائماً نبحث عن المشكلة وتقديم الحل من خلال مجموعة متنوعة من البرامج المحفزة للفرد على الاندماج مع المجتمع وكيفية التأقلم مع تحديات الحياة اليومية و الاضطرابات التي يتعرض لها وذلك من خلال تطبيق لبيه.