متلازمة اسبرجر الفرق بينها وبين مرض التوحد ؟
متلازمة اسبرجر هي أحد أنواع اضطرابات طيف التوحد التي تؤثر بشكل كبير على التفاعل الاجتماعي والسلوك. على الرغم من التحديات التي يواجهها الأفراد المصابون بها، إلا أنهم يمكن أن يحققوا نجاحًا كبيرًا في حياتهم إذا تم تقديم الدعم المناسب لهم. من خلال التدخل المبكر، التعليم المخصص، والدعم الاجتماعي، يمكن للأفراد المصابين بمتلازمة أسبرجر أن يعيشوا حياة مُرضية ومليئة بالإنجازات.
مرض التوحد و أعراضه
اضطراب طيف التوحد (ASD) هو اضطراب عصبي ونمائي حيث يؤثر على كيفية تفاعل الأشخاص مع الآخرين والتواصل والتعلم والسلوك. وعلى الرغم من أن التوحد يمكن تشخيصه في أي عمر، إلا أنه يوصف بأنه “اضطراب تنموي” لأن الأعراض تظهر عادة خلال أول عامين من الحياة. يسمى “اضطراب طيفي” لأنه يؤثر على الأفراد بدرجات متفاوتة من الشدة والأعراض.
وبناءً على الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5)، وهو دليل تم إنشاؤه بواسطة الجمعية الأمريكية للطب النفسي ويستخدمه مقدمو الرعاية الصحية لتشخيص الاضطرابات العقلية، فنجد أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد غالبًا ما يكون لديهم:
- صعوبة في التواصل والتفاعل مع الآخرين.
- اهتمامات محدودة وسلوكيات متكررة.
- أعراض تؤثر على قدرتهم على العمل في المدرسة أو العمل أو مجالات أخرى من الحياة.
يمكن أن يتم تشخيص الأشخاص من جميع الجنسين والأعراق والخلفيات العرقية والاقتصادية باضطراب طيف التوحد. وعلى الرغم من أن “اضطراب التوحد الطيفي” يمكن أن يكون اضطرابًا مدى الحياة، إلا أن العلاجات والخدمات يمكن أن تحسن من أعراض الشخص ووظائفه اليومية. توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بأن يحصل جميع الأطفال على فحص للتوحد. وينبغي لمقدمي الرعاية التحدث مع مقدمي الرعاية الصحية لأطفالهم حول فحص أو تقييم اضطراب طيف التوحد.
ما هي متلازمة اسبرجر:
قام طبيب الأطفال النمساوي هانز أسبرجر، بوصف مجموعة من الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التفاعل الاجتماعي والسلوكيات المتكررة، مع قدرة طبيعية أو مرتفعة في الذكاء واللغة. أطلق أسبرجر على هؤلاء الأطفال اسم “المفكرين الصغار”، حيث لاحظ أن لديهم قدرة استثنائية على التركيز على مواضيع محددة.
نشر أبحاث متلازمة اسبرجر (1981):
على الرغم من أن أبحاث هانز أسبرجر لم تلقَ اهتمامًا كبيرًا في البداية، إلا أنه في عام 1981 قامت الطبيبة النفسية البريطانية لورنا وينغ بإعادة تعريف الحالة ونشر مقالات عن “متلازمة أسبرجر”، مما ساعد على زيادة الوعي بهذه الحالة.
إدراج متلازمة اسبرجر في الدليل التشخيصي (DSM-IV) (1994):
تم إدراج متلازمة أسبرجر في عام 1994، كتشخيص منفصل نهائي عن “اضطراب الطيف التوحدي” في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-IV) الذي تصدره الجمعية الأمريكية للطب النفسي. تم تعريفها كاضطراب طيف توحدي يتميز بصعوبات في التفاعل الاجتماعي وسلوكيات محددة، مع تطور طبيعي للغة والقدرات المعرفية.
دمج متلازمة اسبرجر ضمن طيف التوحد (DSM-5) (2013):
في عام 2013، تم إزالة متلازمة أسبرجر كتشخيص منفصل من النسخة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5)، وتم دمجها ضمن طيف التوحد، ليصبح اضطرابًا واحدًا شاملاً مع درجات متفاوتة من الشدة.
الفرق بين متلازمة اسبرجر و مرض التوحد
التفاعل الاجتماعي:
الأشخاص الذين يعانون من متلازمة أسبرجر لديهم صعوبة في قراءة وفهم الإشارات الاجتماعية، مثل تعابير الوجه أو نبرة الصوت، ولكنهم غالبًا ما يرغبون في التفاعل الاجتماعي ويبحثون عن تكوين صداقات، على الرغم من أنهم قد يجدون صعوبة في تحقيق ذلك.
في المقابل، الأشخاص المصابون بالتوحد قد يظهرون اهتمامًا أقل بالتفاعل الاجتماعي بشكل عام. قد يبدون غير مبالين بالتفاعل مع الآخرين أو يفضلون الأنشطة الفردية. في الحالات الأكثر شدة، قد يتجنبون التواصل البصري أو يجدون صعوبة في فهم أو التعبير عن المشاعر.
