الاضطراب التوهمى يُعتبر واحدًا من أكثر الاضطرابات النفسية تعقيدًا وتأثيرًا على الصحة النفسية للفرد، حيث يعيش المصاب في عالم مشوّه تحكمه أفكار ومعتقدات زائفة، تؤدي إلى تأثيرات عميقة على حياته اليومية وعلاقاته مع الآخرين. هذا الاضطراب لا يمكن تجاهله، فهو يتطلب فهمًا دقيقًا وأدوات علاجية متخصصة للتعامل معه. في هذا المقال، نستعرض مفهوم الاضطراب التوهمي بالتفصيل، أسبابه، أعراضه، أنواعه، وآثاره على الفرد والمجتمع، بالإضافة إلى أهمية التدخل العلاجي في تحسين حياة المصابين به.

ما هو الاضطراب التوهمى؟

الاضطراب التوهمي هو المعروف باسم “اضطراب الوهم” أو “الاضطراب الوهمي”، وهو حالة نفسية يتسم بوجود أوهام أو معتقدات غير صحيحة تثبت في ذهن الشخص رغم عدم وجود دليل يدعمها. هذه الأوهام قد تكون متعلقة بالاضطهاد، أو العظمة، أو الخداع، أو حتى الأمراض، حيث تسيطر على عقل المصاب وتجعله مقتنعًا بأمور لا تمت للواقع بصلة.

أعراض الاضطراب التوهمي

أعراض الاضطراب التوهمى تختلف باختلاف نوع التوهم الذي يعاني منه الشخص، ولكنها تشترك جميعًا في عدة سمات أساسية مثل :

1. الإيمان الراسخ بمعتقدات غير واقعية المصاب بالاضطراب التوهمي يعاني من قناعة شديدة بأفكار لا تتوافق مع الواقع. هذه الأفكار قد تشمل
   أوهام العظمة واعتقاده بامتلاك قدرات خارقة، مثل قدرته على قراءة الأفكار أو السيطرة على الأحداث.
   أوهام الاضطهاد وشعوره الدائم بأن هناك من يتآمر عليه أو يسعى لإيذائه.
   أوهام الغيرة واقتناعه بأن شريك حياته غير مخلص، دون وجود أدلة حقيقية.
   أوهام الجسد واعتقاده بوجود مشكلات جسدية خطيرة أو تشوهات غير موجودة في الواقع.
2. رفض الحقائق والتمسك بالأفكار التوهمية يميل المصاب إلى رفض أي محاولة لإقناعه بأن معتقداته غير صحيحة، حتى وإن كانت الأدلة واضحة، حيث يرى أن التشكيك في أفكاره يعد نوعًا من الهجوم الشخصي عليه، مما يزيد من مشاعر الغضب والعدائية.
3. تأثير عميق على العلاقات الاجتماعية

ويتمثل ذلك في الشك المفرط في نوايا الآخرين الذي يؤدي غالبًا إلى صراعات مع الأصدقاء والعائلة. كما أنه يتجنب التعامل مع الآخرين خوفًا من أن يتم استغلاله أو خداعه. حيث إن هذه الحالة من الشك والعزلة يمكن أن تؤدي إلى الوحدة والاكتئاب.

4. التوتر المستمر والتقلبات العاطفية

يعيش المصاب في حالة دائمة من القلق والتوتر بسبب الصراع بين معتقداته والواقع، كما يمكن أن تظهر عليه نوبات غضب أو إحباط، خصوصًا عندما يتم تحدي أفكاره أو مواجهته بالحقائق.

أسباب الاضطراب التوهمى

1.العوامل الوراثية والجينية

الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من اضطرابات نفسية، مثل الفصام، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاضطراب التوهمي بسبب تأثيرات جينية تؤثر على النواقل العصبية في الدماغ.

2.الضغوط النفسية والصدمات العاطفية

فقدان الأحبة، التعرض لصدمات نفسية، الانفصال العاطفي، أو العزلة الاجتماعية قد تشكل عوامل محفزة لتطوير هذا الاضطراب.

3.الاختلالات الكيميائية في الدماغ

تغير مستويات النواقل العصبية، مثل زيادة نشاط الدوبامين، يرتبط بظهور الأفكار التوهمية وعدم قدرة الدماغ على التمييز بين الواقع والخيال.

4.الأمراض العضوية

اضطرابات الجهاز العصبي، مثل الزهايمر أو الشلل الرعاش، بالإضافة إلى اضطرابات النوم المزمنة، قد تزيد من احتمالية الإصابة بالاضطراب التوهمي بسبب تأثيرها على وظائف الدماغ.

5.التجارب الحياتية السلبية

التعرض المستمر للضغوط، مثل التنمر أو التمييز، قد يضعف قدرة الشخص على مواجهة الواقع ويزيد من احتمالية تبني أفكار غير واقعية.

أنواع الاضطراب التوهمي

1. توهم العظمة

في هذا النوع، يعتقد المصاب بأنه يمتلك قدرات استثنائية أو أنه شخص عظيم ومميز عن الآخرين. قد يؤمن بأنه نابغة في مجال ما، أو حامل رسالة عظيمة من شأنها أن تغير العالم. أحيانًا يربط المصاب نفسه بشخصيات تاريخية أو دينية مشهورة، ويدعي أنه مكلف بمهمة خاصة أو يتمتع بقدرات خارقة للطبيعة. هذا النوع قد يدفع المصاب إلى اتخاذ قرارات غير واقعية بناءً على هذه الأفكار.

