ليه نتعاطف مع الفريق المهزوم؟
بعد نهاية مباراة أمس، أرسل لي صديق عزيز عاشق لفريقه سؤالًا: “هل طبيعي أن أشعر برغبة في فوز الفريق المنافس؟” كان السؤال جميل، لماذا قد يرغب شخص بدعم فريق منافس لفريقه وهو يحب فريقه بعمق؟
هذا جعلني أفكر في قصص أخرى تتجاوز مجال كرة القدم.
على سبيل المثال، إيمان خليف، الملاكمة الموهوبة، واجهت مؤخرًا تحديات هائلة، من بينها التنمر الإلكتروني وعدم الإنصاف. مما جعلها تكتسب تعاطف الجماهير ,هو شعورهم بأنها لا تواجه خصم في الحلبة فقط، بل تواجه العالم كله. هذا التعاطف الجماعي جعل المشجعين يشعرون باتصال عميق مع كفاحها، ما أكسبها احترام الكثيرين.
وبالمثل، تحولت القصة المشهورة لفريق الزلاجات الجمايكي في أولمبياد الشتاء عام 1988 إلى لحظة أيقونية، رغم قلة فرصهم للفوز، نال الفريق دعمًا عالميًا بسبب مواجهتهم للتحديات في ظروف غير معتادة لدولة استوائية.
هذه الأمثلة قد تفسر من قبل علماء النفس بظاهرة تسمى Underdog Effect أو تأثير الفريق الضعيف. يوضح البحث الذي أجراه نيداف جولدشميت أن الناس يميلون لدعم الفريق الأقل حظًا عندما يرون منافسًا يواجه صعوبات كبيرة. كأننا نريد تحقيق التوازن والعدالة للفريق الضعيف لأننا نرى ذلك أكثر إنصافًا.
هذا التأثير لا يقتصر على الرياضة فقط، بل يمتد إلى السياسة، الترفيه، وحتى الحياة اليومية. على سبيل المثال، استغلت كامالا هاريس، خلال منافستها مع دونالد ترامب، نفسها كفريق ضعيف لكسب الدعم الشعبي من خلال تأثير Underdog Effect.
البرامج الواقعية تُظهر المتسابقين وهم يتغلبون على تحدياتهم الشخصية، مما يجعل الجمهور يتعاطف معهم. الأمر لا يتعلق فقط بالمهارة، بل بمن يبذل الجهد الأكبر ويكافح ضد الظروف الصعبة.
المثير أن الدراسات حول Underdog Effect تكشف أن الدعم ليس مجرد تعاطف. في بعض الأحيان، ينبع من schadenfreude، وهو الشعور بالمتعة عند رؤية المنافس يتعثر، جميعًا نتذكر العبارة المشهورة “Where is Messi”
ومع ذلك، يبقى الدافع الأساسي هو الارتباط العاطفي والرغبة في تحقيق العدالة للفريق الأقل حظا.
نرجع إلى سؤال صديقي: “هل مشاعري طبيعية؟”, طمأنته بأنها طبيعية تمامًا. حتى أكثر المشجعين ولاءً قد يشعرون بهذا الميل نحو الفريق الأقل حظًا. هي ظاهرة إنسانية فطرية تعكس رغبتنا في التعاطف.
المراجع:
Goldschmied, N. (2005). The Underdog Effect: Definition and Motivations.
The Underdog Effect. British Psychological Society.
Robson, D. (2024). The Underdog’s Surprising Appeal. BBC Future.
The Underdog Effect. Teal Swan.Jamaican Bobsleigh Team: Cool Runnings Story. Olympics.com.