القدرة على التفاعل مع الآخرين:
الأفراد الذين يعانون من متلازمة أسبرجر غالبًا ما يحاولون التواصل والتفاعل مع الآخرين، ولكنهم قد يظهرون سلوكيات غير ملائمة اجتماعيًا نتيجة لصعوباتهم في فهم القواعد الاجتماعية.
أما في حالة التوحد، فقد يكون هناك تفاوت كبير في القدرة على التفاعل مع الآخرين، حيث قد يحتاج بعض الأفراد إلى دعم كبير في تعلم كيفية التفاعل الاجتماعي.
القدرة على التواصل:
– من السمات البارزة لمتلازمة أسبرجر هي أن الأفراد غالبًا ما يمتلكون قدرة لغوية طبيعية أو متقدمة. قد يظهرون مهارات لغوية متقدمة بالنسبة لأعمارهم، ويستخدمون لغة معقدة أو أكاديمية في سن مبكر. ومع ذلك، قد تكون لديهم صعوبة في استخدام اللغة في سياق اجتماعي، مثل إجراء محادثة متبادلة.
استخدام اللغة:
– على النقيض من ذلك، الأشخاص المصابون بالتوحد قد يعانون من تأخر في تطور اللغة. قد يكون لديهم صعوبة في بدء أو الحفاظ على محادثة، وقد يستخدمون تكرار الكلام (إيكولاليا) أو يجدون صعوبة في التعبير عن أفكارهم بالكلمات.
في متلازمة اسبرجر، يمكن للأفراد أن يكون لديهم ميل إلى الحديث المطول عن مواضيع محددة تهمهم، بغض النظر عن اهتمام المستمع. قد يتحدثون بطرق نمطية أو غير ملائمة اجتماعيًا، ولكنهم يمتلكون مهارات لغوية قوية في مجالات معينة.
أما في حالة التوحد، قد يظهر الأطفال تأخرًا كبيرًا في استخدام اللغة، وقد يكون لديهم صعوبة في استخدام اللغة للتواصل مع الآخرين. قد يستخدمون لغة بسيطة أو غير نمطية، أو قد لا يتحدثون على الإطلاق في الحالات الأكثر شدة.
الفرق في السلوكيات والاهتمامات
السلوكيات المتكررة:
كلا من متلازمة أسبرجر والتوحد يمكن أن يتضمنا سلوكيات متكررة. في متلازمة أسبرجر، قد يكون التركيز المفرط على موضوع معين أو الاهتمام المفرط بتفاصيل معينة هو السمة البارزة. قد يظهر الأفراد اهتمامًا شديدًا بموضوعات محددة مثل القطارات أو الحاسوب.
المرونة في التفكير والسلوك:
الأشخاص المصابون بالتوحد قد يظهرون أيضًا سلوكيات نمطية مثل التكرار الحركي (مثل رفرفة اليدين) أو التمسك بروتين يومي محدد بشكل صارم. قد يكون لديهم اهتمامات محددة أو غير عادية، وقد يعانون من صعوبة كبيرة في التكيف مع التغييرات.
الأفراد الذين يعانون من متلازمة أسبرجر قد يظهرون صلابة في التفكير، ويواجهون صعوبة في التكيف مع التغييرات غير المتوقعة. ومع ذلك، فإنهم عادة ما يكونون قادرين على العمل بشكل مستقل في الأنشطة اليومية عندما يكون لديهم بيئة منظمة وداعمة.
أما في حالة التوحد، قد تكون الصلابة في التفكير أكثر وضوحًا، ويمكن أن تكون التغييرات في الروتين أو البيئة مرهقة جدًا للأشخاص المصابين بالتوحد. في الحالات الأكثر شدة، قد يحتاج الأفراد إلى دعم مكثف في الأنشطة اليومية.
الفرق في القدرات العقلية
القدرات العقلية والذكاء:
غالبًا ما يكون لدى الأفراد الذين يعانون من متلازمة أسبرجر مستوى طبيعي أو فوق المتوسط من الذكاء. بينما يظهر نبوغهم بشكل استثنائي في مجالات محددة مثل الرياضيات أو العلوم. ومع ذلك، قد تكون لديهم صعوبة في تطبيق هذه القدرات في الحياة اليومية بسبب التحديات الاجتماعية والسلوكية.
بالنسبة للأشخاص المصابين بالتوحد، قد يكون هناك تفاوت واسع في القدرات العقلية. يمكن أن يكون لدى بعض الأفراد تأخر عقلي كبير، بينما قد يكون لدى الآخرين قدرات معرفية متقدمة في مجالات محددة. البعض قد يظهرون قدرات خاصة في مجالات مثل الفن أو الموسيقى.
فبعد التعرف على أعراض متلازمة اسبرجر واضطراب طيف التوحد. نجد أن أعراض متلازمة اسبرجر تتميز بقلة حدتها مقارنة بباقي اضطرابات مرض التوحد. لذلك وجب عليك دائماً أن تكون أكثر وعياً باختلاف الأعراض بينهم وطرق التغلب عليها و العمل على دعم مريض هذه الاضطرابات النفسية من خلال مختلف طرق الدعم النفسي المقدمة من تطبيق لبيه.