2. توهم الاضطهاد

يُعد من أكثر الأنواع شيوعًا، حيث يشعر المصاب بأنه مستهدف بشكل مستمر من قبل أشخاص أو جهات معينة. قد يعتقد أن هناك من يتجسس عليه، أو يحاول إيذاءه، أو حتى يسعى لتدمير سمعته. هذه الأفكار من الاضطراب التوهمي تدفعه إلى أن يعيش في حالة دائمة من الحذر والقلق، وقد يؤدي ذلك إلى عزله اجتماعيًا أو نشوب نزاعات مع الآخرين.

3. توهم العشق

في هذا النوع، يعتقد المصاب أن شخصًا آخر، غالبًا ما يكون مشهورًا أو في مكانة اجتماعية أعلى، واقع في حبه ويحاول التواصل معه بشكل غير مباشر، حيث يقوم المصاب بتفسير أي تصرف أو إشارة من الشخص الآخر على أنها دليل على حبه له. هذا النوع قد يدفع المصاب إلى سلوكيات غير مناسبة، مثل محاولة الاتصال بالشخص المعني أو التواجد في أماكن وجوده بشكل مستمر.

4. توهم الجسد

يعاني المصاب من قناعة راسخة بأنه يعاني من عيب جسدي أو مرض خطير رغم التأكيدات الطبية بعدم وجود مشكلة، كما أنه قد يعتقد أن لديه تشوهًا في وجهه، أو أن أحد أعضاء جسده لا يعمل بشكل طبيعي. هذا النوع قد يؤدي إلى إلحاح المصاب على إجراء فحوصات طبية متكررة أو عمليات تجميلية غير ضرورية، مما يؤثر سلبًا على صحته النفسية والمادية.

5. توهم الغيرة

يظهر هذا النوع في العلاقات الزوجية أو العاطفية، حيث يعتقد المصاب أن شريكه غير مخلص ويخونه، دون وجود دليل على ذلك. حيث إن الغيرة هنا تكون غير مبررة، وغالبًا ما تؤدي إلى صراعات مستمرة في العلاقة، حيث يقوم المصاب بالتجسس على شريكه، أو طرح اتهامات متكررة، مما يعرض العلاقة للانهيار.

6. توهم المزيج

هذا النوع يجمع بين أكثر من نوع من التوهمات، مما يجعل الحالة أكثر تعقيدًا. قد يعاني المصاب من توهمات تتعلق بالعظمة والاضطهاد في الوقت ذاته، أو يربط بين توهم الغيرة وتوهم الجسد. تعدد التوهمات يزيد من صعوبة التشخيص والعلاج، ويجعل المصاب في حالة مستمرة من التوتر وعدم الاستقرار.

تأثير الاضطراب التوهمي على الحياة اليومية

الاضطراب التوهمي يترك بصمة كبيرة على حياة المصاب، حيث يؤثر على جميع جوانب حياته مثل:

• – الحياة الاجتماعية: حيث يعاني المصاب من عزلة بسبب فقدانه للثقة بالآخرين.
  – الحياة العملية: حيث تسيطر الأفكار التوهمية على تفكير المصاب، مما يؤدي إلى ضعف الإنتاجية.
  – الحالة النفسية: حيث يصبحان التوتر المزمن والقلق رفيقي حياة المصاب، مما قد يؤدي إلى الاكتئاب.

دور العلاج النفسي في علاج الاضطراب التوهمي

العلاج النفسي هو الخطوة الأولى لتحسين حياة المصابين بالاضطراب التوهمي، حيث يساعدهم على فهم واقعهم والتعامل مع أفكارهم التوهمية بشكل أفضل.
1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): حيث يركز على تدريب المصاب على التعرف على أنماط التفكير السلبية وتحديها.

2. الأدوية النفسية: حيث تساعد مضادات الذهان ومضادات الاكتئاب في تقليل حدة الأعراض وتحسين نوعية الحياة.

3. العلاج الجماعي والأسري: حيث يوفر للمصاب دعمًا اجتماعيًا ويعزز من فهم عائلته لحالته وكيفية التعامل معها.

كيفية مساعدة المصاب بالاضطراب التوهمى في الحياة اليومية

• – تقديم الدعم النفسي وعدم انتقاده بشكل مباشر.
  – تشجيعه على زيارة أخصائي نفسي بطرق ودية.
  – بناء بيئة آمنة ومستقرة حوله تخلو من الضغوط.
  – تفهم مشاعره وعدم التقليل من معاناته.
  – وجود أصدقائه وعائلته بجانبه للدعم.

الاضطراب التوهمي ليس مجرد حالة نفسية عابرة، بل هو اضطراب يحتاج إلى اهتمام ودعم مستمر، وفهم أسبابه وأعراضه يسهم في تحسين حياة المصابين، ويتيح لهم فرصة لتلقي العلاج المناسب. من خلال الدعم النفسي والعلاج المتخصص والذي يمكنك تجربته من خلال تطبيق لبيه، حيث يساعد المصابين بالاضطراب التوهمي أن يعيشوا حياة أفضل وأكثر استقرارًا، شرط أن يحاطوا ببيئة داعمة تحفزهم على الاستمرار في العلاج والاندماج في المجتمع.

المصادر: 1 2