تغير المناخ وعلاقته بالصحة النفسية
يدرك الجميع أن الشتاء يتطلب قوة نفسية لمواجهة تأثيرات البرد على الحالة المزاجية والنفسية. إن الأشخاص يتأثرون بشكل ما بالطقس، وإضافة إلى ذلك، يؤثر تغير المناخ على الناس عاطفيًا وعقليًا، فتثير لديهم مشاعر متنوعة مثل الخوف والقلق، وأحيانًا الأمل والرغبة في التحسن. وهذه الاستجابات المعقدة لتغيير الطقس تؤثر على مزاج الأفراد وسلوكياتهم، وتنعكس أيضًا على روتين حياتهم اليومي.
العوامل المؤثرة على الصحة النفسية
الغذاء الصحي
يؤثر النمط الغذائي الذي يتبعه الفرد على حالته النفسية، وكذلك نوعية الأغذية التي يتناولها تعكس تأثيراً كبيراً على تأثير الصحة الجسدية ايضاً. ولذلك يفضل الابتعاد عن الوجبات الدسمة وذات القيمة الغذائية المنخفضة. وينصح الأطباء بالاتجاه نحو الطعام المتوازن والتركيز على الأطعمة المحفزة لنشاط الدماغ مما يؤثر بشكل إيجابي على الحالة المزاجية.
الرياضة
من الضروري أن يسعى الفرد إلى ممارسة الرياضة قدر الإمكان، مثل المشي، وصعود الدرج، وممارسة نشاط يومي كنوع من الرياضة. وهذا النشاط اليومي لا يعزز الصحة الجسدية ويساعد في فقدان الوزن فحسب، بل له تأثير كبير أيضًا على الصحة النفسية، حيث يساهم بفعالية في تخفيف المشكلات النفسية وتحسين المزاج بشكل ملحوظ.
التدخين
قد يكون التدخين سببًا في العديد من المشكلات النفسية والعصبية. إذ يعاني نصف المدخنين من مشكلات صحية ونفسية، بينما يعاني النصف الآخر من تقلبات مزاجية بسبب التدخين. فكما يؤثر الدخان سلبًا على القلب والرئتين، فإنه يؤثر أيضًا على الحالة النفسية. هذا يزيد من اضطرابات المزاج والضغط النفسي.
العلاقات
يمكن للعلاقات الاجتماعية أن تلعب دورًا أساسيًا في تحسين الصحة النفسية والمزاج العام. هي تساهم في تخفيف الصدمات والمشكلات النفسية، وتمنح الفرد شعورًا بالدعم والاستقرار، ومع ذلك، قد يكون لهذه العلاقات جانب سلبي أيضًا، حيث يمكن لفقدان شريك الحياة أو توتر العلاقات بين الأهل والأصداقاء الأحباء أن يؤثر بشكل عميق على النفس. هذا يجعل الحياة تبدو قاتمة، ويؤدي إلى مشكلات نفسية مثل: الاكتئاب واضطرابات نفسية أخرى.
الإنجاز والعمل
يمكن أن يكون العمل مصدرًا للاضطراب والشعور بحالة مزاجية غير جيدة. إن الضغوطات المتعلقة بالوظيفة قد تؤثر سلبًا على النفس. لكن، عندما يحقق الفرد نجاحات في حياته المهنية. إن ذلك يعزز من صحته النفسية ويحسن من حالته المزاجية بشكل كبير. إذ يشعر بالتقدير والاحترام لذاته نتيجة تلك النجاحات ويعزز الثقة بالنفس.
تغير المناخ
يمكن لحالة الطقس أن تؤثر في الحالة المزاجية للشخص، وكذلك في حالته النفسية كالذين يصابون بالاكتئاب في فصل الشتاء نظرًا لتغير وبرودة الجو بشكل ملحوظ جدًا، بالإضافة إلى الذين يتأثرون بدرجات الحرارة المرتفعة.
العلاقة بين الحالة المزاجية و تغير المناخ
ويشرح ديفيد واتسون تلك الظاهرة والرابط بين المناخ والحالة المزاجية للشخص، بأن هناك أشخاص يميلون بشكل كبير لأنواع من الطقس. البعض يحبه أكثر دفئًا والآخرين يفضلونه أكثر برودة والعديد يحبون الطقس الجاف، وهناك من يحب الرطوبة والأمطار وغيرها من الحالات المناخية.
الفئات الأكثر تأثراً بالمناخ
الكثير من الفئات التي تتعرض لتغير المناخ ويظهر هذا التأثير عليها كالمسنين والأطفال، بجانب الأفراد المصابين بالأمراض المزمنة والأشخاص ذوي الإعاقات الحركية أو النساء الحوامل بجانب الأشخاص المصابين بأمراض نفسية، وقد يكون الأشخاص ذوي الحالة الاجتماعية أو الاقتصادية المنخفضة والمهاجرون وكذلك المشردون.
تغير المناخ والصحة والعقلية
الحرارة الشديدة لها أثار كبيرة جداً على سلوك الفرد وكذلك على الصحة العقلية. فيمكن ان تجعل الناس غريبي الأطوار وكذلك سهل إثارتهم واهتياج غضبهم، وتعتبر موجات الحرارة العالية غير حميدة للجسم ولا تريح جسد الفرد ولديهم مخاطر صحية عميقة مرتبطة بزيادة معدلات القلق والاكتئاب بجانب اضطراب ما بعد الصحدمة فكلما زادت الحرارة تزيد معدلات الانتحار.
كما أن الحرارة الشديدة قد تؤدي إلى الوفاة. فوفقاً للعديد من الأطباء والباحثين فإن الحرارة تعتبر السبب الأكثر شهرة للوفاة المرتبطة بالطقس، فهي تفوق نسب المتوفين بالبرق والفيضانات والزلازل والأعصاير مجتمعين مع بعضهم، فقد شهدت الهند في 2015 موجة حارة جداً وتسببت تلك الموجة في وفاة 2500 شخص لأنها دولة تعاني من فقر كبير.
آثر الحرارة على الصحة العقلية
العنف
هناك ارتباط بين ارتفاع الحرارة وزيادة العنف والعدوانية، فهو يؤدي لانحراف معياري لارتفاع درجة الحرارة فزيادة بنسبة 4% في العنف.
وبالإضافة إلى زيادة نسبة الانتحار بشكل كبير جدًا في فترات الحرارة الزائدة. وهو ما أكدته الأبحاث أن نسبة 0.7$% تمثل نسبة زيادة معدلات الانتحار في الولايات المتحدة بدرجات الحرارة المرتفعة.
تغير الحالة المزاجية
تناولت إحدى الدراسات مليون شخص تقريبًا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لغة التعبير والتفكير والكتابة فوجدت أن الحالة المزاجية تتغير بشكل كبير جدًا في درجات الحرارة المرتفعة وذلك قد يصل إلى مرحلة الانتحار وهو ما يشير تغير الحالة المزاجية وحالة الصحة النفسية للفرد.
المعرفة
تقول العديد من الدراسات بأن ارتفاع درجات الحرارة تضعف عملية التفكير والإدراك وأداء الوظائف الإدراكية. وقد لوحظ أن المهام الإدراكية المعقدة كالذاكرة العامة وعملية الابتكار والإبداع والتفكير تقل كلما زادت درجات الحرارة وارتفعت بشكل ملحوظ.
الأرق
يعتبر النوم من الوظائف الأساسية التي تساهم في الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية، ويؤثر النوم على المزاج والقدرات الإدراكية. يبدأ النوم الطبيعي مع انخفاض درجة حرارة الجسم الأساسية، وعندما ترتفع درجة الحرارة، يزداد الشعور بالأرق والتعب، بالإضافة إلى تفاقم الرطوبة، مما يؤدي إلى صعوبة في أداء الوظائف الإدراكية ويزيد من التحديات النفسية وقدرة الفرد على المواجهة.
البرد وتأثيره على الصحة النفسية
أوضحت الكثير من الأبحاث أن الشتاء وساعاته المظلمة الكثيرة تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية والعقلية، وفي أغلب الأحيان تؤثر على صحة الفرد وقد توصل إلى اضطراب عاطفي موسمي.
وقد ذكرت أعراضه في الكثير من الدراسات وأبحاثه السريرية والتي قالت بأن حوالي 5% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من الحزن الموسمي كل عام.
وتستمر تلك الأعراض لخمسة أشهر تقريبًا وهو المرتبط بالاكتئاب الخاص بتغير الفصول. وأوضحت الأكاديمية الأمريكية بأن ذلك الاضطراب شائع في فترات بداية الشتاء ويستمر الأعراض من الخريف والشتاء. وقالت الأبحاث بأن الأعراض خفيفة وتصبح أكثر حدة مع الدخول في فصل الشتاء.
الأعراض التي تصيب الفرد بسبب برودة الجو أو في فصل الشتاء والخريف
خلال فصل الشتاء، يعاني الكثيرون من الكسل والخمول، حيث ينخفض مستوى الطاقة لديهم. يتراجع الاهتمام بالعمل والرياضة، ويفقد الفرد شغفه تجاه الأنشطة التي يحبها، وقد يصاحب ذلك مشاعر الاكتئاب والحالة المزاجية السيئة التي تستمر طوال اليوم، بالإضافة إلى مشكلات مثل الأرق وقلة النوم.
تتغير حالة الشخص وشهيته تجاه الطعام، مما يؤدي إما إلى زيادة الوزن أو النحافة، وقد يشعر الشخص بالركود أو الإثارة، ويواجه صعوبة في التركيز وإنجاز المهام، وكما يمكن أن تترافق هذه المشاعر مع شعور باليأس والإحباط، وعدم تقدير الذات، حيث قد يتحدث الشخص عن نفسه بأنه غير مستحق للحياة، وفي بعض الحالات، قد تظهر أفكار الانتحار والموت كأحد أعراض هذه الحالة النفسية.
في الختام، تتعدد العوامل التي تؤثر على الحالة النفسية للفرد، بما في ذلك تغير المناخ الذي تشمل درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة. يمكن أن تؤثر هذه التغيرات بشكل كبير على المزاج والصحة النفسية، سواء في أوقات الحر الشديد أو في أوقات البرودة.